الخميني كان أحد أسباب العداء الغربي للإسلام والمسلمين

 
 
 

شبكة المنصور

دجلة وحيد

تعرض الإسلام والمسلمين ومنذ إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 وحل حلف وارشو الى حملات شعواء ومشوهة في الدول الأوربية وأمريكا وقد إزدادت هذه الحملات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول عام 2001 حيث أن المجرم جورج بوش الصغير وإدارته الصهيونية أعلنت حربها على الإسلام والمسلمين داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية بحجة الحرب على تنظيم القاعدة والإرهاب العالمي. أخر هذه الحملات حصلت في أوربا عندما صوت السويسريون بنسبة 57% على إقتراح قدمه حزب العمل السويسري لقانون يمنع بناء مآذن أو منارات للمساجد في بلادهم. عدوى هذا التصويت إنتقلت الأن الى هولندا حيث أن حزب الحرية الهولندي اليميني الإتجاه أعلن عن خططه بمطالبة الحكومة الهولندية بإجراء إستفتاء مماثل لما أجري في سويسرا لحظر بناء مآذن للمساجد وكذلك دعا الى حظر القرآن الكريم. سبق هذه الحملات العنصرية والشوفينية حملات قبيحة في كل من الدنمارك والسويد حيث رسمت ونشرت صور في الصحف ومواقع الإنتيرنيت وقسم من الصور وضعت في الساحات العامة في جنوب السويد تستهزء بالرسول الأعظم وكتاب الله، وتصف الإسلام بأنه دين متخلف يدعوا الى العنف وقمع المرأة. حملات مشابهة أيضا حدثت سابقا في بريطانيا وفرنسا وبلجيكا ومدن أوربية أخرى، وكذلك في روسيا وبعض دول أوربا الشرقية والهند والصين الشعبية.

 

إذن ماهي جذور هذا العداء الغربي للإسلام والمسلمين؟!!!

 

لا ندخل في هذا المقال في بحث الجذور التاريخية القديمة للعداء بين بلاد المسلمين – عربية وغير عربية - والبلدان الأوربية أثناء إنتشار الإسلام وأثناء الحروب والحملات الصليبية والإستعمارية. لكن الدول الغربية الإستعمارية وجدت دائما ثغرات وإستحدثت ثغرات داخل المجتمعات قبل غزوها وإستعمارها وإدامة إستعمارها لها، ومن هذه الثغرات ثغرة النعرة الطائفية المقيتة والصراعات القومية.

 

لم نسمع في العقد السابع والثامن من القرن الماضي عن عداء مفضوح ومفتوح ضد الإسلام والمسلمين في المجتمعات الأوربية والأمريكية مثلما يحدث الأن بين الحين والأخر. الأسباب الحقيقية لهذا العداء هي في جوهرها أسباب عنصرية مغلفة بغطاء ديني وسياسي. أوربا قارة عنصرية على الرغم من وجود القوانين التي تمنع التمييز العنصري والديني فيها. اليمين السياسي الأوربي وخصوصا المتطرفين فيه وفي كل الأحوال والأوقات يخلقون المشاكل ويؤججون النعرات ضد المهاجرين خصوصا ضد المسلمين حينما تكون هناك زيادة في عدد العاطلين عن العمل بسبب الأزمات الإقتصادية التي تعصف في إقتصاديات الدول الأوربية، وبسبب تحايل الكثير من المهاجرين من الدول الإسلامية والعربية على قوانين الرعاية الإجتماعية. كذلك ردود الفعل المتناقضة والغير متوازنة في بعض الأحيان للبعض من المسلمين على تخرصات وإستفزازات المعادين للإسلام والمسلمين التي تستغلها وتضخمها الصحافة اليمينية  بشكل رديء كي تعطي مردود عكسي لقضية الإسلام والمسلمين. الطائفية الإسلامية خصوصا الشيعية التي تمارس طقوس اللطم وضرب الرؤوس بالقامات في بعض العواصم الأوربية اعطت إنطباع سيئ عن سمعة الإسلام والمسلمين. كذلك البعض من المتدينين المسلمين المتطرفين يتوعدون في لقائاتهم الصحفية أو التلفزيونية بفرض حكم الشريعة الإسلامية مستقبلا في المجتمعات الأوربية مما يزيد من مخاوف المواطنين الأوربيين الذين لهم ردود أفعال سلبية حول التفجيرات التي حصلت في مدريد ولندن والتي أتهم بالقيام بها تنظيم القاعدة وبهذا يفقد المسلمين تعاطف هؤلاء مع قضاياهم الملحة. ولا ننسى في هذا السياق أيضا دور الأصابع الصهيونية المخفية في عملية تاجيج هذه الصراعات ودور البعض من المسلمين الغير العرب الذين يتنكرون للإسلام وينتقدوه ويتهجمون على آيات القرأن الكريم ويساندون طروحات اليمين المتطرف في عدائه للإسلام.

 

تصريحات السياسيين الأوربيين خصوصا اليساريين منهم ضد التمميز الديني والعنصري هي مجرد هواء في شبك حيث أنها لا تقدم ولا تؤخر لأنها مجرد تصريحات مسكنة لمخاوف وعواطف المسلمين المتواجدين في القارة الأوربية وللحصول على نقاط سياسية لكسب أصوات الأوربيين المتعاطفين مع المسلمين والقضايا العربية.

 

كيف ومتى بدا العداء للمسلمين خصوصا في أوربا؟!!!

 

قبل ظهور نظرية صراع الحضارات (صامويل هنتنجتون، 1993) على إثر إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 وصعود الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى وحيدة في العالم وتعيين الإسلام كإحدى البدائل أو البديل الرئيسي للنظام الشيوعي كعدو للعالم الغربي والرأسمالية الأمريكية، اصدر الخميني الذي خرج من حرب ضروس ضد العراق مهزوما في 8/8/1988 فتوة  في 14 شباط/فبراير عام 1989 ضد الكاتب البريطاني – الهندي الأصل- سلمان رشدي. سلمان رشدي نشر رواية تحت عنوان "آيات شيطانية" والذي فيها إستهزأ بأيات القرأن الحكيم وتعرض لشخص الرسول الكريم (ص) ولهذا السبب افتى الخميني بفتوة هدر فيها دم سلمان رشدي وقد أرصدت إيران في وقتها مليون دولار امريكي كجائزة لمن يقتله. كتاب سلمان رشدي أحدث ضجة في العالم العربي والعالم الإسلامي وقد منع في وقتها ترجمة الكتاب الى اللغة العربية. وقد تلت إصدار الفتوة موجة كبيرة من العنف والتهديدات ضد أصحاب دور الطباعة والنشر والمترجمين في أنحاء مختلفة من العالم قامت بها جماعات إسلامية وقد تعرضت الكثير من المكتبات ودور الطباعة الى الحرق والتفجيرات. ولقد أدت فتوى الخميني ووعود التهديد والتحريض العلني على قتل سلمان رشدي الى قطع العلاقات الديبلوماسية بين بريطانيا وإيران والتي اعيدت عام 1998 بعدما اعلنت إيران أنها أسقطت تلك الفتوة.

 

هل كان الخميني حريصا على الإسلام حين إصداره للفتوة، وهل كان حقيقة يبغي الإنتقام من سلمان رشدي أم أنه كان يحتاج الى كسب عطف المسلمين سياسيا وادبيا على إثر هزيمته في حربه ضد العراق؟!!!

 

جوابنا الأني هو أن الخميني كان مستضعفا سياسيا وعسكريا – داخليا وخارجيا - وكان يتلاعب بعواطف المسلمين لكسبهم الى جانبه بعد هزيمته الكبيرة أمام إصرار العراق على ردع المد الصفوي الإيراني الى العراق وباقي الأقطار العربية. لكن إنفعاله ضد سلمان رشدي – إن كان محقا أو لم يكن - فإنه لم يكن يخدم الإسلام والعالم الإسلامي لأنه خلق ردود فعل عكسية وسلبية في المجتمعات الأوربية والأمريكية والهندية ضد الإسلام والمسلمين وشوهت سمعة الإسلام والمسلمين في العقد التاسع من القرن الماضي، وإستمرت هذه السمعة السيئة الى يومنا هذا وإزدادت حدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. لو كان الخميني جادا في تهديده لسلمان رشدي لأرسل إليه فرقة سرية من فرق الموت الإيرانية لقتله في بريطانيا أو أماكن أخرى من العالم دون تهريج او تطبيل كما قام سابقا حينما صفى المعارضة الإيرانية جسديا داخل وخارج إيران بعد تسلمه الحكم وحرف إتجاه وغاية الثورة الإيرانية.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٠ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور