متى يكتمل النصاب يامجلس النوّاب ؟

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
تتراوح جلسات وأنشطة ما يُسمى بمجلس النواب العراقي, الذي يبدو وكأنه سوق شعبي أو مقهى عام أكثر منه برلمانا محترما يمثّل دولة, بين تأجيل جلسة وتعليق أخرى. والتفسير الرسمي لهذه الظاهرة "الحضارية جدا" هو عدم إكتمال النصاب القانوني. ومعلوم أن ثمة أسبابا سياسية وإنتخابية مقصودة وحسابات حزبية وشخصية واضحة تقف خلف الحال المزرية التي وصل اليها برلمان بغداد المحتلّة. ودخول عصابات وزُمر من الجهلة والأميّين وعديمي الأخلاق والخلق وأشباه المثقّفين أو دُعاة ثقافة رديئة, بالية أكل عليها الدهر وشرب ألف مرّة.
إن صفة الفشل هي أقلّ ما يمكن إن تُوصف به السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية في عراق اليوم. ولو بحث المرء في السجل الاداري والمهني والوظيفي لهذه"السلطات" فانه سوف يجد صعوبة بالغة في العثور على جانب إيجابي واحد أو إنجاز بسيط وعلى أي مستوى كان تحقّق من قبلها لصالح الشعب العراقي. فالمشكلة ليست فقط إن سفير دولة الاحتلال أمريكا هو الآمر الناهي وصوته في المنطقة الخضراء يعلو على أصوات بقية الكومبارس"العراقي" بل إن المشكلة تكمن أيضا في كون مَن يسمّون أنفسهم بقادة العراق الجديد يحملون جينات الفشل والتردّد وعدم الكفاءة في اي مجال, طبعا باستثناء مجالات النهب والسلب والسمسرة والاجرام بمختلف أنواعه.


ومن يتابع أعمال ما يُسمى بمجلس النواب العراقي, خصوصا في الأمور المتعلّقة بشؤون ومصالح العراقيين, يكتشف بسهولة أن هذه السلطة التشريعية, التي لها دور أساسي وفعّال في أية دولة في العالم, هي في الواقع أسوء بكثير من أية برلمان عرفه العراق والعالم أجمع. ولا أجافي الحقيقة إذا قلتُ إن برلمان أفغنستان, المحتلّة أمريكيا هي الأخرى, أفضل وأنجح بكثير من برلمان بغداد المحتلّلة. وقبل بضعة أيام, كما يعرف الجميع, رفض برلمان أفغانستان المصادقة على ثلاثة أرباع الوزراء الذين قدّمهم حامد كرزاي لتشكيل حكومته الجديدة.


بينما يعجز برلماننا الغير موقّر في المنطقة الخضراء عن الاجتماع بكامل أعضائه مع كلّ ما يملكون من مزايا وإمتيازات, مادية وخدمية وأمنية, لا يملكها حتى برلمانيّو أوروبا. بل إن البرلمان"العراقي" مقارنة ببرلمانات دول العالم الثالث مُصاب بشلل شبه كامل وعاجز حتى عن تشريع القوانين التي تخص عمل أعضائه وتنظّم شؤونه الداخلية, ولا نقول عاجز عن إقالة وزير أو مسؤول حكومي كبير بهما بلغ حجم وفداحة جرائمه وإنتهاكاته وفساده الاداري والمالي والأخلاقي.


وحالة الشلل والتلكأ والتعثّر في الاتفاق على مشاريع القوانين ومن ثمّ إقرارها نابعة, في برلمان المنطقة الخضراء, من كون الغالبية العظمى من أعضائه لا يمثّلون من أنتخبهم كما يُفترض أو كما يزعمون بل أنهم واجهة دعائية للأحزاب والكتل التي وضعتهم هناك من أجل تحقيق مصالح وغايات حزبية أو طائفية أو فئوية ضيقة. فضلا عن أن معظمهم يجهل تماما أبجديات العمل البرلماني وحجم المسؤولية الملقاة على عاتق عضو البرلمان أمام من إنتخبه ومنحه صوته وثقته. وينتظر منه تحقيق بعض الانجازات أو على الأقل الالتزام ببرنامجه الانتخابي.


وصحيح, كما تنشر الصحف العراقية هذه الأيام, أن الكثير من النواب العراقيين بعد التجربة البرلمانية المخزية لهم فقدوا الأمل تماما في إمكانية إعادة إنتخابهم مرّة أخرى, لكن الصحيح أيضا إن هؤلاء وآخرين من أمثالهم ليسوا أكثر من ثمرة فاسدة عفنة من ثمار الاحتلال الأمريكي الايراني للعراق. وقد اثبتوا أمام الشعب العراقي والعالم أجمع عدم صلاحيتهم ولا جدواهم. كما أن ضررهم, في البرلمان أو خارجه, فاق بعشرات المرات الفائدة أو المنفعة من وجودهم. وليس مستغربا أن نرى, في الأشهر والأسابيع القادمة, العجائب والغرائب تصدر عن أسوء أعضاء برلمان إبتلى بهم العراق وشعبه منذ ثمانية عقود, وسيقون وصمة عار لا تمحى في تاريخ العمل البرلماني قاطبة.

 
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٢٨ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٤ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور