القومية المؤمنة

﴿ الحلقة الخامسة والأخيرة ﴾

 
 

شبكة المنصور

زامل عبد

كانت هذه مهمة ألحركة ألانبعاثية التي أراد ت لنفسها منذ بد ء تكونها أن تعمل بالمقاييس التاريخية وان تمثل وحدة الأمة وحقيقتها  وتحاول تمثيل شخصية الأمة الحضارية ورسالتها الإنسانية الخالدة ولذلك امتلك البعث بعدا" في النظرة وشمولا  كما امتلك حسا للموضوعية والعدل وأخلاقية نضالية متميزة وأبناء الأمة الصادقين بانتمائهم يؤمنون بان هذا الاهتمام القومي المتجاوز للمكان القريب والزمن الآتي ، أعلنت الحركة أنها جاءت وفق سياق التاريخ العربي المتحرك الحيّ المرتكز على الأصالة ، والمنطلق نحو الحداثة ، وأنها تعبر بصدق عن طروحها وأهدافها من خلال ســــــــلوكها اليومي والتنظيمي النضالي ، بعيداً عن الانتهازية السياسية الدعائية ، التي تطرح شعارات جميلة ، وتمارس في سلوكها الفســاد والتجزئة والقطرية وتكرس الجهل والتخلف والتبعية  ، وعبرت حركة البعث عن نفسها بأنها حركة نضالية جماهيرية تغييريه ساعية لنهضة الأمة العربية ، لا تحترف السياسة التي تتميز بالمراوغة والتلاعب على الألفاظ  ومشاعر الناس ، بل هي حركة صادقة مع نفسها وأهدافها ومع جماهير أمتها ، وهي الطليعة النضالية المتقدمة في معارك الأمة لتحقيق مشروعها القومي النهضوي العقلاني الحضاري و لهذا فهي التي تمثل الجيل العربي الناهض لبناء مستقبل أمته وبما يليق بمكانتها التاريخية الحضارية  ، و الظاهرة القومية التي ميزت المرحلة الجديدة من تاريخ النهضة العربية هي الظاهرة التي كان حزب البعث العربي الاشتراكي أول من عبّر عنها وجسدها في الفكر والنضال .

 

كان التصور الذي انطلق منه الحزب هو أن المجتمع العربي بحاجة إلى انقلاب عميق شامل في كل نواحي الحياة وان الأمة العربية مهيأة للتجاوب مع هذا الانقلاب ولانبعاث قومي أصيل يستلهم ثورة الإسلام الخالدة  ويستوعب روح العصر وشروط التقدم الحديث  السنين الطويلة التي مضت نضالا وتصديا حافلة بالمواقف والإحداث التي تدلل على استجابة البعث لنداء المسؤولية التاريخية التي يوصفها الرفيق القائد المؤسس بجملة من الأسئلة التي تعبر بذاتها على روح الترابط  والتفاعل  بين الذات  والغاية التي عشقها المناضل ألبعثي  وجهد وجاهد من اجلها  حيث يقول (( ولكي يبين البعثيون ما نجحوا في تحقيقه على طريق أهدافهم الكبرى، ولكي يتأكدوا بشكل خاص هل حافظوا على روح البعث ؟ وهل توصلوا إلى أن يفصحوا عنها الإفصاح الصادق العميق ؟ هل أوصلوا هذه الروح إلى ضمير الشعب ؟، والى إي مدى حصل التجاوب ؟ هل استطاعوا أن يخلقوا مصداقية جديدة لحركتهم ؟ وان يخلقوا ثقة تاريخية لدى الجماهير العربية بهذه الحركة وبمستقبلها وبقدرتها على مواصلة السير وحمل أعباء النضال في سبيل الأهداف الكبرى؟؟ هل استطاعت الحركة أن تطور نفسها وان تحتفظ في الوقت نفسه بمميزاتها وبروحها الأصيلة وطبيعتها الثورية؟ ))

 

ولم يكن في تفكير الحزب عند نشأته، وليس في تفكيره اليوم أن يكون الحركة الثورية الوحيدة ، بل يطمح ويسعى لان يكون الحركة الثورية العربية الأكثر شمولا ونضجاً ، الحركة التي تستوعب ذاكرتها تجارب الأمـة العربية في حاضرها وماضيها وتتمكن القوى الوطنية والقومية والإسلامية أن تتوحد قواها في جبهة عريضة  حيث عبر الرفيق القائد المؤسس عن فهم حزب البعث العربي الاشــــــــــــتراكي للعمل الجبهوى ب (( الجبهة إذن ليست عملاً بســـــــيطاً، ليســــــت عملاً ســـــــــــياســـــــياً فحسب، ليست انجازا وقتياً أو عابرا الجبهة تتصل بأعمق مبادئ الحركة الثورية بأعمق مبادئ حزبنا لأن فيها استيعاباً للماضي وتجاربه وعبره ولروابطه الأصيلة. كما أن فيها تطلعاً إلى المستقبل الجدير بشعب حر ناهض محبّ للتقدم وللتعاون مع سائر الشعوب.))

 

وكما تشهده اليوم ساحة الجهاد العراقية على الرغم من الدعوات التي يقول فيها من يقول أن العالم بدأ يتخلى عن فكرة القومية بمعناها الضيق فتداخل الثقافات في عهد العولمة جعل من اللزام على العروبيين أن يتغيروا مع العالم و التاريخ ليصبح الإسلامي قوميا إلى حد ما و القومي إسلاميا إلى حد ما ، ولكي تستخلص منها ملامح طريق النهضة والثورة وقد كان الحزب وما زال يؤمن بان ثمة ضرورة حياتية قاهرة في ظل أوضاع الأمـة المجزأة ، المتناحرة الأجزاء بفعل الأنظمة المفروضة على جماهيرها المسلوبة الإرادة ، لان يوجد عقل يعلو على تلك الأوضاع ويستوعبها ويتجاوزها ، ولأن يوجد ضمير يشعر ويحكم باسم مصلحة المجموع ومصلحة الكيان الواحد ، والمستقبل الواحد وبهذا تتمكن الأمة من الوقوف بوجه أعدائها  وعدم إعطائهم الفرصة التي ينفذون منها إلى الشأن العربي وان الواقع المرير الذي نحن فيه كأمة  ناتج  بسبب هذا الخلل فبسببه اغتصبت فلسطين والأراضي العربية الأخرى وتم غزو العراق واحتلاله بل استثمرت الإمكانات العربية المادية والبشرية لطعن العراق  في الحصار الجائر أو العدوان الثلاثيني ، ومن البديهي أن المشروعين ( مشروع الإحياء العربي من جهة والمشروع الصهيوني من جهة أخرى ) لم يكونا فقط مختلفين أو متعارضين بل متناقضين تماماً ، فقد سعى الأول إلى وحدة العرب ونهضتهم واندماجهم بالحداثة والتطور ، بينما سعى الثاني إلى تدمير أية إمكانية لنهوض العرب ووحدتهم وعمل وما فتئ يعمل على تجزئة العرب وإهدار مواردهم وثرواتهم ، بل وقد شملت مخططاته إعادة تفتيت الأقطار المجزأة إلى دويلات وعشائر وطوائف ، وهو ما كان يسعى إليه منذ انطلاقته الأولى وحتى اليوم فلا ننسى أن العدوان على مصر عام 1956 الذي شارك فيه الكيان الصهيوني إلى جانب فرنسا وبريطانيا كان من أجل منع شعب مصر من استخدام حقه في تأميم قناة السويس ، ولا ننسى أن عدوان 1967 جاء بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة وبأمر عمليات مباشر من الرئيس الأميركي جونسون ، الذي أراد معاقبة حركة التحرر العربي عموماً وسورية ومصر خصوصاً على وقوفهما في وجه المصالح الأميركية في المنطقة ، ولا ننسى أن تدمير العراق بالحصار الجائر الذي فرض عليه  وغزوه واحتلاله ومحاولة إعادة رسم خارطة المنطقة عبر مشروع " الشرق الأوسط الكبير " ، نتج عن تلاقي المصالح الصهيونية مع التوجهات المتطرفة لعصابة المحافظين الجدد التي اختطفت السياسة الخارجية الأميركية ، ولا ننسى أن قرار الحرب على لبنان عام 2006 كان قراراً أميركياً خالصا ً، حيث كان يستهدف تنفيذ مشروع " الشرق الأوسط الجديد " كما أسمته وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي قالت بوقاحة غير مسبوقة " إن الآلام التي نشهدها اليوم ( تقصد قصف المدنيين اللبنانيين والمجازر التي نفذتها إسرائيل طوال 33 يوماً) إنما هي آلام ولادة الشرق الأوسط الجديد .

 

ألم تكن كل هذه الومضات بل الإرهاصات الفكرية دالة على الإيمان العميق النابع من الفهم الحقيقي للإسلام والتفاعل الجدلي معه كونه القوة التي غيرت في الأمة ونقلتها من الضياع إلى التأثير الإنساني في أمم أخرى تعاني  من ذات الأمراض والعلل التي  حلت بها بفعل القوى المستغلة المعادية لإرادة الشعوب  والذي يشكل الانطلاقة الإيمانية في ذات الأمة العربية التي هي الأجدر بحمل هذه الصفة والدفاع عنها  وأصبح كل مناضل في ساحة الجهاد عبدا" رسالي يؤدي الدور  الذي يتناغم مع قيم السماء  في  العدل والمساواة والحياة الحرة الكريمة ، ومن هنا نرى الحقد والكراهية من الشعوبيين ومن هم يدعون الإسلام والإسلام منهم براء يزداد بازدياد صلابة عضد المجاهدين الداعين  إلى هزيمة الكفر والكافرين ومن والاهم واتخذ منهم ولي  في هذه الدنيا الفانية  وبهذا فان حزب البعث العربي الاشتراكي اتخذ من جوهر الإسلام ضياء لينير فيه درب ألتائهين ولم يكن في يوم من الأيام حيادا" فيما بين الإيمان والإلحاد ، وكما أعلنها الرفيق القائد الشهيد صدام حسين نحن مؤمنون  ببعدها الإيماني الثقافي الأخلاقي والتي هي قوة  الوقوف أمام الطامعين  الذين يشكلون حلف الشيطان الرجيم 

 

ألله أكبر         ألله أكبر               ألله أكبر

 

ولتهنأ الأمة بوليدها المعبر عن  إرادتها ومستقبلها الوضاء

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٢ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١١ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور