احتلال  يلد احتلالاً  آخر !  .. صولة ''توكّلنا على  عاشوراء'' الإيرانيّة

 
 
 
شبكة المنصور
طلال الصالحي
أطماع إيران الكسرويّة المتخفّية في عصرنا  بالمظلوميّة  وبالشعارات الدينيّة  المخادعة  من التي تستحوذ بها على مشاعر شعوبها  وعلى مشاعر  البسطاء من شعبنا  الطيّب  في العراق خصوصاً  أو كل من ستستطيع أن تطاله  يد الولي الفقيه  من الذين تصل بهم  درجات الطيبة  , لدى الكثير منهم , إلى  أعلى مستوياتها  تصل بهم حد السذاجة والبـَلَه والعمى العقلي في تفحّص المحيط , فمن يتابع  مثلاً  القنوات الفضائيّات المحسوبة على العراق  أو من التي تدّعي انتسابها إليه  من ذوات الهوى  والفعل  الإيراني الفارسي ,  أو من  يمر عليها مروراً سريعاً  بين فترة وأخرى  , وأعني بمن  يمرّ على  هذه الفضائيّات التي  تحمل بين طيّات أهدافها المعلنة أو غير المعلنة  التبعيّة  التامّة لأحزاب الصراع على السلطة  في المنطقة الخضراء ,  سيوقن  بكل تأكيد بأنّ هذه القنوات ليس لديها فرق بين حدود العراق وحدود إيران ! يعني بالعاميّة العراقيّة  "الجيب واحد"  بنظر هؤلاء ! ..  لذا فإنّ  عمليّة استيلاء الملالي على خور العمية مثلاً  يعتبر بالنسبة لهذه الفضائيّات   عمل  أو شأن داخلي !  ونتيجة  المتابعة  سيمكننا أن نتوصل لهذه القناعة الثابتة  لدى إدارات  هذه الفضائيّات ,  من خلال برامجها  التي  لم تواكب  مثل هذا الحدث  إلاّ  بإشارة خجولة  منها  , بالضبط كما لم تواكب من قبله  أحداث الأيّام  الدمويّة من الأسبوع  العراقي بما بدت  وكأنّ الأمر  لا يعنيها  إلاّ  بالقدر الذي يمكّنها من التغطية على الجناة الحقيقيّين ! بما  تناغمت  في  مساهمتها  المقتضبة  بدت فيها  وكأنّ  تلك الأيّام  الحمراء  هي شأن داخلي أيضاً  بنظر هذه الفضائيّات  الفارسيّة في حقيقتها !  

 

ومثل هذا  "الشعور" لمثل هذه الفضائيّات  قد  تزيل  حالة الاستغراب عن مشاعر  أمثالنا  إذا ما علمنا  أنّ  مادّة هذه الفضائيّات  التي تعرض على مدار الساعة  من على شاشاتها  هي حلقات  مكمّلة لما تعرضه  فضائيّات إيران  على مدار الساعة   أيضاً , فالعراق بالنسبة لهؤلاء هو صدى لإيران  لا أكثر , سواء أكان ذلك الصدى سياسيّاً أو طائفيّاً أو إعلاميّاً , فبحسب قراءة هذه الفضائيّات  سنجدها نسخة  مطابقة  لما تعرضه فضائيّات إيران وليس العكس ! , أي بوضوح العبارة  أن  المرجعيّة  العراقيّة  و بحسب  هوى هؤلاء الفضائيّون  هي لإيران , والعراقيّون هم فقط أتباع  لا أكثر , فليفتح أيّ منّا  أحدى هذه الفضائيّات المحسوبة على العراق  ظلماً  وعدواناً وبلاءً , ويتابع برامجها ولو لهنيهة من الوقت ثم  يعبر إلى إحدى الفضائيّات الإيرانيّة مباشرةً ,  سيجد التطابق التام بين الفضائيّتان ولا اختلاف بينها   فقط بالوجوه  وطريقة عرض البرامج  وتقديم  هذه المادّة بخلاف تلك المادّة حسب التوقيت المحلّي  لربّما ! فبما إن الفضائيّات الإيرانيّة هي فضائيّات  "دينيّة"  لذلك فإن جميع الفضائيّات العراقيّة  الإيرانيّة الهوى  يجب أن  تكون هي أيضاً  فضائيّات دينيّة !  ,

 

وإذا ما قال قائل , إن البرامج الدينيّة  متشابه في  إعلام  الأقطار العربيّة أيضاً , فنقول  له ؛ في  الاتفاق الذي يكاد  يكون متطابقاً في تحديد وقت المناسبات الدينيّة  ؛ فنعم , ولكن في طريقة نظرة كل قطر إلى مناسبة دينيّة ما فهم  يختلفون ! , إذ أنّ لكلّ قطر له رؤياه الخاصّة به بأيّة مناسبة دينيّة يراها من زاويته هو ! رغم اتفاقهم  جميعاً  في  "المذهب"  , بحسب التعريف المللي للدين , لذلك نجد التنوّع الكبير في  استعراض حب كل قطر واحتفائه بكل مناسبة  يختلف عن القطر الآخر ,  بما يخلق   "قوس  قزح"  لا لطم فيه ! , تتنوّع بتنوّع  الابتكارات  "مع تحفّظي على مثل هذه المناسبات الدخيلة أصلاً على الدين الإسلامي" , فما بالي كيف سيكون عليه التحفظ  وغيري كذلك  بالنسبة  لما أدخله المجوس  واقتطعوه من دينهم الزرادشتيّ المجوسيّ   وألصقوه بالدين الإسلامي  وسيّسوه  شيئاً فشيئاً  على  البسطاء والجهلة  خلال قرون  ما بعد انهيار بغداد , إلى أن وصلوا  بأتباعهم إلى قناعة  تامّة  بأنّ الدين الإسلامي أعلى درجاته هو اللطم وطبر الرؤوس وشق الصدور والعويل والدماء وإثارة الكراهيّة والوعد بالويل والثبور  لمن يخالفهم ! ... لذلك  عندما نسأل أيّ من  بعض  أهلنا البسطاء في الجنوب من الذين غيّب وعيهم الجهل والخرافات الفارسيّة  عن رأيه فيما يفعل , سيجيبك  بسذاجة  لا تخلوا من  البله  أن الدين  هذا هو ما جاء به الرسول وآل بيته ! ...


من هذه المقدمّة فإننا سوف لن  نلج  دهاليز المغالاة إذا ما قلنا  أن الدافع الذي دفع الفرس  لفعلتهم الاستعماريّة التي  طالما اشتهروا بها على مدار تاريخ  حلولهم  مجاورين للعراق والمنطقة  عندما قاموا باحتلالهم الغاشم لقطعة عزيزة من أرض العراق  بغضّ النظر كون هذه  قطعة الأرض نفطيّة أو خالية من النفط  , هو الدافع الديني  "المشترك"  بين العراق  "الشيعي"  المفترض وبين  إيران الصفويّة "الشيعيّة"  وجدتها إيران  فرصة مناسبة  لاستغلال حلول  مناسبة عاشوراء وما تحمله من عواطف  تمتلئ  بـ"حزن"  مشتركة بين  "الشعبين"  الإيراني و "العراقي"  لتطفئ  بهذا  الاحتلال والاستيلاء ,  ثورة  "ثلث"  الشعب العراقي  إذا ما  ثار الشعب العراقي  ووقع تحت تأثير الصدمة والمفاجئة  من الاحتلال  الإيراني , ممّا يعني تحييد هذا الثلث مسبقاً  وسيضعف الثورة  بوجه  الاحتلال  إذا ما حدثت ! , وأعني بالمُحيّدين  هم  "الشيعة"  بافتراض ركونهم  أو "فرحهم"   بانتصار إيران  في هذه  "الصولة"  التي  ستكون أيّام عاشوراء  مباركةٍ لها ! ,

 

بحسب الظنون والتقديرات المجوسيّة , وبالتالي .. فإن  ما سيسحبه معه  هذا الكم  من الشعب  "المحيّد"   بما سيقع ضلّه  في حدوث انقسامات  بين الشعب العراقي في هذا الأمر سيلتهي معها  العراقيّون  بهذه الانقسامات  بين راض وبين يائس وبين رافض وبين  حائر , بحسب التصوّرات  الإيرانيّة  ! , وهي تصوّرات لا تخلوا من نصيب من التسلسل المنطقي  إذا ما سار  كلّ شيء  بحسب أهواء  نظام طهران المللي ,  شفيعهم في نجاح  ذلك , وهي غالباً ما تنجح فيه مع الأسف !  لما تعرفه من قوّة تخدير التأثير الديني على البسطاء خاصّة , آخذين بنظر الاعتبار  في الفرص الكبيرة في النجاح  و هو  التحييد  الذي جرى  لجزء كبير من الشعب العراقي  الذي يقطن جنوب العراق حين ركن  هذا الجزء إلى  "المقاومة السلميّة"  عند  السقوط الأميركي في مستنقع العراق  , بناءاً على  أوامر "دينيّة"  مرتبطة  بإيران  أثناء  ما اندلعت  أعمال المقاومة العراقيّة ساعة  "سقوط"  بغداد  .. !


ولكن  فات  مخطّطي  هذه  "الصولة"  أن الشعب العراقي  في جنوب العراق , وقبل الغزو الفارسي الأخير لجزء عزيز لأرضه ,  يغلي  غلياناً  لا مثيل  له ضدّ كل  ما هو مرتبط  بإيران الشرّ , وأن المقاومة  العراقيّة  أثبتت بالملموس أن جزئها الأكبر  من رجالها  المقاومون  هم من أبناء الجنوب العراقي ! وإلاّ  فكيف  هربت دول التحالف جميعها  من جنوبه  وعلى رأسهم إيطاليا وانتهاءاً ببريطانيا  التي أخرجها رجال جنوب العراق الأشاوس  إلى أطراف مطار البصرة هرباً من الصولات الخاطفة والعبوات الناسفة  ! ....

 

وهاهي  الصرخات المدوّية  تنطلق من البصرة  بأعنف ما تكون  ضدّ  التواجد الفارسي  على أرض العراق  بمختلف أشكاله  لا تسابقها في ذلك وتنافسها  عليه سوى  مدن العراق وعشائر الجنوب  في مدن العمارة والناصريّة  ومثّنى  بني شيبان  والقادسية  وكربلاء والنجف التي  تنادى  رجالها  للاستعداد  لتوجيه  بنادقهم  باتجاه  جيوش الفرس الغزاة  والأميركيين على السواء  كإنذار أوّلي  معلن ! ....

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٠٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور