عزف منفرد - مخلوقات كاندي والشرق الأوسط الجديد

 
 
 
شبكة المنصور
سلام الشماع
مخلوقات كاندي تعبير يراد به توصيف الكائنات التي استولدتها أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية، ممن استبدلوا جلودهم، وتخلّوا عن هويتهم، وأصبحوا من ذوي الدم البارد، الذين يصنفون أنفسهم في خانة عراقييّ المهجر العائدين، الذين تم إعدادهم وتدريبهم في (المنافي) و(الأصقاع)، لنيل شرف غزو العراق برفقة القوات الأنجلو أميركية.


ويفسر صاحب معجم الأساطير الأميركية الدكتور عبد الستار الراوي أن هذا التعبير أطلق نسبة إلى السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية على الذين يقيمون بصفة دائمية في المنطقة الخضراء، ولا يميّز هؤلاء عن العراقيين (الإرهابيين)؟!!، غير الكلاب البوليسية المصاحبة لجيش الاحتلال، عن طريق (اللمس) و(الشم) الأخوي، لأن الآخرين (الشعب العراقي)، يثيرون ارتياب هذه الكلاب ونباحها من جراء رائحة البارود المنبعث من بين أصابعهم.


إلا أن المصطلح الأكثر مضاضة الذي يتناوله المعجم هو مصطلح (الفترة المظلمة الثانية)، فهو يستدعي إلى ذهنك بهولاكو وتتابع الغزاة على بغداد، فالمعروف أن مصطلح الفترة المظلمة، الذي مازال مؤرخون عراقيون يرفضونه ويستبدلونه بمصطلح معاكس هو (الفترة المظلومة)، هو مصطلح تاريخي أطلق على (الفترة) التي أَعقبت وقوع العاصمة العباسية بأيدي (المغول) في العام 1258 م، ولكن المعجم يقول إن هذا المصطلح أعيد إحياؤه مجدداً في الفقه البغدادي، تحت عنوان: "الفترة المظلمة الثانية" إثر الاحتلال الأميركي للعراق.. وإن إزالة النظام السياسي الوطني في 9/4/2003 اقترن بتخريب وتحطيم البنى الارتكازية الحضارية: (الثقافية، الصناعية، الاقتصادية، الاجتماعية.. الخ)، مما أدخل البلاد في (ظلامية) حكومات هزيلة قاعدتها الأساس هي منظومات مسلحة من الرعاع والدهماء وقطاع الطرق، تعتمد برامج وسياسات قصيرة النظر، ودعاوى زائفة، وتعمد إلى أساليب القرون الظلامية الوسطى، في مناهضة العقل والثقافة والحداثة، وتلجأ إلى (فتاوى) الوعاظ، وتستمد خطابها من لاهوت غارق في الجهالة والشبهات، وهم أنفسهم الذين أباحوا انتزاع رؤوس العراقيين المناهضين للاحتلال وأحلوا دماء الوطنيين الشرفاء تحت دعاوى: الإرهاب. البعث، أعداء الطرق الجديد؟‍‍!!


ومركز الجـاذبية مصطلح آخر حظي بعناية المعجم العراقي الجديد، وهو مصطلح أميركي أطلق على بغداد, بصفتها دائرة الصراع للسيطرة على فضاء سياسي وإقتصادي يؤثر في كل جزء من البلاد.


يستشهد الخبراء السياسيون في هذا الصدد بتقرير (بيكر – هاملتون)، على الرغم من بعض نقاط الضعف, لكنه في مجمله كان صحيحاً في قوله: (إن التقارير الرسمية الأميركية عن ظاهرة العنف في العراق يمكن ان تعكس أقل من - عشر - الصراع الفعلي، ومعظم هذا العنف يقع خارج العاصمة).


إن واحداً من أعظم الأوهام الأميركية هو محاولة الفوز بالعاصمة مركز الجاذبية والتخلي عن مدن العراق الآخرى، لأن مثل هذا الاعتقاد هو الهزيمة بعينها، وإن المعنى الوحيد للفوز في حده الأدنى هو الوصول إلى (عراق مستقر وآمن نسبياً) وليس سيطرة عسكرية أميركية مؤقتة على العاصمة.


فالتركيزالأميركي على (المركز) ترك الأطراف في حالة من الفوضى والانقسام، وصراعات مركبة ذات أبعاد عرقية ودينية شديدة التعقيد، الأمر الذي يدلل على إخفاق إستراتيجية الولايات المتحدة لافتقارها إلى خطة واضحة لإحكام سيطرتها ليس على العراق فقط، وإنما على بغداد أيضاً، بعد أن أصبح التنسيق بين القوات الأميركية وقوات الحكومة الرابعة في تنفيذ الخطة الأمنية، جزءاً من المشكلة وليس من الحل.


  ومن بين أخطر المفاهيم التي يسعى المحتلون اشاعتها، ليس في العراق وحده، وإنما في المنطقة والعالم هو مشروع الشرق الأوسط الكبير، فعقب أشهر معدودة من احتلال بغداد 2003، تحرك الحلف الأورو – أميركي صهيوني، لدمج الوطن العربي مع الكيان الصهيوني، وكان استئصال صفة العروبة عن العراق في (الدستور العراقي) الجديد، مقدمة أولى، والتي ستتم تمهيداً لشعب اسم الوطن العربي من الجغرافيا والتاريخ، وإحلال (الشرق الأوسط الجديد) لكونه يمثل الحاضنة الطبيعية والمثالية للعدو الصهيوني. ينمو ويترعرع فيه على هواه، على طريق إقامة: "إسرائيل الكبرى"، لأن مصطلح "الوطن العربي" يشكل نفياً تاريخياً للكيان الصهيوني.


إن مشروع (الشرق الأوسط الكبير- الجديد) الذي مثل بداياته مفهوم (الشرق الأوسط) الذي ابتدعه أحد ضباط البحرية الأميركية، سيصبح المجال الجغرافي والبشري للتعاون بين أوربا والإمبريالية الأميركية، وحل الخلافات القائمة والمحتملة بين الطرفين. وفرض قيم وأخلاق ومفاهيم وثقافة أورو - أميركية صهيونية على الأمة العربية، وإقصاء هويتها الحضارية، وفي أفضل الأحوال جعلها نسخة ثانوية من ثقافتهم على أساس أن الثقافة تمثل مرآة الأمم والشعوب.


فلينتبه من أراد الانتباه..
وسننتقل في العمود القابل إلى الصورة التي رسم بها الاحتلال بدعة الطائفية في العراق والتي وثقها معجم الأساطير الأميركية لأهمية الموضوع الذي يراد له أنيبث في عموم مجتمعات المنطقة والمجتمع الإسلامي ككل.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢١ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور