تأملات / هل هنالك ثوابت وحقائق في السياسة  اليوم ؟

﴿ الجزء الثامن ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي
أمام هذا المفترق الخطير بين السيرفي طريق يكون الانسان هو مرجعية أفكاره ,وفي هذه الحالة سيترتب عليه أن يتصارع ويتقاتل من اجل سيادة أفكاره وأنظمته والى المزيد من الاستقطابات والتحالفات والتخدقات, وبين ان يكون خالقه هو سيده و مرجعيته  ويتوحد في الفكر و النظرة للحياة والقبول بالعيش بين أبناء الجنس البشري كشركاء في الانسانية.أنه خيار صعب لانه يحتاج الى ارتقاء عال يفوق معادلة المطامع والانانيات في المصالح وفي نفس الوقت لا يتجاوز مستوى المصالح المتبادلة والحقوق العادلة بين الشعوب والامم.أمام هذاكله نستطيع ان نقول أن الديمقراطية السياسية أي النظام السياسي في الغرب قد حسم الموقف منه,وما على الشعوب والامم الباقية الاان تضع هذه الفلسفة الغربية ومجموعها  من الديمقراطيات في الغرب عند التعامل معها في حسابات دقيقة مبنية على مصالحها أيظاً,فكل ما ينتفعون منه هو الحق وكل ما يستخدمونه لتحقيق هذا الحق او المنفعة هو شرعي ,وكل ذلك سواء الذي يعني بنظرتهم للحياة او بأستخدام وسائلهم في تحقيق غاياتهم لا يندرج تحت عناوين الثوابت أو الحقائق ونسبيتهما أو تغيرهما مرتبط بالنتائج وبغض النظر عن الشرعية الحقيقية ,وعلى هذه القواعد والاسس تبنى سياساتهم وستراتيجياتهم كأنظمة, وشرعيتها تكون فقط من خلال صناديق الاقتراع ,وقد يختلف معي من يقول ,وهل هنالك ارصن واقوى من شرعية صناديق الاقتراع او البرلمانات؟ فأجيب نعم هو ما تقره شرائع السماء وأخلاقيات الاديان!وحجتي في ذلك :


1-ان ممارسة الديمقراطية في الغرب لا تحكمها فقط رأي الناخبين الحر والمبني على القناعة التامة في الاختيار بل تدخل في ذلك قوى مؤثرة جدا على صناعة قرار الناخبين منها الراسمال المسيطر تقريبا على كل نوافذ الدعاية والاعلام والاجهزة المقرؤة والمسموعة و المرئية,ناهيك عن استخدام الوسائل الغيرمشروعة والمحللة لاصحاب النفوذ والرأسمال لانهم يؤمنون بالغاية تبرر الوسيلة فكل الوسائل مشروعة سواء بالاسأءة للأخرين او تشويه سمعتهم وصورهم أمام الرأي العام,فأين هي الحرية الحقيقية؟وهل هنالك أختلاف في المبداء بين الانتخابات أو التصويتات التي تجري في الدول اللا ديمقراطية من استخدام للسلطة والقوة في التاثير على قناعة الناخب او المصوت,وبين الذي يجري في غالبية الدول الغرب من استخدام المال والسلطة للتاثير على قناعة الناخبين او المصوتين.؟


2_أن أسلوب التناسخ في الديمقراطيات لا يجعلها من بعد ذلك ديمقراطية,فعندما تستعين مثلا دولة كانت في المنظومة الاشتراكية بذات الديمقراطية التي في فرنسا او انكلترا أو أي ديمقراطية اخرى فانها بذلك تسقط حق المواطن في رسم او نسج ديمقراطية خاصة به,لان البديل الاشتراكي هو الرأسمالية الغربية بكل تفاصيلها, وكان  من الممكن أن يعطى للمواطن الفرصة الكافية في ان يشارك في صياغة ديمقراطيته الخاصة به, وأن يستعين بتجربة الاخرين في نفس الوقت,أوأن تفرض الديمقراطيات على الاخرين بالرغم من الاختلاف في الخلفية التاريخية والتربوية والسياسية وعن كل هذه العناصر التي ساهمت في بلورة المفاهيم الديمقراطية المفروضة,ألا يحق للانسان ألغربي أو حتى الشرقي أن يختار وهو يتشارك مع الاخرين في إرث فكري وفلسفي وقيادي في صياغة لديمقراطيته  فافلاطون و سقراط وابقور وِهيْكْل و اوين وميكافيللي و ديكارت وسارتر ماركس وانجلز و لينين وجيفارا وكاسترو, يشكلون أرث كبير للانسان الغربي والعالمي أيظا,فيمكن لاي شعب أن يستعين بهذا الارث ليبني له طريقا للعيش وديمقراطية تتناسب مع معطيات واقع , ولا حاجة للاستنساخ في التجارب أوفي طرائق العيش..

 

وهذا ما يحصل الان في بلدان العالم الثالث وأدق صورة ما يحدث في العراق المحتل فأن ديمقراطية" ُتحشر في الحركة السياسية  وفي المجتمع العراقي وبدون أن تراعى فيه المرحلة التاريخية التي يمر فيها العراق وبدون الاخذ بنظر الاعتبار للتراث الفكري والحضاري والذي ساهم به عظماء لا يقلون عن الذين ساهموا في بناء الارث الفكري والسياسي الغربي,وهولاء العظماء من المفكرين والفلاسفة  و المشرعين العرب قد أثروا  في الكثير من المفاهيم الانسانية وأتجاهات الفكر الانساني والقانوني والاجتماعي والسياسي في العالم إنهم لنا خزين كبيروللعالم مراجع فكرية  وسياسية وقانونية وهم أعمدة تتكأ عليها الحضارة العالمية ,فلا يمكننا ان ننسى في لحظة  زمنية أو في قراءة للتشريعات القانونية أو في إجتهادفلسفي وفكري أو في تحليل للسياسة  وفي تفحص للقيادات التاريخيةاذا صح  التعبيرولا نذكر سرجون الاكدي حمورابي  لوقيانوس أو لوكيانوس(1) وعلي بن أبي طاب وعمر بن الخطاب  وأبن خلدون والفارابي وأبو جعفر المنصور والجاحظ وجبران خليل جبران وتوفيق الحكيم  والقائد المؤسس المفكر العربي الكبير ميشيل عفلق(رحمه الله) والمفكر الكبير الدكتور الياس فرح والقائدين التأريخيين جمال عبد الناصرو الشهيدصدام حسين (رحمهم الله) وعميد السياسة العربية المعاصرة الاستاذطارق عزيز والمفكر والمؤرخ عبد الوهاب الكيالي, وفي حزب البعث تصطف الانوار المفكرة والقيادية في رفد الحركة الفكرية والنضالية العربية و هذه المعاير؛يحق لنا أن نحتكم بها ومنها الى الفرز بين السياسات القائمة على ثوابت ومبادئ أخلاقية و الاخريات التي تقوم على الانتهازية والمصلحية والانانية,فعراق قبل الاحتلال في 2003 كان سياسته قائمة على ثوابت وطنية و قومية و إنسانية واضحة بدءا ب الانساني.وما المقاومة العراقية البطلة التي جابهت و تجابه الاحتلال و كل ما ترتب عليه ألا نتاج لهذه الافكاروالعقول الجبارة,  وهى مقاومة استندت اساسا على مشروعية هذا العمل البطولي التي أقرته كل المبادئ السماوية والانسانية الشرعية,أنها تمثل معارضة للمستنقعات الفكرية التي صنعها الاحتلال و للاخلاقيات التي نتجت عن تطفل أخلاقي و فكري على مجهودات الاخرين ,

 

تتغذى من فتات فكري وسلوك إجتهادي للاجنبي في حين إن تاريخ الشعب والامة وحاضره فيه الكثير من الاشرقات و التي سبق أن ذكرتها في أعلاه ,أن المحافظة على سيادة العراق الكاملة والحرص على مصلحة الامة العربية والاعتزاز بقيم العمل الوطني و القومي جعل من الامة العربية مكتفية ذاتيا بالفكر والتجربة الى الحد في الانطلاقات الاولى وبناء قاعدة البناء الفكري و السياسي والنضالي .وهي مقاومة مسلحة توضح المظهر الموضوعي في أزمة الشرعية في العالم والتي تظهر بشكل واضح عندما تفتح سجلات القوانين والعلوم السياسية وتُؤشْر الحجم الحقيقي لجريمة الغدر بالعراق والذي ظهر في غزوه في عام 2003 وإستباحةكرامة شعبه والاستخفاف بالعالم وبرغبات الانسانية لبناء عالم لا تحكمه قوة أو قدرة ..

 

إنه فعل المستهترين بقيم السماء وقيم البشرية ولا يقل عن الفعل الهمجي الذي تسببت به النازية و الفاشية ولا يختلف عنهما ألا بالعنوان فقط أبداً...

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١٣ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور