ياما مرت على حكنة ظعون 

 
 
 
 
شبكة المنصور
عبد الجبار الجبوري
التاريخ فكرة يتداولها الاخرون ، ومن تلك الفكرة انبنت الحضارات القديمة على اديم ارض الرافدين ، وتفتقت منها اقانيم العلم والمعرفة والفن ،وخط الحرف الاول هنا ، ودارت اول عجلة في التاريخ عليها ، ولمع اول معدن على هذا الاديم المبارك ، وكان الملك اورنمو واوروانيميكينا وحمورابي هم اول من ابتكر القوانين والشريعة على وجه الارض ، ولا ادلكم على الفن المدهش في زقورة اور وجنائن بابل وثيران نركال وقيثارة عشتار واسد بابل وصقور الحضر وتماثيل الاميرة ومعبد العرش وغيره ،اذن ماذا بقي لهذا العالم المتهور غير ان يجهز على هذه الحضارات ويمحو تاريخها ويحرق اثارها الى الابد وقد فعل هذا، فغزوات الساسانيين دمرت اثار الحضر ودولته ، والعيلاميون احرقوا بابل وسرقوا (مسلة النصر التي وجدت في سوسة ) قبل ان تسحقهم جيوش اشور بانيبال وتدوس عليهم بعرباتها وتعيد مجد بابل ثانية ، ثم غزوات تيمورلنك والسلاجقة والفرثيين والبويهيين وهولاكو المغول واخيرا هولاكو الامريكان المجرم بوش ، لكن نسأل ماالذي بقي من هؤلاء الان ، كلهم ذهبوا الى مزبلة التاريخ وظل العراق موحدا شامخا بتاريخه العريق المجيد وشعبه الابي ، فهاهي البصرة – رغم جراحها- عامرة باهلها وناسها الطيبين لم تنحن للغزاة والظلاميين الطائفيين الذين يريدون ذبحها وتقديمها قرابين للظلام ، وهذه كربلاء ترتل مأذنها الذهبية وتلهج بأسم العراق وتشتم المحتل وعملائه ،ومثلها النجف وديالى ونينوى والانبار ، وجميع المدن والقصبات العراقية التي تتوشح بعلم العراق ونجومه الثلاث ، اما بغداد العباسية فهي قطب الارض وسرتها وبوصلة الشرف والعنفوان والبطولة وعنوان المجد والكبرياء ، تتوشح بالسواد وتلبس خوذة الحرب لمواجهة عاصفة الرماد واشباه الرجال ممن دنسوا بواباتها واسوارها ، وجعلوا امواه دجلة دما لشهداء مغدورين ، انها اللحظة التاريخية التي تنسجها بغداد بخيط من حزن العراقيين لتصوغ شمسها التي لا تأفل ومجدها الذي لايزول..

 

فقد علمتنا بغداد دائما انها صانعة مدهشة للتاريخ رغم المحن وعوادي الزمان وجور السنين وظلم ذوي القربى وغدر الحاقدين ، وواقعة البرامكة قريبة بدروسها ولكنها حاضرة ابدا في سفرها الجديد ، فلا خوف على بغداد ولا خوف على نينوى او البصرة او ديالى او كركوك فقد (مرت على حكنة ظعون ) كما يقول المثل العراقي ، هكذا هو ديدن العراق ينهض بكل تاريخه من الرماد كعنقاء مبتلة بالحرائق ، اقرأوا التاريخ ايها الاميون يامن نهبتم العراق وقتلتم ابناءه ، وسرقتم اثاره وجوعتم شعبه وزرعتم بذور طائفيتكم على حيطان بيوته ،ونشرتم الرذيلة والمخدرات والاوبئة في شوارعه وتنافختم بالحرص على مستقبله فتبا لهذا المستقبل الذي تنشدونه له مستقبل العهر والنهب والقتل الطائفي والتقسيم الفدرالي والاقاليم الخانعة البائسة ،مستقبل الطوائف ودويلات الطوائف وامراء الطوائف وعصر الطوائف ..اقرأوا تاريخ العراق جيدا سوف لن تجدوا من يشبهكم ابدا في تدمير العراق وتمزيق وحدته ونهب ثرواته وتشويه تاريخه الوضاء وقتل شعبه وتدمير حضارته، لم يفعلها الا مجرمو العصور القديمة هولاكو وتيمورلنك ونيرون ودراكولا مصاص الدماء، اقرأوا التاريخ سوف تعرفون مصيركم ومصير من سبقوكم من عتاة الحروب والغزوات طغاة الارض وبائعواالشرف في اسواق النخاسة ، انه العراق ايها الاغبياء صانع الحضارات وموئل التاريخ المجيد العريق جمجمة العرب ورمح الله في ارض الرافدين ، انه عصا موسى وسيف علي ودرة عمر انه صبر ايوب وورع عثمان ووميض واقعة الطف ودم الحسين، فمن اين تهربون ايها العملاء ولا منقذ لكم الا الهمر الامريكي الذي اتيتم به وفيه ترجعون. ان العراقي الذي شاف الكثير من ( شكولكم ) عبر العصور ماعليه الا ان يقول لكم ( ياما مرت على حكنة ظعون ) .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٠٤ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٩ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور