تأملات  - هل هنالك ثوابت وحقائق في السياسة اليوم ؟

﴿ الجزء الثاني ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي
ولكني استطيع ان أتجرء و أن اقول أن كلا الفلسفتين الفاعلتين في المجتمع الغربي قائمتين على المنفعة المادية ولكن تختلف الفلسفة الاشتراكية عن الفلسفة الليبرالية من حيث أختيار طريقة الوصول لتحقيق الاهداف ونوعية الوسائل المستخدمة وشكل المجتمعات التي يرومون تحقيقها,وبغض النظر عن مبادئ الاخلاق الوضعية المتوارثة او المستمدة من شرائع السماء وماترتبه من التزمات اخلاقية.ولكنهم قد تكيفوا و كيفوا مجتمعاتهم الى القبول بالمبداء الاساس وهو البناء المادي للانسان,وأن اي سقوط او فشل لاية فلسفة فالبديل موجود في الاخرى وهذا ما نلاحظه عندما أنهار المعسكر الاشتراكي وحصل تراجع في الفلسفة الاشتراكية وأنحسارها لم يؤدي هذا التراجع وما سببته من هزة قوية في العالم سواء على المستوى الايديولجي او السياسي والاقتصادي الى فوضى في الغرب لان البديل قائم و موجود ولم يتطلب الامر سوى الفسحة الزمنية  المطلوبة للتكيف مع الوضع الجديد و اقرب صورة لذلك هو الاندماج والانصهار الكامل للمجتمع الالماني الشرقي مع المجتمع الالماني الغربي أقتصاديا واجتماعيا وسياسيا .

 

فمبادئ الحرية والديمقراطية في الغرب أعطت لها فسحا من المرونة من حيث الهدف والنتيجة,ولم يعدون أكتراثا للشرعية ومبادئ الحق الا بقدر تعلقها بما تنتجه لهم من منافع وعوائد مادية.فقضيتيَ الصواب والخطاء في السلوك الاخلاقي اليومي ,وقضيتي الحق والظلم في مفرادات الحياة كلها لم تعد تدخل في قواميس التعامل اليومي والاخلاقي, وحيث لم يعد للشرائع السماوية اي تاثير في أحكام التصرفات سواء على مستوى الدولة او الافراد وأصبحت مرجعيتهم في مجموعة الفلسفات والاجتهادات من الافكار التي أبتدعها الانسان في الغرب بعد الثورة الفرنسية وما أفرزته من مبادئ جديدةوالتي هي في غالبيتها أفكارا" واراءا" نشأت كرد فعل على الواقع الاوربي في القرون الوسطى وما سادها من أضطهاد وتعسف للأنسان من قبل الانظمة الأقطاعية والاوتراقراطية ,

 

وما نشهده من مواقف للانظمة في الغرب وخاصة الاستعمارية من القضايا الانسانية سواء السياسية اوالأدبية هي بالاساس مبني على المصلحة المادية القائمة لهذه الدول,فهي شبه ان غادرت أحكام الدين وقواعده وحتى أن حملت بعض المواقف الصبغة الدينية ولكنها في الحقيقة تمثل موقفا سياسيا أو إقتصاديا ,فعلى سبيل المثال أن التصويت الاخيرفي سويسرا على عدم السماح بأقامة المأذن في الجوامع, هو في حقيقته قرار أو موقف سياسي وأقتصادي وليس ديني,يراد منه ابتزاز سياسي و أقتصادي للدول العربية والاسلامية في مسئلة الودائع,ويمكن أن يتم التراجع عنه بأحدى التخريجات الدبلوماسية أو في دورة انتخابية تشريعية قادمة للبرلمان الاتحادي السويسري,بدليل أن الاحتجاجات كانت من داخل المجتمع السويسري أولا ومن دول الاتحاد الاوربي ومن الفاتيكان نفسه ثانيا,وكذلك ما حصل في الاعوام الماضية بخصوص الرسوم المسيئة للرموز الاسلامية في بعض الصحف الاوروبية, لم يكن يحمل أهدافا دينية فالمسيحية تتمثل في شخص السيد المسيح (ع) واول هذه الصفات  المسيحيةهي المحبة,فأين هذه الاساءات والتجريحات للرسول (ص) وللاسلام الحنيف من المسيحية الحقيقية؟

 

وأن هذه الاساءات والتصرفات اللامسؤولة جأءت في مرحلة كانت الامبريالية الصهيونية تقود حملة لخلط ما بين مفاهيم الارهاب والجهاد المقدس ضد المحتلين سواء في العراق البطل أو في فلسطيننا الجريحة او في افغانستان فهي تصب في صالح المواقف السياسية للامبريالية الصهيونية ولكن بغطاء حرية التعبير مبادئ الديمقراطية,وفي  وقت كانت الادارة الامريكية السابقة تقود ارهاب الدولة وبكل ماتعنيه كلمة الارهاب وتحاول قيادة العالم بأستخدام العصا والمتمثلة بقدرتها العسكريةوالاقتصادية العظيميتين.أذن يمكننا أن نستخلص من هذا نتيجة واحدة أن أبتعاد الغرب عن حقائق الدين  ومقاييس روحيةوأستخدام مقايس مادية في أحكام العلاقات الفردية او الجماعية جعلها تبتعد عن فهم الشرق والمؤثرات التي تتحكم في نمطية حياته وبالرغم من ظواهر الاستشراقات والمستشرقين الغربين الذين يلعبون في بعض الاحيان ادوارا اسشارية.

 

والا بماذا يمكن أن يفسر لنا الفكر الغربي بشكل عام والليبرالي بشكل خاص عندما ادان سلوبودان ميلوسيفيتش الرئيس الاسبق لدولة يوغسلافيا الاتحادية وإحالته للمحكمة الدولية بدعاوي تخص الابادات الجماعية وملاحقته للرئيس السوداني بتهم ما سميت بجرائم الحرب والجرائم ضد البشرية وتغافل الفكر الغربي عن جرائم كبيرة وعظيمة ضد الانسانية وأول ما تتسم بها انها لا تتماشى مع  القانون الدولي وفي مقدمتها جريمة غزو بلد عضو مؤسس في الامم المتحدة وذو سيادة وبدون تفويض قانوني من مجلس الامن الدولي وتحت كذبة أطلقوا عليها أسلحة الدمار الشامل ومن ثم تبين للعالم بأنها كذبة مختلقة وبأعتراف من الذين حرضوا وساهموا في غزو العراق وأخرها بالامس القريب عندما صرح المجرم بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق وحليف المجرم بوش بأنهم كانوا يعلمون بأن العراق لا يمتلك أسلحة دمار ولكن أهداف الغزو الحقيقية كانت تحدي النظام الوطني العراقي لسياساتهم وأطماعهم في المنطقة.الايمكن أن يكون نوعا من الاستخفاف بالذكاء العقل الشرقي والعربي بالخصوص عندما يكيلون بمكيالين ويتصرفون بمزاجية نرجسية في تقويمهم للانظمة ورموزالشعوب وينصبون أنفسهم حكاما يحكمون وينفذون أحكامهم وبكل صفاقة القتلة وكأجدادهم الاباطرة المنحرفين.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٧ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٤ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور