مَن الذي يجب عليه أن يتبرّأ ... ولماذا ؟

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
خرج علينا رب ّنعمة حكام العراق الجديد, السيد جو بايدن نائب باراك أوباما, بمقترح يحيطه الغموض وتلتف حوله الشبهات والشكوك لا يمكن لأي عراقي شريف, سواءا كان مواطنا عاديا أم سياسيا معروفا, أن يقبله أو حتى يضعه في الحسبان. وكانت النقطة الاساسية في إقتراح السيد جو بايدن هو أن يقدم الأشخاص الذين تمّ إقصاءهم وحرمانهم من الانتخابات التشريعية المقبلة, براءة من حزب البعث الذي قامت ديمقراطية الاحتلال الأمريكي والهيئات الغير شرعية التي أوجدها, بحظره والاستمرار في إجتثاثه مستخدمة أبشع وأفضع السبل والوسائل البربرية التي لم يعرفها لها الشعب العراقي مثيلا منذ عقود طويلة.


ومعلوم إن مفردة البراءة نفسها سيئة ومذمومة ومهينة في ثقافة وتربية الشعب العراقي, وكذلك بالنسبة للشعوب الأخرى, لأنها تعني أيضا الاعتراف ان من يتبرأ سبق له وإن إرتكب جرما أو جنحة ما أو شارك فيها. ولا يبدو إن السيد صالح المطلك رئيس جبهة الحوار الوطني قد إرتكب جُرما ما, وجريرته الوحيدة هو أنه أطلق هنا وهناك عبارات وتصريحات معيّنة, هي في كل الأحوال تندرج ضمن الجو الانتخابي والمنافسة السياسية.


وكان يُفترض بخصومه ومن أراد إقصاءه وحرمانه من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة أن يردّ عليه بالكلام الموزن والحجج الدامغة فقط, وتبقى الأمور في حدود المناوشات والسجال السياسي ذي اللهجة الشديدة, والقاسية في بعض الأحيان, كما يحصل في أية دولة تدّعي أنها تسعى لارساء الديمقراطية ودولة المؤسسات ومبدأ تبادل السلطة السلمي.


ولو أجرينا حسابا دقيقا في مسيرة جميع الحكومات التي خرجت من رحم الاحتلال الأمريكي الايراني وفحصنا جيدا سجّلها المخزي على جميع الأصعدة منذ عام 2003 المشؤوم ولحدّ هذه اللحظة, لوجدنا إن أول مَن يتوجّب عليه البراءة من جرائم ومجازر حقيقية وإنهتاكات صارخة بحق العراق وشعبه,هم حكام المنطقة الخضراء, ولا أستثني منهم أحدا, إبتداءا من رئيسهم جلال الطلباني المعيّن من قبل السفير الأمريكي في بغداد, وصاحب أضخم سجل"ناصع جدا!" في العمالة والخيانة وخدمة أعداء العراق, وإنتهاءا بالمدعو علي اللامي, رئيس ما يُسمى بهيئة المساءلة والعدالة السيئة الصيت والسمعة, والمرتبط مباشرة باصحاب العمائم الشريرة في طهران.


وإذا كان لدى حكام بغداد المحتلّة ذرّة من الشجاعة والشرف والرجولة, وأشكّ كثيرا في ذلك, فعليهم مواجهة الشعب العراقي وجها لوجه كما يُقال والاعتراف بكل ما إرتكبوا من جرائم بشعة وسرقات كبرى وتزوير وثائق وحقائق ونهب منظّم, ما زال مستمرا وفي وضح النهار, لخيرات العراق وثرواته النفطية والعلمية والثقافية والفنية, وأولها آثار ووثائق وسجلات حضاراته العريقة. ثم بعد ذلك يحقّ لهم أن يُطالبوا السيد صالح المطك أو سواه بالتبرؤ من حزب البعث او الامتناع عن الترويج لأفكاره ومبادئه.


لقد غاب عن بال وذهن وحسابات"قادة" العراق المحتل إن حملاتهم الاجرامية ودعواتهم الحاقدة لاجتثاث الشرفاء والمخلصين من أبناء العراق, وهم أكثر مما يتصوّر العميل نوري المالكي واللص الدولي أحمد الجلبي, سوف تنتهي بالفشل الذريع, كما أنتهت سابقا جميع مشاريعهم وخططهم ومحاولاتهم التي كان هدفها الأول والأساسي هو إخراج العراق من حاضنته العربية وتقزيم دوره الريادي على الصعيدين الأقليمي والعالمي وتقديمه كهديّة على طبق من فضّة الى جمهورية آيات الله في طهران لتحوّله بدورها الى حديقة بل خرابة تابعة لها تخيّم عليها أجواء التخلّف والشعوذة واللطم والعويل والبكاء على أطلال الماضي البعيد.


إن وجود نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في بغداد من أجل حلحلة الوضع المتأزم الذي يمرّ بهه عملاء وخدم أمريكا ليس حُبّا بالسيد صالح المطلك أو بمن طحنت أسماءهم طاحونة الاجتثاث وأبعدتهم عن جادة"العملية السياسية"وإنتخاباتها المقبلة, ولا إيمانا من أمريكا بالديمقراطية"العراقية" الناشئة خصوصا وإن جيشها العرمرم يسيطر على كل شاردة وواردة في عراق اليوم, بل إن الهدف من الزيارة, المفاجئة والسرّية للغاية طبعا, للنائب جو بايدن, وخلفه الادارة الأمريكية كلّها, هو تحويل الانتخابات التشريعية في العراق الى إنجاز عظيم, ولو على الورق, يمكّن أمريكا وباراك أوباما, الذي عاش في البيت الأبيض عاما أكثر سوادا من سحنته, من التفاخر والتبجّح به أمام العالم, وأمام خصومه الجمهوريّين.

 
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٨ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور