ما أثمنَ صوتكَ يا عراقي وما أرخص دمَك !

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري

تتوجّه هذه الأيام نظرات وحركات وإعلاانات وعواطف أقطاب العملية السياسية والحالمون باعادة إنتخابهم, من أشباه السياسيين وحثلات الرجال, نحو المواطن العراقي الذي وجد نفسه على حين غرّة في جنّة "ديمقراطية" ثمارها الدموية, من قتل وإعتقال وإذلال وحرمان, دانية القطوف. وما عليه الاّ أن يمنح صوته الثمين, الذي هو اليوم أغلى من الذهب الى مَن جلب هذا الخراب الديمقراطي والفوضى العارمة الى حياته اليومية. لكن الغريب في الأمر, مع أن كل ما يحصل في عراق اليوم هو الغرابة بعينها, إن جميع االفرقاء في"العملية السياسية" الاحتلالية يشكون ويشتكون ويحذّرون من التزوير والغش والتلاعب بنتائج الانتخابات.


ولا أحد يدري, غير الله وحده وأسياد العملاء في واشنطن وطهران, مَن الذي سيقوم بتزوير تنائج الانتخابات؟ وإذا كان الجميع, من العميل نوري المالكي مرورا بالصهيوني مسعود البرزاني وإنتهاءا بالعلماني"الشيعي" أياد علاوي قد شاركوا بغزو العراق وتدميره وإشاعة الفوضى والعنصرية والطافية المقية في ربوعه فلماذا الخوف من التزوير إذن؟ ويمكن القول انه لا يوجد تفسير آخر لمخاوف ساسة العراق المحتل.غير أنهم, وإستناداءا الى خبرة طويلة وموثّقة ومعروفا عالميا, يعرفون بعضهم البعض. ويعرفون أكثر من غيرهم إمكانية وقدرات كل واحد منهم على التزوير والاحتيال والخديعة. فهي أمور شائعة ومألوفة في أوساطهم منذ سنوات نضالهم "البطولي" في فنادق وملاهي ومواخير أوروبا وأمريكا.


لقد تحوّل صوت المواطن العراقي, كما نرى ونسمع عبر الفضائيات العراقية والعربية, الى صيد ثمين تطاره جميع وحوش العملية السياسية في العراق "الدميقراطي" المحتل أمريكيا وإيرانيا. وأصبحت الاعلاانات والنداءات في الدعاية الانتخابية عبارة عن شراك وفخاخ يسعى القائمون عليها الى الظفر بهذه الطريدة النادرة, صوت العراقي. ولا يهمّ أحد منهم إذا كانت الدماء, دماء عراقيين أبرياءآخرين, تهدر وتسيل على عتبات دولتهم المسخ وحكومتهم الخائرة القوى الأمنية والعسكرية, وفي أاليوم الأول من بدء عمليات التصويت الخاص. فلكّل واحد منهم ليلاه "الاتنخابية" يبكي عليها ويشدو لها ويتغزّل بها.


والجميع, من معمّين وأفندية أو من أصحاب السراويل الفضفاضة, يتوسّل ويتودّ عبر شاشات التلفزة, المواطن العراقي ومحاولا أن يبيع له أحلام وأوهام برنامجه الانتخابي متعهّدا, وهو يحلف بالدين والطائمة والأئمة كلّهم, بانّ التغيير المنشود, والله يعلم أي تغيير يريده هؤلاء العملاء, سوف يأتي على يديه فقط. ويتّهم منافسيه, وهو كان واحدا منهم حتى أسابيع قليلة خلت, بأنّهم السبب الرئيسي بكل ما حلّ بالعراق وشعبه. وكذلك يتبع الآخرون ذات الطريقة, التي هي خليط من الرياء والنفاق والزيف وبيع الأوهام والضحك على عقول الناس البسطاء, في الترويج لبضاعته العفنة التي تكدّست في مخازن الاحتلال الأمريكي - الايراني لمدة سبع سنوات.


لا حاجة للتكرار بأن كل ما يحصل في عراق اليوم هو في غاية الغرابة والنشاز والشذوذ, من عملية سياسية مبنية على المحاصصة العنصرية والطائفية الى تشكيلة الحكومة وهيئة الرئاسة والبرلمان والدستور الشمؤوم وإنتهاءا بالفوضى الانتخابية التي يعيشها هذه الأيام العراق المحتل وحكامه التابعين لقوى الاحتلال. فعلى سبيل المثال, تقوم الحكومات, في أي بلد كان باستثناء العراق, وقبل الانتخابات بعدة أشهر, باتخاذ إجراءات وإصدار قرارات كثيرة ومؤثّرة في صالح المواطن, خصوصا في المناطق والأحياء التي تعاني من حرمان وتخلّف وفقر وإهمال, بغية كسبه وضمان صوته في يوم الانتخابات الموعود.


لطن حكومة العمليل نوري المالكي وقائمته" إئتلاف دولة اللاقانون" بدأت حملتها الانتخابية بطرد وفصل وإبعاد عشرات الضباط الكبار من وظائهفم في وزارتي الدفاع والداخلية بحجج واهية جدا وغير مبررة ولا تقنع حتى المجانين. يَضاف الى ذلك حملات الاعتقال والدهم والملاحقة, بنفس الحجج الواهية, للعديد من الشرفاء في أكثر من مدينة وبلدة لحرمانهم من المشاركة في الانتخابات, أو لأنهم لا يؤمنون بها أصلا ولا يعترفون بشرعية القائمين عليها.


كما أن أغرب ما قامت به حكومة العميل المالكي هو توزيع عشرات المسدسات, دفع ثمنها من اموال الشعب العراقي, على بعض شيوخ العشائر بغية كسب أبنائهم لصالحه وتحت نفس الشعار المستخدم من قبل الآخرين, ألا وهو: "ما أثمن صوتك, يا عراقي". لكن في الخفاء لدى نوري الماكي العميل تكملة للشعار المذكور, وهي:" .... وما أرخص دَمك" باالنسبة للميليشيات وفرق الموت التابعة لنا ولجارة السوء إيران. وبديهي اليوم إن صوت المواطن العراقي, صوته الانتخابي فقط, هو الغاية والهدف والأمنية لكل مرشّح الى برلمان المنطقة الخضراء, أما المواطن نفسه, بلحمه ودمه وعواطفه وفكره وأحلامه وتطلّعاته, فليذهب الى الجحيم.

.
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ١٩ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٥ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور