المدافعون عن الاستعمار الايراني : من هم ؟

﴿ الحلقة العاشرة
 
 
 
شبكة المنصور
صلاح المختار

الصديق هو الذي يعرف اغنية قلبك ويستطيع ان يغنيها لك عندما تنسى كلماتها

مثل

 

ايران استعمار اقليمي مساوم

 

اما عن ( ممانعة ) ايران و( مناهضتها ) لامريكا وكونها تخوض الصراع معها ، كما يروج الطابور الايراني الخامس ، فان الواقع الايراني ومؤشرات الوضعين الاقليمي والدولي ، رسميا وفعليا ،  تكذب هذه الدعاية السوداء التي يروجها امثال التونسي والاسلاموي المصري ورفيق دربه في معاداة العروبة الناصروي المصري . وفيما يلي بعض المواقف الايرانية الاخيرة ، بالاضافة لما نشرناه في دراسات سابقة ، التي تؤكد ان ايران متلاقية جوهريا ، ستراتيجيا ومبدأيا وتكتيكيا ، مع امريكا والكيان الصهيوني حول هدف محدد وخطير جدا هو تقسيم الاقطار العربية ومحو الهوية القومية لتلك الاقطار وتقاسمها :

 

1– فبعد سلسلة طويلة من الاعترافات والوثائق  التي تثبت ان ايران لها اتصالات مباشرة مع امريكا هدفها عقد صفقات تتناقض مع ما تعلنه رسميا غطت مرحلة الثمانينيات ، مثل ايرانجيت ، والتسعينيات مثل التواطوأ مع امريكا في عدوان عام 1991 ، وتوجت بحقائق مذهلة في القرن الجديد واهمها التعاون الايراني المفتوح والرسمي مع امريكا في غز العراق وافغانستان ، بعد هذا كله تأتي وزيرة خارجية سويسرا ميشلين كالمه ريه لتؤكد في الحادي عشر من شهر نيسان 2009  ماذكرته صحيفة  LE Temps ، وهي من كبريات الصحف السويسرية الناطقة باللغة الفرنسية ، عن حصول إجتماعات سرية على مستوى غير رسمي ضمت عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات وغيرهم بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل وبمشاركة أوربية . وأكدت الوزيرة ميشلين ان سويسرا شاركت في تلك الاجتماعات ضمن الوفد الاوربي ، وأشار أحد الشخصيات السويسرية التي شاركت في تلك الاجتماعات الى ان  الاجتماعات تلك قد بدأت مباشرة عقب احتلال العراق  وعقدت جميعها في جنيف باستثناء الاجتماعين الاخيرين حيث عقدا في دولة أوربية لم يسمها.

 

2 – وفي تصريح خطير كشف بشكل حاسم ونهائي حقيقة الموقف الايراني من القضية الفلسطينية   أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن " لا مشكلة  لديه في أن يتوصل الفلسطينيون إلى اتفاق سلام مع إسرائيل يقوم على حل " الدولتين " . وقال الرئيس الإيراني في مقابلة تلفزيونية مع شبكة  أي.بي. سي  الأميركية ( إنه  مهما كان القرار الذي يتخذه (الفلسطينيون) فلا مشكلة بالنسبة إلينا ، ولن نحول دونه ، ومهما كان القرار الذي سيتخذونه فإننا سندعمه )  . وأضاف أنه ( بالنسبة إلينا المسألة تتعلق بحق للشعب الفلسطيني ونأمل أن تكون وجهة نظر الدول الأخرى على هذا النحو ) . (شبكة الواحة يوم 27/04/2009  ).

 

ويسلط كاتب فلسطيني الضوء على موقف ايران الحاسم هذا ، ففي مقال حمل عنوان (قراءة لأخطر تصريح لنجاد حول القضية الفلسطينية‏ ) بقلم الاستاذ سميح خلف - رئيس تحرير صحيفة " فلسطيننا " وردت فيه الفقرة التالية : ( في مقابلة له مع " السي أن أن " أوضح نجاد موقف إيران مع رياح المتغيرات الجديدة في المنطقة وخاصة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة أوباما ، فإيران ليست بحاجة إلى تصريحات لها صبغة التطرف الآن ، وخاصة بخصوص القضية الفلسطينية ، ولقد سبقها تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة في غزل مباشر يقر الدور الإيراني في المنطقة ومناطق أخرى في العالم ، ولذلك إيران الآن ليست بحاجة للشعار القائل بأن فلسطين التاريخية للفلسطينيين ، فالنظام الإيراني كغيره من الأنظمة يتعامل مع القضية الفلسطينية بشكل مرحلي وبشكل انتفاعي قبل أن يكون شكل مبدأي ، وهذه التوجسات التي كانت تخيفنا دائما من الموقف الإيراني . إيران منذ عام أو منذ شهور ليست إيران بتصريحاتها للـ  cnn) .

 

واضاف : ( إيران التي كانت لا تقر بالوجود الصهيوني على أرض فلسطين وتعتبر " المحرقة " مجرد تزييف تاريخي ها هي الآن ومن خلال ثاني مسؤول فيها السيد نجاد رئيس الجمهورية الإيرانية ينسف كل ما تحدث به من أعوام سابقة حول القضية الفلسطينية وحول قضية الوجود للكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية ، وتحولت أميركا " الشيطان الأكبر " وربيبتها الصهيونية إلى أميركا التي يمكن أن تتقاسم معها إيران النفوذ في " منطقة الشرق الأوسط " في علاقة إستراتيجية قائمة على التقاسم في المصالح ، ومن خلال هذا المفهوم فإن الوجود الصهيوني على أرض فلسطين أصبح مقر من خلال ما تحدث به الرئيس الإيراني ) .

 

ويحدد خلف اهمية التصريح فيقول : ( تصريح في غاية الخطورة على مستقبل الصراع العربي الصهيوني والعلاقات مع الأمة العربية ، يقول نجاد للـ CNN مجيبا على مقدم البرنامج جورج سيتفانوبولس أن حكومته ستقبل بحل دولتين ، " إسرائيلية " وفلسطينية ، في سياق اتفاق يقبل به الفلسطينيون .

 

ويتابع خلف مقاله : ( وبذلك تسلك الحكومة الإيرانية عن طريق رئيس جمهوريتها سلوك بعض الأنظمة العربية التي رمت الكرة في الملعب الفلسطيني وأقامت علاقات مع الصهيونية بحجة أن الفلسطينيين هم أصحاب القرار وهم أصحاب البرنامج بالإعتراف بالصهيونية والوجود الصهيوني على الأرض الفلسطينية ، مبررات خاطئة أوصلتها بعض الأنظمة لشعوبها في حين أن تلك الأنظمة قد صنعت إتفاقيات بشكل أو بآخر مع الكيان الصهيوني قبل أوسلو في 93 ) . الكاتب الفلسطيني الرافض للتسوية السياسية للصراع العربي الصهيوني يضع ايران ، وبحق وصواب تامين ، في نفس مكان الانظمة العربية التي تعترف باسرائيل .

 

ويفسر خلف الموقف الايراني كما يلي : ( تصريحات نجاد هي اعتذار مبطن على جمله ومواقفه في (مؤتمر ديربان) في جنيف الأسبوع الماضي ، وإيران تقدم أيضا فلسطين لقد دعت أميركا إيران لتقاسم النفوذ في أفغانستان ، ناهيك عن الموقف الإيراني من الإجتياح الأمريكي لأفغانستان ، ودعت أميركا إيران لتقاسم النفوذ الأمني والسياسي في العراق ودعت أميركا إيران لتقاسم النفوذ في لبنان ، وما يحدث في لبنان هو تقاسم ومحاصصة للمصالح بين الدولتين ، ومع الدول الغربية أيضا ، وها هي إيران ومن خلال تصريحات رئيسها تتخلى عن المقاومة الفلسطينية لصالح حل الدولتين والإعتراف بالصهيونية على أرض فلسطين بمبرر واهي وهو خيار الشعب الفلسطيني ، ولذلك نقول أن تلك المبررات تسقطها الحقيقة القائمة من تقاسم للنفوذ بين إيران وأميركا ، والحقيقة تقول أيضا أن القضية الفلسطينية والوجود الصهيوني على أرض فلسطين هي قضية لا تقبل المساومة ولا تقبل أن توضع تحت لائحة المصالح ، فالقضية الفلسطينية هي قضية احتلال عنصري إستيطاني على أرض فلسطين ولن ترضى الأمة العربية والإسلامية بهذا الوجود الذي وجد منذ بدايته على خريطة المصالح الدولية والأطماع الإمبريالية ).

 

ويختتم الكاتب الفلسطيني مقاله بالخلاصة التالية : ( المقاومة الفلسطينية من خلال رسالة نجاد مع الـ CNN وفي توافق في الزمن مع إجتماع كل من تيار أوسلو وحماس في القاهرة هي ورقة أيضا لصالح تيار أوسلو تدفعها الحكومة الإيرانية للجانب الأمريكي والصهيوني ، ووضع المقاومة وأولها حماس بين فكي كماشة وضغوط من أجل الموافقة على برنامج سلطة رام الله الذي عبر عنه رئيس تيار أوسلو اليوم في تصريحه على أي حكومة تشكل أن تعترف بإلتزامات السلطة ومنظمة التحرير بدون إلزام للفصائل، وهنا تحايل والتفاف يؤدي في النهاية إلى الإقرار بالسلوم السياسي والأمني لسلطة رام الله في حفظ الأمن للإحتلال وإنهاء كل المعايير والمفاهيم التي تقول أن الكيان الصهيوني هو عدو محتل إستيطاني لفلسطين وامتدادات ذلك أيضا الخطورة التي تتمثل على أن المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني ، من تصريحات نجاد المقاومة الفلسطينية والمطلب الفلسطيني في خطر وفي موقف لا تحسد عليه في ظل برنامج عربي متقاعس وطموح إيراني في المنطقة وتقاسم للنفوذ بين إيران وأميركا والغرب ، يمكن أن يؤدي إلى حقائق أخرى على الأرض العربية وبالضرورة ينعكس ذلك على المقاومة الفلسطينية وطرق الدعم اللوجستي وغير اللوجستي ، فحصار المقاومة الآن في بوابة جديدة تختلف عن بوابة رفح وقفل المعابر، فهناك وجه آخر لحصار المقاومة الفلسطينية وفصائلها ) .

 

هذا التحليل الصحيح والسليم لموقف ايران الذي قدمه الاستاذ سميح خلف يكشف عن حقيقة ان ايران تساوم على القضية الفلسطينية بعد ان ساومت على افغانستان والعراق ، مما يضع الموقف الخاص بحماس تحت ضغط ايراني يضاف الى الضغوط العربية كي تقبل بلا تحفظ او تردد الاعتراف باسرائيل ، من جهة ، ويحدد بدقة موقف ايران بصفتها دولة تتبنى سياسة تجاه القضية الفلسطينية لا تختلف من حيث الجوهر عن موقف السادات واي حكومة عربية اعترفت بالكيان الصهيوني او اعلنت استعدادها للاعتراف به ، من جهة ثانية .

 

انها شهادة فلسطينية تكمن قيمتها في ان صاحبها رافض لمواقف انظمة التسوية والاستسلام وفاضح للدور الخياني لسلطة محمود عباس التي لم تكتفي ببيع فلسطين بل ذهبت الى العراق ، وبالذات لمنطقة التمرد الانفصالي في شمال العراق ، لتبيعه باسم فلسطين للامريكيين ، وهي لذلك شهادة وطنية مهمة جدا ولا يمكن فهم الموقف الفلسطيني الحقيقي تجاه ايران من دون الانتباه اليها .

 

3 – وفي نفس الفترة التي اطلق فيها احمدي نجاد تصريحه الانقلابي حول الاعتراف باسرائيل قامت ايران بشكل لافت للنظر بتأكيد ان الخليج العربي فارسي ! تقول شبكة – واحةProTrader  – نقلا عن الجزيرة نت ، ان ايران جددت تأكيدها على أن الخليج " فارسي " وليس عربيا، وأكدت أن ما وصفته بتغيير اسم الخليج هو مؤامرة خارجية ) . من قال ذلك ؟ تقول الشبكة ( قال علي أکبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية للشؤون الدولية إن تسمية منطقة الخليج " الخليج العربي " بدل " الخليج الفارسي " مؤامرة بريطانية . وأكد أن البريطانيين هم أول من طرح هذه التسمية " وزعموا أنه بما أن السكان القاطنين على سواحله ناطقون بالعربية فيجب تسميته بالخليج العربي " معتبرا أن " هذا التصور فارغ ولا أساس له " .

 

و( أضاف ولايتي في کلمة له الأربعاء في ملتقى ما يسمى (الخليج الفارسي) أن بلاده ستبقي على تسمية " الخليج الفارسي کما کان دوما " وأن هذا الاسم " سيستخدم في مسار تطوير ونمو وازدهار إيران ". وقال أيضا " رأينا في العقود الأخيرة مزاعم طرحت حول هذه البقعة الجغرافية ، ولكن شعبنا على يقظة تامة دوما بشأن هذه المؤامرات التي تحاك من قبل الأعداء ‌من أجل تغيير اسم الخليج الفارسي ". وأشار المسؤول الإيراني إلى ما اعتبرها " قرارات سياسية تتخذ من قبل بعض الجهات الخارجية " التي لم يسمها لـ " تغيير اسم الخليج الفارسي ".

 

ملاحظة جديدة اضيفت على هذه الدراسة في شهر كانون الاول 2009 : بعد هذا التصريح لعلي اكبر ولايتي بحوالي ستة شهور يتقدم هذا الزعيم الايراني ، الذي يحتل وظيفة المستشار الاعلى لعلي خامنئي ، خطوة اكثر جرأة في الكشف عن هوية  النظام الايراني الحقيقية ، اذ انه قال حرفيا ما يلي : ("ما نراه في النقوش البارزة لـ " تخت جمشيد " ( بقايا القصر الأخميني قبل 2500 عام ) يعبر عن الطهارة والعظمة، وذلك على خلاف الآثار المصرية والرومانية واليونانية والغربية بشكل عام التي تعكس سوء الأخلاق والعبودية " . ) لاحظوا النزعة العنصرية الفارسية التي تحاول الحط من شأن الحضارات الاخرى . ويتابع التقرير الذي ورد فيه التصريح فيقول : (وأثناء حديثه في برنامج "خطوتين حتى الصبح" على التلفزيون الرسمي الإيراني، أطلق ولايتي عبارات التمجيد للفرس وملوكهم وفضلهم وعظمتهم قبل الإسلام . وشدد خلال حديثه في أكثر من مرة على إطلاق اسم  " بلاد فارس " على إيران ، وتذرع بأن إطلاق هذا الاسم على بلاده يأتي من قبل العرب بشكل خاص.

 

يقول التقرير : ( جدير بالذكر أن الأوساط القومية الفارسية المتطرفة تطالب بإطلاق اسم "فارس" على إيران التي تتسم بالتعدد القومي وتضم إلى جانب الفرس قوميات أخرى كالترك والبلوش والتركمان والكرد والعرب واللور، وتشكل هذه المجموعات الإثنية طبقاً لبعض المصادر 60% من سكان إيران مقابل 40% للفرس.)

 

وواصل التقرير الكشف عن النهج الحقيقي لايران بقوله : (ورأى مستشار خامنئي أنه من الضروري إعلاء قيمة الخدمات المزعومة التي قدمتها المدرسة الفارسية للعلم والثقافة والفن والمذهب في إيران"، واعتبر أن قصر تخت جمشيد "برسبوليس" هو الرمز البارز لهذه المدرسة. المعروف أن الحركات القومية الفارسية تتخذ من بقايا قصر تخت جمشيد الذي يقع في إقليم فارس بالقرب من مدينة شيراز، وأقيم قبل 2500 عام على يد الملك قوروش رمزًا قوميًا فارسيًا. )

 

ان السؤال الذي تثيره هذه التصريحات الجريئة جدا هو التالي : من هو الذي يقول هذا الكلام ؟ انه المستشار الاعلى لمن يسمى ب ( المرشد الاعلى ) لايران ، اي ديكتاتورها الاوحد ومرجع  كل من يؤمن بولاية الفقيه ، الامر الذي يجعل هذه الاقوال قريبة من خامنئي واطلقت برضاه حتما .

 

ويذكر التقرير رد فعل يؤكد ان ما قاله ولايتي ليس رايه الفردي فيقول : ( وفي ردود الأفعال على هذه التصريحات التي تمجد الثقافة الفارسية أعرب موقع "تابناك" القريب من محسن رضائي القائد الأسبق للحرس الثوري، عن ترحيبه بتصريحات علي أكبر ولايتي وادعى أنها شفافة وصريحة وتقف في وجه أولئك الذين يحاولون طمس الحضارة الفارسية وملوكها قبل الإسلام . )  . ومن الضروري ان نذكّر هنا ان محسن رضائي كان مرشحا للرئاسة في الانتخابات الاخيرة عن التيار المحافظ ، فتصوروا محافظ متشدد دينيا يفاخر بالقومية الفارسية !

 

ولادراك حقيقة اقوال علي اكبر ولايتي ومصدرها ومرجعيتها ارجو تدقيق تعليق التقرير الذي اورد هذه التصريحات ، يقول التقرير معلقا : (وكان الباحث – الايراني - ناصر بوربيرار قد كشف بالأدلة أن ملوك الفرس هم المسئولون عن جريمة إيقاف عجلة التاريخ والحضارة في الشرق الأوسط لمدة 1200 عام حتى ظهور الإسلام وذلك على خلفية هجومهم بدعم من اليهود قبل 2500 سنة على بابل التي كانت تعد مركز الحضارة والثقافة والعلم في العالم . وأكد الباحث التاريخي الإيراني أن الآثار الفارسية هي تقليد بدائي لإنجازات حضارة بين النهرين وعيلام ، وأن قصر تخت جمشيد الذي أصبح رمزًا للقوميين الفرس يحمل الكثير من الإشارات البابلية والعيلامية. ) ، مصدر التقرير : شبكة مفكرة الاسلام 13 / 11 / 2009 .

 

أذن ما قاله علي اكبر ولايتي ما هو الا تمجيد فارغ لا تسنده وقائع التاريخ الحقيقي للفرس ، هذا هو ما اكده باحث ايراني مختص اسمه ناصر بوربيرار وليس باحث عربي .

 

بالطبع نحن لا نعترض على تفاخر ولايتي بامجاد فارس القومية فهذا حقه ، ولكننا نعترض على التخفي تحت عباءة الاسلام والطائفة ومحاولة اخفاء الدافع القومي الفارسي عند الترويج لايران ومهاجمة الانتماء القومي للعرب ووصفه بانه من   مخلفات الجاهلية التي تتعارض مع الاسلام ! ان اعتراضنا يتمثل في السؤالين التاليين : لم من حق قادة ايران التفاخر بامجاد فارس وليس من حق العرب التفاخر بامجاد الحضارات العربية ؟ ولم تستخدم ايران الاسلام غطاء لنشر نفوذها مع انها دولة قومية ؟

 

هذه الملاحظات تؤكد ، بما لا يقبل الشك ، حقيقة ان النظام الحالي في ايران هو نظام قومي فارسي اشد تعصبا من نظام الشاه ولكنه اكثر ذكاء منه ، ومن ثم فانه نظام قادر على تحقيق ما فشل الشاه فيه وهو احتلال قلوب بعض العرب تمهيدا لغزو اراضيهم وتقسيم اقطارهم ، لان النظام الحالي استخدم الاسلام والطائفة غطائين لاخفاء الدافع القومي بينما الشاه كان يتصرف بعنجهية قومية عزلته عن المحيط العربي فورا وبسرعة وقوة . لكن للتاريخ سخريته الحتمية فمن بدء يعمل لتضليل الناس باسم الاسلام وصل الان الى مرحلة افتضح امره وبانت هويته الحقيقية بعد ان مارس سياسات قومية عنصرية استعمارية  عندما اتيحت له الفرصة ، كما حصل في العراق اثناء وبعد الغزو ، ولهذا فان نظام الملالي بنظر الاغلبية الساحقة من العرب هو نظام قومي اشد تعصبا من نظام الشاه ، وهكذا عادت ايران الملالي الى نقطة نهاية سياسات الشاه التوسعية ، وهي عزلتها وادانتها ، ولم يعد بامكانها التحدث باسم الاسلام ، وهنا جاء دور الكشف رسميا عن الانتماء والهوية الحقيقية لنظام الملالي وهو ما فعله ولايتي .

 

تخيلوا ايران التي توصف ب ( الاسلامية ) والمدافعة عن فلسطين ، طبقا للتونسي والمصري واضرابهما من الطابور الخامس ، تصر على تسمية الخليج بالفارسي وتلتزم  بسياسة قومية صريحة ؟ ومن سوء حظ ولاياتي وزير خارجية ايران الاسبق والمستشار الاعلى لعلي خامنئي زعيم ايران الاوحد ، انه يذكّر بحقيقة لها معان كبيرة تحدد هوية الخليج وهي حقيقة ان سكان ضفتي الخليج العربي الشرقية ، التي تحتلها ايران ، والغربية التي فيها دول الخليج العربي هم عرب . فاذا كانت ايران تصر على تسمية الخليج بالفارسي وتصر على احتلال الجزر الاماراتية وتواصل احتلال اراض ومياه عراقية وتسرق نفط العراق ، وتصر على ايرانية البحرين وغيرذلك ، فاين الهوية الاسلامية لايران ؟ وكيف يجب ان تعبر الهوية الاسلامية عن نفسها لو كانت حقيقية ؟ وكيف تختلف عن الكيان الصهيوني الذي هو الاخر يحتل فلسطين ؟ وهل يستطيع التونسي والمصري واضرابهما تحديد اين يكمن الطابع التحرري للنظام الايراني بعد كل هذه الحقائق ؟

 

السؤال الذي يفرض نفسه هو : ما معنى ان يصبح موضوع تسمية الخليج مصدرا للصراع يعززه ويوسعه بحيث يطغى  على الصراع الرئيسي حتى صعود خميني للسلطة وهو الصراع العربي – الصهيوني ؟ اليس في ذلك تحرير للكيان الصهيوني من ضغوطات تركيز الطاقات العربية ضده كما كان الحال قبل وصول خميني ؟

 

4 – حينما بدأ الكيان الصهيوني حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة كان البعض ، ممن خدعوا بأكاذيب ايران ، يعتقد بان ايران ستكون مختلفة عن النظم العربية في رد فعلها فتقف مع الشعب الفلسطيني وتسخر قواها لخدمته ، سواء قواها داخل حدودها ، كالصواريخ الطويلة المدى التي تتباهى بها وتجربها كل بضعة اشهر والتي وصل مداها الى 4000 كيلومتر ، أي انها تغطي الكيان الصهيوني واكثر ، او قواها خارج حدودها ، كأسلحة حزب الله في لبنان ، الذي كان يشعل حربا من اجل اطلاق سراح بضعة اسرى ، لكن الذي حدث كان صدمة لافراد الطابور الخامس الايراني احرجت هؤلاء الذين دوخوا العالم بفضح تخاذل النظم العربية امام الكيان الصهيوني وركزوا على موقف ايران الداعم بصدق للفلسطينيين لدرجة ان احد مروجي الدعاية الايرانية وهو صاحبنا المصري ، كتب مقالا يكفي عنوانه لفضح هويته الحقيقية كمرتزق ايراني رسمي وهو (سكت العرب ونطق العجم) ! ان هذا العنوان لا يمتدح العجم فقط ، أي ايران ، بل يهين العرب كشعب ويسحب مواقف الأنظمة العربية المتخاذلة والمساومة على الشعب العربي ومقاومته المسلحة في العراق وعلى القوى الوطنية العربية المناهضة لامريكا والكيان الصهيوني ، والتي الحقت اكبر هزيمة بامريكا في العراق ، ويلخص العرب في موقف نظام معين !!! هل معنى هذا الكلام واضح ام انه غامض ؟ كلا انه واضح فهذا المصري الجنسية لا يترك فرصة الا ويستغلها لامتداح ايران وتحقير العرب ، والعنوان المشار اليه وما ورد في مقاله يؤكد انه يريد ارضاء العجم بامتداحهم وشتم العرب .

 

غزة جيت

 

5 – من الحقائق التي تكشف قاع الموقف الايراني الحقيقي رفض علي خامنئي مطالبة بعض الايرانيين بالتطوع للقتال في غزة ! وهذا الموقف هو بحق (غزة جيت ) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، لانه يفضح بقوة الشعارات الايرانية الكاذبة حول فلسطين ويضعها في نفس الصف والنوعية مع الانظمة العربية التي رفض بعضها المتطوعين العرب لدعم غزة . ولفضح هشاشة منطق خامنئي في رفض التطوع علينا التذكير بحقائق مازلنا نعيش فصولها الدامية .

 

فمن المعروف ان ايران ارسلت منذ غزو العراق اكثر من 120 الف ايراني من الحرس والمخابرات الى العراق لمساعدة الاحتلال الامريكي وابادة العراقيين بفرق موت هي الاشد قسوة من فرق الموت الامريكية والصهيونية على الضحايا العراقيين . كما انها ارسلت وترسل الاف رجالها الى افغانستان لمساعدة الاحتلال الامريكي لها . والسؤال المنطقي هو اذا كانت ايران تستطيع ارسال رجالها الى العراق وافغانستان لمقاتلة المقاومة فيهما ضد الاحتلال الامريكي ولمساعدة امريكا وحلف الناتو لم لا تستطيع ارسال رجال للقتال في غزة ضد اسرائيل ؟

 

ان هذا الموقف لا يضع النظام الايراني في صف واحد مع النظم العربية فقط بل انه أيضا يكشف الدجل الايراني لان غزة حينما توقعت نجدة ايرانية نتيجة الوعود المتكررة ، سواء تلك التي صدرت من احمدي نجاد او خامنئي او غيرهما ، او التي صدرت عن وكيل خامنئي الرسمي في لبنان حسن نصرالله ، فان اهل غزة  اصيبوا بصدمة كبيرة لعدم تقديم دعم لهم اكثر من اطنان الكلام ، فاقتنعت بان الموقف الايراني الحقيقي والفعلي تجاه فلسطين لا يختلف ابدا عن موقف انظمة عربية اعترفت بالكيان الصهيوني وتتعاون معه .

 

حينما يحسم الموساد : ملاحظة اضافية جديدة في تصريح خطير جديد لرئيس الموساد الصهيوني السابق حدد موقف الكيان الصهيوني من ايران الملالي حينما قال علنا ورسميا ما يلي ( أفضل حماس بدلاً من عباس وايران لا تشكل خطرا علينا  ) ، ويضيف التقرير : (دعا إفرايم هاليفي الرئيس السابق لجهاز الموساد "الإسرائيلي" الحكومة الصهيونية إلى ضرورة التحاور مع حركة حماس بدلاً من محمود عباس "أبو مازن"، مشيراً فى ذات الوقت إلى أن إيران لا تمثل أي تهديد على "إسرائيل". ونقل موقع القناة السابعة الإخباري العبري عن رئيس للموساد السابق، خلال الفترة ما بين عامي 1998-2002، أن حركة حماس هى الطرف الأقوى الآن على الساحة الفلسطينية، لذا يجب التحدث معها حول وقف إطلاق النار، بدلاً من رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن

 

وفيما يتعلق بالتهديد النووي الإيراني، أكد رئيس الموسد السابق ما يلي حرفيا : أن إيران لا تشكل أية مشكلة أو خطر على "إسرائيل"، ولا يمكن لها أن تمحوها من على خارطة العالم كما يصرح قادتها. ( مفكرة الاسلام 11 / 12 / 2009 ) هذا الاعتراف بان ايران  لا تشكل خطرا على اسرائيل ، صادر عن شخص يعرف الحقائق ويستطيع تمييزها عن الدعاية ، وهو خبير ومهم جدا وهو رئيس الموساد ، ذلك المنصب الذي يجعل من صاحبه مصدر التأثير الاقوى على قرار رئيس الوزراء الصهيوني في القضايا الحساسة ، من هنا يجب ان نأخذ هذا الاعتراف بنظر الاعتبار حينما نريد تقييم الدور الايراني .

        

يتبع

ملاحظة  كتبت هذه الدراسة بين أيار/ مايو  و آب / اوغست 2009 لكنها تركت مؤقتا ولم تنشر ، والان ننشرها بعد اضافة تصريحات ايرانية جديدة اطلقت في الاسابيع الماضية ، ووقوع احداث في ايران ولبنان وغيرهما اكدت ما ورد فيها .

 
salahalmukhtar@gmail.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٧ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٤ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور