هذا بيت جميل ... ولكنه ليس بيتى !!

 
 
 

شبكة المنصور

ججو متى موميكا  - كندا
كثيرة هى اقوال الفلاسفه والشعراء المأثوره ... وحكم وامثال الادباء والمفكرين وفيها عبر ودروس مستنبطه من الواقع الذى نعيشه...


اعزائى القراء :
قرأت هذا القول المأثور والغنىّ بمعناه على لسان شاعر ايرانى ترك بلاده وهاجر الى كاليفورنيا فى الولايات المتحده الامريكيه هربا من ظلم الحكام المعممّين فى قم وطهران بعد مجىء الخمينى للحكم وما خلّفه من ويلات ودمار بحقالشعوب الايرانيه منذ مجيئه للسلطه وحتى اليوم... اهانوا شعوبهم وسلبوا حرياتهم وخنقوا المعارضه بكل اشكالها بعد ان ملأوا السجون والمعتقلات الايرانيه بالمعتقلين المعارضين لسياستهم منذ مجيئهم للسلطه عام 1979 حين هبطت الطائره الفرنسيه بالخمينى وشلّته من المنفى ليجلب معه الخراب والدمار والدكتاتوريه للشعب الايرانى المغلوب على امره ...جاؤوا متلبسين بأسم الدين والدين منهم براء وحملوا شعار تصدير الثوره الاسلاميه لدول الجواروكانت الفتنة الكبرى بدءا فى تحرشاتهم بالعراق اولا لتحقيق اطماعهم التوسعيه بأحتلال البلدان المجاوره حاملين شعارا مزيّفا للضحك على الناس واستغلال بسطاء الناس والفقراء والمعوزين والمظلومين من جور الحكام بأنهم جاءوا لتحريرهم من العبودية والذل واوعدوهم بجّنات تجرى من تحتها الانهار جاءوا حاملين شعارا فضفاضا كاذبا لكسب شعوبهم بان القدس الشريف مسلوبه وتحريرها يمر عبر العراق شعارهم المخزى لتحقيق مآربهم واطماعهم الشريره وهو (( تحرير القدس يمر عبر العراق )) وهكذا نفذوا مؤامرتهم وشنوا هجومهم السافر ضد العراق فى 22 ايلول عام 1980 اشتعلت المنطقه ونشبت حروب ونزاعات اقليميه وبعد قتال ضروس و دام استنزف طاقات بشريه وخسائر فادحه فى الارواح والممتلكات خرجت ايران خاسره من الحرب وتوّج العراق حربه بنصر مؤزر على الفلول الايرانيه المنهزمه بعد ان جرع خمينى السم وقبل وقف اطلاق النار مهزوما بعد8 سنوات لكن ايران لم تتعظ ولم ترعوى او تكسب درسا فى احترام الجيره فاستمرت فى غيّها وطيشها وكبريائها متمثلة بحكومةالملالى وولاية الفقيه فاستمرت فى اطماعها وتدبيرها الدسائس والمؤامرات ليس ضد العراق فحسب بل شمل معظم دول المنطقه فى الخليج العربى واليمن والسعوديه وحتى المغرب العربى ... ناهيك عن انتهاك الحريات داخل ايران وتصفية المعارضين الوطنيين والذين كان لهم الدور الكبير فى الاطاحه بنظام الشاه كمنظمة مجاهدى خلق والاحزاب اليساريه والعلمانيين وكل القوى الوطنيه التى حاربت الشاه تم تهميشها وطردها والتنكيل باعضائها لكن سرعان ما نكّل بهم وتمت تصفيتهم فهاجر من هاجر وقتل وسجن منهم اعداد كبيره غالبيتهم من العلماء والاساتذه والمفكرين والمثقفين غادروا ايران الى المنفى بعد ان سرق الملالى ثورتهم ونكروا تضحياتهم تحت مسمى معاداة الثوره الاسلاميه ووقوفهم ضد الثوره الاسلاميه و ضد ولاية الفقيه وعدّوها مناهضه لثورتهم الاسلاميه المزعومه فكانت الفاجعه الكبرى وهذه نتائجها .

 

انتشار الارهاب وسيادة الجهل والبيروقراطيه وانتشار الفساد والظلم وخنق الحريات فى معظم مدن ايران والعوده بايران الى القرون المظلمه والتخلف والاميه والفقر .وسيطرة الجهل والامراض الاجتماعيه فى معظم الجامعات والمعاهد العلميه .


نعود الى شاعرنا صاحب المقوله ( هذا بيت جميل ...ولكنه ليس بيتى !! ) قالها بمراره وأسى عميقين رغم تمتعه بحياة اللاجئين فى امريكا بأعتباره مضطهد وغادر بلده خوفا من التصفيه والاغتيال بعد ان قتل الكثيرون من اصحابه المعارضين للسلطه ولولاية الفقيه وكم من الافواه كممت واصوات اخرست ودماء اريقت على مذابح الحريه فى الاهواز وعربستان واذربيجان وغيرها من المدن الايرانيه غير الفارسيه لكون سكانها اغلبهم لاينتمون الى عرقهم او قوميتهم ومذهبهم فأعدم خيرة الوطنيين رجالا ونساءا وعلقوا على اعواد المشانق فى ساحات طهران وتبريز ومشهد والمحمره واصفهان وغيرها من المدن الاخرى ناهيك عن السجون والمعتقلات التى امتلأت باحرار ايران والوطنيين بتهمة انتمائهم الى منظمة مجاهدى خلق او الانتماء العربى او الآذرى وهذا الاتهام لايروق للفرس ولحكام طهران المعممين ولا لولاية الفقيه .


شاعرنا الايرانى هذا والمهاجر الى كاليفورنيا يشعر بالألم وهو يسكن بيتا جميلا فيه كل وسائل الراحه من تدفئه وتبريد وآثاث واناره ومواصلات وأمان لكنه بائس يعيش فى قنوط وقطع الرجاء كونه بعيد عن وطنه فكيف تحلو له هذه الحال وهو بعيد عن اهله ليس مريحا ولا يشعر او يتمتع رغم ما وفر له كونه بعيدا عن بيته ولو كان كوخا من الطين والاجر وهل اغلى من بيوتنا ؟؟؟


عزيزى القارىء :
من الضرورى ان نعرّج الى اوضاعنا ونحن نقرأ القول المأثور لهذا الشاعر الايرانى كم من العراقيين المهجرين تركوا ديارهم وطردوا من بيوتهم صفر اليدين جيوبهم خاويه بعد ان نفضوا كل مدخراتهم قبل ان يستقرو فى بلد المهجر ...تركوا السلة والعنب لوحوش الغاب ليعيثوا فى بيوتهم فسادا و ونهبا وتهديما هجرة قاسيه لم يشهدها تاريخ العراق قديما وحديثا ...


فالمهاجر الذى ترك داره مكرها ومرغما بعد ان كان يعيش فيها مع عائلته مطمئنا آمنا سعيدا راضيا بنعمة الله بغفلة من الزمن يهان ويطرد من بيته هو واطفاله الى مجهول بعد ان تعرض الى اقسى حالات القهر والعنف والتهديد ودون انذار مسبق بضرورة اخلاء داره والّا فالطامة الكبرى تلحق به وبعائلته وهذا ماحصل بكثير من العوائل التى شردت منذ 2003 وحتى يومنا هذا .


نعم المهاجرون استوعبوا فى دول وبلدان اوربيه كثيره واحتضنت عشرات الالوف منهم فى مخيمات ومجمعات سكنيه وشقق وبيوت جاهزه بدعم من الامم المتحده ومنظمات انسانيه وجمعيات حقوق الانسان وسكنوا او استقر قسم كبير منهم برعاية هذه المنظمات ودعمها ومساعدتها لهم بقدر المستطاع وبدوافع انسانيه .


لكن بقى ان نقول هل البيوت التى نسكنها اخوتى الاعزّاء اجمل من بيوتنا فى وطننا المسلوب ؟ نعم فيها ناطحات السحاب وعجائب الدنيا السبع وفيها برج ايفل وبرج بيزا وشلالات نياكارا وعمارات عملاقه ومسارح ومتنزهات جميله تؤرق النظر وتبهر النفوس ... لكن هل يرف لكم جفن وتهتز شفاهكم لمنظر يغيب فيه الوطن عنكم او يبعدكم عن بيوتكم ؟لكن ماكل ما يتمناه المرء يدركه ما اشوقنا الى بردك وثلوجك ياوطنى لنستمتع بقرصاته وهو يدغدغنا فى حضن السهوب والوديان فى بطون الاهوار وعلى ذرى الجبال مكسوة بكتل الثلوج يا حسرتاه على نسمات بغداد ورياح الجزيره وشموس ميسان وعذوبة مياه الزاب والبصرة وقد جثت على ركبتيها تحت سياط الغازى بعد ان سرق بسمتها ...


الم نحنّ ونتشوّق لرائحة بيوتنا حتى وان بنيت من الطين واللبن .؟ ما اجمل قرانا وحقولها ويا لنضارتها ونكهة محصولها وطيب اهلها وكرمهم ...


ألم نشتاق لرائحة الطين الممزوج بالتبن بعد تخميره فتفوح رائحته كالعنبر والمسك وهل اطيب من طين بلادى ؟ وهل اجمل من صورة العراقى بسواعده السمر وهو يجبل الطين لطلاء بيوتنا الطينيه ورائحته المعفره تزكى انوفنا ؟


هل يحاججنى قارىء بنسيم عليل ينعش نفوسنا كنسيم سولاف وشقلاوه ورياح الكوت والعشار والحبانيه ؟
اعزائى القراء :اذا اين يكمن السر انه فى دواخلنا فنحن تربينا ونشأنا على حب الوطن والتضحيه فى سبيله فهل من منازع ينزع غريزة حبه من نفوسنا ؟


انه جزء من كياننا واحلامنا وآمالنا نبصم له من المهد الى اللحد فلا بديل للوطن مهما ابتعدنا عنه ولا حبا يضاهى حبه انه بيتنا وسنعود اليه ولو كره الغاصبون وبأذن الله .


لابيوت اجمل من اكواخنا ... ولا نسمات اعذب من هواء بلادى ...ولا صوت رخيم اعذب من عندليب ريفنا
لكن لمن نشتكى همومنا والشكوى لغير الله مذلّه
(أسمعت لو ناديت حيّا... لكن لاحياة لمن تنادى )

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٠ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور