الأستاذ المناضل عثمان إدريس أبو راس

نائب أمين قيادة قطر السودان – حزب البعث العربي الإشتراكي

في حوار مع صحيفة الصحافة السودانية

الانتخابات مفصلة لإصـباغ الشرعيَّة على حكم المؤتمر الوطني

 
 
شبكة المنصور
حوار - قذافي عبد المطلب

اعتبر عثمان إدريس أبو رأس نائب أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي الاصل، المشاركة في الانتخابات العامة المقررة في ابريل القادم، جريمة في حق الشعب السوداني، لأنها حسب تعبيره مشاركة في تضليل الشعب وتزييف ارادته. وقال ابو رأس ان السباق الانتخابي مفصل لشرعنة حكم المؤتمر الوطني الذي اكد أنه سيفوز في نهاية المطاف. ودافع عن قرار المقاطعة الذي اتخذه حزب البعث، مشيرا الى أن قوى المعارضة هي التي لم تلتزم بالاشتراطات التي اُتفق عليها في جوبا، واتهم المفوضية بالانحياز وقال إنها صنيعة الشريكين، مشيرا إلى أن النظام اذا كان يبحث عن الحيادية بصدق لمثل فيها القوى السياسية. وقال إن الاحتجاجات التي تصدر من قوى المعارضة ضد المفوضية ولوائحها تؤكد صحة قرار المقاطعة الذي اتخذه البعث

 

واستبعد أن يكون للرقابة الدولية دور كبير في الانتخابات، وقال إنها لا تملك الا أن تبصم على التزوير الذي حدث في المراحل المبكرة، سواء أكان في تسجيل الناخبين أو توزيع الدوائر أو حتى في التعداد السكاني

 

بداية لماذا قاطعتم الانتخابات؟ 

لأن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، بل يفترض أن تكون وسيلة يختار عبرها الشعب مَنْ يحكمه بناءً على البرامج التي تطرحها القوى المتنافسة

 

هل هي الآن كذلك؟ 

لا ليست كذلك، فإجراء الانتخابات بشكل سليم يتطلب توفر الحرية في الاختيار، وطرح البرامج والمساواة بين المتنافسين.. وهذه القاعدة غير متوفرة سيما أن هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات الحقيقية التي جرت قبلها في حقب سابقة سواء أكانت قبل الاستقلال أو بعد ثورة اكتوبر او اللاحقة لثورة مارس ابريل 1986م. والكل يعلم أن الانتخابات لكي تصبح حرة ونزيهة لا بد من أن يوكل أمر ادارتها للجنة محايدة، والمفوضية التي تديرها الآن لا تتوفر فيها هذه الصفة، وهي مولودة اتفاق نيفاشا، وهي اتفاقية ثنائية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وبهذه المعطيات فالمفوضية صنيعة الحزبين القابضين على السلطة، لذلك لا نعتقد أنها محايدة

 

ثانيا: ليست هناك ثمة تجربة في العالم قالت بامكانية اجراء انتخابات حقيقية ومتكافئة عند الانتقال من نظام دكتاتوري إلى آخر ديمقراطي ومفاصل السلطة في يد ذات السلطة الدكتاتورية، وهذا ما يحدث الآن، وظل ماثلا في الفترة التي تطلق عليها مجازا الفترة الانتقالية

 

ثالثا: لا يمكن الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة في ظل سريان قوانين مقيدة للحريات مثل قانون الأحزاب الذي فصل بمقاييس ورؤى أحزاب صفقة نيفاشا، ثم فرض على الآخرين الذين لم يشاركوا في صناعته، تحت دعاوى احترام الاتفاقية والدستور. والامر نفسه ينطبق على قانون الأمن الذي لا علاقة له بالتحول الديمقراطي، بل هو متعارض معه ويكشف زيف هذه الانتخابات. وهناك حزمة من القوانين والمراسيم واللوائح الأخرى غير قانون الأمن هي أيضا مقيدة للحريات. وكما أسلفت كلها تؤكد أن هذه الانتخابات غير حقيقية ومصممة لتزييف إرادة الشعب، ولا يمكن في بيئة كهذه تفرض عليك القوانين أخذ الإذن لعقد ندوة سياسية قبل اقامتها بـ «72» ساعة، وتستأثر فيها السلطة بوسائل الإعلام، وهذه كلها حواجز تضع العراقيل أمام القوى السياسية للحيلولة دون تواصلها مع الناخبين، فلا يمكن في مثل هذه البيئة أن نتحدث عن تحول ديمقراطي سليم

 

المفوضية تم تشكيلها من أشخاص معروفين باستقلاليتهم وحيدتهم ولم يعرف عنهم انتماء للشريكين؟ 
الحديث عن حيادية المفوضية خرافة، فأنت لا تستطيع أن تحدد حيادية شخص لمجرد انه لا ينتمي تنظيميا إلى حزب ما، فالامر الوحيد الذي يضمن الحيادية هو تمثيل الاحزاب، وكان يفترض أن يتم تمثيل الاحزاب المتنافسة فيها لضمان نزاهتها واستقلاليتها، لكن الذي حدث هو أن الاختيار لها تم عبر مؤسسة رئاسة الجمهورية، أي عبر الرئيس ونائبه الأول، كما أن معظم قياداتها لهم انتماءاتهم سواء أكانت سابقة لمواقعهم الحالية أو حاليا

 

ألا تضمن الرقابة الدولية نزاهة الانتخابات؟ 

لا تضمنها.. الرقابة الدولية لا تملك الا أن تبصم على التزوير الواسع الذي حدث قبل قدومها في تسجيل الناخبين وفي توزيع الدوائر وغيرها

 

والمراقبة شبيهة بالمذاكرة آخر ليلة قبل الامتحان، وكان يفترض أن تكون موجودة منذ بداية الفترة الانتقالية لمتابعة التحول وتفكيك الأجهزة والمؤسسات الشمولية، تمهيدا للتحول الديمقراطي، فالمراقبة بهذا الشكل الماثل لا معنى لها

 

القوى السياسية الأخرى ترى أن المشاركة أفضل..... 

(مقاطعا) المشاركة في هذه الانتخابات نعتبرها جريمة في حق الشعب السوداني، لانها مشاركة في تزوير ارادته، سيما أن جميع القوى السياسية الداعية للتحول الديمقراطي تعلم أن هناك خروقات كثيرة حدثت في التعداد السكاني وتسجيل الناخبين وتوزيع الدوائر، وهناك اعتراف ضمني أو قل صريح بذلك من السلطة، بتأجيلها للانتخابات في جنوب كردفان، وزيادة حصة الجنوب في البرلمان باضافة «40» مقعداً

 

ألا ترى معي أن قرار المقاطعة شق لصف المعارضة؟ 

حرصنا على ألا يكون موقفنا هذا المقاطع للانتخابات موقفا ينفرد به حزب البعث، وشاركنا كما تعلمون في مؤتمر جوبا الذي وضع الاشتراطات التي يجب توفرها للمشاركة في الانتخابات، اهمها قضية التحول الديمقراطي وإزالة كافة القوانين المتعارضة مع هذا التحول، وحل قضية دارفور، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وغيرها من الاشتراطات التي لا اريد الاسترسال فيها لأنها معلومة للجميع.. لكن المهم أن قوى جوبا عند نهاية الانذار التي كان محدداً بـ 30 نوفمبر وفي بداية ديسمبر، اجتمعت هذه القوى لتقييم تجاوب الحكومة مع مطلوبتها التي رهنت المشاركة بالاستجابة لها، وفي النهاية كانت النتيجة أن الحكومة لم تلبِ أياً منها

 

ووفقا لما كان متفقا عليه، كان يجب أن يكون رد هذه الاحزاب لتجاهل الحكومة لمطالبها مقاطعة الانتخابات، لكنها بدلا من ذلك آثرت أن تشارك وتمضي قُدما في العملية الانتخابية، آملة أن يستجيب النظام لمطالبها لاحقا. وبالنسبة لنا نحن في حزب البعث وللأسباب التي سردتها لكم آنفا وحفاظا على مصداقيتنا ووفاءً لما تعاهدنا عليه أمام شعبنا وحتى لا نضلله..

اتخذنا هذا الموقف المقاطع للعملية برمتها

 

لكنكم ألحقتم الضرر باستراتيجية المعارضة لإسقاط النظام؟ 

أي استراتيجية

 

تشتيت الأصوات مثلا؟ 

منهج تشتيت الاصوات منهج خاطئ، لأن الاصوات التي سيشتتها هذا المنهج هي اصوات المعارضة نفسها وليست اصوات المؤتمر الوطني. و انظر الى المساحة التي تمنح للمؤتمر الوطني في اجهزة الاعلام المملوكة للدولة، وانظر لتلك التي تتاح للقوى الاخرى، فالوطني مازال يهيمن على هذه الاجهزة ويستخدمها لصالحه في السباق، فحتى الفرص التي تتاح لغيره من الاحزاب يتم تسجيلها وتمر بـ «فلتر» او تكون عليها رقابة. فهذه الخروقات وهذه الممارسات دفعت القوى السياسية كما تابعتم إلى رفع مذكرة احتجاج للمفوضية

 

الوضع الآن ليس كما كان بالأمس، فقد حدث فيه انفراج كبير، والانتخابات إن لم تأتِ بالتغيير يمكن أن تكون خطوة في اتجاهه أليس كذلك؟ 

نعم يمكن أن تكون كذلك، لكن الافضل منها هو تكوين جبهة واحدة عريضة لانتزاع الحقوق وتهيئة الاجواء لتكون الانتخابات حرة ونزيهة

 

من الذي سيفوز بالانتخابات من وجهة نظرك؟ 

هذه الانتخابات مفصلة بالمقاس على المؤتمر الوطني ليأخذ الشرعية الديمقراطية. ولا اعتقد أن حزبا آخر سيفوز في ظل هذه البيئة التي تجرى فيها الانتخابات

 

هناك من يرجع مقاطعة حزب البعث للانتخابات إلى خوفه من الهزيمة؟ 

هذا حديث لا أساس له من الصحة، فنحن في آخر انتخابات لم نفز ولا بدائرة واحدة، فعلى ماذا نخاف؟ 

 

هل ضعف امكانيات الحزب المادية، خاصة بعد أن فقد الحزب البعد الخارجي، يعتبر سبباً من أسباب قرار المقاطعة؟ 

تأثير فقدان البعد الخارجي اذا كنت تقصد به العراق فقد ظهر على الوطن العربي كله، ومشكلة الامكانيات مشكلة موجودة وتعاني منها معظم الاحزاب في السودان، لكنها لم تكن السبب في مقاطعتنا للانتخابات، رغم أن الحكومة صادرت ممتلكات الحزب وشردت كوادره من الوظائف، وحملة الدكتوراة والماجستير المنتمون لنا أُغلقت أمامهم فرص التوظيف ومنهم من عمل (طُلبة)

 

لكنكم وضعتهم إعادة ممتلكاتكم المصادرة ضمن الشروط للمشاركة في الانتخابات؟

هذه حقوق، لكن المصادرة نفسها حدثت لطبيعة الوضع السياسي الذي كان قائما، واذا عادت الديمقراطية تلقائيا ستعود إلينا ممتلكاتنا.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٠٦ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٢ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور