رسالة مفتوحة الى سيادة الرئيس باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

 
 
 
شبكة المنصور
المحامي ودود فوزي شمس الدين
مدير المركز العراقي لحقوق الإنسان

سيادة الرئيس باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المحترم

رسالة مفتوحة

 

إن جريمة العدوان على العراق وغزوه واحتلاله من قبل الادارة الجمهورية السابقة للولايات المتحدة كانت من اشد الإعمال خطورة على المجتمع الدولي وانتهاكا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وخاصة الفقرة (4) من المادة الثانية من الميثاق كم إن مجلس الأمن عندما تبنى القرار 1441 لسنة 2002 لم يمنح الترخيص لاستخدام القوة إنما فسرت الادارة الأمريكية السابقة القرار بالشكل الذي تريد بعد إن مارست اكبر عملية غش وخداع وكذب وتظليل للأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن بل وللعالم اجمع إثناء وبعد تبني القرار 1441 عندما أعلن مندوب أمريكا في مجلس الأمن (ولا يتضمن هذا القرار كما قلنا لأعضاء مجلس الأمن في مناسبات عديدة أية زنادات خفية أو تصرف تلقائي فيما يتعلق باستخدام القوة وفي حالة إبلاغ اللجنة أو الوكالة اواحدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن بحدوث انتهاك عراقي أخر سيعود الأمر إلى مجلس الأمن لإجراء مشاورات على النحو الذي تقتضيه الفقرة( 12)وأيده في ذلك سفير المملكة المتحدة غرينستوك .

 

بينما قامت الولايات المتحدة ومن تحالف معها بارتكاب جريمة العدوان واحتلال العراق في الوقت الذي تتضمن المادة (41/2) من مواد مفوضية القانون الدولي وكقاعدة إمرة من قواعد القانون العرفي الدولي على :

 

(ما ينبغي لأية دولة إن تعترف بقانونية وضع نشا عن انتهاك خطير ) وقد قبلت أمريكا هذا المبدأ وفقا للمادة (11) من اتفاقية مونتيفيديو حول حقوق وواجبات الدول كما وافقت أمريكا على قرار المؤتمر الدولي السادس للدول الأمريكية والذي أدان العدوان وذلك في 18/2/1928.

 

ولان ما جرى في العراق كان تدميرا شاملا للمدن والقرى والبلدان والتدمير غير المبرر لضرورات عسكرية والاستخدام المفرط للقوة وهي جميعا إعمال محظورة في القانون الدولي .

 

واستنادا إلى :

ميثاق نورمبرغ 1945

حكم نورمبرغ 1946

مباديء نورمبرغ 1950

 

الفقرة (498)من الدليل الميداني للجيش الامريكي رقم 27-10لسنة 1956تكون الولايات المتحدة قد ارتكبت جريمة العدوان المعاقب عليها دوليا .

 

ولان الاحتلال باطل ووفقا للقاعدة القانونية (كل ما يبنى على الباطل فهو باطل )ووفقا لهذه الأسس القانونية فاني كمحامي وباحث قانوني عراقي ومدير المركز العراقي لحقوق الإنسان ومعي الغالبية العظمى من الشعب العراقي المغلوب على أمره نعتبر إن كل ما جرى ويجري في العراق بعد غزوه واحتلاله باطل بطلانا مطلقا ولا تترتب أية حقوق للدول التي شاركت وساهمت أو سهلت لارتكاب هذه الجريمة سواء وطنيا من خلال الحكومات الألعوبة وكما يسميها الدليل الميداني للجيش الامريكي أو الدول التي ارتكبت جريمة العدوان .

 

وحيث إن الولايات المتحدة باعتبارها محتلا محاربا لم تكن مالكة للسيادة في العراق وفقا للفقرة (358) من الدليل الميداني للجيش الامريكي لكي تنقلها إلى حكومتها الألعوبة في 30/6/2004كما إن مجلس الأمن لا يمتلك السلطة أو القوة لتغيير قوانين الحرب لأنها أعراف دولية ملزمة في القانون الدولي فان العراق يبقى دولة منقوصة السيادة وفقا لاتفاقيات لاهاي 1907 واتفاقيات جنيف الأربع 1949 والدليل الميداني للجيش الامريكي 1956 والقانون الدولي والأعراف الدولية وباعتباركم رجل قانون اعرف بذلك وبالتأكيد اطلعتم على أراء مستشاريكم القانونين قبل وبعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وعليه طرحتم شعار التغيير والانسحاب من العراق في أولويات حملتكم الانتخابية وعلى هذا الأساس حصلتم على ثقة الناخب الامريكي وترقب العالم الذي يأمل وضع هذه الشعارات موضع التنفيذ الفعلي لإعادة الاعتبار لسمعة بلدكم التي تلطخت بالجرائم الخطيرة والفظيعة التي ارتكبتها قواتكم في بلدي العراق ومنها فضيحة سجن أبو غريب وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي أفرزتها جريمة العدوان التي ارتكبتها دولتكم بغزوها واحتلالها للعراق عام 2003 .

 

سيادة الرئيس

إن العراق اليوم في ظل الاحتلال يعيش اسوء أيامه بسبب جرائم القتل المنظمة التي تمارسها فرق الموت وفيلق القدس الإيراني والإرهاب المنظم والتدمير الكامل للبنى التحتية بحيث افتقد المواطن إلى ابسط الخدمات كالكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات الصحية والتعليمية وفي مقدمة الأشياء التي فقدها الأمن والأمان .

إن العراق الجديد اليوم يحتل المراتب الأولى عالميا في الفساد الإداري والمالي ونهب المال العام وتفشي الرشوة وان معدل وفيات الأطفال تضاعفت ثلاث مرات نتيجة الحرب وان أكثر من مليون ونصف المليون من العراقيين قتلوا بسبب الحرب وشرد أكثر من أربعة ملايين من أبنائه إلى الخارج وان أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر في الوقت الذي بلغ معدل سعر برميل البترول 70 دولارا وان أكثر من 60%من القادرين على العمل يعانون من البطالة وتفشى تعاطي المخدرات في الوقت الذي كان العراق قبل الاحتلال من البلدان الخالية من المخدرات حسب تقارير منظمات الأمم المتحدة المعنية كما إن عشرات الآلاف من أبناء العراق رجالا ونساء وأطفالا يقبعون في سجون قواتكم وسجون ومعتقلات الحكومة الألعوبة في انتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق المرأة بينما اصدر النظام الوطني العراقي قبل الاحتلال قانونا منع بموجبه توقيف المرأة أو اعتقالها إلا بعد صدور قرار بحقها بالإدانة من القضاء وبعد اكتساب القرار درحة البتات .

 

وإفراد يتعرضون للاهانة والحط من الكرامة والتعذيب والإخفاء ألقسري والتهجير ألقسري واعتقالات بسبب الانتماء الطائفي والسياسي في انتهاك واضح وخطير للقانون الدولي وحقوق الإنسان في الوقت الذي تدعي دولتكم أنها راعية لحقوق الإنسان  واصدر الحاكم المدني المعين من ادارة دولتكم أكثر القوانين انتهاكا لحقوق الإنسان إلا وهو قانون اجتثاث البعث وبديله قانون المسالة والعدالة في انتهاك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

 

فهل تقبل سيادة الرئيس إن تحتل دولتكم وتصدر سلطة الاحتلال فيها قانونا باجتثاث حزبك الديمقراطي أو الحزب الجمهوري رغم إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة في ظل الحزبين مارست ارهاب الدولة واقترفت جرائم بشعة في الكثير من دول العالم تارة تحت ذريعة مكافحة الشيوعية وأخرى لمكافحة الإرهاب .

 

سيادة الرئيس

إن أكثر من إلف عراقي بينهم (126)امرأة ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بهم بعد محاكمة صورية لا تتوفر فيها ادني شروط المحاكمة العادلة ومؤخرا تم اعتقال مجموعة من النساء في معتقل مديرية الجرائم الكبرى ويتعرضن لأقسى صنوف التعذيب وهن :

 

  • سعدية جاسم محمد –بغداد – الشعب .

  • رانية إبراهيم –ديالى – قرية القبة

  • أبتسال علي صالح –ديالى – قرية القبة

  • ابتسام حيدر عدنان –ديالى – ناحية بني سعد

  • أمينة تحرير – ديالى – المقدادية

  • غنية حيدر عمران –ديالى – بهرز

  • السيدة (كرم) أم عمر – ديالى – بعقوبة وأنت تعرف كم من النساء العراقيات تعرضن إلى الاغتصاب والحمل ألقسري على أيدي قواتكم وقوات حكومتكم الألعوبة ولا اعتقد انك لم تسمع بقضية عبير الجنابي وإفراد عائلتها .

 

ويقبع في سجون قواتكم وسجون الحكومة الألعوبة المئات من أركان النظام الوطني والقادة العسكريين وهم يتعرضون إلى صنوف التعذيب والاهانة والحط من الكرامة والحرمان من الحقوق الأساسية في محاكمات قالت عنها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس وتش وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أنها تفتقر إلى ادني شروط المحاكة العادلة للتخلص منهم تنفيذا لمقررات مؤتمر ايباك حزيران 1990 ومطالب حكام طهران ولا اعتقد انك لم تطلع على هذه التقارير وهي كلها إعمال منتهكة للقانون الدولي فهل هذه هي الديمقراطية التي جلبتها قواتكم المحتلة إلى العراق ؟

 

سيادة الرئيس

لقد أصبح العراق المحتل اليوم ساحة للجريمة المنظمة والإرهاب الدولي فمن الأربعاء الدامي إلى الأحد الدامي إلى الثلاثاء الدامي أصبحت أيام العراقيين كلها دامية وان المسؤولية الأخلاقية والقانونية والاعتبارية تقع على قواتكم باعتبار دولتكم دولة محتلة للعراق وان أصابع الاتهام توجه إلى قواتكم لأنها تقف متفرجة على هذه الجرائم وتتغاضى عن التدخل الإيراني السافر في شؤون العراق الداخلية وتقدم حكومتكم دعما غير محدود لمجموعة العصابة التي نصبت من قبلكم لحكم العراق والتي لأهم لها سوى المزيد من أراقه الدماء البريئة وسرقة ونهب المال العام وهم يعيشون في راحة وأمان في المنطقة الدولية الخضراء وتقيم غوائلهم خارج البلاد ويتمتعون بامتيازات لا تتمتع بها أنت رغم انك تشغل رئاسة الدولة الأعظم في العالم .

 

إن سلطة الاحتلال أسست لعملية سياسية  في العراق بعد الاحتلال مبنية على المحاصصة والطائفية والعرقية وفق منهج تدريجي لتقسيم العراق إلى دويلات متناحرة ضعيفة إما لعبة الانتخابات فهي لا تختلف عن العملية السياسية الشوهاء بل هي متممة لها لكي يقال للشعب الامريكي إن الاحتلال حقق ديمقراطية في العراق بعد إن ثبت كذب الادعاء بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب هذه الديمقراطية الفريدة في العالم والتي سميت بالتوافقية للإبقاء على الانقسام والتناحر بين إطرافها للحصول على المزيد من المكاسب الشخصية والحزبية الضيقة على حساب الآلام ومعاناة ودماء الشعب العراقي ودستور فيه الكثير من الألغام الموقوتة منها الفدرالية وقضية كركوك وتقسيم الشعب إلى قوميات وطوائف واديان .

 

ورغم إن حكومتكم مارست كل ضغوطها من اجل إقرار تعديل قانون الانتخابات وبالشكل المقترح من بعثة الأمم المتحدة وموافقة حكومتكم عليه وإلزام إطراف العملية السياسية لتبنيها فاني أقول إن الانتخابات القادمة سوف لن تحدث تغييرا دراماتيكيا في الساحة السياسية العراقية فالقوى الليبرالية والعلمانية في أحسن الأحوال لن تستطيع الحصول على أكثر من 120 -150 مقعد في مجلس النواب القادم وتحصل الأحزاب الطائفية على بقية المقاعد بعد طرح حصة الأحزاب الكردية منها سواء بالتزوير أو شراء الذمم أو الإرهاب أو الفتاوى وبسبب ضغوط إيران على الأكراد والأحزاب الطائفية المرتبطة بها ستشكل أغلبية أيضا في البرلمان القادم وتشكل حكومة على غرار الحكومة الحالية وربما تحدث تغييرات في الوجوه إما سياسة الحكومة فتظل على حالها مبنية على الطائفية والعرقية وتبادل المنافع وزيادة تهميش المكونات الوطنية والكفاءة لتراق المزيد من دماء الشعب العراقي على محراب ديمقراطيتكم الزائفة طالما إنكم تحققون مصالحكم وأهدافكم في العراق إما الشعب العراقي فليذهب إلى الجحيم هذا الشعب الذي قدر له إن يخضع لغطرسة وإرهاب القوة الأعظم في العالم .

 

سيادة الرئيس

إن إدارتكم إذا أرادت فعلا إن تعيد هيبة الولايات المتحدة واعتبارها في العالم عليها إن تصحح خطا الادارة السابقة ولا يمكن إن يتم ذلك إلا بأفعال على الأرض منها :

 

  • صدور قرار من مجلس الأمن وفقا للفصل السابع من الميثاق يحظر أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي العراقي وخصوصا إيران وإلا تعرضت للجزاءات الواردة في الفصل السابع.

 

  • إعادة الجيش العراقي السابق إلى الخدمة وفي المرحلة الأولى من رتبة مقدم فما دون ليتولى هذا الجيش المحترف حماية حدود العراق وأمنه الخارجي

 

  • إعادة قوى الأمن الداخلي ضباطا ومراتب إلى الخدمة لتتولى الحفاظ على الأمن الداخلي وامن المواطن وتطهير الجيش وقوى الأمن الداخلي من الميليشيات التي دمجت بهما.

 

  • إلغاء قانون المسالة والعدالة وكل الآثار المترتبة عليه وإلغاء المحكمة الجنائية العراقية العليا وترك الأمور بيد القضاء العراقي الاعتيادي لنظر في الشكاوى ومحاسبة من يثبت انه ارتكب جرائم بحق الشعب وخاصة إن المحاكم الخاصة محظورة في القانون الدولي .

 

  • إطلاق سراح كافة المعتقلين الذين لا توجد أدلة تدينهم واطلاق سراح كافة المعتقلين المتهمين بمقاومة الاحتلال لان مقاومة المحتل مشروعة وفقا لميثاق الأمم المتحدة .

 

  • الاعتراف بالقاومة الوطنية العراقية وبالقوى المناهضة للاحتلال باعتبارها الممثلة الحقيقية لمصالح الشعب العراقي والتفاوض معها لتامين انسحاب امن للقوات المحتلة من العراق .وتشكيل حكومة انتقالية لمدة عامين تتولى الإعداد لدستور عراقي دائم يؤمن مصالح كل أطياف الشعب العراقي وبشكل عادل وبإشراف من مجلس الأمن وضمان حكم ذاتي حقيقي للشعب الكردي الشقيق ضمن العراق الواحد الموحد .

 

  • الإعداد لانتخابات حقيقية نزيهة بعد إجراء استفتاء عام للسكان بإشراف الأمم المتحدة لانتخاب حكومة عراقية ديمقراطية تتداول فيه السلطة عبر صناديق الاقتراع وبإشراف الأمم المتحدة .

 

  • إعادة حقوق العراق المسلوبة من الكويت واعادة الحالة بين الدولتين إلى ما قبل إحداث 1990 لإنهاء أية حالات للتوتر بين الدولتين .

 

  • بناء علاقات متكافئة بين العراق والولايات المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة .

 

  • إعداد مشروع دولي بإشراف الأمم المتحدة لإعادة أعمار العراق والتوزيع العادل لثرواته الطبيعية .

 

  • إخراج العراق من إحكام الفصل السابع من الميثاق بعد انتخاب الحكومة العراقية بعد فترة الانتقال ليعود العراق إلى المجتمع الدولي ويكون عنصرا فاعلا للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

 

سيادة الرئيس

إن الاعتراف بالخطأ فضيلة والاستمرار يه رذيلة وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وان الرهان على العملية السياسية الشوهاء أثبتت تجربة السنوات الماضية انه رهان خاسر وان العالم ينتظر منكم الإيفاء بتعهداتكم للشعب الامريكي والشعب العراقي لتحقيق استقراره وأمنه وازدهاره وبغير ذلك سيبقى نزيف الدم مستمرا والضحية الشعب العراقي وإفراد قواتكم المحتلة في العراق .

 

إن القرارات التاريخية تحتاج إلى رجال شجعان ورجال سلام حقيقيين وان مجرد الاستنكار لما يجري في العراق لن يحل من مأساة شعبه فهل ستكون يا سيادة الرئيس داعية السلام الحقيقي في العالم وتكون جائزة نوبل للسلام التي منحت لكم في محلها نأمل ذلك.

 

المحامي

ودود فوزي شمس الدين

مدير المركز العراقي لحقوق الإنسان

بغداد ٠٩ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

 
ihrcenter@yahoo.com
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٢٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور