هل أمريكا تَتُوق للفاشية ؟

 
 
شبكة المنصور
ترجمة دجلة وحيد
عزيزي القارئ ترجمت سابقا مقالا نشر تحت عنوان "أمريكا الفاشية" للكاتب الأمريكي كارل هيرمان، في مساهمتنا الجديدة أقدم لك ترجمة مقالا للصحفي الأمريكي كرس هيدج. هذا المقال ينظر الى نمو الفاشية الأمريكية من منظار أخر ومكمل كما يلي:


لغة العنف دائما تنذر بالعنف. شاهدت ذلك في حرب بعد حرب من أمريكا اللاتينية الى دول البلقان. إفقار الطبقة العاملة وتبدد الأمل والفرص ينتج دائما حشود غاضبة مستعدة لأن تَقْتُلْ وتُقْتَلْ. نخبة ليبرالية مفلسة التي ثبت أنها غير مؤثرة ضد الغني والمجرم في أوقات الإنهيار الإقتصادي دائما تنحى جانبا قبل ظهور المجرمين والديماغوجيين للعب على مشاعر الجماهير. لقد رأيت هذه المسرحية. أعرف كل مشهد منها. أعرف كيف ستنتهي. لقد سمعتها بألسنة أخرى في بلدان أخرى. أعرف نفس مجموعة الشخصيات، المهرجون، النصابون والسذج، نفس الحشود المرتبكة ونفس الطبقة الليبرالية العاجزة والمحتقرة التي تستحق الكراهية التي تولدها.

 

قالت لي سينثيا ماكيني، التي رشحت للرئاسة على تذكرة حزب الخضر: "نحن محكومون ليس من قبل حزبين بل من قبل حزب واحد، أنه حزب الحرب والمال. بلادنا قد تعرضت للإختطاف، وعلينا أن نأخذ البلاد بعيدا عن أولئك الذين إختطفوها. السؤال الوحيد الأن هو ثورة من تحصل على تمويلها".


الديموقراطيون والمدافعون عن الليبرالية غافلون جدا عن اليأس الشخصي والإقتصادي العميق الذي يكتسح هذه البلاد ذلك أنهم يعتقدون أن منح العاطلين عن العمل الحق لإبقاء أطفالهم العاطلين ضمن عقود رعاياتهم الصحية الغير موجودة هي خطوة الى الأمام. يعتقدون بأن إقرار مشروع قانون الوظائف الذي سيمنح إعفاءات ضريبية للشركات هو إستجابة منطقية لإرتفاع معدل البطالة الذي هو، في الواقع، قريب من 20%. يعتقدون بأن جعل الأمريكان العاديين، واحد من ثمانية منهم يعتمد على طوابع الغذاء للأكل، يذرون ترليونات من دولارات دافعي الضرائب لدفع ثمن جرائم الوول ستريت والحرب مقبولة. يعتقدون بأن رفض إنقاذ حوالي 2.4 مليون شخص من الذين سيجبرون على ترك منازلهم بواسطة حبس الرهن هذه السنة مبررة باللغة الشاحبة للتقشف المالي. الرسالة واضحة، القوانين لا تطبق على النخبة الحاكمة. حكومتنا لاتعمل. كلما طال أمد وقوفنا جانبا دون القيام بأي شيئ، كلما طال امد رفضنا لتبني والإعتراف بالغضب الشرعي للطبقة العاملة، الأسرع سنرى موت ديمقراطيتنا الهزيلة.


كشف الملابسات الأمريكية يعكس تفكك يوغسلافيا. حرب البلقان لم تكن بسبب الأحقاد العرقية القديمة. كانت من جراء الإنهيار الإقتصادي في يوغسلافيا. المجرمون التافهون والحمقى الذين إستولوا على الحكم سخروا غضب ويأس العاطلين عن العمل واليائسين. أفردوا أكباش فداء ملائمة من أصل كرواتي، من المسلمين، من الألبان ومن الغجر. حركوا حركات التي أطلقت عنان إطعام هيجان مسعور يؤدي الى الحرب والتضحية بالنفس. هناك فارق صغير بين المضحك أن يكون الشاعر رادوفان كارادزيتش، الذي كان شخصية للسخرية في سراييفوا قبل الحرب، والبليد جلين بيك أو سارة بايلين. هناك فارق صغير بين حماة القسم وبين الميليشيات الصربية. بإمكاننا أن نسخر من هؤلاء الناس، لكنهم ليسوا أغبياء. بل نحن.


كلما طال أمد مناشدتنا للديموقراطيين، الذين هم خدم لمصالح الشركات، سنصبح الأكثر غباءاً والغير نافعين. طبقا لأخبار إن. بي. سي. نيوز/إستطلاع وول ستريت أن 61% من الأمريكان يعتقدون أن البلاد آخذة في الإنحدار، وهم على حق. قال 25% فقط من الذين شملهم الإستطلاع بأن يمكن الوثوق بالحكومة لحماية الشعب الأمريكي. إذا لم نتبنى هذا الغضب وعدم الثقة كشعور لنا فإنه سيتجسد من خلال رد فعل يميني مرعب.


سينثيا ماكيني قالت لي: "لقد حان الوقت بالنسبة لنا للتوقف عن الحديث عن اليمين واليسار. أن النموذج السياسي القديم الذي خدم مصالح الشعب الذي وضعنا في هذا المأزق سوف لن يكون النموذج الذي يخرجنا من هذا. أنا بنت الجنوب. جانيت نابوليتانو تقول لي أنه من الضروري أن أكون خائفة من الناس الذين صنفوا عنصريين بيض، لكني نشأت بين البيض العنصريين. أنا لست خائفة من العنصريين البيض. أنا قلقة إزاء حكومة بلدي. القانون الوطني (قانون مكافحة الإرهاب) لم يأتي من العنصريين البيض، أنه أتى من البيت البيض والكونجرس. مواطنون متحدون لم يأتي من العنصريين البيض، أنه جاء من المحكمة العليا. مشكلتنا هي مشكلة الحكم. أنا على إستعداد للتوصل عبر الحواجز التقليدية التي تم تشيدها بمهارة من قبل الأشخاص الذين يستفيدون من الطريقة التي نظم بها النظام".


نحن متمسكون بالحزب الذي خان كل مبدأ ندعي تبنيه، من الرعاية الصحية الشاملة الى وضع حد لإقتصاد حربنا الدائمة، الى مطلب تعليم عام جيد وبأسعار معقولة، الى قلق لوظائف الطبقة العاملة. والكراهية التي ظهرت ضمن حركات يمينية للنخبة المتعلمة جامعيا (نخبة خريجي الجامعات)، الذين خلقوا أو على الأقل لم يفعلوا شيئا لوقف الكارثة المالية، لم تقع في غير محلها. نخبتنا المثقفة، تتمرغ في أحقيتها الذاتية، أهدرت وقتها في نشاط دكان الصواب السياسي في حين أن عشرات الملايين من العمال فقدوا وظائفهم. أن صيحات الكلمات العنصرية والمتعصبة ضد السود واللوطية من أعضاء الكونجرس، والبصق على عضو أسود في مجلس النواب، رمي الطابوق خلال نوافد مكاتب المشرعين، هي جزء من لغة التمرد. بقدر ماهي ثورة ضد النخبة المتعلمة هي ايضا تمرد ضد الحكومة. تقع اللائمة علينا. نحن خلقنا الوحش.


عندما يقوم شخص مثل سارة بايلين بإرسال خريطة مع شعر متقاطع على مناطق الديموقراطيين، عندما تقول "لا تتراجع، بدلا من ذلك أعيدو حشو السلاح!" هناك أناس مستميتين ينظفون إسلحتهم، يستمعون لهذا الخطاب. عندما يقف الفاشيون المسيحيون في منابر الكنائس الهائلة ويشجبون باراك أوباما كالمسيح الدجال، هناك مؤمنون مسيحيون يستمعون لهذا الخطاب. حينما يصرخ نائب جمهوري "قاتل أطفال" بوجه الديموقراطي بارت ستوباك من ولاية مشيغان، هناك متطرفون عنيفون يرون أن في مهمة إنقاذ الجنين واجب مقدس. لا يمتلكون الكثير لفقدانه. تأكدنا من ذلك. والعنف الذي يوقعونه هو تعبير للعنف الذي يطوقونه.


هذه الحركات هي الأن ليست حركات فاشية في مرحلة متكاملة. أنها لا تدعوا بشكل مفتوح الى إبادة جماعات عرقية أو دينية. أنها لا تتبنى العنف علنا. لكن، كما قيل لي من قبل فريتز ستيرن، باحث في الفاشية الذي كتب حول أصول النازية، "في ألمانيا كان هناك توق للفاشية قبل إختراع الفاشية". هو التوق الذي نراه الأن، وأنه أمر خطير. إذا لم نتم إعادة دمج العاطلين عن العمل والفقراء فورا في الإقتصاد، منحهم فرص العمل والتخفيف من عبء الدين المعوق، فإن العنصرية الوليدة والعنف اللذان يثبان حول حواف المجتمع الأمريكي سيصبحان حريقا كاملا.


تركها لحالها دون مراقبة، فإن الكراهية للإسلام المتطرف ستحول نفسها الى كراهية للمسلمين. الكراهية للعمال الغير موثقين ستصبح الكراهية للمكسيكيين ولمواطني أمريكا الوسطى. الكراهية لأولئك الذين لم يحددوا من قبل هذه الحركة - التي تتكون الى حد كبير من البيض - كوطنيون أمريكان ستصبح كراهية للأمريكان من أصل افريقي. الكراهية لليبراليين ستتحول الى حالة الكراهية لجميع المؤسسات الديموقراطية، من الجامعات الى الأجهزة الحكومية والى الصحافة. عجزنا المستمر وجبننا، رفضنا للتعبير عن هذا الغضب والوقوف في تحد صريح للديموقراطيين والجمهوريين، سوف نرى أننا تنحينا جانبا لعصر الإرهاب والدم.
 

رابط المقال في اللغة الأنكليزية:

http://www.truthdig.com/report/item/is_america_yearning_for_fascism_20100329/

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت  / ١٨ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٣نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور