جيشنا العراقي الباسل وجيشهم الطائفي المتكاسل

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
من مهازل القدر أن تحتفل دولة وحكومة "العراق الجديد" بالذكرى التاسعة والثمانين لتأسيس الجيش العراقي الباسل, التي تصادف في السادس من الشهرالجاري, في المنطقة الخضراء وليس في غيرها, وعلى بعد بضعة أمتار من قوات الاحتلال الأمريكي التي قامت بأول جريمة لها بعد جريمتها الكبرى بغزو العراق وإحتلاله, وذلك بحلّ جيشه الوطني الباسل مدفوعة بكم هائل من الأحقاد الصهيونية والطائفية والعنصرية, تقف وراءها نفس العصابة التي تحكم العراق اليوم والتي أفنت عمرها الرذيل في خدمة جميع أعداء العراق وجيشه الوطني, صاحب التاريخ الحافل بالبطولات والانجازات والانتصارات والسيرة الحسنة.


ومهازل القدر تجد لها تجسيدا حقيقيا في الكلمة التي ألقاها"الرئيس" العميل جلال الطلباني بالمناسبة, حيث قال ضخامته "إن مهمّة الجيش الأساسية تتمثّل في بقائه سياجا للوطن يذود عن حدوده ويصون وحدته وإستقلاله وسيادته, ويتصدّى لقوى الارهاب والأثم". وباستثناء التصدّي المزعوم لقوى"الارهاب والاثم" التي تعني في قاموس العميل الطلباني وزمرته, فصائل المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي وعملائه, فان الجيش العراق الحالي لا يملك أية مهمّة أخرى أو صفة وطنية يمكن أن يفتخر بها منتسبوه. وكلّ ما يقوم به, منذ أن أسسه المحتلّون الأمريكان وأعوانهم, مُخالف تماما لدوره الحقيقي.


لكن يبدو أن جلال الطلباني, وربما دون أن يدري, كان يتحدّث عن الجيش العراقي الحقيقي الذي كان قبل غزو وإحتلال العراق. فهو بالفعل كان سياجا للوطن ويذود عن إستقلاله وسيادته, ومفخرة لكل عراقي أصيل ومحب لوطنه, خلافا للجيش الذي يقوده الطلباني والمالكي العميل, والذي هو عبارة عن خليط غير متجانس من الميليشيات والعصابات المسلحة التابعة لحكّام العراق الجديد, أو من عناصر أجبرتها ديمقراطية المحاصصة الطائفية والعنصرية وما نتج عنها من عوز وفقر وحرمان الى الانخراط في صفوفه من أجل توفير لقمة الخبز لها ولعوائلها. وأصبحت مهمّته الأولى, والطلباني العميل يعي هذه الحقيقة جيدا, هي حماية أزلام السلطة وعوائلهم والقيام بمهمات قذرة لا علاقة لها بالجيوش على الاطلاق وتستنكف من القيام بها حتى الشرطة المحلّية.


ولم يكن حديث رئيس ما يُسمى بمجلس النواب العراقي, المدعو أياد السامرائي, اقلّ مهزلة وسخرية من حديث ضخامة رئيس المنطقة الخضراء. فقد عبّر السامرائي هذا عن دهشته الكبيرة من نوعية وقدم الأسلحة والعجلات التي إستعرض بها الجنود بعد الموازنات الضخمة التي أنفقت منذ عام 2003 ولغاية عام 2009 وقال بالحرف الواحد:"نشعر بحجم الخيانة التي تمّت بحق الجيش العراقي". ويبدو أن جنابه التعيس كان في صحبة أهل الكهف وإستيقظ فجأة, وليس عضوا سابقا في البرلمان العتيد ورئيسا طائفيا له في الوقت الحالي.


وبدلا من التعبير عن الأسف وخيبة الأمل, التي هي دليل عجز وفشل وقلّة حيلة, كان يُفترض برئيس برلمان المنطقة الخضراء أن يُطالب بفتح أكثر من تحقيق وضد أكثر من جهة حول الفساد والرشاوي والصفقات المشبوهة, وهي بالمناسبة بالمئات, والتي تتم المصادقة عليها, كما هو متّبع في جميع دول العالم, من قبل البرلمان خصوصا فيما يتعلّق بالأسلحة ومصادر توريدها وصناعتها ومواصفاتها الفنية.


ولا أظنّ أن المتابع للشأن العراقي منذ إحتلال البلد وحتى هذه اللحظة يجهل حجم الأموال الضخمة التي تمّ رصدها الى وزارة الدفاع, من أجل تأسيس جيش من العدم, وإنتهت في جيوب لصوص ومرتشين وسماسرة وأبناء عاهرات وتجّار بلا ضمائر ولا أخلاق ولا ديانة. بينما قام هؤلاء, بعد أن تكاثرت السيوف والخناجر المسمومة على جسد العراق الجريح, بسرقة المصانع العسكرية والطائرات والمدرعات والأجهزة الأخرى ونهب المخازن والمستودعات العسكرية ونقلها مباشرة الى شمال العراق حيث قامت الأحزاب الكردية العميلة, ذات الباع الطويل في العهر السياسي والسمسرة بمختلف أنواعها, بالاستيلاء عليها أو بيعها كخردة الى جارة السوء إيران.


إن جيشا كالذي قام العميل جلال الطلباني باستعراضه في المنطقة الخضراء, والذي هو عاجز عن توفير الأمن لمؤسسات ودوائر الدولة, ولا نقول الدفاع عن الوطن وحماية حدوده وثرواته, لا يمكن أن يشرّف أي عراقي أصيل. لأنه, اي الجيش الحالي, يفتقد الى الكثير من الصفات والمزايا التي تتمتّع بها جيوش العالم, وأولها الانتماء الى الوطن. ولو كان هذا الجيش جيشا عراقيا بالفعل, وليس خليطا من شعيط ومعيط وجرّار الخيط كما يُقال, لرفض قادته أن يضع السفير الأمريكي, التي قامت بلاده باحتلال العراق وقتل المئات من خيرة ضباطه وخبرائه وفنّييه, إكليلا من الزهور على ضريح الجندي المجهول في بغداد المحتلّة.

 
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢٣ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠٩ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور