الرئيس الفيدرالي طائفيّ الهوى عنصريّ الهوية

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري

منذ غزو العراق, بل وقبله بعدة سنوات, فقد الأكراد العراقيون أية صفة دينية أو مذهبية أو إجتماعية أخرى باستثناء الصفة القومية التي أصبحت تلازمهم في كل ما يُكتب أو يٌقال أو يعلن عنهم. ورغم كونهم بشر كالآخرين, ويُفترض أن يكون لهم ربّا يعبدونه ودينا ينتمون اليه, الاّ أن العالم, لدوافع ونوايا سيئة ومقصدودة, ظل يتعامل معهم وكأنهم كائنات من كوكب آخر, أو بشر من طينة خاصة جدا غير متوّفرة في هذا الزمن. وفي الوقت الذي إنقسمت فيه الدول والشعوب, بناءا على رغبات القوى الاستعمارية المتجبّرة, الى ملل ونحل وأعراق ومذاهب, بقيَ الأكراد, وتحديدا أكراد العراق, بعيدين كلّ البعد عن فوضى صفات والنعوت والمسميات.


وحتى بعد أن حصلوا على حصة الأسد, مكافاءة لهم على مشاركتهم الفعّالة في غزو وإحتلال العراق, إندرجت القيادات الكردية في التعامل مع العراقيين, الذين لم يعرفوا في تاريخهم النزعات والتقسيمات العرقية أو المذهبية, على أساس طائفي مقيت. ففي الوقت الذي أصبحنا نحن سنة وشيعة ومسحيين وكلدوآشوريين وصابئة وغير ذلك, ظل أخوتنا في شمال العراق أكرادا فقط! والويل كل الويل لمن فكّر أو تساءل عن ديانة أو مذهب أو عبادات الشعب الكردي, شعب الله المختار بعد اليهود. الى درجة أننا لم نسمع أو نرى أو نقرأ أن مسؤولا كرديا كبيرا قام بزيارة, ولو لذرّ الرماد في العيون, الى مسجد أو كنيسة أو مرقد أحد الأنبياء أو الرسل, وفي أي مكان.
وقبل أيام دعا جلال الطلباني, الرئيس الفيدرالي للعراق المحتل, وبلسان طائفي الهوى صادق النوايا والمرامي, الائتلافين الشعيين, إئتلاف العميل نوري المالكي وإئتلاف المجوسي عمار الجكيم الى "الاسراع في تحالفهما من أجل تشكيل الحكومة الجديدة, مؤكدا في الوقت ذاته على دعم التحالف الكردستاني -الذي سوف يلحق بهم طبعا - للمرشح الذي سيعلن من طرفهما". كما أكد ضخامته الجسدية, بشكل لا يخلو من التملّق والتزلّف, الى عمق العلاقات وقدمها بين الأكراد والتحالفين المذكورين. على إعتبار إن العملاء, كالطيور, على أشكالها تقع.


لكن ثور المنطقة الخضراء تناسى أنه رئيس"فيدرالي" لعموم العراق, وأن من أبسط واجباته الدستورية إضافة الى الأخلاقية, هي أن يبقى على مسافة واحدة من الجميع. لكن الطبع غلب التطبّع على ما يبدو, وحليمة لا يمكن أن تتخلّى عن عادتها القديمة. فتصرّف رئيس"العراق" بصفته رئيس حزب كردي معارض, حتى وهو في القصر الرئاسي في بغداد, يسعى الى الحصول على المزيد والمزيد من النفوذ والامتيازات والسلطة والأموال من جانب الدولة العراقية, وطبعا دون مقابل. أما العراقيون, من شمال الوطن الى جنوبه, فليذهبوا الى جحيم دانتي, إن لم يجدوا جحيما آخر.


وفي زمن كهذاحيث أصبحت فيه الخيانة شرفا والعمالة للعدو الأجنبي بطولة ونهب وسرقة أموال الشعب وثرواته حرفة يُفتخر بها بين الأمم. لم يكن أحدنا يتوقّع من جلال الطلباني, وأثبتت الأيام باننا كنا وما زلنا على صواب, أن يكون أكثر مما هو عليه الأن, رجل فيه خليط من البلادة والازدواجية والتملّق لمن هو أقوى منه ولمن يدفع أكثر, فضلا عن إفتقاده, شأن رفاقه في المنطقة الخضراء, الى الكفاءة والهيبة وحسن السلوك والشعور بالمسؤولية أزاء الآخرين.


وصدقوني لو أن رجلا بهذه المواصفات وُجد في أي بلد آخر, غير عراق المحاصصات العنصرية والطائفية, لحصل في أفضل الأحوال على وظيفة رئيس قسم في دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي. ولا يُخفى إن جلال الطلباني, الذي عيّنه الاحتلال الأمريكي رئيسا للعراق لأنه كردي وليس لأنه عراقي, لأن عراقيته, أن وجدت أصلا, لا تتجاوز الخمسة بالمئة, قضى معظم وقته"الرئاسي" في الدفاع عن قوميته والمطالبة بالمزيد من الكعكة العراقية على حساب ملايين العراقيين الذين وجدوا أنفسهم خاضعين, وفق ديمقراطية بائسة مزيّفة ومبتورة, الى جداول وتقسيمات وبيانات طائفية وعنصرية ومذهبية وعشائرية, إبتداءا من رئيس المنطقة الخضراء نفسه وإنتهاءا بابسط موظّف في الدولة. وبديهي إذا كان جلال الطلباني بدفّ الطائفية ناقرا فشيمة أركان حكومة العميل نوري المالكي كلّهم الرقصُ.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ٠٧ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور