تأملات / ما العمل .. أمام التكامل الستراتيجي الامبريالي الصهيوني الإيراني ؟

﴿ الجزء السابع والعشرون ﴾

 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي

ومن جانب أخر سمحنا لمجتهدين بسطاء بالايمان ومغامرون في بأعطاء تفسيرات لدين الأمة الحنيف وحشروا فيه مغالطات وخاصة في أمور وضفت لخدمة عقولهم المريضة كالجهاد وتشويهه و تحويله لارهاب وكذلك جعل الالتزام بتعاليم الدين الحنيف للتقرب من الخالق حالة مشوهة للايمان وتحويله إلى تدين لخدمة غايات بشرية وليس لتحقيق غايات روحية,إن هذا الدور الذي مارسه ويمارسه الأجنبي في تشويه الدين و تعاليمه وبنفس القدر الذي يشترك معه من المجتهدين والمفسرين والذين أيضا يضعون تعاليم هذا الدين الحنيف في زوايا غريبة عنه وعن الوسط الذي نشأ عنه وتم التبشير به ,

 

إنهم يبغون هدم الدين ومتى ما تحقق لهم ذلك (لا سامح الله) ويخسئون .وسوف يفضي ذلك لهدم وخراب الأمة كنتيجة متحققة من هذا النهج الشيطاني الغريب وبدون أي شك , ولذلك يحاولون (الطرفين المتطرفين) اليوم تمزيق الدين الإسلامي إلى طوائف ووفق أجندة مشتركة صهيونية إيرانية(حكام إيران) لتفقد الأمة بعد ذلك عامودها الفقري وتنهار وهذا يمكن ملاحظته و بشكل واضح فيما يحدث في العراق اليوم بعد احتلاله ومن مجابهة بين متشددين طارئين على الاسلام بالفكر والسلوك وتحوله إلى صراع وقتال بين هذين الاتجاهيين الغريبين عن الاسلام الحنيف ,

 

ظاهره صراع عقائدي فقهي طائفي وباطنه سياسي ينفذون به أجندات أجنبية,ضحاياه من الشعب العراقي البرئ وأدواته ميليشيات وعصابات وستراتجيت نسجت بعقول صهيونية إمبريالية أيرانية سواء بالاتفاق اوالتلاقي و الاقتراب,إنها المعركة الفاصلة للبقاء ,وفي تقديري أن ما يجري في العراق وخاصة بعد إنكشاف عقم العملية السياسية وفشلها بعد أن بدئت الالتفافات بين المتصارعين على السلطة ومحاولة واحدهم لإسقاط الأخرسواء كن ذلك بسرقة الأصوات أو بعمليات الاجتثاث أو بالاغتيالات والتفجيرات او الاعتقالات فكلها تؤدي لنتيجة واحدة وهي خراب العراق. وبما أن كل تكتل وإئتلاف لديه أجندة أجنبية وهو ملزم تجاهها لذلك لا يمكنهم أن يلتقوا على مشتركات وطنية لأن كل واحد منهم ملزم بتحقيق أجندة أجنبية والتي دعمته وساندته وجعلته في صفوف القوائم الفائزة,أقول أن ما يجري في العراق يهم العرب كلهم وهي معركة مصيرية.

 

فإن ربحها الطائفيون ومهما كان إجتهادهم فسيذهب العراق (لا سامح الله)و ستسقط بوابة العرب الشرقية ,فأن سقطت هذه البوابة (لا سمح الله) سيكون لاتباع خميني ما أرادو تحقيقه في عدوانهم في عام أيلول من عام 1980 وأتجرء بالقول ستسقط الدول العربية تحت النفوذ الإيراني الزاحف نحوها,وهو في نفس الوقت سيخدم الامبريالي الأجنبي والصهيوني أيضا لان الواقع الجديد هو جزء من إستراتيجيتهم في العراق وفي المنطقة وليس سراً أبداً أن الذي سيقلب هذه المعادلات على رؤوس أصحابها سواء من الاجانب أو عملائهم هي المقاومة العراقية وطليعتها البعث الخالد, إستنباطاً من أنحقيقة الموجودة في حقائق التطور التأريخي للمجتمعات والتي يهمنا بعضها والمتعلق بان التحالفات في الوطن الواحد والتي تبنى على أسس,اولهما تنفيذ أجندة أجنبية ,ثانيهما تحقيق مكاسب ذاتية والاعتماد على خطابات كاذبة وتسويقية فإنها تنتهي عند حدود تضارب المصالح الانانية وتتفكك روابط أي تشكيل سياسي بينها ومهما كانت القوة الضاغطة لجمعهما (وفي العراق كانت العملية السياسية المزيفة هي التركيب الذي جمع فيه الاجانب الأحزاب العميلة لهم,

 

وكان الضاغط هم المحتلون )وأن أكبر شاهد على ذلك نظرة سريعة لنوع وشكل التحالفات في بداية الاحتلال في عام 2003 و مقارنتها باليوم,أي تغيراً أمبياً حدث في خلال السنوات السيعة العجاف الماضية) إنها تستحق أن أطلق عليها بأنهاجزء من حتمية تاريخية. وأما المشتركات التي يقيمها و ينسجها البعث سواء عبر تحالفاته اوإقامته لجبهات فهي تحمل وتتضمن مشتركات أساسية إستراتيجية وليس مرحلية ,فهو يتحالف مع القوى الوطنية و القومية والإسلامية وحتى الماركسية لوجود مشتركات معها,فوطنيته وقوميته أساسية وفي صلب مبادئه وكذلك موقفه من الدين ويكفي أن مؤسس البعث المفكر العربي الكبير المرحوم الأستاذ ميشيل عفلق قد عبر عن ذلك بقوله)(فالاسلام اذن كان حركة عربية، وكان معناه : تجدد العروبة وتكاملها. فاللغة التي نزل بها كانت اللغة العربية، وفهمه للاشياء كان بمنظار العقل العربي، والفضائل التي عززها كانت فضائل عربية ظاهرة أو كامنة، والعيوب التي حاربها كانت عيوبا عربية سائرة في طريق الزوال.

 

والمسلم في ذلك الحين لم يكن سوى العربي، ولكن العربي الجديد، المتطور، المتكامل. وكما نطلق اليوم على عدد من افراد الامة اسم "وطني" أو "قومي" مع ان المفروض ان يكون مجموع الأمة قومياً، ولكننا نخص بهذا الاسم الفئة التي آمنت بقضية بلادها لانها استجمعت الشروط والفضائل اللازمة كيما تعي انتسابها العميق الى أمتها وتتحمل مسؤولية هذا الانتساب))(2)فالاسلام ليس مصدرمن مصادر الالهام لعقيدة البعث يل هو نبع جوهري واساسي لثوريته ولصياغة نظريته القومية الاشتراكية,وبعد ذلك إلا يحق أن نقول أن على العرب شعباً و حكومات مساندة بل دعم الثورة العراقية و المتمثلة بالمقاومة العراقية والتي يقودها البعث لانها ليس معركة شعبنا العراقي لوحده

 

إنها معركة الأمة العربية كلها ,فأما أن تزحف قوى الظلام والشر وتنتصر أرادة الأجنبي على الأمة وتضيع الأمة فرصتها في النهوض أوتنتصر الأمة كلها لشعب العراق ويكتب لها أن تكون اليوم أحدى الأمم التي تساهم في بناء الحضارة الإنسانية والفرص لاتتكرر بإستمرار و دائماً ,وبالتأكيد سيكون العراق الجديد بقواه الوطنية القومية والإسلامية وحتى الماركسية اللينينة,عراق العرب والانسانية وجسر الأمة الحقيقي للعالم. ويقول القائد المؤسس للبعث في نظرة الحزب للجبهة الوطنية والقومية التقدمية:(( فحزبنا كما اسلفت لا يقول بالاستئثار ولا يقول بالضيق والتعنت وانما يتسع للتعاون مع فئات عربية وطنية قد يكون اجتهادها مختلفاً بعض الاختلاف عن رأي الحزب ولكن بينها وبين الحزب نقاط التقاء ومشاركة عديدة ولأقل بصراحة أكثر، بأن في الوطن العربي وبين الجماهير العربية وفي حركة الثورة العربية هناك فصيلان: البعث والحركة الناصرية، ولكننا نحن منذ أن حدث اللقاء التاريخي بين حزبنا وبين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ذلك اللقاء الذي أثمر أول تحقيق للوحدة العربية عام 1958 لم نكن نعتبر ان ثمة طريقين وان ثمة مذهبين للثورة العربية خاصة ان الأفكار والشعارات التي تبنتها السلطة بالذات، لم تكن سوى افكار وشعارات حزب البعث، والخلاف الذي حصل فيما بعد لم يكن خلافاً فكرياً بل نتيجة اختلاف في التطبيق وفي فهم وتطبيق هذه الأفكار والشعارات.))(3)

 

وأيضا يقول القائد المؤسس (( وكانت الحركات الثورية في العالم والحركة الشيوعية في مقدمتها مقصرة عن الاهتمام بالثورة العربية الاهتمام اللازم واللائق، وكانت تنشأ خلافات ناتجة عن نقص المعرفة ونقص الإطلاع وعن أوهام وأخطاء في المعلومات، كما كانت ناشئة عن تجاهل لبعض الحقائق الأساسية وبالنتيجة فان الظروف الثورية التي تمر منذ عشرات السنين بالأمة العربية وبالجماهير العربية ساعدت على كشف حقيقة حزب البعث وعلى إزالة الإلتباسات التي كانت قائمة عند البعض وساعدت على كشف اهمية العامل القومي في الثورة العربية وفي كل ثورة لأن المبدأ الذي قام عليه حزب البعث لم يكن خاصاً بقوم او بشعب معين وانما هو حقيقة علمية تنطبق على كل الشعوب وكل الثورات، وهكذا تعاظم الإهتمام بالثورة العربية وبنضال حزب البعث لدى الاحزاب الشيوعية والحركات التقدمية في العالم اكثر من ذي قبل وهذا ما ساعد حزب البعث والحركة العربية الثورية بوجه الإجمال على التحرر من بعض العقد وعلى الانفتاح الحر الصافي على الأحزاب الشيوعية والحركات التقدمية لأن الحزب والثورة العربية قد قدرا هذا الاهتمام بعد التجاهل وبحد كثير من سوء الفهم وسوء التفسير))(4)ويحددالقائد القائد المؤسس (رحمه الله) علاقة الحزب بالحركة الكردية ايظاً فيقول: (( كذلك ايها الرفاق علاقة الحزب بالحركة الكردية انها من اثمن وأعز ما تمتلكه تجربة حزبنا، هذه العلاقة القائمة على مبادئ وعلى واقع حي يعود الى مئات السنين والى عشرات الاجيال والقرون. اخوة في التاريخ اخوة في المصير اخوة في التراث بين هذين الشعبين.. لم يكن شيئاً عادياً بالنسبة لحزبنا هذا اللقاء الأخوي التاريخي بيننا وبين الحركة الكردية.))(5)..


وسيكون هو ذات العراق المدافع عن الأمة ومصالحها والذي كان قبلة البنائين والعلماء وكل مظاهر الحدث العلمي للعرب وللعالم, وجدياً في الوفاء لكل الأمة و متجاوزاً لسلبيات التجربة الماضية في علاقته مع أخوانه العرب وخاصة بعد أن وقفوا معه في محنته الحالية وعاضدوه هذه المرة بدلا من إعطاء تسهيلات ودعم لوجستسي لاجنبي أخر لاذيته وتدميره ,إنها أخطاء أخوة و الزمن كفيل بها أمين..


وأن تفحصاً دقيقاً لمثل هذه الحقائق و إدراكها بعقلانية و بمعطيات العصر سوف يضيف وضوحاً مفيداً لموقف الدول العربية سواء فيما بينها أو هي مجتمعة تجاه الاخرين,وعلى أمل أن تكون هنالك إستراتيجية عربية تجاه الستراتيجيات الاجنبية في منطقتنا.أننا أمام تفاعلات لستراتيجيات مختلفة تتقارب و تتباعد وفقاً لمصالحها,وأقل ما نفعله تجاه هذه الستراتيجيات أن لا نترهب من قوتها وقوة تاثيرها ونقرر أن نحترم إرادة بعضنا للاخر كأشقاء, حتى لو كان هنالك ميل في بعضها باتجاهات تنحرف عن المصلحة الكبرى للأمة ,فيمكن بالحوار والاقناع والترغيب نعيد المنحرف ونشجع المتردد ونكون بإتجاه إصلاح بعضنا البعض وسنكون عندها قد سجلنا نجاحاًللامة ولو حتى كان بنسب قليلة وصغيرة لكنها خطوة بإتجاه الخطوات الصحيحة الأخرى,إنها مواجهة النفس ومع الاخوة ومن ثم نكون متحصنين لمواجهة الآخرين. .


(2) خطاب القي على مدرج الجامعة السورية في 5 نيسان عام 1943
(3) حديث الى قيادة الجبهة الوطنية والقومية التقدمية في .23/10/1974
(4) نفس المصدر
(5) نفس المصدر

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء  / ٢٠ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور