نافذة / الانتخابات العراقية وخيارات الأغلبية الديموغرافية لان تبقى أغلبية برلمانية !

﴿ الجزء الثاني ﴾

 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي

وألان يعاني العراق من مرحلة صعبة في حياته وخاصة وهو أمام مجاميع من المرشحين للانتخابات لا يملكون من رصيد وطني يمكن الناخب أن يختاره ,لان مرحلة السبع سنوات والممتدة من غزو العراق في 2003 و لغاية آذار 2010 لم يتعرف إلا على شخصيات عميلة جاءت ببرامج انتخابية في المرحلة الأولى تهدف لتجزئة العراق وبصيغ ظاهرها لامركزية في الحكم و باطنها تقسيم العراق والبعض الأخر أعتمد على كسب الأصوات بإثارة المشاعر الذهبية و القومية وللوصول إلى رسم أكثرية برلمانية من خلال أغلبية ديموغرافية وهذا ما شهد في شعاراتهم في انتخابات 2005,فكانوا يلهثون لتقسيم العراق إلى أقاليم يتمثل فيها الأغلبية العرقية أو المذهبية ,وعندما صدتهم االارادة القوية للشعب العراقي برفضه لهذه الشعارات الغريبة عن كل مكونات الشعب العراقي و التي لا يمكن لشعب عريق و أصيل وعاش و تربى على ثقافة الوحدوية في الوطن والشعب وخلال 35 سنة نشأت أجيالاً قد تتطلع إلى شكل المستقبل العراقي بزاوية تميل قليلاً عن الثقافة العامة و لكنها لا تتساهل في النظرات الوحدوية للشعب والامة .

 

أذن نستطيع أن نقول فشل الأعداء في ثقافة تجزئة العراق وتراجعوا عن شعاراتها,ولكنهم لا يتنازلون عنها وعلى الجماهير والثوار وخاصة المقاومة العراقية البطلة أن يضعونهم في هدف التصويب دائماً. واليوم المشهد العراقي في الانتخابات قد لا أكون مبالغاً أذا قلت قد يكون مضحكاً ,لان أي متتبع للعملية السياسية في العراق سيلاحظ هذا العدد الهائل للكتل و الكيانات والأحزاب و الائتلافات و التجمعات السياسية التي تقدمت للترشيح للبرلمان القادم ,وأن شعارات هذه الكتل و الكيانات و الأحزاب تتغير بين ليلة وضحاها,وإذ ما قسنا الفترة المحصورة بين عام 2005 و اليوم نجد الكثير منهم قد غير من شعاراته انتخابية وقد يتصدى أحد من هذه النماذج ويرفض التشكيك بتا بحجة إنها حالة من التكييف,وأنا وغيري نقول نعم للتكييف مع الحفاظ على المبادئ الوطنية الأساسية ولكن من الغير المقبول أن تتغير وبهذا السرعة مبادئ و أهداف بل هوية أحزاباً وتشكيلات سياسية,ففي لحظة من الزمن السياسي يتحول الليبرالي إلى متطرف و أصولي ,وبالمقابل يتحرك البعض من طرف الإيماني والمذهبي وحتى يمس نخاع بنيته السياسية ليصبح انفتاحيا ويتحدث بلغة العصر!وأيضا تجد من كان يحمل السلاح بوجه المحتل ويعلن جهاده يتحول إلى مسالمة المحتل و بتمنطق بلغة العقلانية,والمصيبة الكبرى في هذه المراهقة و الانتهازية أن ميليشيات وعصابات تختص في القتل والاغتصاب و الخطف و ذبح الناس على الهوية تتحول إلى أحزاباً ترسم لها مرجعية دينية ولا يفارق الدين والعدل السماوي خطابها السياسي! و المصيبة الأكبر أن أحزاباً دينية في عقيدتها وأهدافها تشكل قائمة انتخابية يتمثل بتا من هم من غير المذهب بل من الأديان الأخرى! أن التطور و التكيف ووفق معطيات المرحلة حالة صحية و لكن بشرط أن يتم تغير لأهداف و الوسائل لكي يكون التغير واقعياً و ليس من باب النفاق السياسي.والا كيف يمكن لحزب ديني وأهدافه إقامة دولة دينية ويرضى بممثلين عنه من أديان أخرى!

 

إن العراق اليوم يشهد شعارات انتخابية غالبيتها كاذبة وانتهازية,ولا زال العقول المريضة للسياسيين الذين كانوا يحملون شعارات تهدف لإقامة نظام يقوم على تجزئة العراق إلى أقاليم ويبنى على طريقة حكم الأغلبية المنطقية والمذهبية ولكنهم اليوم أضافوا لشعاراتهم بعض الوجوه من غير أغلبيتهم فقط للتشويش على الناخب العراقي ,وبعد أن ينقلوا عقليتهم وأغلبيتهم الديموغرافية إلى الأغلبية البرلمانية يديرون وجوههم إلى الناخبين الذين صوتوا لهم ,فهمهم لا ينحصر في خدمة الشعب واستمرارهم لأنه يعون حقيقة واحدة إنهم زائلون وأن فرصتهم للنهب والسلب تكمن في وصولهم إلى البرلمان عبر شعارات كاذبة فالذي في شمال العراق يرفع شعارات تدغدغ مشاعر الأكثرية هنالك و الذي في الجنوب بنفس الأخلاق سيفعلها كما فعلها زميله في الشمال و الوسط والمنطقة الغربية سوف لا يختلف سياسيوها عن زملائهم.أن الحقيقة تكمن فيمن يرفع شعارات تتناسب مع أهدافه ,فالعلماني لا يكون صادقاً إذا لم بجحفل مع شعارات العلمانيين ,والاشتراكي مع شعارات الاشتراكيين و القومي مع شعرات القوميين,و المتدين مع شعارات المتدينين,أن هذا التخندق يعطي الصدق و الشفافية ولكنه لا يعني أبدا صحته..

 

ويبقى البعث الخالد فكرا و تنظيماً وطريقة حياة وأسلوب حكم يمثل كل هذه الأطياف ومن لديه شك ليطلع عي دستوره وعلى نظامه الداخلي وعلى تجاربه ولينفذ إلى قلوب البعثيين الحقيقيين سيلتقط كل هذه الحقائق ويؤمن أن البعث مدرسة الأجيال ,وأن لكل واحد منا أغلاطه و كبواته والذي لا يعمل لا يخطئ ولكن المهم أن يعرف خطئه,وهاهي الأحزاب و التكتلات التي جاء بتا المحتل تسجل كفراً وليس أخطاءاًوفي أقل من سبع سنوات لا زال الحقد والكراهية بوصلتهم المشتركة ,فبأي دين و على أي مذهب يتشارطون على الشعب العراقي ولم يلاحظ العراقيون أي علامة أو دلالة على التسامح والتعاون والمغفرة بهدف حشد الطاقات ليرتقوا حتى إلى كلمات التي تصف شعاراتهم , فالمنظومة الأخلاقية و السلوكية للأديان التي شُرعت للأديان لغرض عكس صورة وصفات الخالق غزو وجل , فالأديان السماوية يُعْرَفْ عنها الرفق والإيثار والعفو والإحسان والمداراة والقول الحسن والألفة والأمانة، وحث المؤمنين على الالتزام بتا وجعلها سمة شخصيتهم الخاصة والعامة،وهذه كلها تقتضي الالتزام بمضمون مبدأ التسامح.

 

بمعنى أن تجسيد المنظومة الأخلاقية على المستويين الفردي والاجتماعي وفي كل مناحي الحياة وفي كل زوايا النشاط الإنساني لابد أن تفضي المحالة إلى شيوع حالة التسامح في المحيط الاجتماعي سواء بين الفقراء في الشعب الواحد أو في الأمة الواحدة أو في الإنسانية جمعاء. فالرفق يتطلب توطين النفس على التعامل الحضاري مع الآخرين و جعله أي الرفق مصدر و سمة قوة للذين يؤمنون ويتعاملون بت، حتى ولو توفرت أسباب الاختلاف والتمايز معهم. والمداراة تقتضي القبول بالآخر وأن هذا القبول ينظمن الفكر والسلوك ، واليسر والتيسير يتطلبان التعايش مع الآخرين، وحتى ولو اختلفت معهم في القناعات والتوجهات أي أن لايون أسلوب الإقصاء والاجتثاث هي طريقة للتنافس.

 

إذ جاء في القران الكريم(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)(1) ,وأيضا جاء في القران الكريم(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ)( 2), وايضا جاء في القران الكريم(ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)( 3).


وأن الإمام علي(ع)ً هو الذي هتف بأمرٍ من الرسول (ص) عندما فتح المسلمون مكة المكرمة بشعار: (اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرمة.. ) بعد أن ردد سعد بن عبادة شعاره الجاهلي: (اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة)!.وقد قال السيد المسيح عندما جاء شيوخ اليهود بزانية مسكت بذات الفعل وليجربوا حكمه عليها ( من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر)(4 ) . وأيضا قال في أحد وصاياه: (لماذا تنظرا لقذى الذي في عين أخيك, وأما الخشبة التي في عينيك فلا تفطن لها,أم كيف تقول لأخيك دعني أخرج القذى في عينيك وها الخشبة في عينيك,يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينيك, وحينئذ تبصر جيداً, أن تخرج القذى من عين أخيك)( 5) ..


و لم يبقى لدي إلا استفسارا واحد أُقدم شكري سلفاً للذي يسعفني بالإجابة عليه ..أن الذين يتسلطون اليوم وبقوة الأجنبي على شعبي العراقي على أي دين أو مذهب هم؟؟ ..


-------------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) سورة النحل / الاية 9
(2) سورة آل عمران / 159
(3)(سورة فصلت، الآية 34)
(4) من أنجيل البشير يوحنا / الإصحاح الثامن / الاية 8
(5)من إنجيل البشير متى / الإصحاح السابع / الاية 3-6

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ١٨ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور