في رحاب الإمام الحسين  عليه السلام
سيد الساجدين وقبلة العارفين وقدوة الموحدين وزين العابدين

﴿ الحلقة التاسعة ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
زامـــل عــبـــد
الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو الإمام الرابع والخليفة بعد أبيه الحسين ، فنسبه من الأب ينتهي بســـيد الخلائق أجمعين النبي العربي القرشي ألمضري محمد بن عبد الله صلى الله عليه وأله  وصحبه وســــلم ، هو علي بن الحسين الأصغر ، ويخطئ من يقول بأن الإمام السجاد هو الأكبر لكون الشهيد بأرض كربلاء هو الأكبر ، وينعت عليه السلام بعلي الأوسط وليس في هذا القول مخالفة لما ذكرنا من ان الاتفاق على ان الشهيد هو الأكبر وان السجاد اصغر منه ، فإن زين العابدين أوسط أولاد ألإمام الحسين ، ويتفق مع القول بأنه أصغر من الشهيد بألطف   


فالمعروف والثابت عند أهل النسب والسيرة أن للحسين عليه السلام علياً الأكبر وعلياً الأصغر وهو الســــجاد وعبد الله الرضيع ، صرح عليه الســلام بكون الأكبر أكبر سناً منه ، حين قال له ابن زياد أليس قتل الله علياً ؟ فقال الإمام عليه السلام كان لي أخ أكبر مني يسمى علياً فقتلتموه ( أو قتله الناس ) ، وأما كنيته فهي أبو محمد وقيل أبو الحسن أيضاً وأما ألقابه فهي كثيرة منها  ســـيد الساجدين ، وزين العابدين وهو أشهرها ، وسيد العابدين ، والسجاد وذو الثفنات ، والزكي ، والأمين ، والرهباني  والخالص ، والزاهد ، والخاشع ، والبكاء ، والمتهجد ، وغيرها


ولد يوم الخميس وقيل يوم الثلاثاء ، والأول أصح ، في الخامس من شهر شعبان من سنة ثمان وثلاثين للهجرة الشريفة ، قبل استشهاد جده أمير المؤمنين عليه السلام بسنتين وتزوج الإمام الحسين عليه السلام  شاه زنان في خلافة الخليفة عمر بن الخطاب رض ، مع أنها ولدت زين العابدين في أواخر زمن خلافة أمير المؤمنين فتكون إقامتها في بيت زوجها الحســين عليه السلام مدة مديدة تقرب العشرين سنة بلا حمل ، عاش سبعاً وخمسين سنة ، على عدد سني عمر أبيه الحسين ، منها سنتان مع جده أمير المؤمنين ع وعشر سنوات مع عمه الحسن ع وعشر سنوات أيضاً مع أبيه الحسين ع وكانت مدة إمامته بعد أبيه خمساً وثلاثين سنة


نشاً وترعرع  في بيت أبيه الحسين بن علي عليهما السلام في بيت النبوة ومهبط الوحي  تحمل أقصى ما يتصور من الألم والمصائب والمحن في سبيل المبدأ والعقيدة دفاعاً عن الإسلام والقرآن ، استقبل في بداية حياته الشريفة محنة جده أمير المؤمنين ع وشاهد مصرعه في محرابه ومحنة عمه الحســــــن الزكي ع وأيام أبيه الحسين (ع) حدث ولا حرج ، وما شاهده في تلك الفاجعة ، ثم ظل خمسة وثلاثين سنة يبكي أباه ، حتى عُد خامس البكائين ( وهم أدم ، ويعقوب ، ويوسف ، والزهراء ، وهو خامسهم ) .


كان  قمةٌ في الأخلاق ، وآية في الزهد والعبادة . حتى لقب بزين العابدين "والسجاد " والكتب والمصادر مليئة بأخبار عفوه وكرمه وحلمه وأخلاقه وصبره ، وتواضعه ، وصدقاته  وعباداته ، ومكارم أخلاقه ، وتدهشك نجاراه ، وأدعيته الزهدية والتعبدية في الصحيفة المعروفة  بكنيته (( بالصحيفة السجادية )) وكذلك في رسالة الحقوق ولا غرو فإنه ثمرة من ثمار شجرة النبوة ، وفرع من فروع غصن الولاية وبقية من بقايا صفوة الإمامة  
وتدلك على مقولتنا ، أبيات الفرزدق التي قالها في الإمام في محضر هشام بن عبد الملك  أثناء موسم الحج وكيف  تصرف الحجيج عند قدوم الامام ، انتقل الى الرفيق الأعلى يوم السبت الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام . في المدينة المنورة ، ومضى شهيداً مسموماً ، في السنة الخامسة والتسعين للهجرة الشريفة ، ودفن ببقيع الغرقد بجانب قبر عمه الإمام الحسن المجتبى في المحلة التي فيها قبر العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وأله وصحبه وسلم  ،  إن من أهم الصفات الكريمة والعظيمة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان المؤمن هي العفو عن المعتدي والصفح عن المسيء , ولقد حث الله تعالى في كثير من آياته على التحلي والاتصاف بهذا الخلق الرفيع  لقوله تعالى * وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم * و قال تعالى* والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين *  ،   وأمر الله تعالى بمقابلة المسيئين بالإحسان والدفع بالتي هي أحسن وبالتي هي أفضل  لقوله تعالى * ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*   


ينقل لنا التاريخ الإسلامي عن معالي أخلاق الإمام زين العابدين ع أنه كان خارجا من المسجد ، فالتقى به رجل من معارضيه فقابل الإمام بالسب والشتم فثار في وجهه بعض موالي الإمام وأصحابه فنهرهم ع واقبل على الرجل بلطف قائلا  ما ستر عليك من أمرنا أكثر  ألك حاجة نعينك عليها واستحيى الرجل وود أن الأرض قد دارته وبان عليه الانكسار والندم ، وبادر نحوه الإمام فألقى عليه خميصة وأمر له بألف درهم وطفق الرجل يقول  اشهد أنك من بني الرسل  ، وكذلك ينقل لنا التاريخ الإسلامي ( قصة عجيبة )  عندما تقلد الوليد منصب الخلافة بعد وفاة عبد الملك بن مروان سنة 86 هجري واستبد به إحدى وعشرون سنة . أخذ الخليفة الجديد بتعديل الجهاز الإداري للخلافة المروانية وذلك لكسب رضا المسلمين وخاصة أهل المدينة حيث كبار الصحابة والتابعين هناك علاوة على التخفيف من حقدهم وسخطهم على بني أمية فعزل هشام بن إسماعيل والي المدينة آنذاك وعين مكانه عمر بن عبد العزيز حيث كان معروفا بالعدل والإنصاف والأمانة ، كان هشام بن إسماعيل واليا على المدينة في ذلك الوقت وكان ظالما جائرا سام أهلها مدة ولايته عليهم فقد جلد محدثها " سعيد بن المسيب " ستين جلدة  لامتناعه عن البيعة ثم ألبسه رداء باليا واركبه على بعير وطاف به في المدينة المنورة وكان يسيء معاملة العلويين بإساءات بالغة وفظيعة جدا وخاصة الإمام زين العابدين فسأم الناس منه وضاقوا ذرعا به وبأسياده  بعد أن عزل الوليد هشاما ، أراد أن ينفس عن حقد الناس وغضبهم عليه , فأمر به أن يوقف أمام دار مروان بن الحكم وأن ينتقم من كل شخص تضرر أو أصابه أذى منه , فانبرى الناس يمرون عليه  فقد قال : ما أخاف إلا من علي بن الحسين ، لأنه كان يعلم بأن جزاءه من الإمام هو القتل لا غير لما عامله به من الظلم والإساءة والسب لآبائه وأجداده ، ولكن الإمام أوصى خاصته بأن لا يتعرض له أحد بكلمة وعندما وصل إليه رفع صوته قائلا : السلام عليكم وتقدم نحوه مصافحا ثم قال له : انظر إلى ما أعوزك من مال عندنا ما يسعك فطب نفسا منا ومن كل من يطيعنا فنادى هشام  الله أعلم حيث يجعل رسالته  فلما رأى أهل المدينة المنورة عمل الإمام مع هشام كفوا عن سبه وشتمه وإلحاق الأذى به ويروى أيضا عن سماحته وسمو خلقه و تجاوزه عن المسيئين ما جرى له مع مروان بن الحكم ألد أعداء أهل البيت وهو من أشار على الوليد عامل يزيد بن معاوية على المدينة المنورة بقتل الإمام الحسين وهو من شمت بمقتله وهو من انضم إلى الناكثين في صفين والبصرة ومع ذلك فمروان ابن الحكم هذا لم يجد من يحمي عياله ونساءه غير الإمام زين العابدين وذلك يوم ثار أهل المدينة المنورة ضد الأمويين فضمهم إلى عياله.

 

 وليس هذا غريبا على من اجتباهم الله تعالى وخصهم بالكرامة والعصمة والطهارة... وإن أخلاق الإمام زين العابدين من أخلاق رسول الله محمد بن عبد الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليهم أفضل الصلاة والسلام
فالسؤال اليوم أين هم المتباكون من هذا الإرث الكبير

 

يتبع في الحلقة الأخيرة

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٧ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور