تأملات  - هل هنالك ثوابت وحقائق في السياسة  اليوم ؟

﴿ الجزء التاسع ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي
إن الذي حدث في 2003 يمثل أحدى الانحدارات في الازمات الاخلاقية في العالم حيث الغزو لم يكن بسبب أي نقص في مشروعية النظام والتي لا تقدر أية جهة قانونية أو أخلاقية التشكيك بشرعية النظام وحتى وفق ما يفكر فيه الانسان الغربي ومعايره الخاصة بالديمقراطيات الحقيقية الوطنية.

 

و بالتأكيد لا يشمل هذا العقل الامبريالي الجشع,وأيظا يمكننا أن ننظر الى الذي حصل في غزو العراق في 2003 من زاوية  وهي زاوية المعارضة أن صح التعبير,فمكونات الذين كانوا يسمون من قبل الامبريالين والمستعمرين بالمعارضة ضد النظام الشرعي في العراق قبل الاحتلال,كانت تمثل أقلية ( لا يمكن أن يحسب لهم التأييد الان الا بسبب عاملين ألاول هو سطوة هذه الاحزاب سواء العرقية أو الطائفية و  العامل الثاني بسبب دعم قوات الاحتلال لهذه الفئات وتسخير كل ما تملكه لتبيض وجوهم الكالحة) فعندما كانوا يتأمرون على النظام الشرعي في العراق قبل الاحتلال كانوا ينفذون أجندة المحتلين واليوم بعد خيبة الامل التي أصابت المحتل فيهم فأن المحتل يدعمهم لغرض واحد هو إعطاء مؤشر على نجاح واحد له في تورطه بالعراق لا أكثر ولا أقل ..أنها أزمة أخلاق وجزء من مأساة العالم المعاصر في تهور وحماقة القوي وسكوت الاخرين على مأساة شركائهم في هذه الكرة الارضية.. أن قراءات الامبريالية العالمية اللاخلاقية في سياساتها وسلوكها كانت مغلوطة في أرض الرافدين فهي تدرك تماما و منذ اللحضة الاولى في تورطها في العراق بأنها خطت خطوات بأتجاه تهديم أهم ركيزة في فلسفتها الليبرالية في مجال حق تقرير المصير للشعوب ,وأنها أي الامبريالية ستكون عاجزة على فرض شكل النظام السياسي التي تريده في العراق وحيث أن العراق ليس في أمريكا اللاتينيةولا هو يوغسلافيا الاتحادية,العراق واحد ولم يكن في زمن  من الازمان أجزاء و تم تجميعه ,وقد تؤثر فيه النزعات العرقية والطائفية لفترة وبقوة وسطوة الغرباء ولكنه دائما يستعيد وحدته في أرضه وشعبه وُيبقي هذه الخزعبلات التي جاء بها الغرباء الى الخلف,وهو عنيد وقوي في محاربته ومقاومته للاحتلال وتاريخه القديم والمعاصريشهدان له بذلك, ولان المقاومة العراقية البطلة وبكل تشكيلاتها السياسية وفي مقدمتها البعث الخالد الذي وعلى مدى خمسة و ثلاثون سنة زرع و سقى روح المقاومة فيه لكل أنواع التسلط ,وخلق فكرا مقاوما في الشخصية العراقية,فتكون بذلك المقاومة الممثل الحقيقي لثقافة ونضالية الشعب العراقي ,والا ماذا يفسر الُمحتلونَ والمحتلون من الضعفاء وقوف شعب العراق من شماله الى جنوبه في وجه الاحتلال الايراني لحقول الفكة في محافظة ميسان و قبلها لجزيرة أم الرصاص؟ ,همس في أذن المحتل وقد تكون خدمة مجانية له لا يجب عليه أن يمرر هذه المظاهر و الظواهربشكل لا يقف عندها ويعتبرها على أنها أنفعالات.. أنها ثمار ثقافة المقاومة والتربية  الثورية للانبعاث والكفاح اللذين عاشهم شعب العراق على مدى خمسة و ثلاثون سنة من التحديات, وشعب العراق ألان أكمل أعادة تنظيم ثورته, وكل الطارئات والاستثناءات بعد 2003 قد وصلت لمرحلة القلع!

 

وعلى المحتل أن يدرك مصير إحتلاله الذي يرفضه شعبنا البطل أيظا .أن هذه التحليلات ليست أكاديمية أومبنية على موقف تنافسي أو تضادي مع الاخرين,وهي ليست  قائمةعلى أسس المكايدة السياسية أو عداءا لأيديولوجية الغير بقدر كونها حقيقة يعيشها يوميا كل عراقي ويحسها بكل جوارحه بل أعتبرها الاساس الفكري والتصرف الحقيقي للشرعية الدستورية والحياة  التي تقوم على مبداء العقد الاجتماعي القائم على التنازل عن جزء من حقوق الفرد لصالح ضمان ألاغلبية ,ومن هذا جاء أعتمادي لشرعية النظام الوطني في العراق قبل الاحتلال الذي كان حافظا للمواطن كرامته و امنه و سيادته على مقدراته,والأعتداءات  التي وقعت عليه كانت تهدف نزع السيادة عنه التي ضمنها حكمه الوطني ,والحصار وسياسة عزله كانتا تهدفان لسرقة أمنه و كرامته ,ولما بقي هذا الشعب العظيم صامدا لم يكن أمام العدوانيين الا القيام بسرقة هذه المكاسب التي قدمتها ثورة 17تموز عن طريق العدوان والغزو, أنها سياسة اللاخلاق واللا ثوابت المعتمدة في أكثر السياسات في عالمنا المعاصر..أن سياسة الادارة السابقة الامريكية تجاه العراق كانت محدودة في الرؤية وفي التحليل والاستنتاج وذلك من خلال قرارها لغزو العراق,وحيث أن المعطيات لديها قوة عسكرية عظيمة ويقابلها تزايدا بالكراهية تجاه أمريكا في العالم العربي والاسلامي و خاصة بعد إحتلال أفغانستان والعراق والوعود الكاذبة لحل القضية الفلسطينية .و كذلك في جعبتها وهي ذاهبة مع حلفائها من الاوروبين الخائبين الى غزو العراق مجموعة من الاحزاب والتكوينات الهجينية السياسية العراقية واهم ما تمتاز هذه التركيبات السياسية سواء الطائفية أو المذهبية لأو العرقية في عراق بعد 2003كونها:


1_أن هذه كل الاحزاب تقريبا لاتمتلك برامج سياسية وستراتيجيات محددة وبذلك لا تقدر أن تستقطب أية جماهير ,فهي لا تتعدى عن أحزابا و تجمعات تتوزع ولأءاتها على زعامات  وقيادات فردية دينية أوعرقية,وأن ولائها لم و لن يكون للوطن بل لهذه الزعامات الفردية أو من يمثلها ,ومن الغريب في هذا الحشد أن هنالك بين هذه الاحزاب  من يدين  بالماركسية اللينينة وفي نفس الوقت تحتمي وتخدم أجندة الدولة الاولى بالعالم بالامبريالية.

 
2_أن أهداف هذه الاحزاب لا تخرج عن إمتلاك السلطة وخدمة مصالحها وأما مصالح الشعب فهي خارج إهتماماتها,وهي تحاول إستغلال هذه الفرصة لمعرفتها بأن منحها لكراسي الحكم  اليوم جاء مكأفأة لها في خدمة أجندة المحتلين ولم يكن بسبب الاستحقاق الوطني,وبقائها من بقاء الاحتلال وهو مؤقت بسبب تنامي ثورة العراق والمتجسدة اليوم بالمقاومة البطلة .


3_أن محدودية هذه الاحزاب في تمثيلها للجماهير فكريا ونضاليا,فهي أما أحزابا أو شخصيات طائفية أوفئوية أو عرقية,ولهذا و من منطلق هذه المحدوية لايمكنها أن تمثل العراقين جميعا وفي أي مشترك وطني,فالمعروف عن العراقين حبهم وتمسكهم بوطنهم الواحد وباللحمة التي تربط أبنائه و التي تجمع كافة أديانه وطوائفه و قومياته,وقد تكون مرحلة الستة سنوات الماضية من الاحتلال قد شهدت طفوا هذه الاحزاب و الشخصيات ولكن اليوم وبعده سيشهد المحتل قبل العالم  سقوطا لبرنامجه الذي بناه على تقسيم العراق شعبا و أرضا.


4_بما إنها أحزابا وتجمعات ضيقة وضعيفة في الفكر والستراتيج والاهم أن نبعها جاء من أرض غير عربية أو مرجعيتها فردية , أي إنها أحزابا تمتاز بالغربة , لذلك لجئت من أول أيام الاحتلال الى أتباع سياسة النبذ والاقصاء للاخرين,لانها غير قادرةعلى العمل بثقافة الحوار و قبول الاخرين وهي بذلك أحرجت المحتل في أهم ركائز خطابه السياسي القائم على تقبل الرأي الاخر ومحاولة الاجتماع على القواسم  المشتركة و في مقدمتها الوطنية وأن المحتل أذا ما أرتقى وتقيل النقد فأول الانتقادات التي سوف يتعرض لها كيف تبنون ديمقراطيتكم في بلدانكم على اسس و اولها مشاركة الكل و تقبل الاخرين ومهما أختلفت الارأء و الافكار (وعلى سبيل المثل وليس الحصر قبول حتى من يدينون بالنازية), في حين تقيمون ديمقراطية في العراق قائمة على الاجتثاثات و الاقصاء وقطع الارزاق وفي مقدمتهم أشرف من قدم للعراق من تضحيات وقد كانوا و لازالوا سباقين الى الشهادة في سبيل الوطن من مناضلي البعث الخالد!؟


5_ البعض من هذه الاحزاب كان بدايته أفكار شخصيات دينية أو مذهبية أو عرقية تقترب من كونها أحزاب نخبة أوفئة, والبعض الاخر كان عبارة عن ميليشيات تحركها أفعالا قتالية وتحولت الى أحزابا ولا أعتراض على ذلك لو تبلورت وأنضجت لها فكراوستراتيجا وتعاملت مع الاحداث بتكتيكات معقولة ولكن الذي حدث أنها بقت على أساليب المليشيات في فرض أرائها  وبالقوة..أنها وجه لأية ديمقراطية .

 

تسأول فقط أن هذه النقاط تفرض علينا أستنتاجا منطقيا وهو أن العراق يعيش حالة أستثنائية بعد غزوه في عام 2003 ومن أهم خصائص هذه المرحلة الاستثنائية هومحاولة أعدائه قلع ثقافة الولاء للوطن  والشعب وللامة العربية لانها أرتبطت بأهداف و ستراتيجية الثقافة البعثية, ايظا هو يشهد محاولات الاستفادة القصوى المتبادلة بين الاطراف التي قامت والتي جاءت مع الاحتلال, فالمحتل يريد أستغلال الزمن  بأصدار التشريعات والقوانين التي تكبل الاقتصاد العراقي وما تكالب المحتل و ممارسته الضغط العلني على عملائه للموافقة على الاتفاقية الامنية وكذلك قانون النفط والغاز والاسراع باحالة كل منابع النفط العراقية للاستثمار الاجنبي وتأمين تواجده في المنطقة أيظا الاشواهد على بعض هذه المظاهر. و أما اللذين جاءوا مع المحتل فهم يستغلون الفرص بأعمال النهب و سرقة أموال الشعب وتحويل القوانين الى ما يسمى بمجلس النواب والتي تمنحهم الامتيازات كزيادة رواتب اعضاءه بنسب خيالية و منحهم وعوائلهم جوازات سفر دبلوماسية والكثير من الامتيازات .إنها دلالات على  عدم ثقة المحتل وعملائه ببقاء الامور كما يريدونها وهو الشئ الوحيد الذي يسجل لهم في عالم الفطنة بأن الزمن ليس كفيل ببقائهم.

 

وأن رحيلهم سوف لا يكون مشرفا وسينقلعون ليس بقوى أجنبية بل على أيادي شريفة عراقية تتقدمهم المقاومة العراقيةويكون الطيبون من شعبنا العراقي  قد خبرووهم وخبروا التجربة على مدى السبع سنوات من الاحتلال ولايجدون أية فقرة أو أي عامل بالمقارنة بين عراق البعث المخلص للشعب ولقضاياه و قضايا الامة ,عراق التاميم و العلم والعلماء والانفتاح و التساوي والتاخي والصناعة المتطورة ,عراق بلا أمية !عراق الوطنية وعراق له جيش يقطع أصابع المتطاولين على شعبه وأرضه..

 

وليس عراق التابع ,عراق الامية, وعراق أصطف مع أول ثلاثة دول الاكثر فسادا ,عراق المجزأ ,وعراق تتجرأ حكومة الملالي على إحتلال منابع نفط  الفكةوجبناء المنطقة الملونة خرس ’في حين كان العراق يصطف أبناء شعبه وهم يلبسون أشرف اللباس (الخاكي) لترقص بنادقهم دفاعا عن الحدود أذا ما حاول نفر منهم أن يطأ مترا عراقيا ,عراق يضر أعداء الامة في عقر دارهم ويهزمهم ,وليس عراق يمطع فيه الشرق والغرب والقوي والضعيف..دعائي للرب أن يحمي العراق ويعيد له إسمه وعنوانه وموقعه ...أمين

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور