أسف عراقي خجول على جرائم بلاك ووتر!

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
كما كان متوقّعا من العدالة الأمريكية, عدالة الخصم والحكم معا, فقد أصدر قاضي فيدرالي أمرا باسقاط جميع التُهم عن مجرمي شركة "بلاك ووتر" الأمنية الذين قتلوا وأصابوا بدم بارد أكثر من ثلاثبن عراقيا بريئا في ساحة النسور عام 2007. وبديهي أن دم العراقي, بالنسبة لأمريكا ومرتزقتها ومليشيات الموت المختلفة الأسماء والانتماءات, أرخص من التراب ومُباح لمن هبّ ودبّ طالما توجد في بغداد حكومة منصّبة من قبل الاحتلالين ألامريكي والايراني الحاقد. ولا يهمّها سوى أن تبقى مؤخرات أفرادها ملتصقة حتى الموت والتفسّخ على كراسي الحكم. وكل ما يصدر عنها, أمام عدسات التلفزة فقط, هو إطلاق ما هو أسوء وأقلّ شأنا من العنتريات ضد أعداء مزعومين وخصوم مفترضين.


ولو كان للعراق الجديد, دولةً وحكومةً وبرلماناً, هيبة وإحترام وصوت مسموع بين الأمم والبشر لما حصلت أصلا جريمة بلاك ووتر النكراء. وهي بالمناسبة قطرة في بحر جرائم أمريكا وجارة السوء إيران والحكومات العميلة التي توالت على حكم العراق إنطلاقا من المزبلة الخضراء وإستأسدت على شعبه الصابر المقاوم. وكلّ ما صدر عن الحكومة العميلة في بغداد على لسان المتحدّث باسمها على الدباغ هو إن حكومته"تأسف لقرار القاضي الفيدرالي ولكنها سوف تتابع إجراءاتها بكل حزم وقوة لملاحقة الجُناة من الشركة المذكورة وحفظ حقوق العراقيين من الضحايا وعائلاتهم". وهذا الكلام يعني .. جيب ليل وإخذ عَتابه!


لكن على الدباغ هذا, الله يدبغ جلده في الدنيا والآخرة, لم يقل لنا من أين يأتي هو وحكومته, التي لا يحترمها أحد لا في الداخل ولا في الخارج, بالحزم والقوة لملاحقة جُناة جاءوا الى العراق من أجل مهمّة واحدة منحتهم أياها أمريكا, ربّة عملهم وسيّدة على الدباغ ورئيسه نوري المالكي, ألا وهي قتل العراقيين ونهب ثرواتهم وتفريق شملهم ومحو هويتهم الوطنية تحت شعارات ويافطات زائفة ومضلّلة. ولا يمكن لأي عاقل منّا أن يلوم القاضي الأمريكي على قراره باسقاط التُهم عن مجرمي شركة بلاك ووتر لأننا في الحقيقة لم نكن ننتظر من هؤلاء, سواء كانوا قُضاة أم سياسيين أم عسكريين أم مستشاري إعمار وبناء, ذرّة من الانصاف والعدل رغم أن جرائمهم ومجازرهم بحق العراق وشعبه وعلى جميع الأصعدة وصلت الى عنان السماء.


وبما أن كلّ ما يصدر عن حكومة المنطقة الخضراء هو مددعاة للضحك والسخرية كما تعلمون, ولو أن شرّ البلية ما يُضحك, فقد صرّحت وزيرة ما يُسمى بحقوق الانسان, العراقي على ما أظنّ ! السيدة وجدان ميخائيل قائلة: "لقد أذهلني القرار - طبعا لم يذهل جنابها التعيس موت أكثر من مليون عراقي في ظل الاحتلال وحكوماته العميلة أو تشريد أكثر من أربعة ملايين منهم داخل وخارج العراق - فقد روى أحدهم ما جرى في ساحة النسور وكيف قتلوا عراقيين أبرياء كانوا داخل سيارتهم من دون أسلحة".


وأضافت وزيرة حقوق الانسان العراقي المهدورة من ألفها الى يائها, بنبرة المقتنع بانه مخدودع ويضحك على نفسه:"أنتظرأن تسلّمنى السفارة الأمريكية قرار القاضي كاملا". برافو عليك يا ستّ.! وإذا لم تستلمي قرار القاضي كاملا, خصوصا وإن السفارة الأمريكية تعتبركم موظّفين صغار لديها, فماذا ستفعلين ياجناب الوزيرة؟ هل ستقودين فرقة مدرّعة أو مجوقلة أم بالكعب العالي لاقتحام سفارة سيّدكم الأمريكي البشع لآنتزاع قرار القاضي كاملا وبنسخته الأصلية؟


ثمّ ماذا.. وماذا.. وماذا. وأين أنتهى الأمر بعشرات التحقيقات والتقارير واللجان التي أمر بتشكيلها بائع السِبح سابقا ورئيس الحكومة العميلة حاليا نوري المالكي, حول جرائم لا تُعد ولا تُحصى بحقّ الشعب العراقي؟ لكن, يبدو إن حكام العراق الجديد إستعذبوا حالة خداع النفس بعد أن يأسوا من خداع العراقيين لمدةّ ست سنوات إستخدموا فيها كل ما في جعبتهم من وسائل التضليل والخرافات والشعوذة والتزوير, تزوير الحقائق والوثائق والتاريخ والجغرافيا أيضا, محاولين إقنعاع المواطن العراقي, اللي هوَّ مفتّش باللبن كما يُقال, بانهم أهلٌ للحكم وبأن حقوقه المهدورة سوف لا تضيع أبدا.


لكن المرء يعرف بالفطرة إن حكومة, كتلك التي يرأسها بائع السِبح نوري المالكي, واللّي ألله وفّق وصار ريّس وزراء, عاجزة عن حماية نفسها ولا يتحرّك أي وزير فيها عشرين مترا خارج مكتيه الاّ بحراسة رجال بلاك ووتريّين أو ما شابه, وتعتمد كلّيا على دعم وحماية ومباركة دوةلة الاحتلال وقواته العسكرية, لا يمكنها أن تعيد الحقّ لاصحابه أو حتى ترفع صوتها قليلا, ولو من أجل ذرّ الرماد في العيون, في وجه ربّ النعمة الأمريكي وصاحب الفضل الأول والآخير لبقاء نوري المالكي وعصابته في جحور ودهاليز المنطقة الخضراء.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ١٨ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠٤ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور