صمت القوة وخنوع الضعف

 
 
 
شبكة المنصور
كامل المحمود

التصدي أو التهدئة لاعلاقة لها بالقوة والضعف..

قد يكون من الضرورة العودة قديما الى ماقبل إتفاقية الجزائر الموقعة بين العراق وإيران  ليرى المتابع طبيعة التدخل الإيراني في الشان العراقي وكيف صبر العراق .. الى أن نفذ الصبر في التعقل والتهدئة والسكوت والتغاضي عن الإعتداءات الإيرانية وسياسة قضم الأرض العراقية وتقطعت السبل وطفح الكيل لتنتهي كل الطرق الى الإعلان عن الحرب عام 1980 (التي بدأتها إيران قبل هذا التأريخ) وما تبعها من تداعيات..الى أن إنتهت في 8/8/2008 .

 

وتخللت العلاقة بين العراق وإيران في الفترة من عام 1988 الى عام 2003 الكثير من المشاكل التي إنفجرت بعد إحتلال أمريكا للعراق في نيسان 2003 ليتحول الصراع العراقي الإيراني مباشرة وفي كل تعقيداته وإرثه وأشكاله الى حالة مشابهة (لنصر مطلق لإيران بدون أي قيد أو شرط عراقي)!..

 

وكثيرة هي المجالات التي شملت ذلك..

ولكننا اليوم سنتحدث هنا عن التقارير الرسمية العراقية التي تتحدث عن سرقات إيران للنفط العراقي فقط والتي توجت بإحتلالها لبئر الفكة الرابع في 17 /12/2009 .

 

هذا الإحتلال الذي أعاد للأذهان وللسطح حقائق عجزت أكثر من ست سنوات من التضليل على إخفائها وطمسها ..ومنها :

 

- إن جيش العراق وكما كان قبل نيسان 2003 هو درع للأمة وللشعب وليس قاهر له.. وهو حامي للوطن وليس خانعا لرغبات أعداءه وهو لم يُخلق ليبقى يتفرج على الأعداء كيف يسرحون ويمرحون فيه..

 

- وإن العقيدة الوطنية الدفاعية لهذا الجيش لايمكن تغييرها ونسخها بسهولة..وشعب ووطن بلا جيش قوي وعقيدة دفاعية وهجومية واضحة المعالم والإهداف لايزيد عن جمهرة من الناس تعيش في أرض مشاعة للقوي..

 

- وإن النظام الحاكم في إيران طامع في العراق.

 

- وإن ما يشاع عن بناء جيش عراقي (قوي) بعد عام 2003 بعد حل الجيش الأصيل عليه آلاف علامات الإستفهام !..تبدأ من التساؤل عن كيفية تشكيله ..وأين صرفت مليارات الدولارات لتأهيله ..وما هي عقيدة هذا الجيش ..وإن كان قويا فلماذا هذا الصمت؟..وإن كان ضعيفا..(فلمن تريدون الحيل)!..

 

- وإن الرجال مواقف ..والأخلاق واحدة..ولا علاقة لها بالثروة والقوة والضعف..

 

وكَثُرَ الصمت الذي تخللته بعض التصريحات ..

وتوزعت التحليلات في الصمت والتبرير في اللجوء للتعقل والديبلوماسية(الهادئة) للعلاقة الإستراتيجية مع النظام الإيراني الذي أصبح (صاحب الدار)!..

 

وقال البعض ..إن العراق اليوم أضعف من أن يواجه إيران !..

 

بعد الإحتلال في عام 2003 راقب النظام الإيراني خطط وتحركات القوات الأمريكية وعندما تيقن بشكل مؤكد من حقيقة نواياها تحرك في كل الميادين ومنها ميدان الإقتصاد والنفط ..وقد سبق أن  تكشفت  حقائق  عن سرقات إيرانية وتهريب للنفط  العراقي في ظل الصمت الأمريكي والعراقي الحكومي لغرض المهادنة ولملمة الموضوع على حساب الحق العراقي والحقائق التاريخية التي تؤكد العائدية العراقية للمناطق النفطية التي إحتلتها إيران داخل الاراضي العراقية ..

 

ويتذكر العراقيون كيف أن القوات الايرانية إستغلت ظروف العراق الداخلية وشنت هجوما على منطقة بئري النفط ( 8 و6 ) في 25/1/2006 وقامت بقصفهما باطلاق قذائف الهاون حيث أدى الهجوم الى عدم إمكانية حضور موظفي وزارة النفط العراقية في مناطق آبار ( 7 و8 و5 و14 و 19 و20 ) وقاموا بترك هذه الاماكن. وفي حينها قدمت السلطات العراقية مذكرة إحتجاجية الى سفير إيران ولكن لم ترد سلطات إيران على هذه المذكرة .

 

وفي يوم 3/4/2006 شنت وحدات ايران الحدودية هجوما على بئري نفط ( 6 و8 ) وقامت بقصفهما لغرض اخلاء الموظفين العراقيين حيث ترك  العراقيون هذين البئرين مرة اخرى.

 

وتقول التقارير الرسمية إن السلطات العراقية استدعت سفير النظام الايراني لدى بغداد حسن كاظمي قمي في اغسطس / آب 2006 ونقلت له إعتراضها على سرقة النفط وتهريبه والخروقات الاخرى التي إرتكبها النظام الايراني في المناطق الحدودية. وبعد أن إستشار كاظمي سلطات النظام رد على سلطات الخارجية العراقية كذبا وقال:

 

( انه طرح المشاكل العالقة العائدة الى الحدود مع وزير الداخلية العراقية ووزير الدولة للشؤون الامنية وهما اكدا بان هذه الادعاءات ليست الا دعايات الجرائد فحسب ورفضا هذه التقارير)!..

 

وإنتقد كاظمي علانية إعتراضات السلطات العراقية وقال:

( إنها تناقض تصريحات ومواقف (رئيس الوزراء العراقي ) تجاه ايران وإن جهاز مخابرات العراق يقوم بجمع هذه التقارير الخاطئة وتقديمها الى السلطات العراقية لغرض قطع العلاقات بين العراق وإيران وإن هذا الجهاز ليس تحت إشراف رئيس الوزراء)!..

 

وتفيد المعلومات الواردة من داخل إيران بان وفدا عراقيا زار إيران في ابريل / نيسان 2007 لغرض متابعة ومعالجة المشاكل الحدودية العالقة بين البلدين واجراءات النظام الايراني لسرقة النفط  ونتج عن الإجتماع  :

(بان هذه الادعاءات فيما يخص الحدود غير صحيحة وليست الا شائعات الاعداء ولا يجوز التطرق اليها)!.

 

بتأريخ 31/10/2007 قامت عناصر النظام الايراني بحفر آبار النفط داخل الاراضي العراقية في المناطق الحدودية  رغم إحتجاجات الحكومة العراقية وإستمروا في عملية حفر وإستخراج النفط من الآبار العراقية في محافظة ميسان ودخلوا الاراضي العراقية ومنعوا موظفي النفط العراقيين عن العمل وقاموا بتهديدهم وبطردهم عن هذه المناطق وبضمنها بئر ( 4 ) في الفكة.

 

ومرة أخرى لم ترد السلطات الايرانية على احتجاجات وزارة الخارجية العراقية على هذه الخروقات.

 

 في نوفمبر / تشرين الثاني 2007 قامت العناصر التابعة للنظام الإيراني بمساعدة مهربي النفط وتوفير التسهيلات لهم برفع العلم الايراني على  الناقلات التي تستخدم لنقل النفط المسروق من العراق الى إيران. وكانت السفن والعاملين فيها تابعين للحرس الثوري الإيراني .

 

وفي تاريخ 31/12/2007 ورغم إعتراضات سلطات وزارة الخارجية العراقية على النظام الايراني بدأت العناصر التابعة له بالإستمرار في عملية إستخراج النفط مقابل بئر ( 17 ) ومنع الموظفين العراقيين عن الحضور في  آبار ( 16 ) و آبار ( 4 و14 و15 و18 ) في حقول الفكة واستمرار عملية حفر بقرب بئري ( 4 و7 ) في منطقة الفكة وقامت بتهديد الموظفين العراقيين باعتقالهم ونقلهم الى إيران في حالة عدم ترك المنطقة.

 

وبحسب بعض التقارير الواردة في يناير / كانون الثاني 2008 لم يقبل النظام الإيراني باعادة بعض الاجهزة العائدة الى الحفر والمنشات النفطية العراقية الى العراقيين التي تم نقلها الى إيران قبل بداية الهجوم الأمريكي في آذار 2003  بضمنها القطعات البحرية وحفارة النصر والجنيبات التي نقلت الى إيران عام 1991 وتلك التي أخذت من القوات العراقية قسريا في نيسان ومايس 2003  وبعدها بواسطة قوات إيران الحدودية.

 

وكانت كل هذه الخروقات والسرقات تتم بوجود القوات الأمريكية وأنظمة مراقبتها ومخابراتها التي كانت منشغلة بأمور أخرى!..

 

بتأريخ  2/1/2008  اتهمت (هيئة النزاهة العراقية) إيران بسيطرتها على 15 بئر نفط عراقي في المناطق الجنوبية وأكدت الهيئة بانها أعدت تقارير عن تعديات الطرف الايراني وقيامه بنهب وتهريب نفط العراق حيث تثبت هذه التقارير بان إيران قامت بإستخدام إسلوب الحفر المائل الى جانب الاراضي العراقية لسحب النفط العراقي وكذلك إجتازت العناصر التابعة للنظام الحدود بين البلدين ودخلت الاراضي العراقية وسيطرت على آبار النفط العراقية حيث طردت الموظفين العراقيين من  عملهم!.

 

وتفيد التقارير العراقية عن إستخدام إيران لإسلوب اخر لسرقة نفط العراق وهو تثقيب انابيب نقل النفط الخام من آبار البصرة الى مصفاة مدينة عبادان الايرانية حيث يتم إنحدار النفط من الانابيب الى برك مخصصة لذلك فينقل من هناك عبر الصهاريج العمودية الى ناقلات النفط التي تم وضعها في ضفة شط العرب بصورة غير قانونية!.

 

وقد بينت هذه التقارير بان السرقة تشمل أيضا المنتجات النفطية التي تنقل من مصفاة عبادان الى العراق ويدفع ثمنها العراق ويتم تهريب المنتوجات في النقاط الخاصة بمنطقتي ابوالخصيب و ام قصر عن خط مصفاة « الشعيبة » الذي يمتد الى الناصرية – السماوة – الديوانية – النجف و ايضا عن الخط الذي يمتد من العمارة الى الكوت! .

 

وفي يوم 3/2/2008 أكد  وكيل وزارة خارجية الحكومة العراقية ( محمد الحاج حمود ) أن إيران إستولت على 15 بئر نفط عراقي بمنطقة «الطيب » في محافظة ميسان. واعلن الحمود في مؤتمر صحفي :

 

( إن الجانب العراقي قدم مذكرات عدة في هذا الشأن الى السلطات الايرانية لغرض معالجة هذه المشكلة ولكن لم يرد من الطرف الايراني أية اجابة ) !.

 

وبعد أحداث 17/12/2009 وإحتلال إيران لبئر الفكة الرابع ورغم إن العراقيين سمعوا بعض التصريحات من المسؤولين تركزت على :

 

( التهدئة والتعقل وعدم التصعيد أزاء الخروقات المتكررة والإحتلال الإيراني ..وإن ماحدث من ضجة مفتعلة وتطبيل إعلامي ما هي إلا عنتريات !..او إن المظاهرات والإحتجاجات الشعبية التي طافت مدن العراق يقف ورائها من وقّع إتفاقية الجزائر وخيمة صفوان!!) ..

 

فقد تابع الشعب العراقي تصريحات جديدة (لنواب عراقيين) ومنهم الأمين العام لتجمع عراقيون الذي قال :

(إن العراق لا يستطيع وحده الوقوف ضد إيران لا سياسيا ولا عسكريا)!..

 

ونسأل (النائب المذكور ومجلس النواب والحكومة):

هل إن الدعوة للتعقل واللجوء للديبلوماسية الهادئة لمجابهة حالة الإحتلال أصبحت سمة غالبة لكل أوجه مقاومة المُحتل؟..

 

وهل يعود تبني هذا المنهج بذريعة الضعف والوهن العراقي أمام إيران اليوم ..يشبه تبني منهج (المقاومة السياسية للإحتلال الأمريكي)؟..

 

أم هي إمتداد لمسلسل التنازلات العراقية التي يدفع ثمنها الشعب العراقي في وقت يقول (مجلس النواب والحكومة والناطقين بإسمها) بأن القوات العراقية أتمت تجهيزها وتدريبها وهي قادرة على القيام (بواجباتها!) بشكل كامل!..

 

ترى ..

مَن هو المسؤول عن حالة الضعف العراقية الحالية؟

وما هو التعريف الدقيق لواجبات القوات المسلحة العراقية اليوم؟

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور