عزف منفرد - الرقم العجيب !!

 
 
 
شبكة المنصور
سلام الشماع - البلاد البحرينية
كان الرقم (9 بغداد) الذي تحمله سيارة رشيد عالي الكيلاني الشخصية السياسية المعروفة في العهد الملكي في العراق من أعجب الأرقام، فقد تنازع عليه كثيرون وتدخلت في أمره شخصيات سياسية رفيعة.

 

يروي أحد الباحثين أنه بعد أن أصبح سعيد قزّاز وزيراً للداخلية في العهد الملكي، تقدم مدير شرطة المرور عادل الوكيل بمذكرة رسمية إلى السيد جمال رفعت مدير الداخلية العام راجياً عرض الموضوع على السيد الوزير (القزّاز) وتضمنت المذكرة طلبا لمنح الوزير لوحة السيارة رقم (9 بغداد) الذي كانت تحمله سيارة الشيخ حسن السهيل. فما كان من سعيد قزّاز إلا أن يرد بشيء من الانفعال الكردي المعروف عنه قائلاً: “أنا سعيد قزّاز... إن كنت وزيراً أو غير وزير، سواء حملت الرقم (9) أم الرقم (مليون)... فهذه الشكليات لا تزيد من قيمتي ولا تنقص منها” وأبقى على لوحة رقم سيارته القديمة!


ويذكر عن سعيد قزّاز أنه لما أصبح متصرفاً للواء الكوت (محافظاً لمحافظة) في العهد الملكي، قام الموظفون الرسميون الحواشي من حوله في دوائر المرور بمنح سيارته رقم (1 كوت)، وبعد أن تم نقله إلى لواء الموصل ليكون متصرفاً هناك لحقه أحد الشيوخ الإقطاعيين المتنفذين قبل انفكاكه، متوسلاً إليه الموافقة على التنازل عن رقم سيارته (1 كوت)، فوافق القزّاز من فوره، ثم قال مستدركاً: "كنت أظن أن الشيخ أعقل مما ظهر عليه"!


وبعد الرابع عشر من تموز سنة 1958 وقيام النظام الجمهوري في العراق، والانقلاب الذي حصل في طبيعة تركيبة الطبقات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية في المجتمع، جاء أحدهم مبعوثاً إلى وزير الداخلية (عبد السلام عارف) راجياً منه إعادة رقم السيارة (9 بغداد) إلى صاحبها الأصلي السيد رشيد عالي الكيلاني، الذي ترك العراق لاجئاً إلى ألمانيا إثر إخفاق الحركة التي سميت (حركة رشيد عالي الكيلاني) في مايو سنة 1941، مؤكداً ضرورة سحب الرقم من مالكه (الجديد) الشيخ حسن السهيل (شيخ عشائر بني تميم)!!


وفي الوقت نفسه تقدم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري إلى وزير الداخلية (عبد السلام عارف) بطلب مشابه يرجوه فيه تحويل رقم السيارة (20 بغداد) العائد لرئيس الوزراء السابق نوري السعيد وتسجيله باسمه بعد أن قام (المتظاهرون) بإمطار سيارة السعيد بوابل من الرصاص، ومن ثم أحرقوها عن آخرها.


وعدّ أحد الباحثين طلب الجواهري هذا بأنه "واحدة من الزلاّت الكثيرات التي ارتكبها الجواهري في حياته".


يقول باحث عراقي إن عبد السلام عارف وافق (مجرد موافقة) على الطلب الأول الخاص بإعادة رقم سيارة رشيد عالي الكيلاني من مالكه الجديد الشيخ حسن السهيل ورفض في الوقت نفسه الطلب الثاني الذي تقدم به الجواهري، الأمر الذي حرضّ الزعيم عبد الكريم قاسم على معارضة حجج عبد السلام قائلاً له: إن طلب رشيد عالي الكيلاني غير قانوني وغير مشروع، كون رقم السيارة قد انتقل إلى المالك الجديد الشيخ طالب السهيل منذ سبع عشرة سنة، بعد أن غادر الكيلاني العراق، هارباً إلى دول اللجوء (ألمانيا، السعودية، مصر). أما الطلب الثاني فلا بد أن يجاب إليه بالنظر لمكانة الجواهري... كونه شاعر العرب الأكبر... خصوصا أن الثورة قامت ضد (السعيد) صاحب السيارة رقم (20 بغداد)...


لكن العمل بالطلبين توقف مؤقتاً (في حينه) غير أن رشيد عالي الكيلاني صمّم على وضع لوحة رقم السيارة (9 بغداد) على سيارته من دون انتظار حصول الموافقة، في الوقت الذي ظل الرقم (نفسه) موضوعاً على سيارة الشيخ حسن السهيل، أي صارت هناك سيارتان في وقت واحد تحملان الرقم (9 بغداد).


وبعد الإطاحة بعبد السلام عارف اثر اتهامه بالقيام بمؤامرة لقلب نظام الحكم في سبتمبر سنة 1958، وضع الجواهري لوحة الرقم (20 بغداد) على سيارته، لكن بعد مضي سنين عادت لوحة الرقم (20 بغداد) لتستقر على سيارة مفوض الشرطة (سابقاً) والمقاول الكبير (لاحقاً)... المدعو عبد ناجي جاسم (أبو عامر)!


يقول ذاكر العاني بن عبد المحسن العاني إنه زار ووالده وزير الداخلية في عهد عبد الكريم قاسم (احمد محمد يحيى)، وأثناء خروجهما من لقاء الوزير لمحا سيارة الجواهري واقفة في كراج الوزارة وهي شوفروليت موديل سنة 1960 وعليها الرقم (20 بغداد)، وأنه عندما قصّ هذه الرواية على عمه عبد القادر العاني، علّق المرحوم عبد القادر قائلاً: هذا هو الزمن ومتغيراته الذي هيأ للجواهري سيارةً برقم سيارة نوري السعيد!


والحديث عن دخول أولى السيارات إلى العراق طويل، ولكني سأتوقف عند هذا الحد لأن غرضي، كما قلت، هو تحريض المختصين في البحرين على توثيق الحكايات والأحداث الناجمة عن دخول المخترعات الحديثة إلى البحرين وتأثيرها على المجتمع البحريني.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ١٧ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠٣ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور