الخيانة والعقاب ( من خان الوطن والدين ، لا يحضا بحب رب العالمين )

 
 
 

شبكة المنصور

د. همام أحمد محمد

قبل الدخول في الغاية التي أبتغي إيصالها للقارئ الكريم حول موضوع الخيانة لا بد من تعريف الخيانة :

 

تعريف الخيانة :

الخيانة: من خان الأمانة أو العهد وما إلى ذلك ،  ويذكر أحد أهل العلم أن لكل حرف من فعل ( خان ) معنى وهي :

 

الخاء : من الخنى ، وهو المقرون بالفعل المخزي.

الألف : من أجذب : وهو المخبول الطائش الذي لا يعرف ولا يقدر عواقب الأمور.

النون : من ناقص : هو النذل الديوث ناقص الشرف والكرامة .

 

وغاية هذه الخاطرة هي لأبراز دور الخونة الذين باعوا أنفسهم للأمريكي والصهيوني ودلسوا على وطنهم العراق العظيم وشعبه الأبي ومارسوا أفعال لا ترضي الله ورسوله ، من قتل وتهجير وسرقة المال العام ، وزرع الطائفية والعنصرية ، ويسعون لتقسيم العراق ، كل ذلك من أجل منافع شخصية دنيوية وأفكار خبيثة .

 

ومن يقرأ القرآن بتمعن وتدبير يكتشف أن الله في محكم كتابه الفرقان وهو الحق قد وضع لجميع الجرائم التي يرتكبها الإنسان العاصي لأوامره عقوبة وفق الجرم الذي ارتكبه ذلك الإنسان  لكنه سبحانه لم يحدد عقوبة الخائن وتركها له وحده لكونها من أسوء الأفعال.  يقول أحد العارفين :

 

الله يجزي في الصيام لحبه *** وكذا العقوبة بمن يخون عذابا

ففي قتل النفس قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى .. الآية )178 البقرة

 

وفي القتل وغيره قال ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ..الخ الآية )  المائدة 45

 

 وفي جريمة السرقة قال تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيزُ حكيم )  38 المائدة .

 

وفي الزنا قال تعالى ( الزانيةُ والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدة) 2 النور

وهكذا توالت الأحكام في القرآن على جميع الجرائم والجنح والمخالفات وتوسعت في تغطية شاملة من خلال السنة النبوية الشريفة .

 

وهنا استوقفني أمر في بالغ الأهمية هو عدم ذكر عقوبة ( لجريمة الخيانة ) في القران الكريم والذي حصر ذكر الخيانة في ثلاثة سور هي النساء والأنفال ويوسف. وكما يلي :

قال تعالى ( إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما )النساء 1.5 

 

في هذه الآية الكريمة يخاطب الله القدير نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ليقول له نحن الذين أنزلنا عليك هذا القرآن العظيم ، ناطقاً بالحق المبين ، لتحكم بين الناس ، بما عرفك الله وأوحى به إليك من إنصاف المظلوم ، وإقامة العدل بين الخلق ، ولا تكن مدافعاً ومخاصماً عن الخائنين ، تجادل وتدافع عنهم . (وأستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيما ) أي استغفر الله مما هممت به ، من الدفاع عن الخائن المنافق المتظاهر بالإيمان ( ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب كل خواناً أثيما ) النساء1.7

 

أي لا تدافع عن الذين يخونون أنفسهم ، بارتكاب ما حرم الله من المعاصي والآثام ، فالله عز وجل لا يحب من كان مفرطاً في الخيانة .

 

وفي موضع ثاني من القرآن الكريم يقول تعالى (يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) الأنفال 27

 

أي لا تخونوا دينكم ورسولكم ، بإطلاع الكفار على أسرار المؤمنين ، ولا تخونوا ما أتمنكم عليه الناس ، وانتم تعلمون عاقبة الخيانة .

 

وفي موضع ثالث من القرآن العظيم يقول تعالى ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواءٍ إن الله لا يحب ُ الخائنين ) الأنفال 58

 

والمعنى : إن كنت تخاف خيانة يا محمد ، من قوم بينك وبينهم عهد وميثاق ، فانبذ إليهم العهد ، على علم منك ومنهم ، بان تقول لهم : قد نبذت إليكم عهدكم ، وأنا سأقاتلكم وبخلاف ذلك إن قاتلتهم خيانة والله لا يحب الخائنين ( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون ) أي لا يظن الكفار والفجار والخونة إنهم يفلتون من عذابنا ، فإنهم في قبضتنا ولا يعجزونا !! وهي بشرى أن الله سينتقم من الخونة إن عاجلاً أو آجل.

 

وفي الموضع الثالث قال الله تعالى ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم ) الأنفال 71 

 

إنها بشرى كذلك للنبي وأتباعه نحن المسلمون من أن الله أعد للخائنين وعيداً وحساب عسيرا .

 

وفي الموضع الرابع ؛ قال تعالى ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وإن الله لا يهدي كيد الخائنين ) يوسف 52

والمعنى : هو أن الله لا يوفق الخائن ولا يسدد خطاه ، بل يفضحه ويهتك الستر عنه مهما أدعى وكذب وكاد .وبيت القصيد الذي أود أن أوضحه هو أن عقوبة الخيانة لم يحددها الله للبشر إنما جعلها له وحده الذي يعاقب بها وذلك لخطورة فعلها . لكنها والعلم عند الله تتباين في الحكم على ضوء فعل تلك الخيانة ، فخيانة الأمانة شيء وخيانة الصديق شيء آخر لكن خيانة الدين والوطن شيء عظيم .

 

بماذا سيقابلون الله أولائك الذين خانوا الوطن والدين وجعلوا أنفسهم مطايا للغزاة ؟قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )إن الله حين وضح عدم حبه للخونة من خلال كتابه الكريم حذر الإنسان من هذا الفعل المشين الأمر الذي جعل عقوبته مختلفة عن جميع الجرائم الأخرى التي تم ذكر البعض منها فعلى أصحاب من يدعي قربه للدين من الذين داهنو المحتل وجاءوا لغزو بلدهم على ظهور دباباته أن يستعدوا للحساب يوم لا ينفع مالُ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .اللهم أخزي الخونة بأمرك العاجل ، وساند المجاهدين بعزك الماثل .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ١٨ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٥ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور