تطبيع جريمة القرن

 
 
 
شبكة المنصور
ترجمة : دجلة وحيد

عزيزي القارئ بمناسبة بدأ لجنة التحقيق البريطانية العلنية برأسة السير جون تشيلكوت حول الأخطاء التي أدت الى حرب العراق، يفضح الصحفي الإستقصائي جون بيلجر في هذا المقال المترجم الفساد والأساليب الملتوية والتهديد والأكاذيب وطمر الحقائق التي مارستها أجهزة حكومة المجرم توني بلير خصوصا حينما مررت فكرة غزو وإحتلال العراق على الشعب البريطاني بمساعدة وسائل الإعلام البريطانية المتواطئة. المثال الذي ذكر في المقال حول التحقيق في مسألة بيع أسلحة بريطانية الى العراق سابقا أستعمل مجرد لفضح الأساليب القمعية والأكاذيب والتزييف التي كانت تمارسها إدارة بلير في أعلى المستويات ومنها المستوى القضائي.

 

ترجمة : دجلة وحيد

 

كتب الصحفي الإستقصائي جون بيلجر مايلي:  

 

حاولت الاتصال قبل أيام بـ "مارك هيجسون" فجاء لعلمي بأنه قد توفي منذ تسع سنوات. كان عمره 40 عاما فقط، رجلا شريفا. التقينا مباشرة بعد أن استقال من وزارة الخارجية في عام 1991 وسألته ما اذا كانت الحكومة على علم بأن طائرة مقاتلة من طراز هوك بيعت لإندونيسيا كانت تستخدم ضد المدنيين في تيمور الشرقية.

 

قال: "كل شخص يعلم ذلك"، "باستثناء البرلمان والجمهور".

 

سألته: "وسائل الإعلام؟"

 

أجاب: "وسائل الإعلام -- الأسماء المشهورة --  دعيت إلى شارع الملك تشارلز (وزارة الخارجية) وأطريتْ وأوجزتْ بالأكاذيب. انها ليست مشكلة".  

 

كونه مسؤول مكتب العراق في وزارة الخارجية، صاغ رسائل للوزراء لطمئنة أعضاء البرلمان والجمهور بأن الحكومة البريطانية لم تكن تسلح صدام حسين. قال "وهذا كان محض كذب"، "لم أستطع تحمل ذلك".

 

إعطائه دليل أمام لجنة التحقيق حول بيع اسلحة للعراق، هيجسون كان المسؤول البريطاني الوحيد الذي أثنى عليه القاضي اللورد سكوت لقوله الحقيقة. السعر الذي دفعه هو خسارة وضعه الصحي، والزواج، ومراقبة دائمة من قبل الأشباح. انتهى به الأمر ليعيش على الإعانات في مأوى في مدينة برمنغهام حيث عانى من نوبة صرع، ضرب رأسه ومات وحيدا. المبلغين في كثير من الأحيان هم أبطال؛ انه كان واحدا منهم.

 

تذكرته عندما رأيت صورة في الجريدة لمسؤول أخر من وزارة الخارجية، السير جيريمي غرينستوك، الذي كان سفير توني بلير الى الأمم المتحدة أثناء التصعيد لغزو العراق في عام 2003. أكثر من أي شخص، السير جيريمي هو الذي حاول كل خدعة لإيجاد غطاء أممي في الامم المتحدة لحمام دم في المستقبل. في الواقع، هذا كان تفاخره في تحقيق تشلكوت في 27 نوفمبر/تشرين ثاني، حيث أنه وصف الغزو بانه "قانوني لكن شرعتيه مشكوك فيها". كم ذكي. في الصورة كان يرتدي ابتسامة متكلفة.

 

بموجب القانون الدولي، "شرعية مشكوك فيها" لا وجود لها. هجوم على دولة ذات سيادة هو جريمة. هذا جعل واضحا من قبل ضابط القانون البريطاني الرئيسي، المدعي العام بيتر غولدسميث، قبل لوي ذراعه، وبواسطة مستشاري وزارة الخارجية القانونيين وفي وقت لاحق من قبل الأمين العام للأمم المتحدة. الغزو هو جريمة القرن الحادي والعشرين. خلال 17 عاما من الاعتداء على السكان المدنيين العزل، محجبة بألقاب مثل ابن عرس "العقوبات" و "منطقتي حظر الطيران" و "بناء الديمقراطية"، كثيرا من الناس لقوا حتفهم في العراق وكانوا أكثر من الذين قتلوا خلال سنوات الذروة لتجارة الرقيق. وضع ذلك مقابل تصحيحية إنقاذ جلد السير جيريمي حول "ضجيج" أمريكي الذي كان "غير مساعد بالتأكيد الى ما كنت أحاول القيام به (في الأمم المتحدة) في نيويورك". وعلاوة على ذلك، أنني شخصيا حذرت وزارة الخارجية ... أنني قد أضطر الى النظر في موقفي ...". 

 

ليس أنا، جوف (يارجل)

 

الغرض من تحقيق تشيلكوت هو لتطبيع جريمة ملحمية من خلال توفير ما يكفي من مسرح الذنب لإرضاء وسائل الإعلام وبذلك أن القضية الوحيدة التي تهم، من ناحية الملاحقة القضائية، هي أن لا تثار أبدا. عندما يظهر في يناير/كانون ثاني،  سيلعب بلير هذا الدور الى الكمال المقرف، ممتص بأخلاص الهسهسة وأصوات بوو والاستهجان. كل التحقيقات "في جرائم الدولة تحييد بهذه الطريقة. في عام 1996، عتم تقرير القاضي اللورد سكوت الجرائم التي كشفتها تحقيقاته وأدلة وافرة حول بيع اسلحة للعراق.   

 

في ذلك الوقت، أجريت مقابلة مع تيم لاكستون، الذي كان قد حضر في كل يوم من أيام التحقيق كمراجع للشركات التي استولت عليها "إم16" وغيرها من الوكالات السرية كوسائل لتجارة الأسلحة غير المشروعة مع نظام صدام حسين. قال لي لاكستون، لو كان هناك إجراء تحقيق جنائي كامل ومفتوح لكان "مئات" قد واجهوا النيابة العامة. وأضاف "انها سوف تشمل" : "كبار الشخصيات السياسية، وكبار موظفي الخدمة المدنية الأقدمين من اليمين طوال الوايتهول...أعلى مستوى من الحكومة".

 

لهذا نصح تشيلكوت من قبل  أمثال السير مارتن جيلبرت، الذي قارن بلير مع تشرشل وروزفلت. لهذا فأن التحقيق سوف لن يطلب الإفراج عن الوثائق التي من شأنها تسليط الضوء على دور كامل عصابة بلير، لا سيما مجلس وزراء بلير في عام 2003، الطويل الصمت. من الذي يتذكر تهديد المجرم جيف هون، "وزير دفاع" بلير، حول استخدام الأسلحة النووية ضد العراق؟

 

في شباط/فبراير، جاك سترو، احد متواطئي بلير الرئيسيون، ووزير العدل الحالي، الرجل الذي ترك القاتل الجماعي الجنرال بينوشيه الهروب من العدالة، نقض مفوض المعلومات الذي كان قد امر الحكومة بنشر محضر مجلس الوزراء خلال الفترة التي فيها ضغط على اللورد جولد سميث لحمله على تغيير رأيه الذي كان يقول أن غزو العراق كان غير قانوني. كيف أنهم يخشون الفضيحة والتعرية، وأسوأ من ذلك.

 

وسائل الاعلام قد منحت نفسها حصانة. في 27 نوفمبر/تشرين ثاني، كتب سكوت ريتر، الرئيس السابق لمفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة، بأن الغزو "جعل سهلا جدا نظرا لدور الأبلة المفيد الذي لعبته الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة وبريطانيا". أكثر من أربع سنوات قبل الغزو، ريتر، في مقابلات معي ومع الآخرين، لم يترك ذرة من الشك بأن أسلحة الدمار الشامل العراقية قد تم تعطيلها، رغم ذلك أنه جعل شخصا منسيا وغير موجود. في عام 2002، عندما كانت أكاذيب بوش وبلير تكمن في صدى كامل عبر وسائل الإعلام، ذكرت صحيفة الغارديان والأبزيرفر العراق في أكثر من 3000 مقالة، منها 49 فقط أشارت الى ريتر وحقيقته التي كان ممكن أن تنقذ آلاف الأرواح.

 

فما الذي تغير؟ في 30 نوفمبر/تشرين ثاني، نشرت الإندبندنت مقالة دعائية واضحة من رجلها المطمور مع الجيش البريطاني في أفغانستان. العنوان الرئيسي قال: "الجنود يخشون الهزيمة في الوطن". حذر قادة عسكريون بأن بريطانيا، حسبما ذكر التقرير، "في خطر شديد من فقدان طريقها في أفغانستان لأن ارتفاع روح الانهزامية في الوطن يوهن الروح المعنوية للجنود على خط الجبهة. "في الحقيقة، أن الإشمئزاز العام مع الكارثة في أفغانستان نسخ بين كثير من الجنود الذين يخدمون وبين أسرهم، وهذا يخيف دعاة الحرب. لذا فإن "الانهزامية" و "إحباط معنويات الجنود" تضاف إلى قاموس ابن عرس. محاولة جيدة. مع الأسف، مثل العراق، أفغانستان هي أيضا جريمة. نقطة راس السطر.

 
 Normalising the Crime of the Century

By John Pilger

December 09, 2009 "Information Clearing House" -- I tried to contact Mark Higson the other day only to learn he had died nine years ago. He was just 40, an honourable man. We met soon after he had resigned from the Foreign Office in 1991 and I asked him if the government knew that Hawk fighter-bombers sold to Indonesia were being used against civilians in East Timor .

“Everyone knows,” he said, “except parliament and the public.”

“And the media?”

“The media – the big names – have been invited to King Charles Street (the Foreign Office) and flattered and briefed with lies. They are no trouble.”

As Iraq desk officer at the Foreign Office, he had drafted letters for ministers reassuring MPs and the public that the British Government was not arming Saddam Hussein. “This was a downright lie”, he said. “I couldn’t bear it”.

Giving evidence before the arms-to-Iraq enquiry, Higson was the only British official commended by Lord Justice Scott for telling the truth. The price he paid was the loss of his health and marriage and constant surveillance by spooks. He ended up living on benefits in a Birmingham bedsitter where he suffered a seizure, struck his head and died alone. Whistleblowers are often heroes; he was one.

He came to mind when I saw a picture in the paper of another Foreign Office official, Sir Jeremy Greenstock, who was Tony Blair’s ambassador to the United Nations in the build-up to the invasion of Iraq in 2003. More than anyone, it was Sir Jeremy who tried every trick to find a UN cover for the bloodbath to come. Indeed, this was his boast to the Chilcot enquiry on 27 November, where he described the invasion as “legal but of questionable legitimacy”. How clever. In the picture he wore a smirk.

Under international law, “questionable legitimacy” does not exist. An attack on a sovereign state is a crime. This was made clear by Britain ’s chief law officer, Attorney General Peter Goldsmith, before his arm was twisted, and by the Foreign Office’s own legal advisers and subsequently by the secretary-general of the United Nations. The invasion is the crime of the 21st century. During 17 years of assault on a defenceless civilian population, veiled with weasel monikers like “sanctions” and “no fly zones” and “building democracy”, more people have died in Iraq than during the peak years of the slave trade. Set that against Sir Jeremy’s skin-saving revisionism about American “noises” that were “decidedly unhelpful to what I was trying to do [at the UN] in New York ”. Moreover, “I myself warned the Foreign Office … that I might have to consider my own position …”.

It wasn’t me, guv.

The purpose of the Chilcot inquiry is to normalise an epic crime by providing enough of a theatre of guilt to satisfy the media so that the only issue that matters, that of prosecution, is never raised. When he appears in January, Blair will play this part to odious perfection, dutifully absorbing the hisses and boos. All “inquiries” into state crimes are neutered in this way. In 1996, Lord Justice Scott’s arms-to-Iraq report obfuscated the crimes his investigations and voluminous evidence had revealed.

At that time, I interviewed Tim Laxton, who had attended every day of the inquiry as auditor of companies taken over by MI6 and other secret agencies as vehicles for the illegal arms trade with Saddam Hussein. Had there been a full and open criminal investigation, Laxton told me, “hundreds” would have faced prosecution. “They would include,” he said, “top political figures, very senior civil servants from right throughout Whitehall … the top echelon of government.”

That is why Chilcot is advised by the likes of Sir Martin Gilbert, who compared Blair with Churchill and Roosevelt. That is why the inquiry will not demand the release of documents that would illuminate the role of the entire Blair gang, notably Blair’s 2003 cabinet, long silent. Who remembers the threat of the thuggish Geoff Hoon, Blair’s “defence secretary”, to use nuclear weapons against Iraq ?

In February, Jack Straw, one of Blair’s principal accomplices, the man who let the mass murderer General Pinochet escape justice and the current “justice secretary”, overruled the Information Commissioner who had ordered the government to publish Cabinet minutes during the period Lord Goldsmith was pressured into changing his judgement that the invasion was illegal. How they fear exposure, and worse.

The media has granted itself immunity. On 27 November, Scott Ritter, the former UN chief weapons inspector, wrote that the invasion “was made far easier given the role of useful idiot played by much of the mainstream media in the US and Britain .” More than four years before the invasion, Ritter, in interviews with myself and others, left not a shred of doubt that Iraq ’s weapons of mass destruction had been disabled, yet he was made a non-person. In 2002, when the Bush/Blair lies were in full echo across the media, the Guardian and Observer mentioned Iraq in more than 3,000 articles, of which 49 referred to Ritter and his truth that could have saved thousands of lives.

What has changed? On 30 November, the Independent published a pristine piece of propaganda from its embedded man in Afghanistan . “Troops fear defeat at home,” said the headline. Britain , said the report, “is at serious risk of losing its way in Afghanistan because rising defeatism at home is demoralising the troops on the front line, military commanders have warned.” In fact, public disgust with the disaster in Afghanistan is mirrored among many serving troops and their families; and this frightens the warmongers. So “defeatism” and “demoralising the troops” are added to the weasel lexicon. Good try. Unfortunately, like Iraq , Afghanistan is a crime. Period.

www.johnpilger.com
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٢٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور