الحقد الفارسي أبعاده وغاياته

﴿ الحلقة الأولى ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
زامـــل عــبـــد
الفرس أمه لها تأريخها وتراثها وأثرها الحضاري إلا إنها امتازت عن الأمم الأخرى كونها تؤمن بالتوسع على حساب الأمم الأخرى ومصادرة حقوقها وشخصيتها ، أي ان الصراع الذي تخوضه صراعا" حضاريا يهدف الى  مسخ هوية وتراث وحضارة الأمم المستهدفة بتوسعها أي تمددها على حساب الآخرين ، الكثير من النقاط التي لابد التوقف عندها ومناقشتها لأهميتها وحساسيتها لصلتها بكل ما حدث على امتداد التاريخ في وطننا العربي والالتباسات والحقائق التي لا يمكن أن يغض النظر عنها لما تحمله من غدر وعدوان مورس لإيذاء العرب وحرماتهم من التقدم وأداء دورهم الإنساني ويذكرنا التاريخ مرة أخرى أن كل المصائب والويلات التي حصلت منذ نشوء التاريخ البشري في منطقتنا العربية وخاصة من عهد الحضارات السامية (عيلام ، بابل ، ســومر...الخ) إلى يومنا هذا أتت من عدو واحد متربص للهوية العربية والإسلامية بكل مضامينها الاجتماعية الثقافية ألا وهو العدو الفارسي

 

فمنذ نزوح القبائل الفارسية من جبال القوقاز إلى الجنوب نجد الفرس وفي كل الحقب الزمنية يتسترون وراء أشياء مختلفة تختلف أساليبهم بين الفينة والأخرى بحسب الظروف ومعطيات الواقع المعاش لتحقيق مآربهم السياسية وكانت ولا تزال هذه الأساليب مستخدمة ومعتمده في تضليل من يستهدفهم المخطط الفارسي للنفاذ الى مكونهم البشري توحي للبسطاء بأنهم دائما مع الشعوب المستضعفة  المستغلة المحرومة مدافعين عن حقها ومقدمين يد العون والمساعدة  لنصرتهم ، فما زال هذا العدو يوهم الكثير من أبناء الوطن العربي والعالم الإسلامي أنه المخلص الوحيد من خلال ركائزه النافذة في هيكلية الدولة العربية الإسلامية ما قبل احتلال بغداد 1258 م فتارة باسم ألقرامطة وتارة باسم البرامكة و اليوم باسم التشيع والسـير على منهج أل بيت ألنبوه استغلالا" للدين أو المذهب وكلها حركات باطنية صفوية تعمل من اجل ترسيخ الهيمنة الفارسية على مقدرات الشعوب والتأثير على  توجهاتها الوطنية القومية  وكل ذلك يحدث انطلاقا من تحقيق لحلم الفرس الأكبر الهادف الى إحياء الإمبراطورية الفارسية التي هدت بالدين الإسلامي و بالسيف العربي في معركة القادســــــية الأولى وفتح الفتوح(( نهاوند )) والتي جرت على ارض العراق و منها

 

اليوم الفرس وباسم الدفاع عن المقاومة وعن الإسلام في لبنان وفي فلسطين وفي العراق واليمن مازالوا مســتمرين في خداع وتضليل المغفلين لكن ألأسـلوب واحد والأهداف هي ذاتها و الأدوات التي تستخدم هي نفسها لكنها أكثر حداثة وأكثر خبثا ، تحت هذه المسميات أو ما شئتم أن تسمونها أبناؤنا في فلسطين و العراق و الأحواز المحتلة و اليمن جميعا يذبحون مرتين ، مرة بسكين الحلم الفارسي الطائفي ذي الجذور الباطنية والتي يحملها المضللون والمتفرسون ، ومرة بعدوان وكراهية الصهيونية وحلفائها نصارى يهود والفرس الصفو يون الجدد إن هذين العدوين وجهان لعملة واحدة لا فرق بين الأول و الثاني ، لأن الاحتلال احتلال مهما تنوعت أســــــــاليبه وأهدافه ومهما كان انتمائه الديني أو القومي أو المذهبي

 

ليس صحيحا ما يقوله البعض من ضعفاء النفوس والمتفرسين إن العرب يخترعون عدوا بديلا عن الامبريالية والصهيونية  بتركيزهم على إيـران وإظهارها بأ نها العابثة في مقدرات الأمة العربية "فلو تفحصنا أصول أصحاب هذه المقولة سنجدهم ذوي أصول شعوبية و هذا الحديث نسمعه دائما من هؤلاء وحسب قولهم خيفة أن يتحول الصراع إلى عربي فارسي ولو نظرنا بتعمق لوجدنا إن هذا الصراع موجود و قائم وله جذور تاريخية وبفعل التحديات والمتغيرات وحقيقة الجوار بين العرب و الفرس وما يحدثنا به التاريخ وبلسان صريح إن جميع الحروب التي وقعت بين الفرس والعرب كان فعل الاعتداء فيها من قبل الفرس وليس العرب هم من كانوا يبدؤون تلك الحروب فليس من بين العرب من ذهب إلى جبال زاغروس أو إلى ما بعدها ، صحيح أن الإســـلام دخل بلاد فارس لكن الإسلام كان رسالة سماوية و دخل محررا، حرر الشعب الفارسي من العبودية والانهيار الأخلاقي والانحطاط العائلي والاجتماعي حيث كان الإسـلام رحمة للعالمين ولم يعمل على مسخ هويتهم أو يدمر ثقافتهم أو لم يحارب لغتهم على غرار ما يفعلونه هم اليوم في الأحواز والعراق وغيرهما من البلاد العربية التي تمكنوا من التغلغل فيها ، ما أريد أن أقوله هو الصراع العربي الفارسي له جذور تاريخية في المنطقة، منذ ان عمل الفرس على زعزعة الخلافة العباسية في أواخر عهدها. وقد مرت المنطقة العربية بنزاعات كبيرة مع الفرس بسبب رغبتهم في التوسع ليكون لهم دور محوري في سياسة المنطقة  ،وجاءت المتغيرات الإيرانية بقيادة الخميني وفقا لما أريد أمريكيا وغربيا" للمنطقة لتحول التوجه الايراني الى بوصلة جديدة تعتمد الإطار الديني وسيلة وهدفا بحد ذاته ، بعد ان شهدت ايران مع حكم الشاه توجها نحو العلاقات الوطيدة مع الغرب ، فأصبح العصا الغليظة بيد الغرب في المنطقة لضرب أي تطلع تحرري ، فما يسمى بالثورة الخمينية التي اعتمدت ايران جمهورية إسلامية وجهت أنظارها نحو المحيط العربي بدءا بالجزيرة العربية ، فشكلت مخاوف حقيقية للمنطقة انطلاقا من شعار الخميني آنذاك بتصدير الثورة الى الخارج وخاصة العراق لما يشكله من ثقل عربي مستقبلي بفعل البرنامج النهضوي  والمشروع القومي الذي طرحه حزب البعث العربي الاشتراكي والدور المبدع القيادي للقيادة الوطنية القومية العراقي لكن الحرب الإيرانية المفروضة على العراق والتي استمرت ثماني سنوات كانت كفيلة بتأخير تنفيذ هذا التوجه العدواني ألصفوي الهادف الى التمدد على  الأرض العربية وخاصة المشرق العربي من خلال الوقفة البطولية التي وقفتها  القيادة العراقية الوطنية ارتكازا على الاحتياطي المضمون شــــعب الذرى شعب العراق و صدها للمشــــــروع التوســعي الايراني ، وبالرغم من عبء الحرب الإيرانية العراقية  

 

على ايران بفعل الاقتدار العراقي  وإرادة النصرالا ان الملا لي أعطوا شرارة الانطلاق لما يسمى بالحرس الثوري الايراني بالعمل المباشر في لبنان وفي سهل البقاع تحديدا من خلال تدريب كوادر حزب الله ، إي عمليا إطلاق رديف  لما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية في لبنان وهو حزب الله  ، وحصل هذا التحرك مع مباشرة العدو الصهيوني عملياته العسكرية باجتياح لبنان من اجل توجيه الضربة لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1982 في لبنان ، وفي ظل اللامبالاة العربية آنذاك بشأن تبني الخيار العسكري الفلسطيني للتحرير التقطت ايران الراية الفلسطينية وعملت تحت ظلها في إطلاق رؤيتها السياسية في المواجهة  بشعارات جوفاء لايردفها أي موقف صادق  بمعاداة الصهيونية بل العكس هو الاصوب والحقيقية من خلال  التسليح المباشر لإيران العدوان من قبل الكيان الصهيوني  أو الشركات الخاضعة للوبي الصهيوني  وان ايران كيت لدليل قاطع ، ومن المؤسف جدا" كانت سوريا هي الحليف الاستراتيجي الرئيسي لهذه النظرة ، أي ان ايران أرادت ملء الفراغ العربي في الموضوع الفلسطيني  ، إلا انه وبعد ان عجزت ايران عن استقطاب الشارع العربي أمام شعارها بالمواجهة اعتمدت على خيارها الرئيسي وهو تغذية العامل الطائفي المذهبي ، أي العمل المباشر في دعم الشيعة في الدول العربية تحت المظلة كونهم يعانون من  التهميش والحرمان من ممارسة شعائرهم  بحرية وأبعادهم عن الدور السياسي في دولهم والحقيقة هي إيجاد القاعدة الفارسية الفكرية لتكون نواة العمل اللاحق للوصول الى  أهدافهم ونواياهم  وهذا الأمر لقي تفاوتا في الاستقطاب بين  مواطني دولة  وأخرى ، وكان لبنان جزء أساسي من هذا المضمار إلا أنه في العمق لم يكن من اجل دعم الشيعة في لبنان بقدر ما هو تأمين الأرض الخصبة للتمدد الفارسي ، وهذا واضح من خلال خلق حزب الله في لبنان على حساب حركة أمل وتيار الإمام موسى الصدر الذي ارتبط مشروعه بالكيان اللبناني لا الفارسي ، ان أخطر ما تتعرض له المنطقة حاليا هو هذا الشرخ الكبير الذي يحصل نتيجة إيقاظ شعور مذهبي يعود الى مئات السنين الى الوراء من اجل استخدامه لأهداف سياسية توسعية تعيد بنا الى الشعوبية التي كانت سائدة في أواخر العصر العباسي ، قد يكون التاريخ يعيد نفسه فالحلم الفارسي عاد الى الظهور لإنعاش الإمبراطورية الفارسية تحت عباءة الإســلام ، من اجل مصالح وأهداف إيرانية لا تمت بصلة للقضية العربية ،  وهنا لابد من طرح الأسئلة الآتية

 

*هل كانت دولة إيران وحكوماتها المتعاقبة خلال العقود الماضية والأزمنة الحاضرة غائبة عن المسرح السياسي في المنطقة أم كان الحضور الإيراني بادي وأثاره المختلفة يمكن تلمسها وملاحظتها في كل جنيات الحياة السياسية والاجتماعية العربية ؟

 

* هل كانت الحكومات الإيرانية المتعاقبة حليفة للعرب أم كانت إيران طرف معادي أساسي وفاعل في حدة عداء قادتها للعرب وأوطان العرب ؟ أم أن الدور الإيراني كان محايداً بين جبهات الصراع المحتدمة في المنطقة ؟

 

والإجابة على هذه الأسئلة إجابة مباشر لا بد من استرجاع الماضي وبما ثبته التأريخ و استعمال المقاييس العلمية المعروفة والمتفق عليها في علم السياسة بشكل عام ، وعلم العلاقات الدولية بشكل خاص لتحديد نوع الإجابة  ،  فالعلوم السياسية حددت المقاييس العلمية لوصف وتعريف العدو والصديق  والحليف والمحتل والغازي ....... الخ  ،  وتعريف ووصف ملامح الأطراف المحايدة وطبيعة تصرفاتها في حقل الأزمات وفي عالم العلاقات بين الدول

 

تبع رجاءا"

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٩ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٦ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور