عزف منفرد - البحراني ثائراً

 
 
 
شبكة المنصور
سلام الشماع - البلاد البحرينية
في مارس من العام 1920، وقبل ثلاثة أشهر من اندلاع ثورة العشرين في العراق التي كانت مؤشراً على بدايات الوعي الوطني والقومي، عاد رؤوف البحراني إلى بغداد وانتسب الى معهد الحقوق في بغداد للسنة الدراسية 1920 - 1921 وفي الصباح كان يداوم في المدرسة وعصراً كان يمارس التجارة مع أهله. أما في المساء فقد صار يتعقب الاجتماعات الشعبية التي كانت تقيمها جمعية حرس الاستقلال ليلاً في جوامع بغداد في كلا الجانبين الرصافة والكرخ، ولا سيما جامع الحيدرخانة، وعندما قامت ثورة العشرين كان رؤوف على صلة بقادتها في بغداد.

 

وعندما طلبت بريطانيا انتخاب الأمير فيصل ملكاً على العراق قام في محلته (باب الاغا والنحاسين) بجمع التواقيع من وجوه المحلة وأفرادها. وقد تخرج في كلية الحقوق سنة 1923 ثم عمل في وزارة المالية ووصل الى درجة مفتش مالي.


في هذه الأثناء، بدأت نذر الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق والأزمة الاقتصادية العالمية والاضطرابات الفكرية عمت المعمورة في هذا الوقت، وكانت وزارة نوري السعيد الخامسة، كما يقول المؤرخ محمد حسين الزبيدي، تتولى مقاليد الأمور في البلاد وكانت هذه الوزارة تعاني من ضعف شديد بسبب ضعف أعضاء الوزارة وضعف التأييد الشعبي العراقي لها فقدم نوري السعيد استقالة وزارته التي قبلها الوصي عبد الإله.


هنا وجد السياسيون العراقيون أن من مصلحة الوطن تأليف وزارة قومية قوية يشترك فيها معظم رؤساء الوزارات السابقين وتسند رئاستها الى رشيد عالي الكيلاني وهكذا كان، فصدرت في 31  مارس 1940 الإرادة الملكية بتأليف الوزارة المطلوبة وكان رؤوف البحراني، وزيراً للشؤون الاجتماعية فيها.


وتعرضت الوزارة الى أزمة سياسية خطرة كادت ان تقضي عليها. فقد عقد مجلس الوزراء جلسة طارئة في 5 مارس 1940 لمناقشة المذكرة التي تقدم بها وزير الخارجية نوري السعيد بناء على طلب السفير البريطاني التي يطلب فيها رأي الحكومة وموقفها إذا ما أعلنت ايطاليا الحرب على بريطانية، فكان الجواب للسفير البريطاني: إن العراق لن يتخلى عما تفرضه عليه معاهدة 30 يونيو لسنة 1930 المعقودة بين العراق وبريطانيا، ولكن في العاشر من حزيران عندما أعلنت ايطاليا الحرب على بريطانيا وفرنسا، رفض العراق قطع علاقاته مع إيطاليا استجابة لطلب السفير البريطاني من العراق.


وحاول الأمير عبد الإله ان يتدخل في الأمر لصالح بريطانيا ولكنه لم ينجح في ذلك وشعر أن هناك ضغطاً عليه من قادة الجيش ففرّ الى الديوانية، واتصل ببعض الأطراف السياسية واستقر الرأي أخيراً ان تقدم وزارة رشيد عالي الكيلاني استقالتها. وبعد المداولات التي جرت بين الوصي ومجموعة من السياسيين أسندت رئاسة الوزارة الى طه الهاشمي فشكلها من وزراء جدد واشترط الوصي على الهاشمي نقل العقداء الأربعة الى خارج بغداد بصفتهم القوة الكبيرة التي يستند إليها رشيد عالي الكيلاني.


في الديوانية التجأ الوصي عبد الإله إلى مقر الفرقة الرابعة وكان قائدها اللواء إبراهيم الراوي وكنت قد زرته أواخر السبعينات وأجريت معه لقاء صحافيا في بيته في الأعظمية وأخبرني أن عبد الإله طلب منه الانفصال بالديوانية عن العراق ولكنه رفض ذلك بشدة.


لم يشأ طه الهاشمي رئيس الوزراء الجديد أن ينفذ أمر الوصي بإجراءات حاسمة وفورية لإدراكه خطورة الموقف فأراد جس نبض العقداء الأربعة بنقل العقيد كامل شبيب من بغداد الى قيادة الفرقة الرابعة في الديوانية في 26 مارس 1941، وكان ذلك قاصمة الظهر فقد عدّ العقداء الأربعة أن هذا الأمر صدر بإيعاز من المرجع الأعلى أو تنفيذاً لرغبات الإنجليز وأنه سيكون مقدمة للقضاء عليهم وعلى وحدة الجيش لذلك قرر العقداء الأربعة رفض تنفيذ قرار النقل عادّين أن طه الهاشمي سيلحق بالبلاد وقضيتهم ضرراً بليغاً. وفي الأول من إبريل 1941 وضعوا الجيش في الإنذار وفي مساء اليوم نفسه سيطرت وحدات عسكرية على دوائر البرق والبريد والتلفونات وبعض المراكز الحساسة في العاصمة، وأوفد وكيل رئيس أركان الجيش والعقيد فهمي سعيد الى طه الهاشمي لحمله على تقديم استقالة وزارته فقدم طه الهاشمي كتاب الاستقالة.


وما إن سمع عبد الإله بهذه الإجراءات حتى أسرع إلى دار عمته (صالحة) في شارع أبي نواس ثم غير ملابسه بملابس نسائية وتسلل منها إلى دار السفارة الأميركية ومن هناك نقلته السفارة الأميركية الى الحبانية، ومن الحبانية نقل في طائرة عسكرية الى البصرة ونزل في فندق الميناء وعندما وجد عبد الإله ان الطرق والأبواب سدت في وجهه انتقل إلى الدراعة البريطانية (كول اشبير) واتخذها مقراً يحتمي بها ويراقب الأوضاع ثم نقلته طائرة الى عمان.


يقول المؤرخ محمد حسين الزبيدي: أصبح الوضع في البلاد خطراً جداً في شهر إبريل 1941 فتولى الجيش المسؤولية وعلى رأسه العقداء الأربعة الذين ألفوا (حكومة الدفاع الوطني) من قادة الجيش وهم العقداء الأربعة ووكيل رئيس أركان الجيش وفي مساء اليوم الثالث من إبريل 1941 أذاع رئيس أركان الجيش بياناً إلى الشعب أعلن فيه هروب الوصي من العراق وقيام حكومة الدفاع الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٢ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٧ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور