عَد وفرز الأصوات بعد مسرحية الانتخابات

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
ذكرنا في أكثر من مناسبة إن الانسجام والتوافق والتكلّم بسان ولغة واحدة بين أقطاء ما يُسمى بالعملية السياسية في بغداد المحتلّة, كان وما زال أمرا مستحيلا لوجود ما لا يُحصى من الدلائل والمؤشرات. وذكرنا أيضا بأن القاعدة التي بُني عليها العراق"الجديد" كانت وما زالت من رمال متحرّّكة وملوّثة بجميع أنواع السموم. لأن ساسة عراق اليوم, لم يأتوا مهرولين خلف دبابات وعربات الغزاة الأمريكان من أجل حكم وإدارة العراق, كما توهّم, لأول مرّة, الكثير من الناس البسطاء.


كما أن أمريكا لم تخسرآلاف االقتلى والجرحى ومليارات الدولارات مُضافا الى ذلك سمعتها العالمية من أجل عيون حُثالة من البشر كأحمد الجلبي ونوري المالكي وآل الحكيم ومَن لفّ لفّهم. فهؤلاء جاءوا من أجل مصالح صغيرة ضيّقة, شخصية وحزبية وعائلية. تقف خلفها وتساندها وتمدّها بمقومات البقاء والديمومة, أطراف خارجية أخرى, أمريكان وصهاينة ومجوس, لها مصالح أكبر وتأثيرأقوى وهيمنة أوسع على تحركاتهم ونشاطاتهم وكلّ ما يصدر عنهم في الشأن العراقي.


وعلى الرغم من أن الانتخابات كانت فصلا ممتعا وشيّقا للمغرمين بالديمقراطية الناتجة عن تدمير بلد بأكمله وتقتيل شعبه بالمجان, الاّ أنها في نهاية المطاف لم تحسم أمور أصحاب المصالح الضيّقة جدا والباحثين عن الزمن المفقود في عراقهم المنشود. وأكدت نتائج الانتخابات كما هو معلوم, على الطبيعة الطائفية والعرقية المقيتة التي أرادها حفنة من الخونة واللصوص والعملاء الذين لم تغيّر فيهم شيئا, نحو الأفضل, لا عاديات الزمان ولا تواجدهم لسنوات طويلة في دول متحضّرة تحكمها القوانين والمؤسسات العريقة.


وبلغت بهم الشراهة والجشع, للمال والسلطة والجاه, الى درجة تزايدت فيها أسباب ومسببات خلافهم وإختلافهم على كل شيء رغم كونهم من نفس الطينة العفنة. وبما أن ما حصل عليه كل واحد منهم من أصوات الناخبين لا يمنحه الفرصة السانحة لقضم المزيد من الكعكة العراقية الشهيّة ولا يوفّر له الغطاء الشرعي, رغم لا شرعية وجوده في بغداد أصلا, للجلوس على كرسي الحكم لسنوات عجاف أخرى, فلذا تراهم بيحثون عن أية وسيلة وطريقة لقلب الأمور رأسا على عقب.


غير أن المضحك المبكي في وضع هؤلاء النكرات هو إستخدامهم الشخصي - الحزبي البشع للمؤسسات والهيئات التي صنعوها بايديهم, ومعظمها يحمل إسم المستقلّة زورا, لكي تتعامل بمساواة وعدالة مع الجميع. لكن المطاف أنتهى بها الى الخضوع لرغبات العميل نوري المالكي لكونه يمسك بزمام بعض الأمور المهمّة في بغداد المحتلّة, ففرض رأيه على الآخرين. وتمّت الموافقة فقط على طلبه الداعي الى عد وفرز الأصوات يدويا في بغداد. ثمّ جاءته الهدية الكبرى مما يُسمى بهيئة التمييز لتقوم بالغاء الأصوات الانتخابية لأكثر من 50 مرشحا مشمولين بقرارات ما يُسمى بهيئة المساءلة والعدالة, سيئة الصيت والسمعة والمضمون.


وواضح منذ اليوم التالي لللانتخابات وظهور النتائج الأولية أن الأحزاب الطائفية والعنصرية, خصوصا حزبي العميلين المتصهينين مسعود البرزاني وجلا ل الطلباني, سعت بكل السبل لوضع جميع العراقيل, ومنها الهيئات والمفوضيات وسلطات القضاءوغيرها, أمام قائمة "العراقية" التي يتزعمها أياد علاوي, والتي حصلت على المركز الأول ولو بفارق ضئيل. لكن الأمور على ما يبدو مرشّحة الى المزيد من التدهور والانفلات والفوضى الهدّامة, وعلى جميع الأصعدة.


فها هي ذئاب الأحزاب الكردية العميلة بدأت تعوي بقوّة )على مَن لا كلابَ لهُ( مطالبة بعد وفرز الأصوات في الموصل وكركوك أيضا, إسوة ببغداد. وبما أن هؤلاء الأكراد يُعتبرون, في نظر أنفسهم وفي نظر أسيادهم في واشنطن, أكثر الحلفاء إخلاصا وتبعية وحقدا على العراق وشعبه, وتربطهم علاقات حميميّة وعريقة مع الكيان الصهيوني الغاصب, فلا نستبعد والحالة هذه من أن يوافق القضاء العراقي"المستقل جدا" أو أية هيئة أخرى, على طلبهم في عدّ وفرز ألأ صوات في محافظتي الموصل وكركوك.


وهذا يعني في جميع الحالات, آخذين بنظرالاعتبار أن نتائج الانتخابات سوف تتغيّر, أن عودة الحلف الشيطاني بين"شيعة"جارة السوء إيران بكافة مشاربهم وألوان عمائمهم, وأتباع آلهة بني إسرائيل, من الأحزاب الكردية العميلة, سوف يعود مجدداعلى مسرح الأحداث للبدء بعمليات تصفية منظّمة ومبرمجة تُطال كل مَن سلِم في السابق, لهذا السبب أو ذاك, من طاحونة الموت الطائفية العنصرية التي أراد لها حكام المنطقة الخضراء وأسيادهم خارج الحدود أن تستمر في الدوران باقصى سرعتها حتى تأتي على آخر عراقي .

 

mkhalaf@alice.it

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ١٤ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٨ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور