ورحل زهير القادري : لماذا يستعجل الموت ذوي الابتسامات الحلوة ؟

 
 
 
شبكة المنصور
صلاح المختار

حينما يرد اسم زهير القادري امامي فان اول شيء اتذكره عنه هو الابتسامة الحلوة الوديعة المحبة ، هذه هي صورة زهير منذ تعرفت عليه في مبنى القيادة القومية في مكتب العلاقات الخارجية للحزب في النصف الثاني من السبعينيات ، رسول محبة يقدم لك ابتسامة صادقة حتى لو لم تكن علاقتك به قوية ، وقبل إن يقول لسان زهير ( مرحبا ) تقول لك ابتسامته ( الف مرحبا ) ، فتحس فورا إن ثمة علاقة قوية تربطك بهذا الانسان المحب للاخرين . رحل زهير بعد ان كان يمدني ، دون إن يشعر أو يعرف ، بالعزم وانا اكتب كلما قرات له مقالا شجاعا ضد الاحتلال يجدد فيها ايمانه بالبعث طليعة تحرير الامة ، وهي ضرورة كنا ومازلنا نحتاجها من بعض رفاقنا القدماء الصاميتن ونحن نناضل ضد الاحتلال بلا هوادة أو توقف منذ وقوعه !

 

ابتسامة زهير بعد الغزو صارت تقطيبة غضب محببة ضد الغزاة عبر عنها بشجاعة وطنية راسخة رسوخ ابتسامته الحلوة  رغم كل ظروفه الصعبة ، في حين إن كثيرين صمتوا لدرجوا نهم نسوا اللغة العربية التي كانوا يكتبون بها قبل الغزو دفاعا عما كانوا يسمونه ( العراق العظيم ) ، رغم إن العراق صار اكثر عظمة وبهاء بعد تفجر اعظم مقاومة في تاريخ البشرية كلها فيه وبسواعد العراقيين ، لذلك كان مفروضا بمن تغنى بالعراق العظيم قبل الغزو إن يتغنى كثر واعمق بعراق اذل امريكا وجرها إلى مقبرة نهاية امبراطوريتها ، وتلك مأثرة لم تحققها اي دولة من القوى العظمى والكبرى !

 

اليوم يسربل الحزن حدقات عيوننا التي كانت تستقبل بسمات زهير بالتقبيل ، ونقف إجلالا لذكرى مناضل وطني وقومي كبير رفض احناء راسه لعاصفة الاحتلال وواصل نضاله الوطني ضده ، في تعبير وثائقي للتاريخ عن صدق ابتسامته الحلوة ، وفي زمن هو الاصعب تعد ابتسامة صدق فيه تعتلي وجه مناضل رفض الاستسلام وواصل المقاومة بصمود الكلمة الحرة وبثبات الابتسامة المتفائلة المتحدية للاحتلال ابلغ تعبير عن الوطنية والفروسية .

 

يا زهير لقد ادميت قلبي برحليك وانا الذي كنت اتوقع إن نحتفل سوية ، مع الاف الرفاق وملايين العراقيين ، بالنصر في بغداد المحررة وفي ساحة الاحتفالات الكبرى قريبا ، لكنك لاول مرة برحيلك المفاجئ لا تقدم لي ابتسامتك على طبق محبة خالصة ، فزادت احزاني حزنا مضافا ، مع انني اخفي حزني في تلافيف دماغي السرية وابقي ابتسامتي توأم ابتسامتك حية وناطقة وحقيقية عندما اقبّل العراق وجها وعينا وضميرا .

 

رحلت يا زهير ، بعد ازهرت المقاومة في عينيك وتبرعمت في قلبك جذورا عميقة ، وتركت اسمك ناصعا ومشرفا لاهلك واصدقائك ومحبيك ، ولعل ذلك هو الامر الذي سيخفف احزاننا . نم قرير العين يا زهير فرفاقك المحبين لابتسامتك الحلوة هم فرسان هذا الزمن الصعب ، وسوف يحتفلون بالنصر وابتسامتك معهم وذكراك العطرة في قلوبهم ، تذكرك دائما فارسا مقداما ووطنيا عظيما .

 

اخوك

صلاح المختار

 
salahalmukhtar@gmail.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور