عودة نبو خذ نصر
( تفكيك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة الامريكية )

﴿ الجزء الثاني ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

الرفيق رأفت علي - بغداد الجهاد

ذكرت في نهاية الجزء الاول من تحليلي لمجريات الامور والصراع بين الامة العربية والكيان الصهيوني المسخ ، إن المشروع الجديد للبعث في العراق هو بتفكيك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة .

 

ورب سائل سأل فيقول .. وكيف ذلك ، وقد انتهت الحرب و(سقط نظام حكم البعث) ولم يعد للعراق أي قدرة على فعل مثل ذلك . وحتى مع وجود المقاومة العراقية وضرباتها القوية للاحتلال الامريكي فانها لن تستطيع إن تفكك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة؟!

 

فاقول وبكل صراحة ، إن صاحب هذا السؤال ام جاهل سياسي ليست لديه القدرة على تحليل الامور بواقعية وعلمية او لربما محبط بسبب هول الاحداث التي حصلت في العراق منذ عام 2003، او متأمرك إلى حد النخاع بحيث يمني قلبه بان لا يتفكك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة الامريكية.

 

لماذا ؟!

لان مجيئ الولايات المتحدة الامريكية ومن تحالف معها لغزو العراق واسقاط نظام حكمه وانهاء مشروع البعث التاريخي يدل على مدى اهمية العراق في السياسة العالمية عموما وفي السياسة الامريكية خصوصا . وفي خشية اسرائيل من عودة بابل بنبوخذنصر جديد . وبالتالي فان الاحتلال الامريكي من وجهة نظر الادارة الامريكية والصهيونية العالمية حدث ليدوم لا لينتهي يوما ما .

 

فالولايات المتحدة الامريكية لم تقدم على غزو العراق وبنفسها وبدون أي مسوغ قانوني وبدون تاييد دولي كالذي كسبته ابان حرب 1991، لولا الفشل الذي اصاب مخططاتها السابقة في انهاء البعث ومشروعه التاريخي او على الاقل تجريد قيادة العراق من ثوابتها ومبادئها من قضية وحدة الامة وتحرير فلسطين كمنطلقا لها . ومن الجدير بالذكر فان الفشل الامريكي في المخططات السابقة لم يكن فشلا تاما مطلقا انما كان فشلا بمجمله . فقد تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق العديد من الانجازات المهمة الممهدة لاسقاط حكم البعث . أي إن مخططات الولايات المتحدة كانت تعمل بنظامين مزدوجين . فان فشل المخطط الفلاني في تحقيق هدفه الرئيسي (اسقاط حكم البعث او تجريده من ثوابته ومبادئه) فلابد لهذا المخطط إن ينجح في التمهيد للمخطط القادم . وهكذا توالت المخططات الامريكية على العراق الواحد عقب الاخر من الاصغر حتى الاكبر ... أي طريقة الخطوة خطوة او كما يقال الحفر بالابرة .

 

وفي هذا السياق يقول المعتز بالله عزة ابراهيم حفظه الله ورعاه وايده بنصره العزيز في خطاب تموز 2008 (( ..أن الغزاة البرابرة سوف لن يخرجوا من بلدنا إلا بالقوة القاهرة التي تجبرهم على الخروج حينما تصبح خسائرهم على أرض العراق أكبر من أطماعهم ونواياهم الشريرة ، وعندما يصبح وجودهم في بلدنا يهدد كيانهم الإمبريالي العالمي برمته .. )).فتحرير العراق لن يتحقق ابدا إلا اذا تم تفكيك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة الامريكية .

 

ورب سائل يسال فيقول : إن خطاب المعتز بالله لم يأتي على ذكر كلمة تفكيك انما ذكر تهديد ؟!

 

 وهذا سؤال مهم جدا، فالمعتز بالله يقول إن "انسحاب" العدو من العراق لن يتم إلا بعدما تصبح خسائره اكبر من اطماعه .. وعندما "يهدد" كيانه العالمي . بينما ماذكرته "انا" هو إن "تحرير" العراق لن يتم إلا اذا تم "تفكيك" الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة الامريكية . واوضحت إن هدف المشروع الجديد للبعث في العراق هو بتدمير الخصم وانهاك قواه وزالة تاثيره من الوجود .. وللتوضيح اكثر ، اقول :

 

إن احتلال الولايات المتحدة الامريكية للعراق كان قراراً مهماً جداً ومدروس (رغم ماتتناقله وسائل الاعلام على إن قرار الادارة الامريكية لاحتلال العراق لم يكن مدروس جيداً ونجم عنه العديد من الاخطاء كحل الجيش العراقي وألية اجتثاث البعث .. الخ) وقد جاء ليدوم لا لينتهي . أي إن الولايات المتحدة تتمسك باحتلال العراق على طريقة القائد العربي المسلم طارق ابن زياد (العدو امامنكم والبحر من ورائكم) . أي إن عبارة انسحاب لاتوجد في المخطط الامريكي لاحتلال العراق .

 

ولهذا فقد بنت قيادة العراق مشروعها الجديد على ضوء مخطط الادارة الامريكية لاحتلال العراق . أي إن مستلزمات تحرير العراق اكبر من مجرد قيام مقاومة مسلحة ضد قوات الاحتلال لتحرير البلاد .  انما مستلزمات التحرير يجب إن تتوفير فيها القدرة على تحقيق الاتي :-

 

1- تدمير الخصم وانهاك قواه وزالة تاثيره من الوجود.

2- بتفكيك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة.

3- بتفكيك مؤسات الولايات المتحدة الامريكية البنيوية القائمة على اراضيها وبحارها.

 

وهي في الحقيقة عبارة عن ثلاثة مراحل او جولات بين القيادة العراقية ومشروعها الجديد (عودة بابل) وبين الادارة الامريكية ومخططها الخبيث (تدميرفرصة نبوخذنصر الجديد ). كل مرحلة لها مستلزماتها المناسبة لتحقيق النجاح فيها .

 

فالمرحلة الاولى وهي (تدمير الخصم وانهاك قواه وزالة تاثيره من الوجود) تعني تحقيق الاتي :-

أ - تدمير الخصم ، أي تدمير القوات الامريكية وعملاءها في العراق باعتباره هي خصم القيادة العراقية في الميدان.

 

ب - انهاك قواه ، أي انهاك قوى المخابرات الامريكية . كونها تمثل عصب الاحتلال.

ج - ازالة تأثيره من الوجود ، أي منع الولايات المتحدة من التدخل في الشان العراقي وترك العراق لاهله بدون إن تتحيز لهذا الطرف او ذاك المعاديين للقيادة العراقية . أي ترك عملاءها يواجهون حتوفهم على يد ابطال الحرس الجمهوري الخاص .

 

طبعا وكل خطوة من خطوات المرحلة الاولى هي الاخرى تتقسم إلى مراحل ادنى واصغر . اضرب واهرب ثم اضرب واحتفظ بالارض ليلا ثم اضرب وافرض سيطرتك على المنطقة ثم معارك شبه نظامية ذات طابع ستراتيجي دقيق او بالاحرى ذات طابع تكتيكي واسع النطاق .ثم تعود من جديد السلسلة وهكذا .الى إن تصل المخابرات الامريكية إلى قناعة مفادها انها عاجزة عن الاستمرار في الحرب .

 

وهنا ستنتقل المرحلة الاولى من الف إلى باء . أي إلى انهاك قوى المخابرات الامريكية . وهنا لابد لنا إن نستذكر بان دعامية هذه الحرب الاساسية هي حرب جهاز المخابرات العراقية ووكالة الاستخبارات المركزية . فحرب العصابات عموما تقع ضمن نطاق عمل دوائر المخابرات فعمل ضباط المخابرات هو في الاصل عمل عصابات إن صح التعبير أي عمل سري غير مكشوف وبدون دعم رسمي علني من قبل الحكومة . ولو استطاعت القيادة العراقية إن تطبق هذا الاسلوب فانها حتما ستوصل المخابرات الامريكية إلى مرحلة الانهاك فتسلم بضعفها وعدم مقدرتها على ادارة دفة اعمالها أي عدم قدرتها على كسب حرب العصابات لصالحها .

 

هكذا ستنتقل الحرب من باء إلى جيم . أي إلى ازالة تاثيرالولايات المتحدة على الشان العراقي. فتبقى قوات الاحتلال مجرد ديكور للحفاظ على سمعة الجيش الامريكي اولاً ومن ثم إلى الحافظ عن سمعة الولايات المتحدة الامريكية ثانياً .

 

لان جنرالات الجيش الامريكي وكماهو معروف لايمكنها إن تتخذ قراراً بالانسحاب فهي مجرد اداة تنفيذية بيد صناع القرار الامريكي أي اداة مهمة من ادوات الادارة الامريكية في تحقيق النجاح في حرب العصابات . اما وكالة الاستخبارات المركزية فهي ليست مجرد اداة بيد الادارة الامريكية فحسب انما هي من صناع القرار .

 

حينها لابد للقيادة العراقية إن تراعي هذا الامر ريثما يتم البت في قرار الانسحاب وطريقة الادارة الامريكية في التعاطي مع ازمتها هذه . فتستغل ضعف جنرالات الجيش الامريكي لصالحها عن طريق تحييدهم من الصراع وزيادة سلبيتهم من الموقف باكمله . وهنا لابد إن نشير بان على المقاومة العراقية عدم استفزاز اولئك الجنرالات لاصدار الاوامر لقطعات الجيش الامريكي لشن معارك كبيرة ضدها.مع الاستمرار في انهاك قوى وكالة المخابرات المركزية . إلى إن تصل إلى قناعة إن العملية قد نجحت لكن المريض قد توفى ، أي إن العراق قد أ ُحتَّلَ ولكن الاحتلال نفسه قد توفى.

 

وهنا تدخل المقاومة في دور جديد لم يعهد عليها من قبل . وتبدا ادوات القيادة العراقية بالتنوع كما ونوعا  . فيتم تفعيل ادوات مقاومة اخرى كمالمقاومة السياسية والاعلامية والاجتماعية والنفسية والدينية وباساليب جديد تناسب المجتمع العراقي في ظرفه هذا ليتم كسب وده وتعاطفه ثم تحفيز الامل بداخله ثم تثوير طاقاته .كما يتم ايجاد طرق جديدة في التغلغل بصفوف العدو وتقويض قدرات عملاءه . وعدم التركيز على العمليات المسلحة على قطعات العدو كما كان الحال من قبل بل اعطائهم فرصة للعبور من على جسر الفاو الوحيد . واشعار العدو باستمرار تواجد المقاومة وفاعليتها وشعبيتها وقدرتها على تلقينه اشد الضربات من جديد اذا ما فكر بالتدخل مرة اخرى . وفي هذه المرحلة تتعقد اساليب المخابرات وادارتها للحرب وايصال رسائل عملية تهدد فيها الكيان الامبريالي الامريكي العالمي (وهذا ماقصده المعتز بالله في خطاب تموز2008). حينها سيصدر قرار الادارة الامريكية بالانسحاب من العراق . فمن الغير معقول إن تقرر الادارة الامريكية الانسحاب بعد تفكك كيانها الامبريالي العالمي ، مثال للتوضيح : حينما يكون سدا ما على وشك الانهيار فلابد إن تتخذ ادارة المدينة التي يقع فيها ذلك السد قرار باجراء الاستعدادات الكافية لمنع انهيار السد او على اقل تقدير باخلاء المنطقة من السكان ، فمن غير المعقول إن تكتفي ادارة تلك المدينة بمراقبة السد بدون أي اجراء احترازي فالاجراءات الاحترازية في مثل هكذا حالات تكون قبل الطوفان وليس بعده .. وبهذا فان الادارة الامريكية ستعمل على منع انهيار كيانها الامبريالي العالمي قبل إن ينهار فعلا ، ومن بين اسباب منع الانهيار سيكون قرارها بالانسحاب من العراق  ولكن انسحابها من العراق لايعني إن العراق قد تحرر بعد .لان الدجاجة تموت وعينها على المزبلة حشى الدجاجة وحشى العراق .

 

اما المرحلة الثانية وهي (تفكيك الكيان الامبريالي العالمي للولايات المتحدة) فتعني تحقيقي الاتي :-

وهي مرحلة معقدة وهي الاكثر سرية من بقية المراحل يتم بموجبها تفكيك العلاقات الامريكية مع بقية الدول الكبرى . وانزواء دور حلف الاطلسي وانزواء دور المنظمات الدولية المهيمنة عليها الولايات المتحدة كمنظمة التجارة الحرة والدول الصناعية الكبرى وماشابه ؛ وتراجع هيمنة الولايات المتحدة على المنظمات الدولية الاخرى كالامم المتحدة والجامعة العربية وماشابه . وبالنتيجة النهائية يتم تحرير العراق فعلا وزالة مؤثرات الاحتلال ازالة تامة .

 

اما المرحلة الثالثة وهي (تفكيك مؤسات الولايات المتحدة الامريكية البنيوية القائمة على اراضيها وبحارها) فتعني تحقيقي الاتي :-

وهي المرحلة التي ترغم الادارة الامريكية ليس على تركها للعالم فحسب ، بل وترغمها على اعادة بناء نفسها ومؤسساتها وقوانينها وادواتها واسلحتها. أي بمعنى اخر بناء الولايات المتحدة من جديد وربما نتج عنها اعادة النظر في بناء الدولة الامريكية نفسها على طريقة اعادة انتشار القوات التي يعني بها الانسحاب . فتنتج لنا في الحقيقة تفكك الولايات المتحدة الامريكية لاسيما وان اعراض هذا التفكك قد لاح في الافق منذ اعصار كاترينا . وبذلك تحقق القيادة العراقية مشروع البعث الجديد وتتمكن من تحقيق الانتصار على الولايات المتحدة الامريكية وليس مجرد استرداد حقوقها الشرعية اعني تحرير العراق .

 

يتبع : الجزء الثالث والاخير ، مشروع بابل الجديد لتدمير الكيان الصهيوني المسخ .
 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٤ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢١ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور