متى يقرأ بلير وغيره شكسبير

﴿ الحلقة الثانية ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
أ.د. عبد الكاظم العبودي
حسب تحقيق بوستروم وما يصل من شهادات من المعتقلات فإن السلطات الصهيونية تجبر الشبان الفلسطينيين المحكومين بالإعدام على التوقيع على وثائق تفيد بموافقتهم بالتبرع بأعضائهم بعد شنقهم.وأشار إلى أن نصف عمليات زرع الكلى في "إسرائيل" منذ الألفية الجديدة، تم شراؤها بشكل غير قانوني من فلسطينيين، وأن السلطات الصحية في "إسرائيل" اعترفت بذلك، ولم تتخذ أية إجراءات لمنع ذلك. وإسرائيل مدانة بقتل وسرقة الأعضاء البشرية لعشرات الشهداء الذين اختطفتهم وهم مصابين وجرحى من سيارات الإسعاف أو من داخل المشافي الفلسطينية، ومن ثم أعلنت نبأ وفاتهم، فيما لم تُسلم جثامينهم مباشرة لعائلاتهم، وأيضاً قتل العديد من الأسرى جراء سياسة الإهمال الطبي وتشريح جثامينهم وتسليمها لعائلات الشهداء الأسرى بعد أيام.


وعندما تحتفل رابطة المكتبات الأمريكية خلال الأسبوع الأول من شهر تشرين الاول (أكتوبر) من كل عام بأسبوع [الكتب الممنوعة] يُسلط خلاله الضوء على أهمية حرية التعبير عن الرأي والوصول المُيَّسَر للكتب علي اختلاف توجهاتها وآرائها إلي أيدي القراء. سنفهم لماذا يستثار الجدل حول ممنوعات نشر أعمال شكسبير رغم انه عمدة الشعر والثقافة والادب واللغة الانجليزية. كما ان الاحتفاء باسبوع الكتب الممنوعة الذي بدأ منذ عام 1982 تعبيرا عن الرفض لقرار اتخذه البابا بولس الرابع عام 1557 عندما وضع سجلا للكتب الممنوعة، كان القصد منه حماية الكنيسة الكاثوليكية من الأفكار المثيرة للجدل. هذا القرار ألغي في وقت لاحق.


وعلى الرغم مما يبدو علي سطح الثقافة الانجليزية في زمن العولمة بالدعوة الى ليبرالية النشر الثقافي والى من إلغاء القوانين التي تفرض قيودا علي حرية التعبير عن الفكر والرأي في الغرب؛ إلاّ أن الجدل لا يزال محتدما في كل مرة بشأن الضغوط والقوانين التي تفرضها أطرافا عديدة لتقييد الآراء ومنع نشر بعض الكتب أو الترويج لها عندما يتعلق الامر بجرائم الصهاينة وقبلهم اليهود، كما هي الحالة مع مسرحية (تاجر البندقية) لشكسبير رائد الادب الانجليزي.


يرى العديد من المتابعين لحركة النشر ومعارض الكتاب في العالم الغربي وغيره أن أسباب الحظر، في كثير من الأحيان، لا تمت صلة بالأسباب المعلنة، بل بأسباب سياسية وايديولوجية تفرضها المرسسات الصهيونية كلما تعلق الامر باليهود واسرائيل. وتستذكر رابطة المكتبات الأمريكية في كل عام أسماء الكتب التي تعرضت إلي المنع أو أحدثت ردود فعل اجتماعية دفعت بمؤسسات مدنية إلى المطالبة بحجبها عن القراء، أو حتي سحبها من فوق رفوف المكتبات العامة، لكنها تخونها الشجاعة في ذكر اللوبيات الصهيونية، السياسية منها والثقافية والاقتصادية .


وتحت طائلة قانون "خطابات الكراهية" و"معاداة السامية" والتشكيك بأحداث تاريخية بحتة كالهولوكوست اليهودي بتضخيم معاناة اليهود، بما تعلق بحقيقة حجم عمليات القتل التي تعرض لها اليهود علي أيدي النازيين أبان الحرب العالمية الثانية التي صارت اليوم في العديد من البلدان الغربية جريمة يعاقب عليها بالحبس ويدفع بكثير من الكتال والباحثين الى الصمت عن الاجهار بالحقائق.


وفي هذا الصدد يرى العديد من مؤيدي ما اطلق عليه بمعارض "أسبوع الكتب الممنوعة" أن قانون خطابات الكراهية صار تقييدا غير مبرر لحرية الرأي؛ فضلا عن ازدواجية المعايير التي يحملها مثل هذا القانون. من الروائع الأدبية الأخري التي شملها الحظر أعمال شكسبير الأدبية، وفي مقدمتها مسرحية "تاجر البندقية" التي مُنع تدريسها في مدارس أمريكية وبريطانية في حقب تاريخية مختلفة.


تُصَنَف "تاجر البندقية" في الغرب بأنها مسرحية معادية لليهود بسبب الدور الرئيسي الذي تعلبه شخصية المرابي اليهودي "شايلوك" التي أشرنا اليها الذي رسمه شكسبير بوصفه جزارا إنسانياً ومرابيا يهوديا جشعاً يطالب برطل لحم من جسد انساني، كان انطونيو ضحيته المالية لقاء تسديد دين تأخر.


ما تحمله تلك الأحداث من معان معادية للمرابين ووحشيتهم دفع اليهود إلي اعتبارها مسرحية ونصوصا شكسبيرية معادية للسامية ولليهود؛ وبهذا لا تزال مسرحية "تاجر البندقية" ومؤلفها وليم شكسبير (1564-1616م), التي تدور بعض أحداثها في مدينتي البندقية وبلمونت الايطاليتين، من الكتب التي يُمنع بيعها أو تداولها في فلسطين المحتلة تحت طائلة السجن أو دفع غرامة مالية باهظة.


لقد وصلت الهستيريا الصهيونية الى الأمر والدفع بالمؤسسات اليهودية والثقافية في أوروبا لمقاطعة أمثال عمل شكسبير، وسعت بصورة فاضحة، حتى الى إلغاء فكرة طبع صورة شكسبيرعلى فئات من عملة اليورو الجديدة.‏ ووصل الحقد الصهيوني الأعمى على شكسبير بتسريب مقالات ودراسات زعمت أن شخصية شكسبير ما هي إلا شخصية وهمية، وبلغ الامر بأحد الكتاب وأحد الزعماء العرب اعتبار شكسبير شخصية عربية الاصل كانت تحمل إسماً عربيا هو الشيخ زبير.

 

تم هذا الترويج رغم علم الجميع أن وليم شكسبير كان كاتبا مسرحيا المعيا، وشاعرا إنجليزيا لا يشق له غبار، ويعد من أعظم الكتّاب العالميين،لا لمكانته المسرحية في عصره، أو لغزارة إنتاجه المسرحي والشعري فحسب، بل لاستمرارية شهرته عبر قرون واجيال متتالية. ولا يمكن مقارنة الشهرة التي اكتسبها أي كاتب آخر بشهرة وليم شكسبير عالمياً على كافة الأصعدة، فقد دخلت مؤلفاته وترجماتها إلى جميع الثقافات والمجتمعات الأدبية والفنية والمسرحية في كل بلدان العالم. اعتمد شكسبير في مسرحه وشعره على العواطف والأحاسيس الانسانية، ويٌعّد من أوائل الكتاب المبكرين اللذين فضحوا الجشع اليهودي وجرائمه.

 
المقالة معدة من عدد من المراجع والمقالات ذات الصلة
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٠٣ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٨ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور