عزف منفرد - صعقة الحذاء

﴿ الحلقة السابعة
 
 
 
شبكة المنصور
سلام الشماع - البلاد البحرينية
كما دوى حذاء منتظر الزيدي فوق رأس بوش قبل أن يصيب العلم الأميركي، دوى كذلك في العالم كله وصار أشهر من حذاء أبي القاسم الطنبوري وخروشوف، يوم ضرب به منصة الأمم المتحدة، وأشهر من أي حذاء آخر.
وهذا الحذاء سيستذكره العالم يوم الاثنين الرابع عشر من ديسمبر الحالي، لمرور سنة على تسلل الرئيس الأميركي جورج بوش إلى العراق للمرة الأخيرة قبل انتهاء ولايته بغرض الاحتفال بإقرار الاتفاقية الأمنية، فخلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه مساء ذلك اليوم ونوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، فوجئ الحضور بالصحافي منتظر الزيدي يقذف زوجي حذائه على بوش، وبالتزامن مع إلقاء فردة حذائه الأولى قال الزيدي لبوش: هذه قبلة الوداع من الشعب العراقي أيها الكلب وقال وهو يرمي الفردة الأخرى: وهذه من الأرامل والأيتام والأشخاص الذين قتلتهم في العراق، بعدها اعتقله رجال الأمن العراقيين والأميركيين وطرحوه أرضا ثم سحبوه إلى خارج القاعة مخلفا وراءه خيطاً من الدماء يسيل منه على الأرض.


حظي الزيدي بتأييد كبير من الرأي العام العربي، وعد الاعلام المرئي هذه الواقعة واحدة من اللقطات الفريدة في تاريخ العالم المعاصر، وانها الحدث الابرز في عام 2008. كما حصل حذاؤه على قدر كبير من الاهتمام حيث عدّه كثيرون رمزا للكرامة، فيما عُدّ الزيدي في الرأي العام العربي بطلا، وقد عرض أحد المواطنين السعوديين مبلغ 10 ملايين دولار لشراء حذاء الزيدي إشارة إلى تأييده لقذف الحذاء بوجه الرئيس بوش، كما عرض المدير الفني السابق للمنتخب العراقي عدنان حمد مبلغ 100 ألف دولار لشراء الحذاء. كما ظهرت مجموعة ألعاب على شبكة الانترنت تظهر الحذاء وهو يُرمى به على الرئيس بوش.


وفي كثير من دول العالم أصبح قذف الأحذية وسيلة للاحتجاج على السياسة الأميركية حول العالم منذ حادثة رمي الحذاء, حيث قام المتظاهرون بقذف أحذيتهم على مباني السفارات الأميركية حول العالم كوسيلة للاحتجاج على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وفي مدينة تكريت العراقية تم وضع رمز كبير في يوم 27 يناير 2009، وهو عبارة عن نصب عملاق للحذاء تكريماً للصحافي العراقي منتظر، ويبلغ ارتفاع النصب مترين، ومليء بشجيرات بلاستيكية، وهو مصنوع من معدن البرونز. وقام بنحته النحات العراقي ليث العامري وذلك بمساعدة ملجأ للأيتام بمدينة تكريت مستخدماً مادة الألياف الزجاجية (الفايبرغلاس) المغلف بالنحاس الذي تم رفعه فوق منصة إسمنتية، لكن السلطات الأمنية في محافظة صلاح الدين أزالت هذا النصب التذكاري بأمر من نوري المالكي، وتوجهت شرطة مدينة تكريت إلى المكان الذي شيّد فيه النصب للتأكد من إزالته.


وتقررت محاكمة الزيدي وفقا للمادة من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بعد أن رفضت المحكمة طلبا تقدم به فريق الدفاع لتغيير المادة، وحكمت عليه في 11 مارس 2009 بالسجن ثلاث سنوات قابلة للتمييز، فيما أعلن رئيس فريق الدفاع عن الصحفي الذي يضم 25 محاميا جميعهم متطوعون، أن الحكم “يخالف القوانين العراقية” وانه سيطعن فيه أمام محكمة التمييز. وفي يوم 7 ابريل 2009 تم تخفيف الحكم على الصحافي العراقي منتظر الزيدي من ثلاثة أعوام إلى عام واحد. وبعد أن قضى منتظر الزيدي ثلاثة أرباع المدة، أحق له القانون العراقي بالخروج من السجن على شريطة حسن السير والسلوك، وأطلق سراحه في تاريخ 15 سبتمبر 2009. وبعد إطلاق سراحه، قال مُنتظر الزيدي إنّه تعرّض للتعذيب، وطالب رئيس الوزراء “المالكي” باعتذار، بعد أن اتهمه بحجب الحقيقة. وانتقل للإقامة في سويسرا بعد أن قضى مدة وجيزة في اليونان للعلاج من التعذيب.
هذه الواقعة لم يغفلها معجم الأساطير الأميركية للدكتور عبد الستار الراوي فقد عدّها “صعقة عراقية سددت صوب رأسيّْ الغازي وصاحبه العميل المدعو نوري”.


وجاء في المعجم: “العراق من جنوبه إلى شماله، في الربوع والنجود، في كل بيت وعائلة ودار؛ أمّا وأبا، صبيا وبنتا، شابا وعروسا، يتمنى لو كان بوسعه أن يقبل اليد التي رمت رميتها في مؤتمر احتفالية التوقيع على وثيقة العار الأبدي، لأصحاب الجمهورية الجرداء، عبر الفعل الشجاع لمنتظر الزيدي، الذي اختار بكل دقة توقيتاً مناسباً وانتقى أداته بعناية شديدة، بما يليق ومقام الأرعنين بوش والمالكي، يأتي الفعل في لحظة الزمن الأخير”.


 ووصف المعجم الزيدي بأنه: “استطاع أن يكتب في تلك اللحظة جملة كونية مفيدة، قرأتها قارات العالم الخمس، بالألسنة واللغات كلها، وأن يترجم في الوقت نفسه الوجع الإنساني كله لكل أم رزئت ببنيها، ولكل يتيم فتح عينيه على كومة من رماد أمه وإخوته وأبيه، ولكل عائلة طواها الموت الأميركي، ولكل حلم جريح، وللعراق الذي أحالته القوة الغاشمة إلى أطلال وخرائب”.


كما عدّ أن منتظر قدّم بهذه الوقائع الفاجعة الجواب الشافي على جرائم بوش بحق ما يزيد على مليون شهيد عراقي، وملايين المهاجرين والمهجرين.


وإلى العمود المقبل لنتحدث عن رقصة الموت الأخيرة وابن السماء النبيل وصحافة الفنادق والحرب القذرة.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢٥ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٢ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور