فجر عراقي جديد لكنّه ملطّخ بالدماء

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري

دأب الأمريكان, بسبب تأثرهم الشديد منذ الطفولة بما تنتجه صناعة السينما في هوليوود وغيرها, على وضع أسماء وصفات لا علاقة لها أبدا لا بالواقع ولا بالمعنى, على معظم حروبهم العدوانية ضد دول شعوب العالم. ولأن حروب أمريكا تفتقد أساسا الى الشرعية القانونية ومرفوضة أخلاقيا وإجتماعيا ومُدانة من معظم الدول, فهي غالبا ما تلجأ الى لعبة الترويج والتشويق والتضليل, التي هي صلب فلسفة ما يُسمى بالسوق الحرة, على عمليلتها الاجرامية أملاً منها في كسب الدعم والتأييد, وإشراك بعض السذج وأصحاب المصالح الضيقة, دولا وأجزابا وأشخاصا, في جرائمها التي ترتكبها بأسم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان, ولكي تتملّص في النهاية من التبعات القانونية والأخلاقية والاقتصادية لما أرتكبت من جُنح وجرائم وإنتهاكات بحقّ الآخرين.


وقبل أيام زفّت قوّات الاحتلال الأمريكي "بشرى" سارة لعملائها في المنطقة الخضراء عندما قامت بتغيير إسم حربها العدوانية على العراق من"الحرية للعراق" التي جلبت للعراق وشعبه أطنان من المآسي والمصائب والمحن, الى أسم جديد لا يخلو من سخرية مرّة وهو "عملية الفجر الجديد". ورغم أننا كعراقيين لم نرّ حتى هذه اللحظة الخيط الأبيض من فجرنا الأمريكي الجديد الاّ أن ليلنا الأسود الدامي الذي أرخى علينا سدوله بانواع الهموم الطائفية والعنصرية لبيتلي, ما زال مستمرّا منذ عام 2003.


وبصرف النظر عمّا تحمله الأسماء التي يطلقها الأمريكان وغيرهم من برابرة العالم المتحضّر على جرائمهم بحق الشعوب الأخرى, يبقى التواجد الأمريكي في العراق إحتلالا غاشماً وعدواناً همجياً سافرا يتنافى مع كل القوانين السماوية والوضعية ويفتقد لأبسط القواعد والضوابط التي تنظّم العلاقات السائدة بين الدول والبلدان ذات السيادة. ولو كانت أمريكا معنيّة حقّا بحريّة العراقيين وبفجرهم "الزاهي" لما سمحت لفرق الموت وميليشيات القتل والخطف والدهم والنهب والسلب, والتي يأتي أغلبها من جارة الشر إيران, بالدخول الى العراق وزرع بذور الحقد والطائفية المقيتة بين مكوناته القومية والدينية واالمذهبية التي عاشت وتعايشت بسلام ووئام منذ قرون عديدة.


لكن "الفجر العراقي الجديد" وزوّاره المتعدّدي الولاءات والاتنماءات بدأ بحملة دموية على العراقيين الرافضين للاحتلال وإفرازاته القذرة من حكومة طائفية وبرلمان مشلول الارادة والهيبة ورئاسات تتحرّك بثلاثة رؤوس وبثلاثة إتجاهات متضاربة. لا قيمة لها ولا سلطة وينحصر وجودها, الزائد عن حاجة العراق وشعبه, في ملْ الفراغ في الحيّز الطائفي العنصري المخصص لكل واحد منهم. وبسبب كثرة الملاّحين, أي حكام العراق الجديد, وجلّهم لم يرّ بحرا في حياته, غرقت سفينة العراق.


وأصبح من المتعذّر على عملاء أمريكا الذين بدأوا يعدّون أنفسهم, مستخدمين أموال الشعب العراقي ومؤسسات الدولة, للمشاركة الفعالة في مسرحية الانتخابات التشريعية القامة, أن يروا فجرا جديدا حتى وإن بذلت دولة الاحتلال أمريكا كل جهد في إضافة المزيد من الألوان والمساحيق والعطور. ففي ظل إحتلال ثنائي أمريكي إيراني وهيمنة العصابات والميليشيات - المسماة زورا بالأحزاب - التي تمارس القتل والارهاب والترويع بحق الخصوم وباسم دولة القانون, سيبقى ليل العراقيين طويلٌ .. طويل.


وللخروج من هذا النفق المظلم الذي حشرتنا به أمريكا وجارة السوء إيران وعملاؤها من حكام المنطقة الخضراء لا جدوى من تغيير الأسماء أو تجميل إحتلال بشع أو ترقيع عملية سياسية مثقوبة ومتهرئة من كل جانب. وما على العراقيين بمختلف أعراقهم وأديانهم ومذابهم ومن شمال الوطن الى جنوبه الاّ التكاتف والتعاضد وتوحيد الكلمة والفعل المقاوم بالسلاح وباية وسيلة أخرى, من أجل أن ينجلي ليل الخونة الحالك السواد وأن يتبدّد ظلام المحتلّين الدامس. لكي يبزغ فجر الشرفاء والمخلصين والمقاومين من أبناء العراق العظيم, لا فجر الدخلاء والغرباء من أصحاب العمائم الشرّيرة وباعة الأوطان وسارقي خيرات وثورات الوطن.

.
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٠٨ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٢ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور