حظر بناء المآذن في أوربا : مؤامرة صهيونية لتشويه ولادة قومية

 
 
 
شبكة المنصور
الرفيق رأفت علي - بغداد الجهاد

 بسم الله الرحمن الرحيم

( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ )

صدق الله العظيم

 

 

 

المقدمة :-

إن صراعنا مع الصهيونية العالمية يستلزم من أبناء امتنا الوعي والإدراك بعين ثاقبة للأمور لا تخدعها صورة ولا يخدعها مقطع فديو ولا يخدعها خبر تناقلته صحف ومجلات وإذاعات وفضائيات وان كثرت . ولا تخدعها كثرة الدراسات والبحوث، ولا يخدعها حجم المأزق الذي تعيشه الأمة ..

 

الصهيونية العالمية وأهدافها وصفاتها:-

فالصهيونية العالمية بنيت على عقد خبيث بين أصحابه من يهود وسواهم من أشرار الخلق وشذاذ الأفاق وصعاليك العالم . وقد دأبوا هؤلاء على علوهم وتمكينهم في الأرض وبشتى الطرق والسبل المشروعة والغير مشروعة فوضعوا أنفسهم بالضد من إرادة الله عزوجل ومن الفطرة البشرية التي خلق الله سبحانه وتعالى عباده عليها. قال تعالى (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) فاطر 43 . وبالتالي فقد انزل الله عزوجل سخطه وعذابه عليهم إن فرقهم في الأرض ، قال تعالى (وقطعناهم في الأرض أمما ) الأعراف 168. فلم تكن الصهيونية العالمية نتاج لأمة أو شعب ما ؛ فلم يعرف اليهود اي فكرة مثالية في حياتهم انما على العكس فقد تشبثوا بالحياة المادية وحب المال ، قال تعالى ( ولتجدنهم احرص الناس على حياة ومن الذين اشركوا يود احدهم لو يعمر الف سنة وماهو بمزحزحه من العذاب ان يعمر والله بصير بما يعملون ) البقرة 96 . فسر ضعفها ووهنها هو عدم وجود امة حاضنة لها بما للأمة من معنى وثقل وأهمية في حياة البشر .

 

سر عداء الصهيونية العالمية للأديان السماوية والقومية :-

ولهذا فقد ناصبت الصهيونية العالمية العداء لجميع أمم وشعوب الأرض ، فتعمل ليل نهار من اجل إشعال نار الفرقة والفتن والحروب بشتى صورها . لتبقى هي السائدة الوحيدة في العالم كله ولتكون لها السيادة المطلقة على جميع أمم وشعوب الأرض . قال تعالى (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) المائدة 64.وقال تعالى (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) المائدة 62 , 63.

 

وبهذا فقد أصبحت القومية والأديان السماوية ، العدو اللدود رقم واحد للصهيونية العالمية . فالأديان السماوية (وبما في ذلك اليهودية التي حرفها اليهود من بعد)  نزلت لتهدي البشر لعباده الله سبحانه وتعالى ولتنشر بينهم المحبة والخير والسلام والعدل ففي كل ديانة سماوية فكرة مثالية إنسانية تحث البشر على ماهو خير لهم . اما القومية فهي من فطرة الله تعالى لعباده ومن رحمته ونعمه إن جعل من ذرية ادم عليه السلام أمم وشعوب مختلفة لها لغتها ولونها وأعرافها وتقاليدها وتاريخها وتراثها وحضارتها لتتعارف فيما بينها تعارف المحبة والسلام ولتتبادل بين بعضها البعض العلم والمعرفة والحضارة والتطور . قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات13.

 

وبذلك فان الدين والقومية يمثلان من بين مايمثلان سر ديمومة الأمم والشعوب . فلو تخلت امة ما عن ديانتها وعن قوميتها فماذا سيبقى من هويتها ؟! لو تخلت الأمة العربية عن إسلامها الحنيف وتخلت عن تاريخها وتراثها ولغتها فما سيبقى منها ؟! لو تخلت ألمانيا أو روسيا عن مسيحيتها وما تحمله المسيحية من معاني إنسانية بناءة وتخلت عن تاريخها وتراثها ولغتها فما سيبقى منها ؟!

 

ومن الجدير بالذكر إن نبين هنا أن المسيحية الحقة لاتعادي ديننا الإسلامي الحنيف وقد بين لنا الله عزوجل ذلك في قوله ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) المائدة 82.

 

وبالتالي فان جوهر الأديان السماوية يتعارض تماما مع الصهيونية العالمية ومع غايتها ووسائلها . بينما تقف القومية حائلا دون نجاح الصهيونية العالمية من تحقيق غاياتها .. ومن الجدير بالذكر هنا أن نشير إلى حقيقة مهمة جدا ينبغي على كل بعثي  قبل غيره أن يعيها تمام الوعي ويدركها تمام الإدراك إلا وهي إن حقد الصهيونية العالمية على البعث وتأمرها المستمر عليه بشتى الصور وبهذا الحجم الهائل وبهذه الجهود الضخمة يعود إلى ربط العروبة بالإسلام عند البعث ؛ هذا الربط المهم الذي استند إليه مؤسس البعث احمد ميشيل عفلق رحمه الله واسكنه فسيح جناته في صياغته للفكر البعثي واعتبره أهم شرط من شروط نجاح البعث ودوره التاريخي المهم . وهو ربط ما كان ليقوم لولا وعي وإدراك مؤسس البعث رحمه الله لجوهر ومضمون ديننا الإسلامي الحنيف ولقيمته في حياة العرب من جهة ولولا وعيه وإدراكه للأعيب الصهيونية العالمية من جهة أخرى .

 

ولهذا فان الإنسانية لن تقدر على مواجهة الصهيونية العالمية وتدمير كيانها المسخ في فلسطين الحبيبة وتدمير باقي أجزاءه في إرجاء المعمورة الأخرى . حيث تنتشر خلاياها السرطانية الخبيثة في شتى أمم وشعوب الأرض ؛ ما لم تتوفر فيها امة قادرة على الحفاظ على هويتها الدينية والقومية .

 

طرق الصهيونية العالمية للاجهاض على ولادة الانسانية الجديدة :-

حاولت الصهيونية العالمية القضاء على الأديان السماوية وعلى القومية بشتى الطرق والسبل ولكنها حينما وعت استحالة ذلك لجئت إلى خطة بديلة تقوم على تشويه الولادة الجديدة للإنسانية ما دامت قد أخفقت في محاولاتها للإجهاض على تلك الولادة.

 

فمن بين أهم الأعيب الصهيونية العالمية التي يجري تنفيذها منذ عدة عقود وبتركيز مباشر وغير مباشر وبتضليل واسع النطاق ، للإجهاض على ولادة الإنسانية الجديدة ؛ هي لعبة اللجوء الإنساني والسياسي وما يترتب عليها من تبعات خطيرة تهدف إلى تشويه ولادة الإنسانية الجديدة (بعد إن فشلت في وأدها). لاسيما وان الإنسانية تمر هذه الأيام بالألم المخاض بعد إن اتضحت حقيقة (الأممية المادية) وحقيقة وهن الرأسمالية العالمية والليبرالية الزائفة وأكذوبة العولمة والاقتصاد الحر لأمم وشعوب الأرض كلها؛ تلك الحقيقة التي تدين جميع أمم وشعوب الأرض بكشفها إلى الملحمة الجهادية التي يخوضها أبناء العراق العظيم وأفغانستان المجاهدة والتي ظهرت بوادر انتصارها مع تداعيات الكيان الرأسمالي الامبريالي العالمي للولايات المتحدة الأمريكية ولله الحمد والشكر .

 

لعبة اللجوء الإنساني والسياسي :-

تحاول الصهيونية العالمية ومن خلال لعبة اللجوء الإنساني والسياسي وكما اشرت سابقا إلى بذر بذور الفرقة والفتن بين أمم وشعوب الأرض ، فتضرب عصفورين بحجارة واحدة . حيث ستشعل نار الفتن والمؤامرات والحروب بشتى صورها بين أمم الأرض (مما يؤدي إلى إضعاف تلك الأمم) من جهة وإبعاد خطر ولادة الإنسانية الجديدة (خطر التيار القومي الديني المتصاعد في بعض إنحاء العالم) عن نفسها من جهة أخرى .

 

فلو لاحظنا حجم طلبات اللجوء الإنساني المقبولة من قبل الدول الأوربية لوجدناها أرقام كبيرة جدا . ولو حاولنا إن نوزع أصحاب اللجوء الإنساني حسب الدول التي جاؤوا منها (الدولة ألام) لعرفنا إن الدول ذات التوجه القومي الديني أو مجتمعات ذات نزعة قومية دينية ، هي من تعمدت الصهيونية العالمية إلى جر بعض أبناءها إلى لعبة اللجوء ..

 

ولو حاولنا إن نوزع اللجوء الإنساني حسب الدول المضيفة لهم ؛ لوجدناها هي الأخرى دول ذات نزعة قومية دينية . أي إنه وفي كلتا الحالتين (الدولة ألام و الدول المضيفة) فهي دول ذات التوجه القومي الديني هي من ستكون مسرحا لتلك الإحداث.

 

فما الذي يعنيه ذلك لنا ؟! 

يعني وبكل بساطة : محاولة زج حضاريتين على الأقل من حضارات أمم وشعوب الأرض في ظل ظروف معقدة . وبمعنى أوضح ، زج العرب المسلمين في مجتمعات قومية مسيحية عقب إحداث الحادي عشر من أيلول حيث تزامن ذلك الزج مع حملة الصهيونية العالمية لما سميت بالحرب على الإرهاب (والمقصود هنا بالإرهاب طبعا هو الإسلام) فيُـزّج بالمسلمين بعد إن شوهت الصهيونية العالمية صورتهم وصورة الإسلام أيضا عند أمم وشعوب الأرض وخاصة في أوربا .

 

 

الأعيب الصهيونية في صراع الحضارات :-

إن من بين الأعيب الصهيونية العالمية لقيام صراع الحضارات فيما بينها وخاصة بين الحضارة العربية الإسلامية وبقية حضارات أمم وشعوب الأرض ، الصور التالية :

 

- افتعال وإدامة الأزمة بين إيران من جهة و العرب والمسلمين من جهة أخرى ، عبر حزب الله وجيش المهدي وفيلق بدر و الحوثيين وخلية حزب الله بمصر ونشر الصفوية في البلدان العربية والإسلامية وغيرها الكثير .

- افتعال وإدامة الأزمات بين الصين من جهة و العرب والمسلمين من جهة أخرى  ، عبر تركمانستان الشرقية ( ولاية شينجيانج ) ومسلمي الاويغور ..

 

- افتعال وإدامة الأزمات بين روسيا من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى  ، عبر الشيشان .

- افتعال وإدامة الأزمات بين الهند من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى ، عبر قضية كشمير وتفجيرات مومباي .

 

- افتعال وإدامة الأزمات بين دول إفريقيا من جهة وبين العرب والمسلمين من جهة أخرى ، كأوغندا ونيجيريا .

- افتعال وإدامة الأزمات بين يوغسلافيا من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى ، عبر البوسنة وصربيا ؛ أيام يوغسلافيا الاتحادية .

 

- افتعال وإدامة الأزمات بين أمم وشعوب أوربا من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى ، وهي الأزمة والمؤامرة الأعقد ؛  عبر الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  ، وعبر قضية الحجاب ، وعبر نبش بعض قبور المسلمين في فرنسا، وعبر إدخال تركيا للاتحاد الأوربي ، وأخيرا عبر قضية حظر بناء المآذن في سويسرا .

 

- افتعال وإدامة الأزمات بين ألمانيا من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى ، عبر قضية الحجاب ، وعبر قضية مروة الشربيني ، وعبر الفتاة المراهقة الألمانية التي أساءت للقران الكريم ، وعبر تزايد الجالية الإسلامية في ألمانيا وخاصة الجالية التركية . حيث نلاحظ إن في ألمانيا 5.600.000 مهاجر، منهم (4.500.000) مسلم ؛ و(2.800.000) تركي ؛ وتمنح الجنسية الألمانية ل(100.000) مسلم سنويا. وهي الدولة الأوربية الوحيدة التي من المقرر يصدر وزير داخليتها قرارا  يجيز للمسلمات بارتداء الحجاب في ألمانيا . فيا ترى هل هذه صدفة أم محبة للمسلمين وحرصا على شرف المسلمات..؟! اما ياترى أنها محاولة لإثارة حفيظة المجتمع الألماني وإثارة الأحقاد والفتن ..؟! ومحاولة تفجير الموقف مع التيار القومي الديني .

 

فما النتيجة الحتمية لهذه اللعبة اذا ما كُـتب النجاح لها ؟!

إن النتيجة الحتمية لها ؛ هو قيام تيار قومي متطرف يجعل من المسلمين والعرب العدو الأساسي له بدلا عن الصهيونية العالمية وأدواتها (الأممية المادية) ونظامها الرأسمالي البغيض.

 

ومن الجدير بالذكر بهذه المناسبة إن نشير إلى جملة حقائق مهمة جدا ينبغي الوقوف عليها مليا . فمنذ بدايات القرن العشرين والإنسانية تعيش في حالة غريبة عن فطرتها وطبيعتها حيث ظهرت أفكار ونظريات سياسية واقتصادية لأتمت بصلة للواقع الإنساني الذي فطر الله سبحانه وتعالى عباده عليه .. وبدأ العمل بتلك النظريات فعلا كما هو الحال في تطبيق النظريات الأممية المادية بشقيها الماركسي الشيوعي والليبرالي الرأسمالي والتي أضمرت اشد العداء للقومية وللأديان السماوية رغم بعض الفروقات الظاهرة بين هاتين النظريتين اللتين ماكانتا سوى أوجه من وجوه الصهيونية العالمية فشقت العالم إلى نصفين كلاهما بيدها . وللأسف الشديد فقد تمكنت الصهيونية العالمية بهذه الطريقة من وأد التيار القومي في العالم ولمدة طويلة بل استطاعت القضاء على أقوى قوة قومية تمثلت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن المنصرم بحزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني والذي اشتقت كلمة (نازي) من الحروف الأولى لاسم الحزب في اللغة الألمانية . والتي استطاعت الصهيونية العالمية وللاسف الشديد تحويل معنى كلمة (النازي) إلى كل ماهو سيئ وشيطاني بل أصبحت بديلا عن الشيطان عند البعض .

 

وبذلك خلى الجو للصهيونية العالمية وأدواتها (الأممية المادية) . الأمر الذي انعكس سلبا على القومية والفكر القومي والتيار القومي في العالم برمته كما حُمّلت كلمة (نازي) من معاني السوء . وتكرر الأمر مع ظهور وتنامي الفكر القومي وتياراته وأحزابه في الأمة العربية . فشنّت الصهيونية العالمية وأدواتها (الأممية المادية) حروبها ومؤامراتها الخبيثة على ثورة مصر القومية عام 1952 بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله واسكنه فسيح جناته . فتكالبت بريطانيا وفرنسا ديغول ( التي كانت تدعي بكل وقاحة أنها رمز للحرية والتحرر وإرادة الشعوب واعتبر ديغول بطل للأمة الفرنسية التي أنقذها من الاحتلال الألماني بل واعتبره البعض وللأسف الشديد بطل أنساني) مع الكيان الصهيوني المسخ على مصر عبد الناصر في العدوان الثلاثيني عام 1956وحاكت الولايات المتحدة الأمريكية مؤامراتها عن بعد ونكث السوفيت بوعدهم وعهودهم لعبد الناصر في حرب 1967.

 

وتواصلت مؤامرات الصهيونية العالمية على القومية وعلى فكرها وتياراتها وأحزابها في شتى إنحاء العالم وفي الأمة العربية حيث بزغ بقوة الله القوية نجم البعث العربي في العراق الذي استطاع إن يصل إلى قيادة العراق بثورة مباركة عام 1968والتي مازالت مستمرة بصورتها الملحمية الجهادية الحالية نسال الله عزوجل إن يكتب لها النصر المبين في اقرب وقت .

 

ولابد لنا إن نذكر في هذا السياق الحملة المسعورة التي أطلقتها الصهيونية العالمية على النمسا عقب نجاح حزب الحرية (وهو حزب قومي) في الوصول إلى سدة الحكم عن طريق الشراكة التي حدثت بينه وبين حكومة المستشار (فولفغانغ) عام 2000. والتي وصلت إلى حد اغتيال زعيم حزب الحرية (يورغ هايدر) بحادث سير مروري مدبر في الحادي عشر من أكتوبر من العام 2008 . ومن الجدير بالذكر أيضا إن السنوات القليلة الماضية شهدت ظهور قوي لأحزاب قومية في عدد كبير من دول أوربا . حيث استطاع النازيون الجدد في ألمانيا ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية من تحقيق مكاسب شعبية وسياسية مهمة حيث دخلوا في برلمانات ثلاث ولايات ألمانية.

 

وكما أشرت أنفا فالصهيونية العالمية تنفذ اليوم واحدة من اكبر واخطر واهم مؤامراتها الهادفة إلى تشويه ولادة الإنسانية الجديدة إلا وهي ولادة  الدولة القومية وإحياء  الفكر القومي وتياراته وأحزابه في العالم بعد إن فشلت في وأده. حيث ثبت تورط الصهيونية العالمية في إحداث مشبوهة في عدد من دول أوربا كان الغرض منها تشويه صورة الأحزاب القومية إمام أمم وشعوب أوربا والعالم برمته وخاصة إمام الأمة العربية والإسلامية . وتشويه صورة العرب والمسلمين إمام أمم وشعوب أوربا وأحزابها القومية . لمنع تحقيق أي تلاقي بين التيار القومي الديني المتصاعد في الوطن العربي وبين التيار القومي الديني المتصاعد في أوربا. بل وإشعال الفتن والحروب بين الطرفين .وبهذا الحال فلن تكون الصهيونية العالمية ولا كيانها المسخ في فلسطين العزيزة نشاز. ولن تكون "إسرائيل" هي الوحيدة التي تعادي العرب والمسلمين . وبهذا الحال لن تكون الحرب على الإرهاب مدفوعة التكاليف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية فقط إنما سيشاركها في دفع التكاليف العالم برمته.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم

إن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة 8.

 

واجب ومسؤولية القوميين العرب :-

لذلك فلابد لنا نحن القوميين العرب من إن نضطلع بدورنا الهام وبمسؤوليتنا التاريخية على أكمل وجه . ومن هذا الباب يشرفني إن أوجه نداءا مفتوحا لكافة رفاقي البعثيين ولكافة مواقعنا الالكترونية وشبكاتنا المجاهدة بضرورة فضح الأعيب الصهيونية العالمية وصور تأمرها على أمم وشعوب الأرض وحقيقة مايجري في أوربا وغيرها من بقاع العالم لبقية إخوتنا وأخواتنا من العرب والعرب المسلمين ومن المسلمين بشكل عام .

 

وان نتجنب الوقوع في فخاخ ومؤامرات الصهيونية العالمية فلا ننساق وراء حملتها التضليلية التآمرية على ولادة الإنسانية الجديدة أو وراء حملتها الخبيثة لتشويه تلك الولادة . وان نفصل بين ماهو صهيوني خبيث وبين ماهو أنساني أصيل . فلا تنسوا يااخوتي واخواتي ورفاقي الاماجد موقف عشرات ملايين الاوربيين في المظاهرات المليونية التي عمت شوارع عشرات المدن الاوربية احتاجا على حرب الصهيونية العالمية على العراق العظيم وعلى غزة الصابرة وفلسطين الحبيبية.

 

كما أوجه دعوة مفتوحة لكافة أبناء العروبة والإسلام في المهجر ومنظماتهم الخاصة بضرورة ردم أي هوة أو فجوة تحدثها الصهيونية العالمية وعملاءها بينهم وبين بقية أمم وشعوب الأرض خاصة تلك المتطلعة لنيل حريتها وإعادة بناء فكرها القومي الإنساني . وان يصبروا ويتحملوا ما قد يصدر من هذا الطرف أو ذاك فلا يتعجلوا الرد ولا تكون أفعالهم مجرد ردات فعل تستفزهم الصهيونية العالمية لتظهر للعالم بأسره صدق ما تدعيه زورا وبهتانا بان الإسلام نداً وخصماً لكافة أمم وشعوب الأرض وان يحبطوا المؤامرات الهادفة لإشعال نار الفتن والفرقة بين الأديان السماوية والقوميات .

 

كما أتمنى من جميع إخوتي وأخواتي إن يعيوا ويدركوا جيدا بان التقدم العلمي الذي حققته دول أوربا مثلا لم يكن في يوم من الأيام لخدمة غير الأوربيين . لان من بنى أوربا وأوصلها لهذا المستوى المتقدم من العلم والتطور والحياة المفرهة والاقتصاد المزدهر هو الأوربي قبل غيره .

 

فشمروا عن سواعدكم يااخوتي وأخواتي ، لتكونوا سببا في تطور امتكم ، وتكونوا عاملا مشاركا فاعلا في نهضتها ، ولتجعلوا من علمكم وإمكاناتكم المادية والمعنوية في خدمة امتكم وأبناءها بشكل مباشر وعلى ارض الميدان .  واعلموا جيدا إن مكانكم الصحيح وسط أبناء شعبكم وأمتكم ، ولكم فيها بدل المسجد ألف وبدل المآذنة الآلاف المآذن ، ولكم فيها ارتداء الحجاب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت والجهاد في سبيله بالمال والنفس . لكم فيها مرضى يحتاجون طبابتكم ، ولكم فيها أبناء يحتاجون لتعليمكم وتدريسكم ، لكم فيها شباب بحاجة لثقافتكم وتوعيتكم ، ولكم فيها إخوة بحاجة لرأسمالكم ليكدّوا من عرق جبينهم بمعاملكم ومزارعكم ، لكم فيها أمهات وإباء بحاجة لرؤيتكم المرتقبة . فهل انتم فاعلون ؟!

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢١ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور