المساندة العربية لليمن بداية وعـي أم انفـعـــــال مؤقـت

 
 
 

شبكة المنصور

شاهين محمد
إثـر النكسات التي مرت بها امتنا على مدى زمني طويل ، امتد من سايكس بيكوا حتى نكسات فلسطين القديمة والحديثة ومعاهدة الاستسلام العربي في كامب ديفيد والدعم العربي اللامحدود لأعداء الأمة في العدوان الثلاثيني عام1991 على العراق وحصاره ، و اوسلو وما تبعها من صكوك الاستسلام العربية ، حتى احتلال العراق ذلك الحدث الجلل الذي رسم خطوط مسار بداية النهاية للأمة العربية ككيان موجود بين الأمم ، لقد استكملت حلقات اليأس العربي عندما تُركت المقاومة العراقية دون دعم مادي أو معنوي وضعف التضامن الشعبي معها أيضا .

 

وكذلك تخلي العرب عن مشروع الدفاع عن النفس وهو مشروع مقاومة العدوان الخارجي ، حتى أصبح أي عمل مقاوم من أي نـوع بمثابة تهـور قد يستفز أعداء الأمة والذي لا قبـل للأمة عليـه !! . وأيقن المواطن العربي أن الأمة ككيان تـمر بمرحلـة الموت ألسريري وما بقي إلا أن تمـر مراحل الاندثـار بالفترة الزمنية لإكمال الوداع الأخير من هذا العالم . لقد شخص النهضويين العرب مراحل النكسة هذه ساعين لوقف الانهيار التام للأمة . و انساقت الأنظمة العربية لتعزيز فكرة السايكوسبيكية لحماية كياناتها وكحسن تنفيذ لوصايا السيد الجديد على العالم أمريكا وسياقات العولمة الاقتصادية التي حددها هذا السيد ، حتى غرقت بشعارات التفرد القطري واعتبار القطر أولا فقط وليس هناك شي بعده أي قطع الصلة نهائيا بما يعرف عندنا بالوطن العربي ، وفرضت أمريكا وأوربا على العرب بعدم التحدث بصيغة الجمع العربي والكف عن اعتبار العرب أمة أو وطـن واعتبار كل مشكلة داخلية تحـل وفق اتفاقات منفردة وأولها فلسطين والقدس.


لم تستطع القطرية حل مشاكل الدول العربية بل أصبحت خطرا مميتا حتى على دعاتها ، وتكاثر المشاكل الداخلية لعدم إدراك الأخطار البعيدة لما ينتج عن التمسك بمفهوم القطرية ،وعندما تقزم البعد القومي اضمحل أيضا المفهوم الوطني أو القطري حتى أصبح جهوي جاهل لمخاطر وجوده لأنه تخلى عن الحماية الأكبر فوضع في مواجهة الأخطار المتعددة التي تحيط بالأمة .

 

إن العدو الصهيوفارسي يريد أن يهلهل كل جدران الأمة ليتمكن من الإجهاز عليها . نرى اليوم الخارطة العربية غارقة في مشاكل داخلية كان لها أن تحل في إطار المفهوم القومي للأمة العربية وهو العالم الرحب لكل أطياف النسيج الاجتماعي في الوطن العربي على اختلاف معتقداته الدينية والفكرية والتكوينية . إن بروز التعنت الطائفي والهيجان ألاثني والعشائري جاء بعد زيادة هرولة الأنظمة العربية نحو القطرية الانطوائية والجهوية . وتعاملت الأقطار العربية الغنية وخصوصا الكيانات الصغيرة بتعالي مع باقي الدول الأخرى ومواطنيها مما مكن القوى المعادية للأمة بالتأثير إعلاميا على شريحة واسعة من أبناء الوطن العربي لشحن روح القطرية لديهم .


ما تمر به الأمة من كوارث سياسية على صعيد الوطن العربي أو أقطاره كثيرة ، لكن سطورنا هذه تركز على الأزمة التي يعيشها اليوم اليمن السعيد وما تمخض من ردود ومواقف عربية يجعلنا نحاول أن نستفهم هذا الحراك العربي ، فإذا كـان التحرك فهـما من الحكام لما يدير حولهم من مؤامرات على الأمة وما تدبره إيـران والكيان الصهيوني برعاية أمريـكية فهذا يدفعنـا للقـول أن ذلـك بدايــة وعـي لان الوعي هو إدراك ما يحيط بالمرء من أحداث يستطيع التفاعل معها وفهمـها .

 

ونجـد صورة أخرى تمثـل لنا ولاة الأمر العربي كالطفـل الذي يخـاف الكلب وحيدا في بيته ويتسلل إليه لصا مع كلب بشع جائـع يضطره للاختباء خلف اللص !!!، هذه الصورة أطلت بظلالها على رؤوسنا عندما وقع اليمن معاهدة مع أمريكـا !!! . فهل أمريكـا تحمي ظهورنا من المؤامرة الصهيوفارسية !!! ، وهي التي خططت لذلك مع إيران بعد أحداث 11 سبتمبر . إن المواقف العربية على الرغم من إنها لا ترتقي لمستوى التحدي ومجابهة المؤامرة لكنها تعد التقاط أنفاس لغريق شارف على النهاية ، إذا كانت هي بداية وعـي ، أم إذا كما تعودنـا هبـة انفعاليـة سرعان ما تـزول فتلك ستكون نكسـة كبيرة تحكـم اليأس على مصير امتنــا ، وتشـجع العدو الفارسي والصهيوني على التأسد بضرب الوطن العربي الضربة الأخيرة للقضاء على كيان الأمة .


إن اشد ما يقلق المواطن العربي انفعالية المواقف العربية الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، باستثناء المقاومين و النهضويين العرب اللذين يشكلون طليعة الأمة التي تقاتل من اجل وجودها ، الخشية من ردود فعـل مؤقتـة لا تستديم وتستجيب لأبسط الضغوط والإشارات القادمة من وراء البحـار. أن دخول السعودية وسط المشكلة اليمينية نتمناه أن لا يكون درء خطر عن السعودية فحسب ، بل بداية وعـي يفضي إلى فهم حقيقة واحدة وهي إن احتلال العراق هو الذي دفع الأمة لهذا الحال المأساوي وطريق العودة عن مسالك الهاوية هو دعـم المقاومة العراقيـة ، وهنا لا نذهب بالخيال بعيدا ونطالب بما هو عسير عليهم !! ، بدءا بعـزل حكومة الاحتلال والتوقف عن دعم المحتل ومطالبة الأمم المتحدة بالضغط على المحتل بتحمل مسؤولياته التي تنص عليها مقررات الأمم المتحدة بضرورة حماية شعب العراق ووحدة أراضية والاعتراف بالمقاومة كممثل سيادي للعراق . إن العراق اليوم هو ساحة الصراع ودرء المخاطر عن الأمة وفي العراق اندحر العدو وتمزقت أحلامه وفشلت مخططاته ، لذا من واجب الأمة بكل أطيافها دعـم المقاومة العراقية لتحقيق النصر الشامل ، ليتجنب الوطن العربي أحداث اليمـن وغيرهـا .

 

بهذا نتلمس بداية وعي وما هو مغاير لذلك يعني الانفعالية التي لا تدفع شرا عن الأمة العربية .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٠٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور