الحاقدون على العراق والعروبة .. من بغداد إلى أربيل

 
 
 
شبكة المنصور
عبد الكريم بن حميدة
في زحمة التفجيرات الدمويّة التي هزّت بغداد في الأسابيع الأخيرة، تسلّلت بعض الأحداث التي تبدو للوهلة الأولى هيّنة لا تسترعي الانتباه، وربّما لا تحتاج إلى تعليق عدا اللوم أو الاستخفاف.. غير أنّ رصد هذه الممارسات يؤدّي إلى استنتاج جملة من الدلالات السياسيّة غاية في الخطورة.


ففي الأيّام الماضية أقدمت سلطات الحكومة العميلة في المنطقة الخضراء على ارتكاب جريمة إزالة (نصب اللقاء) من مكانه في الساحة التي سُمّيت باسمه (ساحة اللقاء) في مدينة المنصور غرب العاصمة بغداد. ثمّ قامت بتحطيم الآيات القرآنيّة الكريمة التي كانت منقوشة على أوجه النصب الذي يُعَدّ رمزا للوحدة الوطنيّة والتلاحم بين العراقيّين.


جريمة هدم نصب اللقاء تأتي بالتزامن مع جريمة مماثلة تم فيها تدمير أجزاء من نصب قوس النصر الذي يخلّد شهداء العراق الذين سقطوا في الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة.


هل نسمّي هذا تدميرا لتاريخ العراق أم اقتصاصا من نظام الشهيد صدّام أم عبث جهلة برموز وطنيّة ليس بالضرورة أن تكون رهينة عصر أو نظام حكم؟ ماذا يُدعى هذا؟ أهو تصحيح لأخطاء؟ أم انقلاب على عصر؟ أم تدمير لمفاهيم عاش عليها العراق لفترة وتربّى عليها العراقيّون لأجيال؟


إنّ عمليتي إزالة نصب اللقاء وتدمير أجزاء من نصب قوس النصر تأتيان تنفيذا بائسا لمطالب طهران منذ أكثر من عامين بتدمير جميع الرموز الوطنيّة العراقيّة التي تجسّد الملاحم البطوليّة التي سطّرها العراقيّون في معاركهم ضدّ نظام إيران على مدى ثماني سنوات (1980 ـ 1988) .


على هذا النحو يتمّ استهداف الرموز الوطنيّة بعد أن نفّذت الميليشيات الطائفيّة بامتياز مهمّة تصفية العلماء والطيّارين والمهندسين والضبّاط وكلّ من أسهم في دفع الأذى عن العراق طيلة الحرب..


بعد البشر.. جاء دور الحجر..
أمّا في أربيل التي تحكمها ميليشيات البشمركة والتي تعلن صراحة تنصّلها من كلّ ما هو عربيّ فقد شهدت حدثا من نوع آخر، لكنّ دلالاته متماثلة. فقد رفض مسعود برزاني قرار حكومة الاحتلال إقامة بطولة العرب للناشئين والناشئات في رياضة الجودو في أربيل. وفي الوقت نفسه وافق البرزاني على احتضان مدينة دهوك لبطولة منتخبات غرب آسيا للرجال في كرة السلة.. واحتضان مدينة أربيل لبطولة أندية غرب آسيا للسيدات في نفس الرياضة.. وكلا المنافستين غير عربيّة!!!!


هذا ما يحدث في العراق اليوم..
غير أنّ للمعادلة وجها آخر من الضروريّ ألاّ نغفل عنه.. وهو ما يجعلنا واثقين بأنّ كلّ محاولات أعداء عروبة العراق لطمس هويّته واستبدال دوره ستنتهي إلى الخذلان والسقوط.


فقد توعّد أبناء مدينة المنصور (حيث نصب اللقاء) في الشعارات واللافتات التي رفعوها في الشوارع والكتابات الواضحة على الجدران بالاقتصاص من الحكومة الحاليّة في الانتخابات المقرّر إجراؤها في السابع من مارس المقبل مطالبين العراقيّين الشرفاء بتلقين نوري المالكي وحكومته الدرس الذي يستحقّونه في الانتخابات المقبلة التي لن يكون فيها مكان للحاقدين على العراق والعروبة، في الوقت الذي انتشرت فيه الرسائل القصيرة بين المواطنين تُبلغهم بالفعلة الجبانة التي تهدف إلى طمس هويّة العراق الثقافيّة والحضاريّة، وتدعوهم إلى إسقاط الأحزاب الطائفيّة العميلة في الانتخابات القادمة.


ومن جانب آخر عقد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي سماحة العلاّمة السيّد محمد علي الحسيني مؤتمرا صحافيّا في بيروت قدّم فيه الوثيقة السياسيّة الثانية للمجلس. وأهمّ ما تضمّنته هذه الوثيقة أنّ الشيعة العرب في العراق هم عرب قبل أن يكونوا شيعة.. أي أنّ ولاءهم لوطنهم ولعروبتهم قبل ولائهم لنظام ولاية الفقيه.. بل فوقه.. فلا يمكن حينئذ استخدام الشيعة العرب في أيّ مشروع توسعيّ لإيران باتجاه أقطار عربيّة..


إنّ الصراع الآن على أشدّه بين العراق العربيّ الحرّ وبين العراقيّ الطائفيّ المحتلّ.. والذين يراهنون على قبر عروبة العراق وإنهاء دوره التاريخيّ وإلحاقه بقوّة إقليميّة مجاورة هم أنفسهم الذين باعوا لعقيد أمريكيّ مصحفا كريما نُسبت كتابته للإمام علي كرّم الله وجهه.. وقبضوا الثمن.. فذلك فقط ما يعنيهم.

 
akarimbenhmida@yahoo.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢١ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٥ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور