الأنتخابات وتجييرالموقف الوطني !!

 
 
 
شبكة المنصور
د. فارس الخطاب
خلال المؤتمر التأسيسي الاول لعشائر بغداد الذي عقد في قبل أيام في العاصمة العراقية قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "لا يتصور احد ان العراق اليوم مشغول بجراحاته بالارهابيين والطائفيين والقتلة والمخربين وسيسكت عن اي تجاوز يحصل على ترابه وسمائه ومائه". وبعد بضعة أيام فقط خرج نائب رئيس الجمهورية ليؤكد بالنص " أن القوات الإيرانية ما زالت تسيطر على البئر رقم 4 بمعنى أن العدوان الإيراني ما زال قائما حتى هذه اللحظة " وأنذر الهاشمي إيران قائلا "إن لدى العراق وسائل ضغط كافية لإلزام إيران على الأنسحاب" !!هذه التصريحات وربما صدرت من مسؤولين آخرين العشرات منها ليست سوى هواء في شبك ، نعم ، فالهاشمي ذاته يقول " إن الحكومة العراقية قالت أنها سلمت الجانب الإيراني مذكرة أحتجاج بشأن دخول القوات الإيرانية إلى أحد آبار حقل الفكه بميسان، لكن المفارقة أن إيران أكدت أنها لم تتسلم المذكرة " !!


قضية تبرئة حراس شركة "بلاك ووتر" سيئة الصيت من قبل احدى المحاكم الفيدرالية الأمريكية من تهمة قتل 17 عراقي وجرح آخرين في ساحة النسور ببغداد عام 2007 باتت ملعبا للمزايدين أيضا ، فرئيس الحكومة هدد ونائبة ندد فيما طالب آخرون على رأس هرم السلطة في العراق بالتعويضات لأسر الضحايا !!، هكذا هو التأثير المباشر المراد إيقاعه بنفوس العراقيين المنكوبين بساسة ليس لهم من السياسة شيء لا وليس لهم من الغيرة على شعبهم وتراب وطنهم ومقدساته شيء أيضا ؛ وإلا كيف يمكن تصور تقديم قضية مؤكدة بمثل هذا الوزن أعتذرت خلالها (2007) وزيرة خارجية حكومة بوش ثم توقف العمل بسببها مع الشركة واضطر البنتاغون لتغيير اسم الشركة الأمنية المتعاقدة للعمل في العراق وتحدث عنها بوش نفسه ووزير دفاعه ، أقول كيف يمكن تقديم مثل هذه القضية للمحكمة دون وجود محامون من طراز رفيع ووفق الرؤى الأمريكية ليحسنوا التعامل مع ملفها القانوني وليس الإنساني ، حيث أن ضحايا ساحة النسور لم يلقوا حتفهم نتيجة دهسهم بسيارة أو نتيجة أنقلاب حافلة عن طريق خطأ غير متعمد ، بل هي جريمة قتل كاملة الأدلة وبوضح النهار ومورست بدم بارد . إنها ورقة أخرى يستغلها الساعون للبقاء على كراسي الحكم لإظهار الغيرة على أيها العراقيين فيما يجب وهنا اؤكد كلمة (يجب) على مجلس النواب أن يساءل هذه الحكومة عن مدى تقصيرها وأستهانتها بدماء وكرامة العراقيين .


التفجيرات التي تفتك بالعراقيين وتهدّم ما تبقى من بناء وإعمار يعتد به والتي سميت هذه المرة بإسماء أيامها ( الأحد الدامي ، الأربعاء الأسود ، الثلاثاء القاني .. الخ) لم تكن هذه التفجيرات سببا لتألم وحرج المسؤولين الحكوميين في العراق ، لا بل واستغلت من أجل أن يرّوج كل لنفسه ، فرئيس الوزراء جاهز بأنشودة البعث والصداميين مع إضافة جميلة كانت جراء تعكر الأجواء بينه وبين المسؤولين السوريين خلال زيارته الأخيرة لدمشق ، هذه الإضافة هي محاولة تجرّيم سوريا لا بل الطلب بلجنة تحقيق دولية لتحميلها كل ما حدث في العراق من خروقات أمنية . وزير الداخلية قال فيلق القدس ، وزير الدفاع مسك القضية من وسطها : السلاح روسي والطريق من دمشق ، ويبدو أنه نسي أن التفجيرات الأخيرة لم تكن ببنادق الكلاشنكوف بل بالآف الأطنان من المواد شديدة الأنفجار .


المالكي أيضا حاول أن يستفاد من الإساءة غير المقبولة من رجل دين سعودي بحق الشخصية الدينية الكبيرة آية الله السيد علي السيستاني فذهب إلى النجف ليلتقي سماحته ثم يخرج ليصرح بتصريحات نارية تجعله يبدو وكأنه المدافع الأول عن المرجعيات الشيعية في العراق وأنه لن يتهاون في محاسبة كل من يتطاول عليها ، وهو بذلك متأكد من تعاطف أبناء العراق وخاصة (الشيعة منهم) في موضوع حساسية التعرّض للرموز الدينية بكل أنواعها المسلة وغير المسلمة .


مرشحون وسياسيون يحكمون الآن بدأوا الحديث عن قضايا كثيرة ضمن باقة الوعود الأنتخابية بدوا فيها جميعا كرجال خارقين في القدرات يملك كل منهم عصا سحرية لتغيير الواقع العراقي حتى تكون الخدمات بأفضل صيغها والأمن كامل الاستتباب والحدود مصانة والأجواء تتسيدها طائرات نسور الجو العراقيين وليس الأمريكيين ، علاقات متميزة لا بل نموذجية من دول الجوار ، تحالفات أقتصادية ستجعل كل عراقي أغنى وأكثر رفاهية من أغنى مواطن خليجي .. الخ . وعند تمام الخبر وبيان أسماء من صدق الشعب وعودهم الأنتخابية يرى الناخبون العجب ولكن بالضبط عكس ما قيل في تلكم الوعود إن لم يكن أدنى مما هو الحال عليه الآن .


إن كل سياسي او ممثل لحزب ما في العراق تسمع منه الآن من تبريرات الاخطاء وسوء الخدمات بما يؤكد مسؤولية أطراف أخرى تنافسه في الأنتخابات المقبلة ،لا بل من يكون ضمن قائمته وهو في مسؤولية الحكم الآن تجده ملاكا كان في حومة مجموعة من الشياطين ولم يستطع أن يواجه تيارهم الشرير لذا فإنه يطلب من العراقيين مساندته في التصويت لقائمته ليستطيع إخراجهم من الظلمات الى النور . مرشحون يزورون المناطق المختلفة يقدمون هدايا وأموال وخدمات سريعة وهبات للفقراء (وما أكثرهم في بلادي) كل ذلك يتم بشفافية وإنسانية كبيرة جدا تعجز عن تنفيذها أكبر المؤسسات الإنسانية والخيرية في العالم ، ولكن كل هذا حتى مطلع آذار المقبل وهو موعد الأنتخابات وأنتهاء الحملات الأنتخابية حيث من فاز منهم فلن تعد تراه إلا من خلال تصريح أو مقابلة في فضائية أو من خلال مشاهد عابرة لجلسات مجلس النواب أو الوزراء ، أما الوعود فانتظر حتى ترى لإن الناس ، وأعتقد كل الناس هنا في العراق الجريح سيعودون بخفي حنين.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٧ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور