المرسى - تاريخية العلاقات الأميركية الإيرانية

﴿ الحلقة الثالثة
 
 
 
شبكة المنصور
محمد عيسى عبدالحميد - استاذ في جامعة البحرين
ذكرنا في المقالة السابقة ان لقاءات قيادات جمهورية إيران الاسلامية مع قادة الولايات المتحدة الأميركية من جمهوريين وديمقراطيين تتمحور حول دور إيران الاقليمي او شراء الاسلحة الأميركية، وكانت قد تفاوضت إدارة الرئيس الجمهوري ريغان بقيادة رئيس حملته الانتخابية ويليام كيسي مع الحكومة الإيرانية بعدم إطلاق الرهائن الأميركان العاملين في السفارة الأميركية بطهران الذين احتجزهم طلبة إيرانيون يطلقون على أنفسهم السائرين على منهج الإمام الخميني (بيرو خط إمام)،  حتى خسارة الرئيس الديمقراطي كارتر، لقاء تقديم الجمهوريين صفقة أسلحة أميركية لإيران، ولذلك عقد جورج بوش الأب، عندما كان نائباً للرئيس رونالد ريغان، اجتماعا مع رئيس الوزراء الإيراني مير حسين موسوي في باريس في أغسطس من عام 1981، حضر الاجتماع مندوب عن المخابرات الإسرائيلية “آري بن ميناشيا”،  الذي كان له دور رئيسي في نقل الأسلحة بعد ذلك من إسرائيل إلى إيران.


هذه الالتزامات الثلاثية بين أميركا وإيران وإسرائيل انتجت قضية إيران كونترا أواخر عام 1985 وأوائل عام 1986 التي عقدت بموجبها إدارة الرئيس الأميركي ريغان اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة أثناء حربها مع العراق، وذلك لقاء إطلاق سراح بعض الأميركيين المحتجزين في لبنان آنذاك، على أن يتم ذلك من دون إعلام الكونغرس الأميركي الذي كان قد حرم بيع السلاح إلى الدولتين المتحاربتين إيران والعراق، واستخدمت إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان أموال الصفقة لتمويل حركة الكونترا المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراغوا.


الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل، وإيران الجهات المعنية بهذه القضية فتحت تحقيقا عما سمي وقتها فضيحة إيران كونترا، الولايات المتحدة الأميركية خرجت بتقريرها المرقم 86-6 الصادر عن الكونغرس بتاريخ أغسطس 1993 وملخصه كالتالي “تم الاتفاق بين مكفارلين مستشار الامن القومي الأميركي والحكومة الإيرانية ممثلة بعلي اكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى الايراني على ان تبيع الولايات المتحدة الأميركية لإيران عن طريق إسرائيل 3,000 صاروخ “تاو” مضاد للدروع وصواريخ هوك أرض جو مضادة للطائرات، وبناء على هذا الاتفاق تم إرسال 96 صاروخاً من نوع “تاو” من إسرائيل إلى إيران على متن طائرة DC-8، إضافة لدفع مبلغ مقداره 1,217,410 دولار أميركي إلى الإيرانيين لحساب في مصرف في سويسرا يعود إلى تاجر سلاح إيراني يدعى “قرباني فر”. وفي نوفمبر من عام 1985،  تم إرسال 18 صاروخاً شحنت من البرتغال وإسرائيل،  تبعها 62 صاروخاً آخر أرسلت من إسرائيل. وقد اثبت التقرير أن الرئيس ريغان ومدير المخابرات الأميركية ويليام كيسي. و”روبرت غيتس”،  نائب المدير على علم بهذه الصفقة، بالإضافة الى قادة الصفقة الأساسيين، مستشار الأمن القومي مكفارلين ونائبه اوليفر نورث اللذان أطاحت الصفقة برأسيهما واضطرا الى تقديم استقالتيهما.


الكنيست الإسرائيلي بدوره فتح تحقيقا مع رئيس الوزراء شمعون بيريز وابا ايبان مسؤول ملف بيع الاسلحة لإيران وكما يروي روث سايني، مراسل الاسوشيتد برس في إسرائيل، في تقريره ان بيريز قال، بيع السلاح الاسرائيلي الى ايران كانت فكرة أميركية وبناء على طلب الولايات المتحدة نحن دخلنا هذه المفاوضات واستفدنا من الوضع العسكري والسياسي في المنطقة لجلب الربح الى دولتنا، اما ابا ابيان فأجاب في فبراير من عام 1986 على تحقيق الكنيست بأنه يرى انه من حق إسرائيل ان تبيع السلاح لإيران حيث لا يوجد قانون في دولة إسرائيل يحظر ذلك،  وأعلن الكنيست بان بيريز وايبان ليسا مذنبين في هذه القضية.


اما في جمهورية إيران الإسلامية فثبت لديها ان مهدي هاشمي رئيس حركات التحرر في الحرس الثوري واميد نجف آبادي عضو مجلس الشورى وحاكم شرع اصفهان، سربا معلومات هذه الاجتماعات إلى الصحافة اللبنانية وبناء عليه تم سجنهما لفترة ليست قصيرة ثم اعدما رميا بالرصاص، هذا ما ذكره الدكتور بهرام نوازنى في كتابه اساليب تصرفات الولايات المتحدة مع جمهورية إيران الإسلامية (ال وهاى رفتارى ايالات متحده أميركا در روياروئي با جمهورى اسلامى ايران) الصادر عن مركز وثائق الثورة الإيرانية، الصفحة 160.


المتتبع لسير  العلاقات الأميركية الإيرانية يجد أن الولايات المتحدة الأميركية وإيران تختلفان في طريقة التعاطي الإعلامي مع هذه العلاقات، فنجد ان الولايات المتحدة تترك مساحة واسعة للحكومة الإيرانية للتصريح عن نوع العلاقة، دون أن تعقب على ذلك إلا في حالات فردية نادرة، كما حصل أثناء الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، حين فلت من السنة بعض القادة العسكريين او الساسة المتهيجين الأميركان “بان إيران حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية”، في حين ان الحكومات المتعاقبة في جمهورية إيران الإسلامية اختارت سب الولايات المتحدة الأميركية العلني في خطبة الجمعة ثم الالتقاء بها سرا يوم السبت !

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٢ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٩ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور