تأملات  - هل هنالك ثوابت وحقائق في عالم السياسة  اليوم ؟

﴿ الجزء الاول ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي
أن علم السياسة يندرج تحت العلوم الاجتماعية ,ويهتم بدراسة ومعاينة السلوك الانساني الفردي والجماعي داخل المجتمع .وأيظا يركز في بحوثه ودراساته على جزء من النشاط الانساني الذي يعني ويهتم بالفعاليات والاجراءات التي تتعلق بطبيعة انظمة الحكم واساليب التعاملات السياسية كالمرونة والضغط السياسين وكذلك يهتم بالاشكال او التركيبات السياسية كألاحزاب والجمعيات والملتقيات السياسية ,ومن طبيعة هذا العلم الاجتماعي أن قواعده واساساته تقوم على مجموعة من الافتراضات النظرية ,وبذلك يحق لنا ان نصفه بأنه من  العلوم التجريبية في أكثر التعابير دقة لحقيقته في محاولته لفهم السلوك السياسي العام.


أن هذه الصفة التجريبية في علم السياسة ,تقربه من البراغماتية أكثرمن اي مذهب فلسفي اومعتقدسياسي أخر.والعالم بشرقه وغربه مشغول ومنذ النهضة الاوروبية وبروز المشاعر والافكار القومية في الشرق في الجدلية القائمة بين المواقف المبدئية ومتطلبات السياسة وخاصة في التعامل مع القضايا المثيرة والمهمة في حياة الشعوب سواء في الشرق أوالغرب. والغرب قد حسم مواقفه من هذه الجدلية في صياغة العديد من النظريات والتي أعطت البدائل في الخيارات المطروحة لديهم في ايجاد الحلول لمشاكلهم ,وهم اي الغربيون لديهم العديد من الفلسفات والنظريات في الاجتماع والسياسة والاقتصاد المعاصرة والذي يستندون عليها في صياغة سياساتهم مع بعضهم و مع الاخرين,وقد ارتضوا بخلافاتهم وتناقضاتهم وايجادالحلول لها وقد يختلفون في نوعية الوسائل والادوات التي يستخدمونها والقائمة على تعددية الفلسفية ,فمنها ماهو ليبرالي ومنها ماهو أشتراكي وهم بين هذا وذاك يناورون في الاطارات الشكلية والمضامين الواقعية في ايجاد الحلول لقضاياهم, وفي ألاطار الفلسفي الواحد تبرز الافكار المتطرفة والمعتدلة وحتى الوسطية,فالمتطرفين والذي يمثل المحافظين في الولاياة المتحدة ومثلتهما في العقدين الماضين أدارة البوشين والمعتدلين والذي مثلتهما أدارتي كلينتون وأوباما,ولاجل أن تتوضح لنا أن فلسفة الاتجاهين والادارتين واللتين تهدفان الى غرض واحد ولكن بطريقين مختلفين.فما يقوله روبرت كاغان(1) وهو يمثل المحافظين الجدد,ففي ما يتعلق بالعلاقة مع القطبين الكبيرين روسيا والصين فهو يقول: (إنّ روسيا القيصرية وروسيا السوفييتية، وروسيا الرأسمالية، كلُّها واحدة، ولذلك انتظر إن لم تنتصر "أخلاقيات" الولايات المتحدة الجديدة انتصاراً ساحقاً، أن تعود روسيا فتؤكد حضورها عسكرياً في مكانٍ ما!). .في حين المعتدلين والذي مفترض بهم أن يكونوا من الديمقراطيين,فلهم رأي لا يتناقض مع الجمهوريين ولكنهم يختلفون في الوسائل ,فدنيس روس(2) والذي كان مستشارا لاوباما للشؤون الخارجية يرى أنه لا علاقة للواقع الراهن بعقلية وسياسات الحرب الباردة قبل إنهيار الاتحاد السوفيتي ,ولكن هذا لا يعني أن روسيا والصين قد غادرتا سياسة الاعتماد على القوة والتسلح ولكنه يعتقد بأنه الى جانب ذلك فهما يرغبان الان في إقامة الشراكة الاقتصادية و والشراكة في إدارة الشؤون الدولية أيظا وعن طريق المؤسسات الدولية ,كمجلس الامن الدولي أو المحكمة الدولية أو المنظومات الاقتصادية والانسانية.و بنفس النظرة يمكننا أن نحكم على هذين الاتجاهين فيما يخص قضايا الشرق الاوسط,ففي ما يخص القضية الفلسطينية,فأن   روس يرى في ان المفاوضات بين الفلسطينين والصهاينة تهدف لتوكيد ثلاثة أهداف:


1_منع تجدد النزاع المسلح بين الفلسطنينين وال’محتلين لارضهم من الصهاينة.


2_تحقيق تسوية لصراع العربي الصهيوني,لاستحالة الحل النهائي.


3_حفاظا على المصالح الامريكية والغربية من حالة التوتر التي قد تنشئ من نشوب أي حالة نزاع في الشرق الاوسط.لذلك لابد من العمل على نشر الاستقرارفي المنطقة.


أن هذه الاهداف لا تختلف من حيث الجوهر عن الاهداف الذي يحددها كاغان الذي يعمل بعقلية الحق والباطل أي أنه يحفظ الهوية اليهودية للدولة، ويحرّر الفلسطينيين من السيطرة الإسرائيلية على مقدراتهم بجزئية. أما المشكلات الأُخرى مثل القدس والمستوطنين والحدود و عودة اللاجئين، فهي مشكلات تفصيلية، وهذه يمكنُ تسويتُها بالتفاوض الذي يعني لدى كاغان  فسح تتيح للمراوغةً من أجل الحصول على تنازُلاتٍ لا تُخِلُّ بمقولة الحقّ الخالدة,وكلا الحلين يوصلان الى حل نهائي لصالح الكيان الصهيوني,فلم تفلح أدارة أوباما على وقف التوسع في الاستيطان للاراضي العربية وبالرغم من كل الضغوط الي مارستها ولكنها ترجت القيادة الصهيونية على الاقل التوقف المؤقت للاستيطان تجنبا للاحراج الذي تسبب لها العناد الصهيوني أمام بعض الحلفاء من الانظمة العربية والمجتمع الدولي ومع ذلك جاء جواب الصهاينة المشروط بالموافقة على التجميد المؤقت..

 
1_روبرت كاغان كاتب "المحافظين الجدد" المعروف، صاحب كتابه الصغير الذي يمكن ترجمة عنوانه: "إلى الجنّة من طريق القوة”(2003).

 
2_ دنيس روس، مستشار أوباما لشؤون الشرق الاوسط والخليج وافغانستان وباكستان وجنوب آسيا. وايظا مستشارا خاصا في وزارة الخارجية الاميركية للخليج وجنوب غرب آسيا.وصاحب  كتاب السلام المفقود( 1992- 2000

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٦ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٣ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور