تأملات - هل هنالك ثوابت وحقائق في السياسة اليوم ؟

﴿ الجزء السابع ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي
إن الخيار للانسانية اليوم يبدو مذهلا في بساطته‏,‏فإما التوجه نحو الاقصاء وغياب الحوار,‏والذي يتحكم بهذا الخيارأما التفوق العسكري والصناعي أوغياب العلمية في الايديولوجيات و الفوضى في ترتيب الاوليات للبناء الفكري والسياسي والذي ينعكس بشكل سلوك إنفعالي مبني على ردود افعال سريعة و قد تصل في بعض الاحيان الى أفعال إنتقامية و تأخذ صورة الحقد والبعيدة عن التفاعل و التحاور والقبول بالاخر في المكان المحدد,والمكان قد يكون غرفة أو قاعة نقاش أو قد يكون محلة أو بلد أو حتى عالمنا في هذا الكوكب , أو التوجه نحو الاحتواء القائم علي أساس تفعيل المجتمع الأهلي أن كان محليا أو عالميا فيما بين المجتمعات,أو القتل وسلب السيادة وهما خيارين غير مقبولين. وبدقيق العبارة مرفوضين لانهما قائمين على أسس وقواعد غير عادلة ولا يمتلك أي من هذين الخيارين فرصة للديمومة والاستمرارية لاكثر من فترة زمنية محددة بحكم نفاذية أو أنتفاء حجم ونوعية القوة الفاعلة التي تتحكم بهذا النوع من المعادلات,وفي المجتمعات الكثير من الامثلة على زوال أنظمة بوليسية أو أنظمة قائمة على هجينية الفكر السياسي أوعقم الفكر الذي ُيَسْيرالنظام,وبنفس التعددية في الامثلة بالنسبة للامبراطوريات والدول القوية أن كانت تحكم العالم بثنائية أو احادية أو حتى ثلاثية الاقطاب والتي شهدها النظام الدولي على مدى التاريخ الانساني.أذن المطلوب إجراء مراجعة شاملة للمجال العام لما نشترك فيه من قواسم‏ حضارية وتأريخية ومصلحية,وبتوازن وتكأفؤ بين الامم والشعوب لنحقق نظام دولي تحركه سياسات قائمة على العدالة في اقل الطوح الانساني إذا لم نقول أنه يقوم على أُسس العدالة والاخلاق والمبأدئ التي جاءت بها الشرائع السماوية.

 

ولانه بدون الاستعانة بمبادئ ألاديان التي منىَ الله سبحانه وتعالى بها علينا,فأنها سوف تكون محاولات عقيمة ,لان أي لوائح لقانون أنساني دولي يشمل حقوق الانسان ويضع قيمة الانسان من خلال فكر او ايديولوجية أو منظومة حتى لو تكون عظيمة لا تبنى على الاخلاق والمبادئ التي جاءت بها الاديان السماوية سوف لن تكون الا شعارات يتفلسف بها هذا الطرف مع ذاك الطرف وتبقى محصورة في حيز الصفصطة والاجتهاد لترصيف طرقهم في حياتهم ,فالحالة في الغرب تكون هذه الجدليات وهي من نتاج معاناتهم وارهاصاتهم على امتداد زمني يمتد من افلاطون و سقراط وابقور وطاليس ومرورا هيكل و اوين وميكافيللي و ماركس وانجلز و لينين وغيرهم محل الاجتهادفي المدح أوالطعن وأن هذا التراوح يجعل فسحة الضياع أكبر في التحقق. وتبقى الاجتهادات في التفسيرات بالنسبة للقيم و الاخلاق الوضعية التي أجتهد بها الانسان وتوارثها من جيل لاخرأو حتى إن كان الاجتهاد سيكون من نصيب المنتوجات الاخلاقية في الجيل الواحد وفي الدولة الواحدة وقد يصل في بعض زوايا الاختلاف لحد التناقض و التضاد,فكما ذكرنا سابقا قد يصادف مجتهدين سياسيين في فكر واحد وفي قضية واحدة يجتهدون في تفسير اخلاقي واحد ولكنهما يختلفان في إطارات شكلية قد تظهر للبسطاء أنه إختلاف في المنهج وفي حقيقته هو تباين بسيط في الطرح,وهذا سيجعل من كل المظالم والسلوك اللاخلاقي في السياسات والوقائع التي حصلت غير واضحة ولا يمكن أن يوضع تحت مقايس دقيقة في المعايرة والتقويم,و ستبقى الانسانية مضطربة في تحديد الصحيح منها وقد تنحرف مجتمعات عن جادة الحق والسلوك الاجتماعي و السياسي معا نتيجة لهذا التشويش و الضبابية.كذلك تسجل على السياسات البعيدة عن المبادئ والاخلاق خلقها لحالة التشتت في فهم الانسان لدوره و أهميته في هذه الحياة وذلك من خلال تركيزأكثر الافكار والتي طرحها المفكرون في الغرب على مادية الحياة وهو الامر الذي وضع الانسان الغربي في موقف المتشكك في وجوده ومن الغاية من وجوده في هذه الحياة,إن هذا التشكك قد أدى بالانسان الغربي بالخوض في غمارات المجهول والعيش في صراع مع ذاته و مع الاخرين من أجل حسم الموقف من التحقق من وجوده و ماهي دلالات وجوده والهدف منه , وقد أنفرد ديكارت(1) برأيا مخالف لذلك والذي تضمنه في الفكرة التي تقول بإنه إذا كان يشك، فلا بد من وجود شيء ما أو شخص ما تساوره هذه الشكوك.

 

وهكذا، تكون حقيقة الشك في حد ذاتها إثباتًا لوجوده. "والمعنى البسيط لهذه العبارة هو إنه إذا كان هناك شخص يتشكك في وجوده يكون هذا دليلاً في حد ذاته على وجوده.. وقد تصدر في بعض الاحيان من هنا وهناك بعض التصريحات كجزء من محاولة ترطيب الاجواء الفاسدة التي خلقتها هذه الافكار من سياسات منافقة وأنتهازية و المشككة لماهية الوجود الانساني و التي لا تعرف أبدا الاخلاق والمبادئ و خاصة في سلوكها السياسي ومهما تزيينت وتزوقت بهذا الشأن لايمكنها أن تختبئ تحت أية سواتر ولمدة غير محدودة فشدة وقوة الاراء والافكار الحقيقة تقلل من فرص إنضواءات هذه الافكار المنحرفة عن الحق و العدالة وتتعرى مع تقادم الزمن.وسيزداد الشر قوة واتساعا ويشيع لافكاره وفلسفته لتعم العالم بأكمله وهذا يكون كلما توجه الانسان لذاته وتحويلها لمركز أهتماماته.وهذا سوف يصل بالعالم الى حالة اللاخلاقية في كل مناحي الحياة ,ففي الوقت الذي كانت بعض الدول تشدها قوانين الاخلاق والمبادئ سوف تصحى على عزلة قاتلة تضطر معها الى مسايرة التيار,وهذا ما هو واضح في العالم الغربي وخاصة أذا ما تفحصنا الدول التي كانت في ضمن المعسكر الاشتراكي وهي اليوم تلعن الاشتراكية وبكل تطرف وانفعالية وكأن إشتراكيتها لم تضمن لها مجتمعا يحقق للاكثرية ضمانا للمستقبل ويقيد من ظواهر الاستغلال ويركزعلى بناء الانسان في المجتمع.

 

ولكن حالة الانبهار بالصخب والاعلام الغربي شوه صورة الاشتراكية أمامها, بالرغم من الملاحضات الكثيرة عليها,ولكن ليس الصحيح أن البديل هو المجتمع الرأسمالي وبهذه الردة الانفعالية البعيدة عن الاخلاق ولكنها ليست بغريبة عن أفكارهم.

 

 
(1) رينيه ديكارت ـ (المولود في الحادي والثلاثين من مارس عام 1596، والمتوفي في الحادي عشر من فبراير عام 1650، والمعروف أيضًا باسم Renatus Cartesius ، فيلسوف فرنسي وعالم رياضيات وعالم وكاتب عاش معظم شبابه في الجمهورية الهولندية. أُطلق عليه لقب "مؤسس الفلسفة الحديثة".
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ١١ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٨ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور