هل ينتظر العرب حدوث الكارثة ليرفعوا الحصار عن غزّة ؟

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الكريم بن حميدة

يعتصرنا الألم عندما نسمع في الأنباء أن (الحركة العالميّة لمناهضة العولمة والهيمنة الأميركيّة والصهيونيّة) ستنظّم مسيرة تضامنيّة في السابع والعشرين من شهر ديسمبر القادم تنطلق من القاهرة إلى قطاع غزّة عن طريق معبر رفح.


البيان الصادر عن الحركة أضاف أن المسيرة سيُطلق عليها اسم (الحرّيّة الكبرى) وستشارك فيها (150) منظّمة دوليّة وإنسانيّة وحقوقيّة بهدف تسليط الضوء على المعاناة الإنسانيّة في القطاع جرّاء الحصار الخانق المفروض عليه.


مسيرة (الحرّيّة الكبرى) هذه سيقودها أحد الرموز الإنسانيّة للنضال من أجل الحرّيّة: نيلسون مانديلا، وكذلك الرئيس الأمريكيّ السابق جيمي كارتر إضافة إلى ممثلين كبار في هوليود، وشخصيّات وكفاءات برلمانيّة وثقافيّة.
الحصار "الإسرائيليّ" الخانق لقطاع غزّة يتواصل للسنة الثالثة على التوالي، وهو حصار يبدو أن أحدا ما عاد منشغلا به أو منتبها إليه وإلى آثاره الكارثيّة المدمّرة على حياة الفلسطينيّين ومستقبلهم . فقد أصبح -لا سيّما بالنسبة إلينا نحن العرب- مسألة رتيبة كأيّ حدث كان في بدايته حيّا مؤلما.. وشيئا فشيئا تعايشنا معه فأصبح مألوفا.. أقصى همّنا أن نتابع تطوّراته ونسأل عن الجديد فيه، نقرأه في الصحف، نشاهده على شاشات الفضائيّات.. ثم يمضي كلُّ منا إلى حاله. وكأنّه خبر يحدث في كوكب آخر بعيد عن كوكبنا، وفي أرض بعيدة لا تربطنا بها صلة.. وباستثناء قلّة من العرب من الحقوقيّين أو الفنّانين الصادقين أو غيرهم ممن استفزّتهم تلك المشاهد المؤلمة في قطاع غزّة، فإن البقيّة لا تحرّك ساكنا لمواجهة الظروف القاسية التي يعيشها أهلنا في قطاع غزّة.


اليوم يقبل الشتاء، وآلاف الفلسطينيّين يسكنون الخيام.. آلاف المرضى لا يجدون أدوية.. عشرات آلاف التلاميذ والطلبة يكادون لا يظفرون بقلم أو كتاب.. ضاقت سبل الحياة بأهلنا في غزّة.. وهانوا علينا فتركناهم لعدوّ شرس لم يترك لهم فرصة للحياة.


الوضع في قطاع غزّة مأساويّ حتى وإن كانت نشرات الأخبار في أغلب البلاد العربيّة مشغولة بقضايا هامشيّة شأن "موقعة الخرطوم" وما تلاها. والحمد لله أن بعض المنظّمات الإنسانيّة ما زالت غزّة على رأس أولويّاتها. ففي الأيّام الأخيرة أصدرت (الحملة الفلسطينيّة الدوليّة لفكّ الحصار عن قطاع غزّة) بياناً حمّلت فيه "إسرائيل" المسؤوليّة الكاملة عن تدهور الوضع الإنسانيّ والمعيشيّ في القطاع، كما أشارت إلى التحذيرات التي أطلقتها مصلحة مياه بلديّات الساحل ومنظّمة العفو الدوليّة، حول الخطر الحقيقيّ على حياة مواطني قطاع غزّة جرّاء وصول الوضع المائيّ فيه إلى مرحلة حرجة، مما ينذر بحدوث كارثة.


يستنكر المرء ما يحدث في غزّة بنفس القدر الذي يستغرب فيه خذلان العرب لإخوانهم المحاصَرين والصمت الدوليّ تجاه الكارثة الإنسانيّة المرتقبة تحت تأثير الحصار القاتل. فلقد أضاف العدوّ إلى قائمة الممنوعات منع إدخال المعدّات والموادّ اللازمة لإصلاح محطّات المياه وتحسين نوعيّتها وجودتها، في خطوة لا تفسير لها سوى السعي إلى إذلال الفلسطينيّين وإظهار قدرة الذراع الصهيونيّة على فعل ما تريد تحت أنظار العالم.


إذا كان بإمكان الدول الكبرى أو لديها  الرغبة في الوقوف في وجه الكيان الصهيونيّ فلماذا لم تُفتح المعابر حتى اليوم؟ ولماذا لا تدخل المعدّات اللازمة لإعادة بناء ما دمّرته الحرب؟ وأين ذهبت المليارات الثلاثة التي أقرّتها الدول المانحة لإعادة إعمار القطاع؟


العرب الذين تخلوا عن فلسطين ضفّتها وغزّتها بعد أن تخلّوا عن فلسطين التاريخيّة احتراما للشرعيّة(!!) يتذرّعون في هذه المسألة بالذات بأنهم ليسوا قادرين على فعل شيء بسبب الانقسام الفلسطينيّ. ويقولون إن هذا الانقسام لا يساعدهم على تقديم حصار غزّة أمام المجتمع الدوليّ بشكل يؤدّي إلى تلبية المطالب الفلسطينيّة.


مليون ونصف مليون فلسطينيّ في حالة حصار.. ونحن نتفرّج وكأنّنا ننتظر حدثا ما يعفينا من تحمّل مسؤوليّاتنا..  أليس هذا منتهى التقصير والخذلان والتواطؤ ؟

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٦ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٣ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور