مقعد في البرلمان أهمُّ من سيادة الأوطان

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
قبل بضعة أيام صدر أمرٌ من رئاسة ما يُسمى باقليم كردستان العراق يتم بموجبه إعفاء الايرانيين الداخلين الى العراق, عبر إمارة مسعود باشا البرزاني, من تأشيرة الدخول. دون الأخذ طبعا برأي ما يُسمى بالحكومة الاتحادية في بغداد المحتلّة. بينما يُرغم المواطن العراقي, الغيركردي بطبيعة الحال, إذا رغب في زيارة "كردستان" في شمال العراق على تحمّل سلسلة من الاجراءات والتعقيدات التى لا تنتهي الاّ بطلاع الروح كما يُقال. فضلا عن المضايقات المختلفة وكأنه داخل الى دولة عدوة. وإذا كان محظوظا يتوجّب عليه العثور على كفيل من أهالي المنطقة, أي من الأكراد. لأن وجود هذا العراقي, حسب الفهم والتوجّه والنظرة العنصرية الشوفينية للساسة الأكراد, يشكّل خطرا ماحقا على إقليمهم المقدّس.


لا غرابة في ذلك لمن يعرف تاريخ الأحزاب الكردية العميلة وطعناتها المستمرة في جسد العراق وعلى مدى نصف قرن أو أكثر. لكن الغريب هو إن مسعود البرزاني, الذي يدّعي حرصا شديدا, ظاهريا وأمام وسائل الأعلام فقط, على الشعب الكردي وحقوقه المهدورة, منح جارة السوء إيران مكافأة خاصّة على عدوانها المستمر على البلدات والقرى الكردية الواقعة على الحدود العراقية - الايرانية, وذلك بتسهيل عناصر مخابراتها وعصاباتها وفرق الموت التابعة لها من الدخول الى جميع المدن العراقية لتعيث فيها فسادا ودمارا وخرابا. وحسب معلوماتي المتواضعة لا يوجد إقليم في أية دولة في هذا الكون يعفي رعايا أجانب من تأشيرة الدخول اليه دون موافقة ومصادقة الحكومة المركزية.


ثم أنه لا أحد يعلم ما هو حجم "المقابل" الذي حصل عليه مسعود باشا البرزاني ورئيس"حكومة الأقليم" برهم صالح الذي كان في زيارة لطهران في نفس الفترة التي قامت فيها عناصرها العسكرية باحتلال بئر النفط العراقي"الفكة" في محافظة ميسان جنوب العراق ورفعت عليه علمها. ولا يُستبعد إن إيران,} رغم أطماعها القديمة في الأراضي العراقية, قامت بالتجاوز على سيادة العراق وإحتلال أرضه وأباره النفطية بضوء أخضر من الأحزاب الكردية العميلة لوضع العراقيل أمام صاحب"إئتلاف دولة القانون" العميل نوري المالكي لانزال الهزيمة به وبقائمته في الانتخابات التشريعية القادمة.


ثم إن دور إيران في تحريك الدمى الشيعية والكردية في العراق المحتل لا يُخفى على أحد. فهي تمتلك قدرة كبيرة, إكتسبتها عبر تاريخها الطويل, لبذر السموم وخلق المشاكل والهموم للشعب العراقي سواءا بشكل مباشر, كاحتلالها لبئر"الفكة" النفطي والأبار والأر}اضي العراقية الأخرى, أو من خلال بيادقها الميّتة الضمير في برلمان المنطقة الخضراء, والذين برّروا عدوان إيران الأخير على أنه سوء فهم. بل ذهب البعض منهم, كالمجرم جلال الدين الصغير, الى تكذيب الخبر جملة وتفصيلا بالرغم من أن جميع وسائل الاعلام المحلية والدولية تناقلته بالصوت والصورة وبشكل مستفيض.


إن جارة السوء والشر إيران "إنسحبت الى خمسين مترا عن البئر النفطية ولكنها بقيت في التراب العراقي". هكذا تقول مصادر المنطقة الخضراء الغير موثوق بها طبعا. وإيران من ناحيتها قلّلت من شأن جريمتها وعملها الغير مشروع مدركة تماما ضعف ردّة فعل حكومة العميل نوري المالكي وجيشه وحرسه الوطني وصحواته التي لا تحلّ ولا تربط خصوصا عندما تتعرّض سيادة العراق الى إنتهاك من أعداء طامعين وجيران أشرار لا يمكن الوثوق بهم. ويبدو أن هدف كلّ هذه القوات"العراقية" المدججة بالسلاح والعتاد والدعم الأمريكي هو الشعب العراقي وقواه الحيّة الرافضة للاحتلال ولمن جاء معه.


ولا يوجد تفسير آخر, غير التواطيء والتآمر والخذلان, من أن 11 جنديا إيرانيا يتسلّلون الى الأراضي العراقية ويستولون على أحد الأبار النفطية دون أن تتم مواجهتهم بالقوة, أو على الأقل يتم إعتقالهم فورا كما يحدث عادة في أية دولة يحصل تجاوز وتعدّي على أراضيها وثرواتها الوطنية. لكن المليارات التي أنفقتها أمريكا على تدريب وتسليح وتجهيز ما يُسمى بالجيش العراقي الجديد عجزت, على ما يبدو, عن مواجهة حفنة من الجنود الايرانيين. كما أن المعاهدات والاتفاقيات وبرامج التعاون, العسكري والأمني والمخابراتي, بين أمريكا وحكومة العراق الجديد لم يكن الغرض منها سوى حماية "ساسة" المنطقة الخضراء من غضب الشعب العراقي عندما تحين ساعة القصاص.


ومن نافلة القول أن مقعدا في البرلمان, رغم هشاشته وإهتزازه المستمر ولا شرعيته, أفضل بكثير من سيادة الوطن ومصالحه العليا بالنسبة لمن تعلّق باذيال المحنلّين الأمريكان وشركائهم المجوس الصفويين, ووضع نفسه وماله وعرضه من أجل خدمة أعداءالعراق وشعبه, بعد أن تمّ إمتصاص كلّ قطرة من ضميره وشرفه وكرامته, رغم قلّتها وضآلتها أصلا, ليكون سلعة تُباع وُتشرى في سوق يُهيمن عليها السماسرة والمضاربون وتجّار السلاح والمخدرات والبشر. وإذا كان ثمة معنى للسيادة في عرف أو قاموس"قادة" عراق اليوم فأنها لا تتعدّى بكلّ تأكيد حدود الحضيرة الخضراء التي تاويهم. أما العراق العظيم فله ربّ وشعب يحميه من شرور جيران السوء ومن غدر بعض أبنائه العاقّين.

 
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٠٨ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٥ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور