صباحك ماطر ...

كتب الشاعر العراقي المبدع رعد بندر كلمة جوابية رائعة للأديبة القاصة المبدعة ذكرى محمد نادر لمقالها (صباحي ماطر.. كيف حال صباحك؟).. وهذه هي كلمة الشاعر بندر:

هل تعلمين ما هو سر الكتابة؟ إنه دموع الكلمات!

نحن نختلف عن الآخرين.. الآخرون يبكون من عيونهم فقط.. أما نحن فنبكي من عيوننا وأصابعنا..

المطر دمع الله!!

حين يحزن الله يبكي بلوعة وحرقة عندها يتحول دمعه إلى ثلج أبيض إنه ببساطة دمعه الرائب لفرط حزنه!!

أحيانا كثيرة لا نعبأ بالغربة نتركها خلف ظهورنا التي قوستها المواجع.. الغربة هي الأخرى لا تعبأ بنا إنها تسخر من انفعالاتنا..

الموت زائرنا المرتقب يمسح على رؤوسنا كل يوم ويمضي فارغ اليدين، سوف نتوسل به أن لا يعود فارغ اليدين!!!!

يا لبشاعة القبر حين تمر عليه أقدام الغرباء!!

نرمي بإيماءاتنا للوطن البعيد فتصطدم بالمدن والبحار وتعود إلى وجوهنا مثل كرات السكواش!

كل ما نراه من جمال يتلاشى أمام صفيحة قمامة مرمية في شوارع بغداد!!

لقد احتار الرب بنا لا يدري ماذا نريد؟ أيها الرب المبجل كل ما نطلبه هو (استكانة) شاي (مهيل) ترافقها ابتسامة حانية من وجه قمري تزيده التجاعيد إضاءة.. ويدا يزدحم الوشم الأزرق على شرايينها! يا أمي البعيدة جدا.. هل لك أن تتركي (شيلتك) قليلا على وجهي؟؟

يعتصرني الوجع مثل ليمونة بين أصابع كارثية.. أنا الواهم أبدا، المنقطع الرجاء، المتعثر بأحلامي، الباكي والجاهش بالبلاد التي أضاعتني وأضعتها، الملوّح للقبور، شاعل الشموع والبخور، الجاثم أمام الصمت، الصاهل مثل مهر نافر، الراكن لإنطفائي، اللاّعن لأسلافي الذين علموني أن لا أخون!! الزاحف على أنفاسي، المتوكيء على أصابعي، الراهب العتيق في محراب المحبة، المهووس بالمطر الصاعد من الأرض وليس المطر النازل من السماء.. صديق الإلفة الحميمي جدا، المتشح بالأزقة الغارقة بالنعاس، باني السلالم العالية للأفق، صائد الغيوم،  الوحيد في الوحدة، المنزوي في الفراغ، متأمل الأشياء التي تزول دائما، الناقر على سطح بيتنا مثل مناقير الفواخت، صباحي ماطر ولكنه لا يبلل فراء الروح.. مبتهج أنا بالكلمات صاغ لخطواتها فوق الماء، لا شيء أبعد من الوطن، لا شيء أقرب من الوطن، تجشم إذن عناءك واسعل حروفك وتوسل بالموت أن لا يعود فارغ اليدين!!!!      

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال