الأبعاد الوطنية والقومية لثورة ٨ شباط ١٩٦٣ عروس الثورات في العراق

 
 
 
شبكة المنصور
المجاهد اللواء الركن القائد الميداني - لجيش بلال الحبشي
أن مبررات قيام ثورة 8 شباط 1963 في العراق كثيرة منها وطنية ومنها قومية حيث أن انحراف عبد الكريم قاسم بثورة 14 تموز 1958 واستحواذه على السلطة وتنصيب شراذم المجتمع والشعوبيين وإطلاق يد الشيوعية دون تحفظ لتسيطر على البلاد وتعبث بمقدراته الوطنية والقومية والمساس بالدين الحنيف إحدى أهم الموجبات لقيام هذه الثورة الفتية لإيقاف هذه التداعيات وتصحيح مسار ثورة 14 تموز 1958 وإعادة وجهها الوطني القومي العربي الإسلامي إضافة إلى إيقاف روح العداء والتعصب المذهبي والسياسي ضد العروبة والوحدة التي خلقتها الشعوبية والشيوعية الحاقدة على كل ما هو عربي وقومي . أن عزل العراق العربي عن باقي دول المنطقة العربية أي اجتثاثه من أصله وغلق كل منافذ التواصل مع الوطن العربي والشعب العربي جرد العراق من هويته القومية العربية الوحدوية وجعله قطر أو بلد مغلق منعزل عن جذوره التاريخية والحضارية والإنسانية . هذه المسببات القوية التي زرعها نظام عبد الكريم قاسم وجلاوزته المنفردين بالسلطة مثل المهداوي وماجد أمين وغيرهم إضافة إلى الحزب الشيوعي الذي يدعي الآممية ويعتبر القومية والدين إحدى أهم أسباب تخلف الأمم حسب نظرية ماركس ولينين التي أثبتت الأيام فشلها دفعت حزب البعث العربي الاشتراكي القومي العربي الإنساني قيادة وكوادر وجماهير للثورة على هذا النظام المتخلف المستبد الدكتاتوري والانقضاض عليه وتغييره بقوة السلاح فقد كان هذا النظام قد هيئ قوة من هذه العناصر لحمايته وخاصة من أعضاء في الحزب الشيوعي .


لقد كانت هناك موجبات وأسباب ودوافع وطنية كثيرة إضافة إلى ما ذكر أعلاه من أسباب قوية لقيام ثورة 8 شباط 1963 . فقد عم الظلم والتعسف والاستبداد بربوع العراق كما أعدم كثير من قيادات الحزب والعسكريين والوطنيين والقوميين وامتلأت السجون بالمعارضين المناهضين لهذا النظام كما مورست على المعتقلين اشد أنواع وأساليب التعذيب الجسدي والنفسي إضافة إلى تفشي البطالة بين الشباب وبنسبة عالية جداً كما تفشت الأمية بل ازدادت نسبتها وكان إرهاب الدولة وإرهاب ميليشيات الحزب الشيوعي (المقاومة الشعبية) التي كانت تمارس ضد أبناء الشعب العراقي والأحزاب والقوى الوطنية والقومية والإسلامية آنذاك وعلى رأسهم قائد الشعب والأمـة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي فقد الكثير من قياداته مثل المرحوم فاضل الشكرة في انتفاضة الشواف وعلى يد الجلاد المهداوي بما يسمى مهزلة الشعب (محكمة الشعب) والمرحوم مؤيد الملاح بانتفاضة البنزين والمرحوم عارف السماك على يد جلاوزة النظام آنذاك .


هذا الحزب الذي هو روح هذه الأمة وحضارتها وإنسانيتها بمبادئه القومية الإنسانية التي جاءت نتيجة لمتطلبات وحاجات هذه الأمة في مرحلة التردي والانحطاط التاريخي بعد احتلال فلسطين من قبل اليهود وبمباركة بريطانية أمريكية ومن اللوبي الصهيوني إضافة إلى التشرذم والتبعثر الذي أصاب الأمة وجعلها دويلات بعد الحرب العالمية الثانية . حتى تفقد أهم خاصية فيها هي وحدتها وعروبتها التي هي سر وجودها وعنفوانها وديمومتها أقول هذا الحزب العظيم قيادة وكوادر وأعضاء وجماهير ومبادئ سامية هو المنقذ لهذه الأمة . فقد تبنى مشروع الخلاص من نظام عبد الكريم قاسم فبدأ نضاله ومقاومته ضد هذا النظام بكل الوسائل والأساليب المتاحة سرية كانت أم علنية ومنها خلق تنظيم مدني وعسكري سري قوي حديدي لا يخترق أبداً إضافة إلى توزيع البيانات والمنشورات وفضح كل أساليب النظام الشاذة والمنحرفة التي تمارس ضد شعبنا وضد المعتقلين وضد الوطنيين والقوميين . وإقامة جبهة رصينة مع القوى الوطنية والقومية لإسقاط هذا النظام فوحدة القوى الرافضة هي أكبر ردع لهذا النظام علماً أن الحزب الذي هو صاحب أكبر قاعدة جماهيرية في الوطن آنذاك قادر على إسقاط النظام لوحده لكن إيماناً منه بمشاركة كل القوى الخيرة من أبناء الشعب بجبهة وطنية قومية تجاهد وتناضل من أجل تغيير الوضع آنذاك .كما أن خروج مظاهرات الاحتجاج وبشكل واسع وفي وقت واحد في كل أنحاء العراق ولأكثر من مرة قد هزت أركان النظام وجعلته يترنح هذه المظاهرات التي كان الحزب يدعو لها وينظمها ويوجهها ويحدد شعاراتها هي إحدى الضربات الموجعة لهذا النظام .


أن ردود الفعل القوية التي وجهت للنظام والتي أهمها انتفاضة الموصل وما تبعها من قتل وسحل وإعدامات على يد جلاوزة النظام والشيوعيين لأبناء الشعب كافة ومنهم البعثيون وقيادات البعث كونه صاحب القضية الأولى في تغيير النظام كما أن التصدي البطولي لشخص عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد علي يد نخبة من شباب الحزب ومنهم الرفيق المناضل الشهيد صدام حسين أكبر دليل على رفض الشعب والحزب لهذا النظام وأن الشعب وقيادته قادرة على تغيير النظام في أي وقت رغم ما أصاب الحزب من اضطهاد ومتابعة بعد هذه العملية .


أن إضرابات الطلبة التي قادها الحزب والتي لم تنتهي إلا بسقوط نظام عبد الكريم قاسـم في 8 شباط 1963 كان المسمار الأخير في نعش النظام الدكتاتوري خاصة بعد أن طلق عبد الكريم قاسم الشيوعية وأبعدها وحدد حركتها بعد أن عرف بأنهم كانوا يسعون لإسقاطه والتأمر عليه وكان هذا الطلاق بينهم فرصة للانقضاض وإسقاط نظام الدكتاتور .


لقد برهنت قيادة الحزب وكوادره وأعضاءه وجماهير الحزب قدرة عالية في التخطيط والتنفيذ فكان التلاحم المصيري العظيم بين فصائل البعث المدنية والعسكرية صبيحة يوم 14 رمضان في 8 شباط 1963 يوم زحفت هذه الجموع الغفيرة ضد معقل الطاغية وجلاوزته وأعوانه في وزارة الدفاع وكان التصميم رائع وبطولي من كل المشتركين في تنفيذ هذه الثورة الفتية وسقط الشهداء وكان القتال بطولي تم القضاء به على زمرة عبد الكريم قاسم ثم القي القبض عليه وأعدم . كانت ثورة جماهيرية شعبية نضالية متميزة تم تصفية كل جيوب الشعوبية والشيوعية العفنة في بغداد وأشرقت شمس الحرية والعروبة والإنسانية من جديد وازيح كابوس الدكتاتورية والظلام والقتل والمجازر الدموية في الموصل وكركوك وغيرها وإعدامات المهداوي في محكمة الشعب وسطع نور البعث بثورته الشابة عروس الثورات وأعيد للعراق وجهه العربي القومي الحضاري الإنساني المتواصل مع تاريخ الأمة العربية وعروبة العراق وقوميته المتميزة الذي هو قلب وتاج لهذه الأمة وجمجمة العرب كما أطلق سراح السجناء وتنفس الشعب الصعداء .


أن تاريخ العراق وتاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي المناضل مليء بالمنعطفات المتألقة التاريخية الخطيرة المتميزة التي لا يمكن أن يتجاهلها التاريخ وسيبقى مناراً تهتدي به الأجيال القادمة .

 

 


المجاهد اللواء الركن القائد الميداني
لجيش بلال الحبشي
٢٤ صـفـر ١٤٣١ هـ
٠٨ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٤ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٨ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور