في ذكرى ميلاد البعث العربي الاشتراكي
ولد تعبيرا عن حاجة الأمة وقراءة واعية لواقعها فكان بترا نوعيا وارتقاء نضاليا لجهادها

﴿ الحلقة الاولى

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

لم يكن الشاعر خياليا .. ولا رومانسيا عندما نظم قصيدته:

                            نيسان شهر مولدي        وعرس قومي الأبدي

 

نعم صدقت وأجدت .. وقلت وعن ضمير الملايين عبرت .. كان ميلاد البعث إعلان الأمة لرفضها النوعي الواعي لواقعها المر، وتوجها واعيا لبناء مستقبلها المزدهر، وإيمانا بقيمها وقدراتها على مواجهة التحدي مهما عسر، عبر استقراء لواقعها واستلهام لتراثها الثر، فجاء البعث ليكون ابنها البار، وذراعها الطولى وسيفها الذي لا ينكسر.

 

نعم جاء البعث لتنظيم قوى الأمة عبر استيعاب لطبيعة المخاطر المحدقة بالأمة، واستيعاب كامل للتناقضات التي تعصف بواقعها وتوجه أبنائها، بين منطوي يبحث في التاريخ والأطلال، ومغترب متأثرا بفكر غريب قدم من الشمال، ورافض يرى التغيير صعب بل محال، فولد البعث معيدا لوهج العطاء ومحي للآمال، فتكالبت عليه كل شياطين وأشرار العالم الطامعة بثروات الأمة والمعادية لتطلعات أبنائها، ب التوكل على الله وبثقة راسخة بقدرة الأمة عبر برنامج إيماني حضاري قومي إنساني مستوعب لكل متطلبات النضال الصعب لكنه واثق من إحراز النصر، صحيح انه يتطلب كثير من التضحيات لشدة الهجمة وتكالب الأعداء وكثرتهم وإمكاناتهم، لكن الثقة بالأمة التي كلفها الله بحمل رسالات السماء جميعا للبشرية وتمتلك كل هذا الإرث الحضاري والأخلاقي قادرة على النهضة وصنع النصر

 

إحنا طليعة امة عريقة         غالي وطنها شعبها أصيل

إحنا الجيل اليبني طريقه         مهما كان طريقه طويل

 

نعم هذا هو البعث وهكذا هم البعثيون، فتية امنوا بربهم فزادهم الله هدى وعزيمة، مؤمنين بالله متوكلين عليه واثقين بنصره راسخي الثقة بقدرة أمتهم وشعبهم على المطاولة لتحقيق ما خلق الله الإنسان لأجله وهو تأدية رسالة عظيمة هي العبودية ألحقه لله ونشر قيم الإنسانية في الحياة الدنيا.

 

إن كانت هذه الأمة قد اصطفاها الله لان تحمل رسالاته للبشرية والتي كان الإسلام بقرآنه العربي الذي جاء مصدقا لما قبله من الرسالات والكتب ومهيمنا عليها وبنبيه العربي الخاتم الذي وصفه الباري العزيز بأنه على خلق عظيم وجعل كلامه وحيا فشرف هذه الأمة بان يكون القرآن بلغتها وان يكون خاتم الأنبياء منها فهذا أمر عظيم لو استلهم معانيه أبناء الأمة لارتقوا لمستوى المسؤولية الكبيرة والعظيمة التي كلفهم الله بها، ولو تمعن العرب بهذا التكليف الرباني لهم لأدركوا ما المطلوب منهم من ارتقاء عن الدنيا وإغرائها وإغوائها، ولكانوا كما كان أهلهم الأولين، لو عدنا لقراءة تاريخ الأمة وفترات أمجادها ونهوضها لوجدنا إن ارتقائها ونهوضها مقترن بالتزامها وإيمانها، فتاريخها الحاضر الذي صنعه التزامها بحمل رسالة السماء التامة جعلها ترتقي أعلى درجات النهوض وتكون قبلة لطالبي المعرفة والعلوم، وان تدهور دورها وتراجع نهوضها يكون بعدة أمور أولها إهمالها أو تقاعسها عن دورها الإيماني الإنساني الذي هو هويتها، وثانيها الفرقة والتنازع على السلطة والمال والجاه والنفوذ، وثالثهما جور الحكام واستبدادهم وإهمالهم لتكليف الحكم ومسؤوليات الحاكم، وأنا متأكد رغم قلة الدراسات إن كل فترات النهوض في الأمة كانت متزامنة مع توافر التزامها العالي بما كلفت به، وان فترات التداعي والانحطاط كانت مقترنة بالأسباب المذكورة، لذا تضعف الأمة فيغزوها الأعداء والطامعين ويستبيحوا أرضها وقيمها ومقدساتها ويقتلوا أبنائها وينهبوا ثرواتها ويذلوها، كل ذلك أدركه البعث فوضعه نبراسا لبرنامجه النهضوي الجهادي للجهاد من اجل بعث الأمة وإحياء دورها.

 

إن التاريخ الحضاري للبشرية بدأ من هذه الأمة، وهي التي رسمت أولى ملامح المدنية ووضعت الأساس القيمي والأخلاقي والمادي للحضارة الإنسانية في مراحل التطور التاريخي للبشرية، من فجر التاريخ مرورا بكل العصور التي مرت بها البشرية، فكانت الأمة رائدة التكوين المدني والحضاري للبشرية وتمثل ذلك في تكوين أولى الحضارات في وادي الرافدين، ووادي النيل وحضارة سبأ وحمير، فهذه الحضارات لم تكن منفصلة عن بعضها بل هي متواصلة ومتوارثة ومتزاوجة مغذية لبعضها وكل منها امتداد طبيعي للأخرى حيث إنها نتاج نفس القوم وذات الأمة،نعم سمى المؤرخون حضارة وادي الرافدين بالبابلية والآشورية والاكدية والسومرية نسبة لمواقع نشوئها وعواصمها وسموا حضارة وادي النيل بالفرعونية نسبة لألقاب ملوكها، لكنها تبقى هي نتاج وإبداع ذات القوم فهم جميعا الساميون سومريين وآراميين وكنعانيين وفينيقيين وفراعنة مصر والبربر (الامازيغ) كانوا يتنقلوا بأرضهم التي اختطوا حدودها بفطرتهم واختاروها بفطنة وذكاء ومعرفة مدروسة، ولم يكن اختيارهم عفويا أو قدريا،وما أسطورة هبوط أبونا ادم في الهند وأمنا حواء في شبه الجزيرة العربية والتي كلفت أبينا ادم أن يبحث عنها حتى التقيا على جبل عرفات، لا اضن إلا تعبيرا عن دراية العرب بالأرض المكتشفة في حينهم كلها، وكذلك ما جاء في ملحمة كلكامش وسفره الطويل للبحث عن الخلود أتوقعه أيضا تعبيرا عن ذلك. كل هذا استلهمه البعث واستمد من رسالات السماء المعاني والقيم لخلق الإنسان فكان برنامجه الفكري والنضالي استلهاما لقيم الإيمان والحضارة والإنسانية ولذلك نقول انه بتر نوعي وارتقاء عن الواقع وأمراضه لمعالجته وإعادة بعث القيم العظيمة للأمة،

 

فتحية للأمة التي أنجبت البعث، وألهمته .

وتحية للبعث في ذكرى تأسيسه.

وكل عام والأمة و طلائعها مجاهدي البعث بخير، ودعواتنا ربنا بالنصر.

ولتكن ذكرى ميلاد حزب الأمة دافعا لنا جميعا لمواصلة الكفاح والجهاد بإيمان وإصرار وثقة بنصر الله لجنده.

والموت لأعداء الله وأمة المصطفى المختار، أعداء البعث ومنهجه وبرنامجه.

وسنواصل الكتابة في الموضوع إنشاء الله.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ١٩ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٤نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور