تأملات - هل هنالك ثوابت وحقائق في السياسة اليوم ؟

﴿ الجزء السادس ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي
ومهما ظهرت دعوات وأتخذت اجراءات لاحياء منظومةجديدة للتضامن بين أبناء البشر ولاقامة نظام إنساني عالمي جديد ُيبنى على أسس دستورية من العدالة والحق لايمكن لها أن تحظى بجدية الاقوياء من الدول العظمى فأنها  وفي كل الاحوال ستكون ولادة ميتةً , إن مثل هذا النظام أو المنظومة يحتاج لدستور ينظم طريقة العمل ولكن في ظل السيطرة الُمحكْمة للدول العظمى لا  يمكن أن ينجح المجتمع الدولي في إنضاج كذا دستورشامل,‏سواء في نظريته او في إجراءاته وفي توضيحه للحقوق والواجبات وفي فعاليته و قدرته على الحث على الانطلاق من وحي الجوانب المشتركة للحاجات الانسانيةوأن يضم في ثناياه مبدأي عدم اللجوء الي الاكراه بالضغط والاضطهاد بالحصاروبكل أنواعه, كذلك في جديته بالمناداة بتطوير إطارعام للاختلاف والقبول بالمسئولية عن الأقوال والأفعال علي جميع الصعد‏,وسوف لايمكن له أن يكون مؤثرا بالايجابية المطلوبة أذا لم يصار الى وضع الاليات التي تتوافق مع فلسفته والقادرة على تنفيذ أهدافه, لان ذلك و بالضرورة‏ يعني الغاء لهيمنة الدول العظمى على القرار الدولي وتحقيق مبدأ المشاركة الجماعية لتحقيق المصلحة الجماعية في الكرة الارضية وهذا جدا صعب لانه هنالك الكثير من المواقف الدولية للدول العظمى لم تقبل بالتنازل أو التخلي عن إجراءات تعود بالفائدة على دول العالم كلها ولكن يتطلب من الدول العظمى التراجع  عن بعض إجراءاتها التي تضحي بها من أجل العالم والكرة الارضية وها هذا هو مؤتمر المناخ في الذي إنعقدَ في كوبنهاغن الذي إنتهى بالفشل بسببب تعنت الدول الكبرى في مواقفها في التضحية ببعض إجرائاتها التي تؤذي المناخ في الكرة الارضية بشكل عام لمكافحة الاحتباس الحراري !

 

وقدعلق خبير المناخ الفرنسي جان جوزيل خارج القاعة العامة للمؤتمر: ان الحزن هو السائد، مذكرا بالاجواء الواعدة التي سادت قبل عامين مؤتمر بالي الذي اطلق خارطة الطريق تمهيدا لكوبنهاغن.فأي تعاون دولي يمكن أن يكون في ظل تسلط الدول الكبرى؟و أي مؤسسات دولية قادرة أن تخدم دول العالم في عالم يسيطر عليه الكبار واية منظمات دولية قادرة أن تقيم نظاما سياسيا عادلا يرتكز على الاخلاق؟  فتجربة الامم المتحدة وبكل مؤسساتها وبالاخص مجلس الامن الدولي يحملون اهدافا"إنسانية عظيمة وصيغت بنود التأسيس في مرحلة كان العالم قد خرج توا" من صراع بين قوى الظلم والاستعباد,دفع العالم لهذه المحرقة الملايين من البشر وبلاين البلاين من الدولارات, وكانت الحاجة لهذه المؤسسات لكي تظمن عدم تكرارهذه المرحلة السيئة من حياة البشر ولكن قوى الظلام أستطاعت أن تستوعب هذا التوجه الانساني وتركب الموجة وتلبس رداء الخيرهذه المرة وتحتوي هذه المؤسسات الاممية وتحولها الى أدوات ووسائل للاضطهاد والظلم في هذا العالم وهنالك الكثير من المواقف والقرارات المحبطة لامال الشعوب أقدمت عليها وأتخذتها هذه المنظمة الدولية, وسيبقى قرار تقسيم فلسطين العرب في عام 1948والاعتراف الدولي بالكيان الصهيوني وقرارات الحرب والحصارعلى الشعب العراقي البطل في عام 1990 والتسويف الاممي لاي قرار كان بأمكانه أن يمنع قوى الظلام من غزو العراق في عام 2003 والدور الوسخ لمجاميع المفتشين الدولين في إضفاء شرعية ما على إتهام العراق ومحاصرته,أقول ستبقى هذه القرارات في مقدمة  القرارات التي تكسب العارلهذه المنظمة الدولية التي تحولت وبكل لا أخلاقية في قراراتها وسياساتها لاداة للدول الامبريالية الطامعة,وتحولت من مرجعية أدبية و قانونية للامم الى مصدر للتهديد للسلم العالمي,فالقوى الكبرى تستخدم مثلا مجلس الامن الدولي لاضفاء شرعية لاي عمل أقتصادي أو عسكري أوسياسي يخدم مصلحتها ,وحولت مجلس الأمن الدولي  الى عصا وجلاد في نفس الوقت بيد الدول الكبرى وذلك عبر توافق مصلحي بين هذه الدول الخمسة الدائمة العضوية,وليذهب العالم الى الهاوية ,ومادام الخطاب السياسي المفبرك والديماغوجي هو اللاعب والمؤثر في الرأي الغربي عموما و ما دامت هذه الدول تحتكر القرار الدولي وتفرض حظرا" شديدا" على أي إختراق لهذه المؤسسة الهامة واللاعبة الاساسية في حياة الامم,فأن العالم سوف لا يشهد إستقرارا ولا عدالة وأخلاقية في حسم أي خلاف وخاصة بالنسة للدول الغير دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي .

 

وفي نفس الوقت من الغير المسموح به أن يخترق هذه المؤسسة من دول العالم الثالث إن صح التعبير,وأعضاءهذا المجلس حريصون جدا على أبقاء شروط العضوية محصورة بالدول القويةوالعضمى ,والدليل أن إشراك المانيا في الكثير من جلسات القرارات الدولية ليس الا لانها دولة قوية و مرشحة أن تكون عظمى أيظا ويمكنها أن تكسب عضويةالمجلس ,وهي الان في مرحلة لتهيئتها لعضوية هذا المجلس العتيد أنها إرادة الدول العظمى وليس إرادة الامم والشعوب في هذا العالم ..

 

أن هذا التوجه في إحكام السيطرة على هذا المجلس ينطلق من التصور الليبرالي للامن الجماعي في تشكيل تحالف موسع يضم أغلب الفاعلين الأساسين في النظام الدولي الجديد,وقد وضع الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت (1) أُسس هذا التصور و قبل قرنين من الزمان,وأقترح تشكيل فديرالية تضم دول العالم, حيث تتكتل غالبية الدول الأعضاء لمعاقبة أية دولة تعتدي على دولة أخرى.

 

وهذا يعني أن الدول الأعضاء في منظومة الأمن الجماعي ستتعاون مع بعضها البعض ضد أية دولة تسعى لتحقيق مصالح ضيقة. وهي الفكرة التي استند إليها الرئيس الأمريكي  وودرو ويلسون في تصوره لعالم يسوده السلام. وهو الذي قرر بعد نهاية الحرب العالمية الأولى إنشاء عصبة الأمم لتعزيز السلام في العالم في ظل الصور المروعة لضحايا الحرب وقد صرح في جانفي 1918 بضرورة أن تقوم هذه العصبة على 14 ركيزة ستقود إلى نظام عالمي مستقر لما بعد الحرب، بما فيها ضمان حق الاستقلال للبلدان الصغيرة التي كانت ضحية لنظام توازن القوى، وإضافة إلى إنشاء منظمة دولية تسهر على إقرار الأمن كبديل لنظام توازن القوى,وهكذا كانت نقطة البداية لتنتهي الى أن المنظمة الدولية يحكمها مجلس الامن الدولي  والذي يتالف من القوى والعظمى وفكرة الرئيس ويلسون أنتهت تماماوأن الدول الصغرى ليس لها الاأن تقبل بأن القوي يفعل ما تمكنه قوته من فعله، أما الضعيف فليس عليه سوى تقبل ما لا يستطيع رفضه".

 

إذن تصور مانويل قبل حوالي قرنين وفكرة ارئيس الامريكي ويلسون وقبل قرن مبنية على إقامة المؤسسات الدولية التي تقوم على أُسس المشاركة الجماعية لكل بلدان العالم واليوم تقوم على تسلط هذه الدول الليبرالية والفكر الاستعماري بالسلوك وبالرغم من وجود دولة الصين التي تنتهج ديمقراطية إشتراكية في هذه المنظومة الدولية المهمة والمؤثرة في حياة الانسانية..إنها جزء من حقائق السياسة التي يعيشها العالم ,فلوكانت هنالك ثوابت وأخلاق في السياسة لما تغيرت أهداف وطريقة عمل هذه المؤسسات بزاوية180 درجة ما بين التوقيتات الزمنية لطرحها كأفكار وتشريعات والوقت الحالي.

 

إنها أزمة و مشكلة للبشرية وتعقيداتها تكمن في إحكام الدول الغنية القوية بقبضتها على المنظومة الدولية وفي ضعف موقف دول العالم الثالث وأن أي مشروع توازن يطرح بين هذين الطرفين سوف يجابه بقسوة وحقد الول العظمى وتراخي وتردد دول العالم الثالث من دعم هذا النوع من المشاريع بل في بعض الاحيان تتراصف وبكل ذيلية مع الدول الكبرى لخنق هذه المشاريع تدميرها وهذا هو ما حصل مع العراق الوطني..  

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٠٦ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٣ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور