الصراع السياسي في العراق

 
 
 
شبكة المنصور
عبد الجبار الجبوري - كاتب واعلامي

يشهد العراق ومنذ الغزو الأمريكي على ارآضيه صراعاً سياسياً طائفياً وعنصرياً ودولياً، تجسد هذا الصراع بقطبين أساسين هما القطب الامريكي وجيشه والقطب الآخر هو النفوذ الايراني الواسع المتمثل بفيلق القدس والمخابرات وأذرع إيران السياسية التي تحكم العراق، والتي تمتلك ميليشيات طائفية مسلحة إضافة إلى الأحزاب الكردية التي تخضع مباشرة لأوامر الأدراة الأمريكية المتحالفة معها منذ أمد طويل قبل الغزو، وهذا الصراع يتمثل بالاغتيالات المنظمة والتهجير الطائفي ونهب ثروات البلاد ومواردها تحت مسّميات رسّمية ودولية، وهناك أجنحة تدير المحافظات الجنوبية(حصراً) وتسيطر عليها سيطرة تامة وهذه الأجنحة عبارة عن ميلشيات تابعة للمجلس الشيعي وإئتلاف دولة القانون حزب الدعوة وهكذا بقية المحافظات التي تتواجد فيه هذه الميلشيات والأحزاب بدرجة اقل ولكن بنفس النفوذ الايراني المباشر، في حين تتحكم المخابرات الايرانيه والسفير الايراني بالوزارات والأجهزة الأمنية والألوية الخاصة وقوات الرد السريع التي لا تخضع لوزارة الدفاع بل يديرها عراقياً(المالكي شخصياً) ومن وراء الحجاب يديرها السفير الايراني بأوامر ولي الفقيه، أما السفير الامريكي فله مهام أخرى غير (الامن وفرض القانون) عبارة عن توجيه البوصلة السياسية لسياسية العراق الداخلية والخارجية وتنفيذ وتطوير المشروع السياسي والعسكري الامريكي في العراق بعد الاحتلال، بعد أن عجز وفشل الحاكم المدني (بول بريمر) تطبيقه في اول سني الاحتلال ، ومن هذه المشاريع العقود النفطية و المناهج الدراسيه ، والمشاريع الكبيرة كالنفط والغاز ـ وتفتيت البلاد وترسيخ الطائفية المذهبية والسياسية والمحاصصة في الحكومة ، وكان لهذين القطبين (رموزا سياسية ) تدير أجندة إيرانيه امريكيةو أوامر ال (CIA) ومن هو السياسي المعمم الذي يدير وينفذ الأجندة الايرانيه بأوامر أل (اطلاعات) في العراق ، وكل قطب يعمل سياسيوه على تنفيذه الأوامر بدقة وإخلاص وولاء محكم لهذا القطب أو ذاك ، هذا المشهد المأساوي للصراع جعل من ارض العراق ساحة لتصفية الحسابات السياسية لهذين القطبين ، بمعنى هناك معركة بين أمريكا وإيران على ارض العراق هي معركة خفيّة يديرها رموز الاحتلالين بولائهم المصيري بأسيادهم، وتدميرهم للعراق دون أن يرفَّ لهم جفن، والطامة الكبرى أنهم يهتفون ليل نهار بالوطنية والإخلاص للعراق والعمل على جعله دولة ديمقراطية تعددّية آمنة متطورة ، وقد برهنوا على هذا الولاء الكاذب بكتابة دستور مسخ يكرس الطائفية ويمحو القومية العربية ويقسّم العراق الى دويلات للطوائف ، ويتنكر للعروبة والعرب، بل جعل العرب في العراق هم ( الاقلية) وأسسوا مجلس نواب جل أعضاؤه من حملة الجنسيتين ا لمزدوجة خلافاً للدستور المسخ الجديد والدستور القديم الشرعي قبل الغزو، وأنشأوا حكومات متعاقبة جعلت من العراق ثاني دولة في العالم في الفساد الإداري والمالي، وإنشاء جيش كل منتسبيه من الميليشيات الطائفية التي تدربت وتسلحت وتمّولت في معسكرات إيران، إذن الصراع السياسي في العراق بين قوتين كلاهما يتقاسم احتلال العراق، الاحتلال الأول إحتل العراق بالغزو العسكري والاحتلال الثاني احتل العراق سياسياً ،

 

واليوم إذ يقترب موعد انتخابات مجلس النواب ، فان حدة هذا الصراع تطفو على السطح فظهرت قضية احتلال آبار الفكه وشاهد العراقيون والعالم سكو ت إدارة الاحتلال الامريكي وغض الطرف عن هذه القضية ، بل واعتبرتها (شأن داخلي عراقي) . ووصل الحال إلى ظهور قضية مفصلية ومصيرية بالنسبة لإدارة أوبا ما ألا وهي قضية إبعاد الكيانات السياسية البارزة من المشاركة في الانتخابات بحجة الانتماء إلى حزب البعث وشمولهم بقانون هيئة المساءلة والعدالة ، وبلغ عدد المجتثين(511) مرشحاً وغالبيتهم من المناهضين للوجود الايراني ونفوذه في العراق ، فتدخلت سريعاً عن طريق سفيرها في بغداد كرستوفرهيل وأعطى اشارة صريحة لرفض واشنطن هذه الإجراءات ليس حباً بالبعثيين ولا بالمرشحين المجتثين وإنما يدركون أن كل ما بنوه عبر سني الاحتلال سيهدم بلحظة ولا سيما بعد خروجهم من العراق قريباً وستملأ الفراغ الأمني وزمام الأمور إيران عدوها اللدود، حتى جاءت مهاتفة جوزيف بايدن لرئيس الجمهورية جلال طالباني الذي أوضح له أن إجراءات هيئة المساءلة والعدالة غير شرعية ويجب إيقافها ، فظهر (الرئيس) في مؤتمر صحفي أعلن فيه ترحيبه بعودة بالبعثيين (غير الصداميين) إلى العملية السياسية (التي تديرها أمريكا) ، ثم تلا ذلك المؤتمر الصحفي ،

 

زيارة خاطفة قام بها (بايدن) للاطمئنان على ضرورة إجراء انتخابات (شفافة) يشترك فيها كل العراقيين وتجميد قرارات الاجتثاث إلى ما بعد الانتخابات هذا هو المشهد السياسي العراقي وهذا جانب من الصراع السياسي في العراق بين ادارة اوباما وحكام طهران فربما الانتخابات القادمة تضع حداً لهذا الصراع الذي ذهب ضحيته ملايين العراقيين .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٨ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور