لا تنتخبوا أهونَ الشرّين فكلاهما شرٌّ مُستطير

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري

اخذ الغزل السياسي الذي يسبق الانتخابات التشريعية في العراق المحتل منحى آخر. لا علاقة له بالبرامج ولا بالأهداف ولا بالخطط المستقبلية ولا حتى بادارة الدولة الأكثر فشلا وفسادا في العالم. أما الوطن والمواطن, بكل ما تحمل هاتان الكلمتان من معنى مقّدس وجوهري, فيأتي في آخر إهتمامات ساسة عراق اليوم, رغم تنوّع أساليب التملّق والزيف والرياء التي تعوّد على ممارستها هؤلاء العملاء في كسب عقول وقلوب مواطنيهم. خصوصا عندما يجدون أنفسهم مهدّدين بالكنس والطرد من المزبلة الخضراء التي تلمّ شملهم الشرّير.


و بات واضحا أن العراقيين, وبسبب تجربة مريرة ودموية مع حكامهم الجدد وأسيادهم القاطنين خلف الحدود الشرقية, فقدوا الثقة والأمل بان ثمة تغيير حقيقي, وليس عملية تبديل أدوار وممثّلين وديكور, قد يأتي بعد إنتخابات السابع من هذا الشهر. وحتى لو توجّهوا الى صناديق الاقتراع, سواءا بقناعة أم بدونها, وأدلوا باصواتهم بكثافة فأنهم سيضطرّون بكل تأكيد الى إختيار أهون الشرّين. مع أن كلاهما أخطر من الثاني.


ولا يبدو إن ثمة إهتمام ملحوظ من قبل المواطن العراقي بالبرامج الانتخابية, التي تتشابه من أولها الى آخرها, لكونه سبق وأن سمعها من أكثر من طرف وفي أكثر من مناسبة دون أن يتحقّق حتى الواحد بالمئة منها. ولا يمكن تفسير الصراع الدائر بين حكام العراق المحتلّ مع بعضهم البعض الا برغبتهم المستميتة في إطالة عمرهم السياسي في السلطة رغم عدم صلاحيتهم وجدواهم وفشلهم. ورغم إشتداد نبرة التهجّم وكيل التهم المتبادل وعمليات القتل والاغتيال التي تطال خصوم أو منافسين أقوياء لهذا الطرف أو ذاك, الاّ أننا لا نستغرب أن تعود المياه, مياه الانانية والمصلحة الحزبية والفئوية الضيقة بين العملاء أنفسهم, الى مجراها الطبيعي بعد الانتخابات بعدة أيام.


وهناك الكثير من القيل والقال, ومنها تلميحات وإشارات صادرة عن المزبلة الخضراء نفسها, تتحدّث عن تقارب وشيك بين الائتلاف اللاوطني لصاحبه عمار الحكيم وجماعة الصدر وبين قائمة العراقية التي يترأسها أياد علاوي, صاحب أكبر وأطول خبرة في العمل مع أجهزة المخابرات الأجنبية المعادية للعراق, 15 جهازا باعترافه هو نفسه. وإذا صدقت تلك الأقوال أو "الشائعات" فعلى حساب مّن يا ترى؟ البعض يقول إن الهدف هو حرمان العميل نوري المالكي من رئاسة الحكومة مرّة أخرى. طيب, وما هي مصلحة الشعب العراقي في هذا الأمر؟ ألم يكتوي بنار بل بنيران جميع هؤلاء, المالكي والصدر وعلاوي وعبد المهدي الحكيم,..و..و,.والى أخر عضو في العصابة الحاكمة في بغداد المحتلّة.


لا شك إن أي إتفاق مع الأحزاب الطائفية التابعة لجارة السوء إيران وما يُسمى بألأحزاب العلمانية كقائمة أياد علاوي - الذي يسمّونه شيعي علماني ! - لا يمكن أن يولد ويرى النور الاّ بعد أن يتم وضع ختم وإمضاء جمهورية آيات الله في طهران عليه. وتأكيدا على ذلك صرّح أياد السامرائي, رئيس مجلس الخرفان, عفوا مجلس النواب "العراقي" قائلا "إن الاتفاق بين الأثنين - ويعني الائتلاف اللاعراقي وقائمة أياد علاوي - يستهدف رئيس الوزراء نوري المالكي .. وهذا الاتفاق حصل بمباركة إيرانية". مبرووووك!


وبكلمات بسيطة يعني إن مخالب إيران الصفوية سوف تبقى مغروسة في جسد العراق الجريح سواءا فاز مالكها أو عمّارها أو علاويها أو صولاغها. فالخره أخو البول كما يُقال. وسبق للعراقيين, وعلى مدى سبع سنوات من عمر الاحتلال الأمريكي - الايراني, وأن عاشوا أقسى وأحلك فترة في تاريخهم على الاطلاق تحت حكم أسوء"سياسيين"عرفهم العراق والمنطقة. وأصبحوا نموذجا نادرا لكلّ المساويء, من الفساد المالي والاداري الى النهب والسلب المنظّم والعشوائي الى سوء إدارة البلاد والعباد.


ولذا فان قوائم الأحزاب الكبرى المهيمنة على الساحة العراقية اليوم, والمرشّحة للحصول على أكبر نسبة من الأصوات خصوصا وأنه تمّ طبع 7 ملايين بطاقة إنتخابية إضافية جاهزة للتزوير, سوف تقوم بعملية إستنساخ لما حصل في إنتخابات 2005, مع شيء من التجميل والترقيع التي تفرضها شروط اللعبة الديمقراطية في بلد محتلّ ومسلوب الارادة والسيادة. كأن يكون رئيس الدولة مثلا عربيا "سنّيا" بدل ثور المنطقة الخضراء مام جلال. ثمّ إن مَن باع وطنه وخان شعبه ووضع ضميره في المزاد العلني وزوّر إسمه وشهادته الدراسية وخدم الغزاة المحتلّين لبلده, لا يصعب عليه أبدا تزوير أوراق إنتخابية أو التلاعب بها أو بقوائم الناخبين.

.
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ١٧ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٣ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور