وقفة على أطلال المادة ١٤٠
( تلوحُ كباقي الوشمِ في ظاهرِ اليدِ )

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
لا شك إن الأحزاب الكردية العميلة في شمال العراق أصبيت بصدمة إنتخابية لم تتوقعها بعد فرز أكثر من 90 بالمئة من النتائج, رغم كل ما قامت به, خصوصا في محافظة كركوك, من إجراءات غير قانونية وغير شرعية وغيرأخلاقية من أجل تغيير الطابع الديمغرافي للمدينة وإرغام أهلها للتصويت لقائمتهم. وبالرغم من الهيمنة شبه المطلقة لرجال البرزاني والطلباني على معظم مراكز القوة والسلطة والنفوذ هناك, إضافة الى جلب الآلاف من المواطنين الأكراد من المدن الشمالية الأخرى ومن دول الجوار. ناهيك عن الأموال الطائلة, ومعظمها آتي من نهب وسلب قوت الشعب العراقي, التي صُرفت للترويج والتتسويق لفكرة إن كركوك "قدس الأكراد" كما يدّعون زورا وبهتانا.


وحتى حصول قائمة ما يُسمى بالتحالف الكردستاني على المرتبة الثانية بعد قائمة"العراقية" التي يتزعّمها أياد علاوي يُعتبر في رأيي هزيمة لقيادة العميلين مسعود البرزاني وجلال الطلباني على وجه الخصوص. وبدل من اعادة النظر في مجمل سياستهما وتوجهاتهما المرفوضة من قبل الجميع عادت حليمة الكردية الى عادتها القديمة. واليوم, وبعد أن أظهرت الانتخابات التشريعية في عراقهم الجديد النتائج المتواضعة جدا لحزبي لحزبي البرزاني والطلباني وبروز قوى كردية منافسة لهم, رغم أن جميعهم في المحصّلة مشحونون بالحقد والكراهية للعراقيين, راحت بعض الأفاعي من رجال العميل البرزاني تنفث سمومها العنصرية هنا وهناك.


وكالعادة, فان اللغة المستخدمة في التخاطب والتعامل مع رفاقهم في إحتلال العراق وتدميره هي لغة التهديد والوعيد والابتزاز المصحوب دائما بالغطرسة والتعصّب والتعالي وكأنهم لا ينتمون الى جنس البشر. ومن أجل النتفيس عن الخيبة والاحباط, لأنهم كانوا يتوقعون إكتساح مدينة كركوك وضمّها الى المحمية البرزانية, بدأت أصوات البكاء والعويل على أطلال المادة 140 تُسمع من مسافات طويلة.


وبعد أن فشلت جميع خططهم ومشاريعهم المعادية للعراق وشعبه, الذي دفع ثمنا باهثا جراء عمالة وخيانة القادة الكراد, لجا حفّارو القبور في حزب العميل مسعود البرزاني الى نبش ما تبقّى من عظام المادة 140 لوضعها على طاولة المفاوضات والمشاورات مع بقية الكتل الفائزة في الانتخابات والساعية الى تشكيل حكومة جديدة في المنطقة الخضراء. وقبل يومين قال قائلهم بلسان عربيّ كرديّ فصيح , أن لا تحالف مع أية كتلة ولا مشاركة مع أية حكومة دون تطبيق المادة 140 وتطبيع الأوضاع في كركوك وما يُسمى بالمناطق المتنازعة عليها.


ولا يلومني لائم إذا قلت أن درجة التخلّف والتعصّب وقصر النظر لدى الساسة الأكراد تفوق مثيلاتها لدى أقرانهم ورفاقهم في الممنطقة الخضراء. فالجميع يعلم, باستثناء مسعود البرزاني وعصابته, إن القنبلة الموقوتة المسماة المادة 140 والتي دسّونها بتوجيه ودعم صهيوني واضح في ثنايا دستور العراق الجديد تمّ نزع فتليها منذ فترة طويلة وتفسّخت بقاياها وأصبحت سكراب عديم الفائدة. وما على شاهنشاه مسعود البرزاني وحاخام المنطقة الخضراء جلال الطلباني الا الرضوخ وتقبّل الأمر الواقع. فأبناء كركوك الشرفاء, من عرب وتركمان وأكراد وأقليّات أخرى, وقفوا وقفة رجل واحد ضد مشاريع وخطط كل مَن أراد تفكيك وشرذمة عراقنا الواحد الموحّد من شماله الى جنوبه.


من طرفنا لا نتوقّع تشكيل حكومة وطنية جديدة, ليس لأن الوطنية صفة نادرة جدا في هذا الزمان خصوصا وإن معظم قادة العراق الجديد يفتقرون اليها, وإنما لأن العراق وطنا وأرضا وشعبا ما زال محتلاً عسكريا وسياسيا وإقتصاديا من قبل أمريكا وجارة السوء إيران, وأن قراره السياسي مصادر وهامش الحركة بالنسبة لحكامه الجد ضئيل جدا. وكل ما نتمنّاه, من أجل أن يسترد العراق القليل من عافيته ويعود ولو ببطء الى محيطه العربي الأسلامي بعد أن عاثت فيه فسادا ونهبا وتدميرا الميلييشات المسلحة الشيعية والكردية على حد سواء, هو تشكيل حكومة مركزية قوية قادرة على وضع حد لسياسة الابتزاز والتهديد والغطرسة التي يمارسها الساسة الأكراد في شمال العراق.


وعلى أية حكومة جديدة, إذا توفّرت فيها ذرّة من الشعور بالمسؤولية والمصداقية والقدرة على الحكم, أن تضع الأحزاب الكردية العميلة أمام خيارين لا ثالث لهما. فأما أن يتصرّفوا كعراقيين, وأنا شخصيا أشك بذلك كثيرا, ولهم ما لهم وعليهم ما عليهم, أي بتعبير شعبي, حال حالنا. وسيكونون في هذه الحالة على الرحب والسعة في أي مكان في العراق وفي أي منصب. وأما أكراد عملاء صهاينة يدّعون زورا إنتماءهم للعراق من أجل مصالح حزبية وعائلية ضيّقة فقط. وإذا بدأوا في ممارسة عادتهم القديمة في التهديد والعصيان والابتزاز فما على جميع الكتل السياسية الأخرى, خصوصا وأن مقاعدهم في البرلمان الجديد لا تتجاوز الأربعين مقعدا من مجموع 325 , سوى عزلهم وتهميش دورهم ووضعهم في خانة "المعارضة" طالما آمنوا حد الوله والهيام والذوبان بالديمقراطية التي جلبتها لهم سيدتهم أمريكا.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ٠٥ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور